الجزء الاول : البناء على قبور الأنبياء والأولياء محرم بنص الكتاب و السنة فيه رد على الرافضى جعفر سبحانىو الصوفية
صفحة 1 من اصل 1
الجزء الاول : البناء على قبور الأنبياء والأولياء محرم بنص الكتاب و السنة فيه رد على الرافضى جعفر سبحانىو الصوفية
الفصل العاشر
البناء على قبور الأنبياء أو الأولياء محرم بنص
الكتاب والسنة وإجماع الأمه
اننا نجد علماء السؤ والبدع والضلال يروجون للبناء على قبور الانبياء او الاولياء وزعموا من ذلك من الدين ومن هؤلاء المروجين المدعو جعفر سبحانى فى ضلاله وزيفه فيقول تحت مبحث ((البناء على القبور))ما نصه : ((ان البناء على قبور الانبياء والاولياء مما جرت عليها اتباع الانبياء والشرائع السماوية قبل الاسلام وبعده فقد كانوا يشيدون الابنية والاضرحة على قبور الانبياء والاولياء ولا زال كثيرها قائماً الى الان فى العراق وفلسطين والشام . غير ان الوهابيين زعموا ان ذلك من الشرك او من البدعه فاجمعوا امرهم على هدم هذه الابنيه والاضرحه يقول ابن القيم فى كتابه ((زاد المعاد فى هدى خير العباد)) ((يجب هدم المشاهد التى بنيت على القبور ولا يجوز إبقاؤها بعد القدرة على هدمها وابطالها يوماً)) وعلى هذه السنة السنة جرى الوهابيون فانهم بعد ان اتولو على الحجاز استفتوا علماء المدينة عن تلك الاضرحة والقبور ذاكرين فى استفتائهم الحكم والجواب الذى يجب ان يجيب به علماء المدينة فطرح به بلهيد يومذاك – سؤالاً قال فيه : ((ما قول علماء المدينة المنورة زادهم الله فهما وعلماً فى البناء على القبور واتخاذها مساجد هل هو جائز اولاً؟ واذا كان غير جائز بل ممنوع عنه نهياً شديداً فهل يجب هدمها ومنع الصلاة عندها)) وبما ان البحث هنا مركز على دراسة هذه المسائل فى ضؤ القرآن الكريم فاننا نطرح هذه المساله على الكتاب الالهى العزيز لنرى ما هو الجواب الصحيح فيها واليك ما نستفيده فى هذا المجال من القرآن الكريم:
1-يظهر من بعض الآيات ان اهل الشرائع السماوية كانوا يبنون المساجد على قبور اوليائهم او عندها ولاجل لك لما كشف امر اصحاب الكهف تنازع الواظفون على آثارهم فمنهم من قال وهم الملمون : ((لنتخذ عليهم مسجداً الى ان قال : وعلى الجمله فقد اتفق المفسرون على ان القائل ببناء المسجد على قبورهم كانوا هم المسلمون ولم ينقل القرآن هذه الكلمه منهم الا لتقتدى بهم ونتخذهم فى اسوة ولو كان بناء المسجد على قبورهم او قبور سائر الاولياء امراً محرماً لتعرض عند نقل قولهم بالرد والنقد لئلا يضل الجاهل واما ما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم من قوله : ((لعنالله اليهود والنصارى اتخذوا قبور انبيائهم مساجد)) صحيح البخارى كتاب الجنائز2/ 111)) فارماد منه السجود على قبور الانبياء واتخاذها قبله فى الصلاة وغيرها والمسلمون بريئون عن ذلك وقد اوضحه الفسطلاني فى كتابه ارشاد السارى فى شرح صحيح الخارى ان قبور الانبياء المنتشرة حول بيت المقدس كقبر داؤد عليه السلام فى القدس وقبر ابراهيم وبنيه اسحاق ويعقوب ويوسف الذى نقله موسى من مصر الى بيت المقدس فى بلد الخليل كلها مبنيه مشيدة قد بنى عليها بالحجارة العادية العظيمة من قبل الاسلام وبقى ذلك بعد الفتح الاسلامى الى اليوم قد مضت على هذا البناء الاعصار والدهور وتوالت عليها القرون ودول الاسلام ولم يسمع عن احد من العلماء زالصلحا واهل الدين وغيرهم قبل الوهابية انه انكر ذلك وامر بهدمه او حرمه اوفاه فى ذلك ببنت شفة فى كثيرة ما يرد من الزوار والمترددين من جميع اقطار المعمورة هذا مضافاً الى انه قد دفن النبى صلى الله عليه وسلم فى حجرة بيته ودفن فيها صاحباه ولا فرق بين البناء السابق والاحق ولم يقل احد بالفرق بين البناء السابق واللاحق كما لا يخفى وفى تاريخ بناء الحرم النبوى ما يفيدك فى هذا المجال جداً فلاحظ انتهى كلام المفترى بالنص نقول فى الرد على هذا الرافضي الجاهل ان ما قرره من البدع والضلال هو مثيل ما قرره الغمارى فى كتابه ((احياء المقبور من ادلة استحباب بناء المساجد والغباب على القبور)) وقد دحض شبهات هذا الضال المضل العلامه المحدث ناصر الدين الالبانى فى كتابه العظيم تحذير الساجد من اتخاز القبور مساجد)) وسياتى كلام الشيخ العلامه ناصر الدين الالبانى رحمه الله تعالى بالتفصيل . وقبل ان نورد كلام المحدث الابانى نورد كلام احد علماء الشيعه الزيدية هو الشوكانى وقد الف رحمه الله تعالى كتابا فى الرد على امامه يحى وسماه ((شرح الصدور بتحريم رفع القبور)) يقول رحمه الله فى معرض رده على احد الضلال ما نصه ((فان صاحب هذا الكتاب الجليل لم ينسب هذه المقاله اعنى جواز رفع القباب والمشاهد على قبور الفضلاء الا الى الامام يحى وحده فقد قال ما نصه (( مسالة الامام يحي : ((لا باس بالقباب والمشاهد على قبور الفضلاء والملوك لاستعمال المسلمين ولم ينكر انتهى فقد عرفت من هذا انه لم يقل بذلك الا الامام يحي وعرفت دليل الذى استدل به وهو استعمال المسلمين مع عدم النكير ثم ذكر صاحب البحر هذا الدليل الذى استدل به الامام يحي فى الغيث واقتصر عليه ولم يات بغيره فاذا عرفت هذا تقرر لك ان هذا الخلاف واقع بين الامام يحى وبين سائر العلماء من الصحابة والتابعين ومن المتقدمين من اهل البيت والمتأخرين ومن اهل المذاهب الاربعة وغيرهم ومن جميع المجتهدين اولهم وآخرهم ولا يعترض هذا بحكاية من حكى قول الامام يحي فى مؤلفه ، ممن جاء بعد من المؤلفين فان مجرد حكاية القول لا يدل على ان الحاكى يختاره ويذهب اليه ، فان وجدت قائلاً من بعده من اهل العلم يقول بقوله هذا ويرجحه ن فان كل مجتهداً كان قائلاً بما قاله الامام يحى ذاهبا الى ما هب اليه بذلك الدليل الذى استدل به ، ان كان غير مجتهد فلا اعتبار بموافقته لانها انما تعتبر اقوال المجتهدين لا اقول المقلدين فاذا اردت ان تعرف هل الحق ما قاله الاام يحى ، او ما قاله غيره من اهل العلم فالواجب عليك رد هذا الاختلاف الى ما امرنا الله بالرد اليه . وهو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فان قلت : بين لى العمل فى هذا الرد حتى تتم الفائدة ويتضح الحق من غيره . والمصيب من المخطئ فى هذه المسالة قلت : افتح لما اقوله سمعاً واتخذ لها فهما وارهف له ذهنا. وها انا اوضح لك الكيفيه المطلوبة . وابين لك ما يبقى عنده بعده ريب ولا يصاحب ذهنك وفهمك عنده لبس فاقول:
قال الله سبحانه ((وما اتاكم الرسول فخذوه ومانهاكم عنه فانتهو فهذه الىية فيها الايجاب على العباد بالائتمار بما امر به الرسول صلى الله عليه وسلم والاخذ به والانتهاء عما نهى وتركه وقال الله سبحانه ((3 : 31)) قل ان كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله)) ففى هذه الاية : تعليق محبة الله الواجبه على كل عبد من عباده باتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم وان ذلك هو المعيار الذى يعرف به محبة البعد لربه على الوجه المعتبر وانه السبب الذى يستحق به العبد ان يحبه الله . وقال الله سبحانه : ((4 : 80)) من يطع الرسول فقد اطاع الله )) ففى هذه الاية ان طاعة الرسول طاعة لله وقال ((4 : 80)) ((4 - 69)) ومن يطع الله والرسول فاولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا، فاوجب هذه السعاده لمن اطاع الله ورسوله .... والآيات الداله على هذا الكمعنى فىالجمله اكثر من ثلاثين اية وسنوضح لك ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير ما حديث من النهى عن رفع القبور والبناء عليها ووجوب تسويتها وهدم ما ارتفع منها ولكننا هنا نبتدئ بذكر أشياء فى حكم التوطئة والتمهيد لذلك ثم ننتهى الى ذكر ما هو مطلوب حتى يعلم من اطلع على هذا البحث انه اذا وقع الرد فيما قاله الامام يحى وما قاله غيره فى القباب والمشاهد الى ما امر الله بالرد اليه وهو كتاب الله سبحانه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كا في ذلك ما يشفى ويكفى ويقنع ويغنى ذكر بعضه فضلاً عن جميعه وعند ذلك يتبين لكل من له فهم ما فى رفع القبور من الفتنه العظيمة لهذه الامه ومن المكيده البالغة التى كادهم الشيطان بها . وقد كاد بها من كان قبلهم من الامم السالفه كما حكى الله سبحانه وتعالى ذلك فى كتابه العزيز . وكان اول ذلك فى قوم نوح قال الله سبحانه ((71 – 21 – 23)) قال نوح ربى انهم عصونى واتبعوا من لم يزدع ماله وولده الا خسارا* ومكروا مكرا كبارا* وقالوا لا تزرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً)) ((وكانوا قوما صالحين من بنى آدم وكان لهم اتباع يقتدرون بهم ، فلما ماتوا قال اصحابهم لالذين كانوا يقتدرون بهم لو صورناهم كان اشوق لن الى العباده اذا ذكرناهم فصورهم فلما ماتوا وجاء آخرون دب اليهم ابليس ، فقال : انما كانوا يعبدونهم وبهم يسقون المطر فعبدوهم ثم عبدتهم العرب بعد ذلك وقد حكى معنى هذا فى صحيح البخارى عن ابن عباس رضى الله عنهما وقال قوم من السلف ((ان هؤلاء كانوا قوما صالحين من قوم نوح ، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم ثم طال عليهم الامد فعبدوهم)) ويؤيد هذا ما ثبت فى الصحيحين وغيرهما عن عائشة رضى الله عنها ((ان ام سلمه رضى الله عنها ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتها بارض الحبشة وذكرت له ما رأنا فيها من الصور فقال رسول الله صلىالله عليه وسلم اولئك قوم اذا مات فيهم العبد الصالح او الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور ، اولئك شرار الخلق عن الله)) واخرج ابن جرير فى تفسير قوله تعالى ((افرايتم اللات والعزى)) قال : ((كان يلت السويف للحاج فمات فعكفوا على قبره)) وفى صحيح مسلم وغيره عن ابى الهياج الاسدى قال : ((قال لى على ابن ابى طالب رضى الله عنه : ((الا ابعثك على ما بعثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لا ادع تمثالاً الا طمسته ولا قبره مشرفاً الا سويته وفى صحيح وفى صحيح مسلم ايضاً عن ثمامه بن شفى نحو ذلك وفى هذا اعظم دله على ان تسوية كل قبر مشرف بحيث يرتفع زياده على القدر المشروع واجبه متحتمه فمن اشراف القبور ان يرفع سمكها او يجعل عليها القباب او المساجد فان ذلك من المنهى عنه بلا شك ولا شبهة ولهذا فان فان النبى صلى الله عليه وسلم بعث لهدمها امير المؤمنين علياًثم ان امير المؤمنين بعث لهدمها ابا الهياج الاسده فى ايام خلافته . واخرج احمد ومسلم وابوا داؤد والترمزى وصححه النسائي وابن حبان من حديث جابر قال : ((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يجصص القبروان يبنى عله وان يوطأ)) وذاد هؤلاء المخرجون لهذا الحديث عن مسلم ((وان يكتب عليه)) قال الحاكم : ((النهى عن الكتابه على شرط مسلم)) وهى صحيحه غريبة. وفى هذا التصريح بالنهى عن النباء على القبور وهو يصدق على ما بنى على جوانب حفرة القبر ، كما يفعله كثير من الناس من رفع قبور الموتى ذراعاً فما فوقه . لانه ان يجعل نفس القبر مسجداً فذلك مما يدل على ان المراد بعض ما يقر به مما يتصل به، ويصدق على من بنى قريباً من جوانب القبر كذلك كما فى القباب والمساجد والمشاهد الكبيرة على وجه يكون القبر فى وسطها او فى جانب منها. فإن هذابناء على القبر لا يخفى ذلك على من له ادنى فهم كما يقال : بنى السلطان مدينة كذا او قرية كذا سوراً وكما يقال بنى فلان فى المكان الفلانى مسجداً مع ان سمك البناء لم يباشر الا جوانب المدينة او القرية او المكان ولا فرق بين ان تكون تلك الجوانب التى وقع وضع البناء عليها قريبة من الوسط ، كما فى المدينة الصغيرة والقرية والصغيرة والمكان الضيق او بعيده من الوسط ، كما فى المدينة الكبيرة والقرية الكبيرة والمكان الواسع . ومن زعم ان فى لغة العرب ما يمنع من هذا الاطلاق فهو جاهل لا يعرف لغة الغرب ، ولا يفهم لسانها ولا يدرى بما استعملته فى كلامها. واذا تقرر لك هذا علمت ان رفع القبور ووضع القباب والمساجد والمشاهد عليها قد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعله تارة كما تقدم وتارة قال : ((اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور انبيائهم مساجد)) فدعاء عليهم بان يشتد غضب الله عليهم بما فعلوه من هه المعصية . وذلك ثابت فى الصحيح وتارة نهى عن ذلك وتارة بعث من يهدمه وتارة جعله من فعل اليهود والنصارى وتارة قال : ((لا تتخذوا قبرى وثناً)) وتارة قال: ((لا تتخذوا قبرى عيداً)) اى موسما يجتمعون فيه كما صار يفعله كثير من عباد القبور يجعلون لمن يعتقدونه فيهمن الاموات اوقاتاً معلومه يجتمعون فيها عند بورهم ينسكون لها المناسك يعكفون عليها ، كما يعرف ذلك كل احد من الناس من افعال هؤلاء المخذولين الذين تركوا عبادة الله الذى خلقهم ورزقهم ثم يميتهم ويحييهم وعبدوا عبداً من عبادالله صار تحت اطباق الثرى لا يقدر ان يجلب لنفسه نفعاً ولا يدفع عنها ضراً كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما امره الله ان يقول ((لا املك لنفسى نفعاً ولا ضراً)) فانظر كيف قال سيد البشر وصفوة الله من خلقه بامر ربه انه لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً وكلك قال فيما صح عنه : ((يا فاطمة بنت محمد لا اغنى عنكمن الله شيئاً)) فإذا كان هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فى نفسه وفى أخص قرابته به واحبهم اليه فما ظنك بسائر الاموات الذين لم يكونوا انبياء معصومين ولا رسلاً مرسلين بل غاية ما عندهم انه فد من افراد هذه الامه وواحد من اهل هذه المله الاسلامية فهو اعجز واعجز ان ينفع او يدفع عنها ضرراً وكيف لا يعجز عن شئ قد عجز عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم واخبر به امته كما اخبر الله عنه وامره بان يقول للناس بانه لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً وانه لا يغنى عن اخص قرابته من الله شيئاً ؟ فيا عجباً كيف يطمع من له ادنى نصيب من علم او اقل حظ من عرفان ان ينفعه او يضرة فرد من افراد امة هذا النبى الذى يقول عن نفسه هذه المقالة ؟ والحال انه فرد من التابعين له المقتدين بشرعه فهل سمعت اذناك ارشدك الله -بضلال عقل اكبر من هذا الضلال الذى وقع فى عباد اهل القبور ؟ ((انا لله وانا اليه راجعون)) وقد اوضحنا هذا ابلغ ايضاح فى رسالتنا الى ميناها ((الدرر النضيد فى اخلاص كلمة التوحيد)) وهى موجوده بايدى الناس وقال رحمه الله تعالى اى العلامه الشوكانى ما نصه : ((اعلم انه قد اتفق الناس سابقهم ولا حقهم واولهم وآخرهم من لدن الصحابه رضى الله عنهم الى هذا الوقت ان رفع القبور والبناء عليه بدعه من البدع التى ثبت النهى عنها واشتد وعيد رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاعلها كما ياتى بيانه ولم يخالف فى ذلك احد من المسلمين اجمعين لكنه وقع للامام يحي بن حمزة مقاله تدل على انه يرى انه لا باس بالغباب والمشاهد على قبور الفضلاء ولم يقل بذلك غيره ولا روى عن احد سواه ومن ذكرها من المؤلفين فى كتب الفقه من الزيدية فهو جرى على قوله واقتداء به ولمنجد القول بذلك ممن عاصره او تقدم عصره عليه لا من اهل البيت ولا من غيرهم الى ان قال رحمه الله : ((وقد حكى بن القيم عن شيخة تقى الدين – رحمهما الله وهو الامام المحيط بمذهب سلف هذه الامه وخلفها انه د صرح عامه الطوائف بالنهى عن بناء المساجد على القبور ثم قال : وصرح اصحاب احمد ومالك والشافعى بتحريم ذلك وطائفه اطلقت الكراهه لكن ينبغى ان يحمل على كراهة التحريم احسانا للظن بهم وان لا يظن بهم ان يجوزوا ما تواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعن فاعله والنهى عنه فانظر كيف حكى التصريح عن عامه الطوائف وذلك يدل على انه اجماع من اهل العلم على اختلاف طوائفهم ثم بعد ذلك جعل اهل ثلاثه ماهب مصرحين بالتحريم وجعل طائفة مصرحة بالكراهة وحملها على كراهة التحريم فكيف يقال : ان بناء القباب والمشاهد على القبور لم ينكره احد ؟ انتهى كلامه نقول للمفترى هذا هو العلامه محمد على الشوكانى ينقل الاجماع على تحريم بناء القباب والمشاهد على القبور والمساجد وثم يقول للمفترى هل العلامه الشوكانى وهابى من اجل ان قرر ما قرره الامام محمد بن عبد الوهاب واتباعه )) .
وقال الشيخ العلامه المحدث محمد ناصر الدين الالبانى رحمه الله فى كتابه القيم الذى بعنوان ((تحزير الساجد من اتخاذ القبور مساجد)) تحت مبحث ((الفصل الرابع )) شبهات وجوابها ما نصه : ((قد يقول قائل : اذا كان من المقرر تحريم بناء المساجد على القبور فهناك امور كثيرة تدل على خلاف ذلك واليك بيانها.
اولاً : قوله : تبارك وتعالى فى سورة الكهف ((قال الذين غلبوا على امرهم لنتخن عليهم مسجداً ووجه دلاله الاية على ذلك ان الذين قالوا هذا القول كانوا نصارى على ما هو فى كتب التفسير فيكون اتخاذ المسجد على القبر من شريعتهم وشريعة من قبلنا شريعة لنا اذا حكاها الله تعالى ولم يعقبها بما يدل على ردها كما فى هذه الاية .
ثانياً: كون قبر النبى صلى الله عليه وسلم فى مسجده الشريف ولو كان ذلك لا يجوز لما دفنوه فى مسجده!
ثالثاً : صلاة النبى صلى الله عليه وسلم فى مسجد الخيف مع ان فيه قبر سبعين نبيا كما قال صلى الله عليه وسلم!.
رابعاً: ما كره فى بعض الكتب ان قبر اسماعيل عليه اليلام وغيره فى الحجر فى المسجد الحرام ، وهو افضل مسجد يتحرى المصلى الصلاة فيه.
خامساً: بناء ابى جندل رضى الله عنه مسجداً على قبر ابى بصير رضى الله عنه فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم كما جاء فى الاستيعاب)) لابن عبد البر.
سادساً: رعم بعضم ان المنع من اتخا القبور مساجد انما كان لعله خشية الافتتان بالمقبور ، ثم ودزالت برسوخ التوحيد فى قلوب المؤمنين فزال المنع! فكيف التوفيق بين هذه الامور وبين التحريم المذكور؟ وجوابا على لك اقول وبالله تعالى استعين.
الجواب على الشبهة الأولي:
اما الشبهة الاولى : فالجواب عنها من ثلاثة وجوه:
الاول : ان الصحيح المتقرر فى علم الاصول ان شريعة من قبلنا ليست شريعة لنا لادلة كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم : ((اعطيت خمساً لم يعطهن احد من احد من الانبياء قبلى فذكرها وآخرها)) وكان النبى يبعث الى قومه خاصة وبعثت الى الناس كافة )) فاذا تبين ها فلسنا ملزمين بالاخذ بما فى الاية لو كانت تدل على جواز بناء المسجد على القبر كان شريعة لمن قبلنا.
الثانى :هب ان الصواب قول من قال ((شريعة من قبلنا شريعة لنا)) فذلك مشروط عندهم بما لم يرد فى شرعنا ما يخالفه وهذا الشرط معدوم هنا لان الاحاديث تواترت فى النهى عن البناء المذكور كما سبق فذلك دليل على ان ما فى الايه ليس شريعة لنا
الثالث : لا نسلم ان الاية تفيد ان ذلك كان ذلك شريعة لمن قبلنا غاية ما فيها ان جماعة من الناس قالوا : ((لنتخذن عليهم مسجداً)) فليس فيها التصريح بانهم مؤمنين وعلى التسليم فليس فيها انهم كانوا مؤمنين صالحين متمسكون بشريعة نبى مرسل بل الظاهر خلاف ذلك ، قال الحافظ بن رجب فى ((فتح البارى فى شرح البخارى)) ((65/280)) من الكواكب الدارى فى شرح حديث ((لعن الله اليهود اتخذوا قبور انبيائهم مساجد)) ((وقد دل القرآن على مثل ما دل عليه هذا الحديث وهو قول الله عز وجل فى قصة اصحاب الكهف : ((قال الذين غلبوا على امرهم لنتخذن عليهم مسجداً)) فجعل اتخاذ القبور على المساجد من فعل اهل الغلبة على الامور ولك يشعر بأن مستنده القهر والغلبة واتباع الهوى وانه ليس من فعل اهل العلم والفضل التضر لما انزل على رسله من الهدى)) وقال الشيخ على ابن عروة فى ((مختصر الكواكب 10/207/2 ، تبعاً للحافظ بن كثير فى تفسيره ((3/78)) وحكى بن جرير فى القائلين ذلك قولين :-
احدهما : انهم المسلمون منهم .
والثانى : اهل الشرك منهم .
فالله اعلم والظاهر ان الذين قالوا ذلك هم اصحاب الكلمه والنفوذ ولكن هل هم محمودون ام لا؟ فيه نظر لان النبى صلى الله عليه وسلم قال : ((لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور انبيائهم مساجد)) يحذر ما فعلوا وقد روينا عن عمر بن الخطاب انه لما وجد قبر دنيال ى زمانه بالعراق امران يخفى على الناس وان تدفن تلك الرقعة التى وجدها عنده فيها شئ من الملاحم وغيرها)) اذا عرفت هذا لا يصح الاحتجاج بالاية على وجه من الوجوه وقال العلامه المحقق الالوسى فى روح المعانى ((5/31 )) واستدل بالاية على جواز البناء على القبور العلماء واتخاذ مسجد عليها وجواز الصلاة فى ذلك! وممن ذكر الشهاب الخفاجى فى حواشيه على البيضاوى وهو قول باطل عاطل و فاسد كاسد فقد روى قلت ((اى المحدث الالبانى رحمه الله)) وقد استدل بالاية المذكورة على الجواز المزعوم بل على استحباب بناء المساجد على القبور بعض المعاصرين لكن من وجه اخر مبتدع مغاير بعض الشئ لما سبق حكايتة فقال ما نصه ((والدليل من هه الاية اقرار الله تعالى اياهم على ما قالوا رده عليهم))! قلت ((اى المحدث الالبانى رحمه الله)) ها الاستدلال باطل من وجهين:-
الاول : انه يصح ان يعتبر عدم الرد عليهم اقراراً لهم الا اذا ثبت انهم كانوا مسلمين وصالحين متمسكين بشريعة نبيهم وليس فى الاية ما يشير ادنى اشاره الى انهم كانوا كذلك بل يحتمل انهم لو يكونوا كذلك وهذا هو الاقرب انهم كانوا كفاراً او فجاراً كما سبق من كلالم بن رجب وبن كثير وغيرهما وحينئذ فعدم الرد عليهم لا يعد اقراراً بل انكاراً لان حكاية القول عن الكفار والفجار يكفى فى رده عزوه اليهم فلا يعتبر السكوت عليه اقراراً كما لا يخفى ويؤيده الوجه الىتى:-
الثاني : ان الاستدلال المذكور انما يستقيم على طريقة اهل الاهواء من الماضين والمعاصرين الذين يكتفون بالقرآن فقط ديناً ولايقيمون للسنة وزناً ، واما طريقة اهل السنة والحديث الذين يؤمنون بالوحيين مصدقين بقوله صلى الله عليه وسلم فى الحديث الصحيح الكمشهور : ((الا انى اوتيت القرآن ومثله معه)) وفى رواية ((الا ان ماحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما حرم الله فهذا الاستدلال عندهم – والمستدل يزعم انه منهم ! باطل ظاهر البطلان لان الرد الذى نفاه قد وقع فى السنة المتواترة كما سبق فكيف يقول : ان الله اقرهم ولم يرد عليهم مع ان الله لعنهم على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم فاى رد اوضح وابين من هذا ؟! وما مثل من يستدل بهذه الاية على خلاف الاحاديث المتقدمه الا كمثل من يستدل على جواز صنع التماثيل والاصنام بقوله تعالى فى الجن الذين كانوا مذللين لسليمان عليه السلام ((يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب . وقددور راسيات )) يستدل بها على خلاف الاحاديث الصحيحه التى تحرم التماثيل والتصاوير وما يفعل ذلك مسلم يؤمن بحديثة صلى الله عليه وسلم وبهذا ينتهى الكلام عن الشبهة الاولى وهى الاستدلال باية الكهف والجواب عنها وعن ما تفرع منها.
الجواب عن الشبهة الثانية :-
واما الشبهة الثانية وهى ان قبر النبى صلى الله عليه وسلم فى مسجده كما هو شاهد اليوم ولو كان ذلك حراما لم يدفن فيه! والجوابب : ان هذا وان كان هو الماهد اليوم فانه لم يكن كذلك فى عهد الصحابه رضى الله عنهم فانهم لما مات صلى الله عليه وسلم دفنوه فى حجرته التى كانت بجانب مسجده وكان يفصل بينهما جدار فيه باب كان صلى الله عليه وسلم يخرج منه الى المسجد وهذا امر معروف مقطوع به عند العلماء ، ولا خلاف فى ذلك بينهم ، والصحابه رضى الله عنهم حينما دفنوه صلى الل عليه وسلم فى الحجرة انما فعلوا ذلك كما لا يتمكن احد بعدهم من اتخاذ قبرة مسجداً كما سبق بيانه فى حديث هائشة وغيره ص 9 – 10)) ولكن وقع بعدهم ما لم يكن فى حساباتهم ذلك ان الوليد بن عبد الملك امر سنة ثمان وثمانين بهدم المسجد النبوى واضافة حجر ازواج رسول الله صلى الله عليه وسلم اليه فادخل فيه الحجرة النبوية حجرة عائشة فصار القبر بذلك فى المسجد ، ولم يكن فى المدينة المنورة احد من الصحابة حينذاك خلافاً لما توهم بعضهم قال العلامه الحافظ محمد بن عبد الهادى فى ((الصارم المنكى)) ص 136)) : ((وانما ادخلت الحجرة فى المسجد فى خلافه الوليد بن عبد الملك بعد موت عامة الصحابة الذين كانوا بالمدينة وكان آخرهم موتاً جابر بن عبد الله توفى سنة ثمان وسبعين والوليد توفى سنة ست وتسعين فكان بناء المسجد وادخال الحجرة فيه فيما بين ذلك وقد ذكر ابو زيد شبة النميرى فى ((كتاب اخبار المدينة)) مدينة الرسول صلى اللله عليه وسلم عن اشياخه عمن حدثوا عنه ان عمر بن عبد العزيز لما كان نائبا للوليد على المدينة فى سنة احدى وتسعين هدم المسجد وبناه بالحجارة المنقوشة وعمل على سفه بالساج وماء الذهب وهدم حجرات ازواج النبى صلى الله عليه وسلم فادخلها فى المسجدوادخل القبر فيه)) يتبين لنا مما اوردناه ان القبر الشريفانما ادخل الى المسجد النبوى حين لم يكن فى المدينة احد من الصحابة وان ذلك كان على خلاف غرضهم الى رموا اليه حين دفنوه فى حجرته صلى الله عليه وسلم فلا يجوز لمسلم بعد ان عرف هذه الحقيقة ان يحتج بما وقع بعد الصحابه لانه مخالف للاحاديث الصحيحه وما فهم الصحابه والائمه منها كما سبق بيانه وهو مخالف ايضا لصنيع عمر وعثمان حين وسعا المسجد ولم يدخلا القبر فيه ولهذا نقطع بخطأ ما فعله الوليد بن عبد الملك عفا الله عنه ولئن كان مضطرا الى توسيع المسجد ، فانه كان باستطاعته ان يوسعه من الجهات الاخرى دون ان يتعرض للحجرة الشريفه وقد اشار عمر بن الخطاب الى هذا النوع من الخطأ حين قام هو رضى الله عنه بتوسيع المسجد من الجهات الاخرى ولم يتعرض للحجرة بل قال : ((انه لا سبيل اليها فاشار رضى الله عنه الى المحذور الذى يترقب من جراء هدمها وضمها للمسجد ، ومع هذه المخالفة الصريحة للاحاديث المتقدمة وسنة الخلفاء الراشدين فان المخالفين لما ادخلوا القبر النبوى فى المسجد الشريف احتاطوا للامر شيئا ما فحاولوا تقليل المخالفة ما امكنهم قال النووى فى شرح مسلم (5/14) ((ولما احتاجت الصحابة والتابعون الى الزيادة فى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كثر الملمون وامتدت الزياده الى ان دخلت بيوت امهات المؤمنين فيه ومنها حجرة عائشة رضى الله عنها فدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ابى بكر وعمر رضى الله عنهما بنو على القبر حيطانا مرتفعة مستديرة حوله لئلا يظهر فى المسجد فيصلى اليه العوام ويؤدى الى المحذور ثم بنوا جدارين من ركنى القبر الشماليين وحرفوهما حتى التقيا حتى لا يتمكن احد من استقبال القبر ونقل الحافظ بن رجب فى الفتح نحوه عن القرطبى كما فى ((الكواكب)) ((65/1191)) وذكر ابن تيمية فى ((الجواب الباهر)) ((ق 9/2)) ((ان الحجرة لما ادخلت الى المسجد سد بابها وبنى عليها حائط اخر صيانة له صلى اللله عليه وسلم ان يتخذ بيته عيداً وقبره وثناً )) قلت : ((اى المحدث الالبانى رحمه الله)) ((فى عهد دولة التوحيد ! اقول هذا مع الاعتراف باننى لم ارى احداً ياتى ذلك المكان للصلاة فيه لشدة المراقبة من قبل الحراس الموكلين على منع الناس من ان يأتوا بما يخالف الشرع عند القبر الشريف ، فهذا مما تشكر عليه الدوله السعودية )).
الجواب عن الشبهة الثالثة :-
واما الشبهة الثالثة وهى ان النبى صلى الله عليه وسلم صلى فى مسجد الخيف وقد ورد فى الحديث ان فيه قبر سبعين نبياً.
فالجواب : اننا لا نشك فى صلاته صلى الله عليه وسلم فى هذا المسجد ولكننا نقول : ان ما ذكر فى الشبهة من انه دفن فيه سبعون نبياً لا حجة فيه من وجهين:
الاول : انا لا نسلم بصحة الحديث المشار اليه لانه لم يروه احد ممن عنى بتدوين الحديث الصحيح ولا صححه احد ممن يوثق بتصحيحه من الائمه المتقدمين ولا النقد الحديثى يساعد على تصحيحه فان فى اسناده من يروى الغرائب وذلك مما يجعل القلب لا يطمئن لصحة ما تفرد به قال الطبرانى فى ((معجمه الكبير)) ((3/204/2)) حدثنا عبدان ابن احمد ثنا عيسى بن شاذان ثنا ابو همام الدلال نا ابراهيم ابن طهمان عن منصور عن مجاهد عن بن عمر مرفوعاً بلفظ ((فى مسجد الخيف قبر سبعين نبياً)) اورده الهيثمى فى ((المجمع)) 3/298 بلفظ ((قبر سبعون نبياًوقال رواه البزار ورجاله ثقات)) وهذا قصور منه فى التخريج فقد اخرجه الطبرانى ايضاً كما رايت : قلت : ((اى المحدث لالبانى رحمه الله)) ((ورجال الطبرانى ثقات ايضاً غير عبدان بن احمد وهو الاهوازى كما ذكر الطبرانى فى المعجم الصغير)) صفحة 136)) ولم اجدله ترجمه فى ((تاريخ بغداد)) ((11/135)) و ((تذكرة الحفاظ)) ((2/230)) وغيرها لكن فى رجال هذا الاسناد من يروى الغرائب مثل عيسى بن شاذان قال فيه بن حبان فى ((الثقات)) ((يغرب)) وابراهيم بن طهمان قال فيه بن عمار الموصلى ((ضعيف الحديث مضطرب الحديث وهذا على اطلاقه وان كان مردواً على ابن عمار فهو يدل على ان فى حديث ابن طهمان شيئاً ويؤيده قول بن حبان فى ثقات اتباع التابعين)) ((امره مشتبه له مدخل فى الثقات ومدخل فى الضعفاء وقد روى احاديث مسقيمه تشبه احاديث الاثبات وقد تفرد عن الثقات باشياء معضلات ستذكره ان شاء الله فى كتاب الفصل بين النقله ان قضى الله سبحانه ذلك وكذلك كل شئ توقفنا فى امره ممن له مدخل فى الثقات ولذلك قال فيه الحافظ بن حجر فى التقريب)) ((ثقة يغرب)) وشيخه منصور – وهو بن المعتمر – ثقة وقد روى له ابن طهمان حديثاً آخر فى مشيخته ((244/2)) فالحديث من غرائبه ابن شاذان . وانا اخشى ان يكون الحديث تحرف على على احدهما فقال : ((قبر)) بدل ((صلى)) لان هذا اللفظ الثانى هو المشهور فى الحديث فقداخرج الطبرانى فى ((الكبير)) ((3/155/1)) باشناد رجاله ثقات عن سعيد بن جبير عن بن عباس مرفوعاً : ((صلى فى مسجد الخيف شبعون نبياً...)) الحديث ولذلك رواه الطبرانى فى ((الاوسط)) ((1/119/2- زوائده)) وعنه المقدسى فى ((المختارة)) ((249/2)) والمخلص فى ((الثالث من السادس من المخلصيات (70/1) وابو محمد بن شيبان العدل فى الفوائد (2/222/2) وقال المنذرى (2/116)) : ((رواه الطبرانى فى الاوسط واسناده حسن ولا شك فى حسن الحديث عندى فقد وجدت له طريقاًاخرى عن بن عباس ، رواه الازرقى فى ((اخبار مكه)) ص ((35)) عنه موقوفا عليه واسنادا يصلح للاستشهاد به كما بينته فى كتابى الكبير ((حجة الوداع)) ((ولم ينجز بعد)) ثم رواه الازرقى ((ص 38)) من طريق محمد بن اسحاق قال : حدثنى من لا اتهم عن عبد الله بن عباس به موقوفاً فهذا هو المعروف فى هذا الحديث والله اعلم وجملة القول ان الحديث ضعيف لا يطمئن القلب لصحته فان صح فالجواب عنه من الوجه الىتى وهو : ((الثانى : ان الحديث ليس فيه ان القبور ظاهرة فى مسجد الخيف وقد عقد الازرقى فى تاريخ مكة ((406 - 410)) عدة فصول فى وصف مسجد الخيف فلم يذكر ان فيه قبوراً بارزة ومن المعلوم ان الشريعة انما تبنى احكامها على الظاهر فاذا ليس فى المسجد المذكور قبور ظاهرة فلا محظور فى الصلاة فيه البته لان القبور مندرسة ولا يعرفها احد ، بل لولا هذا الخبر الذى عرفت ضعفه لم يخطر فى بال احد ان فى ارضه سبعين قبراً ! ولذلك لا يقع فيه تلك المفاسد التى تقع عادة فى المساجد المبنيه على القبور الظاهرة والمشرفة! )).
الجواب عن الشبهة الرابعة :-
واما ما ذكر فى بعض الكتب ان قبر اسماعيل عليه السلام وغيره فى الحجر من المسجد الحرام وهو افضل مسجد بتحرى الصلاة فيه.
فالجواب : لا شك ان المسجد الحرام افضل المساجد والصلاة فيه بمائه الف صلاة لكن هذه الفضيلة فيه منذ ان رفع قواعدة ابراهيم مع ابنه اسماعيل عليهما اسماعيل ولم تطرأ هذه الفضيلة عليه بدفن اسماعيل عليه السلام فيه لو صح انه دفن فيه ومن زعم خلاف ذلك فقد ضل ضلالاً بعيداً وجاء بما لا يقلهاحد السلف الصالح رضى الله عنهم ولا جاء به حديث تقوم الحجه به فان قيل : لا شك فيما ذكرت ودفن اسماعيل فيه لا يخالف ذلك ولكن الا يدل هذا على الاقل على عدم كراهية الصلاة فى المسجد الذى فيه قبر؟
الاول : انه لم يثبت فى حديث مرفوع ان اسماعيل عليه السلام او غيره من الانبياء الكرام دفنوا فى المسجد الحرام ولم يرد شئ من ذلك فى كتاب من كتب النة المعتمدة كالكتب الستة ومسند احمد ومعاجم الطبرانى الثلاثة وغيرها من الدواوين المعروفة وذلك من اعظم علامات كون الحديث ضعيفا بل موضوعا عند بعض المحققين وغاية ما روى فى ذلك اثار معضلات باسانيد واهيات موقوفات – اخرجها الازرقى فى ((اخبار مكة)) ((ص 39 ، 219 ، 220)) فلا يلتفت اليها وان ساقها بعض المبتدعة مساق المسلمات ونحو ذلك ما اورده السيوطى فى ((الجامع)) من رواية الحاكم فى ((الكنى)) عن عائشة مرفوعاً بلفظ ((ان قبر اسماعيل فى الحجر)).
الوجه الثاني : ان القبور المزعوم وجودها فى المسجد الحرام غير ظاهرة ولا بارزة ولذلك لا تقصد من دون الله تعالى فلا ضرر من وجودها فى بطن ارض المسجد على قبور مرتفعة على وجه الارض لظهور الفرق بين الصورتين وبهذا اجاب الشيخ على القارئ رحمه الله تعالى فقال فى ((مرقاة المفاتيح)) (1/456) بعد ان حكى قول المفسر الذى اشرت اليه فى التعليق : ((وذكر غيرة ان صورة قبر اسماعيل عليه السلام وغير مندرسة فلا يصلح الاستدلال وهذا جواب عالم تحرير وفقيه خريت وفيه الاشارة الى ما ذكرناه انفا ، وهو ان العبرة فى هذه المساله بالقبور الظاهرة وان ما فى بطن الارض من القبور فلا يرتيط به حكم شرعى من حيث الظاهر بل الشريعة تتنزه عن مثل هذا الحكم ، لاننا نعلم بالضرورة والمشاهدة ان الارض كلها مقبرة الاحياء واموتاً)) قال الشعبى : ((بطنها لامواتهم وظهرها لاحيائكم )) و ((من البين الواضح ان القبر ان لم يكن ظاهرا معروفاً مكانه فلا يترتب من وراء ذلك مفسده ظاهرة كما هو مشاهد ، حيث ترى الوثنيات والشركيات انما تقع عند القبور المشرفة حتى لو كانت مزوره ! لا عند القبور المندرسة ، ولو كانت حقيقة فالحكمه تقتضى التفريق بين النوعيه وهذا ما جاءت به الشريعه كما بينا سابقا فلا يجور التسوية بينهما والله المستعان)) .
الجواب عن الشبهة الخامسة :-
اما بناء ابى جندل رضى الله عنه مسجد على قبر ابى بصير رضى الله عنه فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم فشبهة لا تساوى حكايتها ولو لا ان بعذ دذوى الاهواء من المعاصرين اتكأ عليها فى رد تلك الاحاديث المحكمه لما سمحت لنفسى ان اسود الصفحاتفى سبيل الجواب عنها وبيان بطلانها ! والكلام عليها من وجهين:
الاول : رد ثبوت البناء المزعوم من اصله لانه ليس له اسناد تقوم الحجه به ولم يروه اصحاب ((الصحاح)) و ((السنن)) و ((المسانيد)) وغيرهم وانما اورده بن عبد البر فى ترجمه ابى بصير من الاستيعاب ((4/21/23)) مرسلاً فقال : ((وله قصة فى المغازى عجيبة ذكرها بن اسحاق وغيره وقد رواها معمر عن بن شهاب ذكر عبد الرازق عن معمر عن ابن شهاب فى قصة القضية عام الحديبية ، قال : ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فارسلت قريش فى طلبه رجلين فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : العهد الذى جعلت لنا ان ترد الينا كا ما جاءك مسلماً . فدفعه انبى صلى الله عليه وسلم الى الرجلين فخرجا حتى بلغا ذا الحليفة ، فنزلوا يأكلون من تمر لهم فقال ابو بصير لاحد الرجلين : والله انى لارى سيفك هذا جيداً يا فلان افاستله الآخر وقال : اجل والله انه لجيد لقد جربت به ثم جربت ، فقال له ابو بصير ارنى انظر اليك فامكنه منه فضربه به حتى برد وفر الاخر حتى اتى المدينة فدخل المسجد بعده فقال له النبى صلى الله عليه وسلم حين رآه لقد راى ها ذعراً فلما انتهى الى النبى صلى الله عليه وسلم قال : قتل والله صاحبى وانى لمقتول . فجاء ابو بصير فقال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد والله وفى الله ذمتك : قد رددتنى اليهم فانجانى الله منهم فقال النبى صلى الله عليه وسلم لا ويل امه مسعر جرب لو كان معه احد)) فلما سمع ذلك علم انه سيرده اليهم فخرج حتى اتى سيف البحر قال : وانفلت منهم ابو جندل بن سهيل بن عمرو فلحق بابى بصير وذكر موسى بن عقبة هذا الخبر فى ابى بصير باتم الفاظاً واكمل سياقه قال : .. وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم الى ابى جندل وابى بصير ليقدما عليه ومن معهما من المسلمين فقدم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابى جندل واوب بصير يموت ، فمات وكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده يقرؤه فدفنه ابو جندل مكانه وصلى عليه وبنة على قبره مسجداً)) قلت : ((اى المحدث الابانى رحمه الله تعالى)) : فانت ترى ان هذه القصة مدارها على الزهرى فهى مرسلة على اعتبار انه تابعى انه تابعى صغير سمع من انس بن مالك رضى الله عنه والا هى مفصلة وكيف ما كان الامر فلا تقوم بها حجه على ان موضع الشاهد منها وهو قوله ((وبنى على قبره مسجداً)) لا يظهر من سياق ابن عبد البر للقصة انه من مرسل الزهرى ولا من رواية عبد الرزاق عن معمر عنه ، بل هو من روايه موسى بن عقبه كما صرح به ابن عبد البر لم يجاوزه وابن عقبة لم يسمع احداً من الصحابه فهذه الزيادة اعنى قوله ((وبنى على قبره مسجداً)) معضلة بل هى عندى منكره ، لان القصة رواها البخارى فى صحيحه ((5/351 - 371)) وأحمد فى ((مسنده)) 4/328 – 331)) موصوله من طريق عبد الزراق بن معمر قال اخبرنى عروة بن الزبيرعن المسور بن مخرمه ومروان بها دون هذه الزياده وكذلك اوردها بن اسحاق فى السيرة)) عن الزهرى مرسلاً كما فى ((مختصراً السيرة )) ابن هشام ((3/331 - 339)) ووصله احمد (())4/323 – 326)) من طريق بن اسحاق عن الزهرى عن عروة به مثل روايه معمر واتم وليس فيها هذه الزياده وكلك رواه ابن جرير فى تاريخه ((3/271-285)) من طريق معمر وابن اسحق وغيرهما عن الزهرى به دونه هذه الزياده فدل ذلك كله على انها ذياده منكره لاعضالها وعدم رواية الثقات لها والله ولى التوفيق.
الوجه الثاني : ان ذلك لو صح لم يجز ان ترد به الاحاديث الصريحة فى تحريم بناء المساجد على القبور لامرين :-
اولاً : انه ليس فى القصة ان النبى صلى الله عليه وسلم اطلع على ذلك واقره .
ثانياً : انه لو فرضنا ان النبى صلى الله عليه وسلم علم بذلك واقره فيجب ان يحمل ذلك على انه قبل التحريم لأن الاحاديث صريحة فى ان النبى صلى الله عليه وسلم حرم ذلك فى آخر حياته كما سبق ، فلا يجوز ان يترك النص المتاخر من اجل النص المتقدم – على فرض صحته – عند التعارض وها بين لا يخفى نسال الله تعالى ان يحمينا من اتباع الهوي .
الجواب عن الشبهة السادسة :-
وهى الزعم بان المنع انما كان لعله وهى خشية الافتتان بالمقبور وقد زالت فزال : !!.
لا علم احداً من العلماء ذهب الى القول بهذه الشبهة الا مؤلف ((احياء القبور)) فانه تمسك بها وجعلها عمدته فى ((تلك الاحاديث المتقدمة واتفاق الائمة عليها فقال ما نصه : ص 18 – 19 – ((واما النهى عن بناء المساجد على القبور فاتفقوا على تعليله بعلتين : احداهما انه يؤدى الى تنجيس المسجد وثانيهما وهو قول الاكثرين بل الجميع حتى من نص على العله السابقه ان ذلك قد يؤدى الى الضلال والفتنه بالقبر لانه اذا وقع بالمسجد وكان قبر ولى مشهور بالخير والصلاح لا يؤمن مع طو المدة ان يزيد اعتقاد الجهلة فيه ويؤدى بهم فرط التعظيم الى قصد الصلاة اليه اذا كان فى قبلة المسجد فيؤدى بهم ذلك الى الكفر والاشراك ثم ساق شيئاً من النقول فى العله المذكورة عن بعض العلماء منهم الامام الشافعى وقد تقدم نصه فى ذلك ((ص 43 - 44)) ثم قال المؤلف المشار اليه ((ص 20 - 21)) فالعله المذكورة قد انتفت برسوخ الايمان فى نفوس المؤمنين ونشاتهم على التوحيد الخالص ، واعتقاد نفى الشريك مع الله تعالى ، وانه سبحانه المنفرد بالخلق والايجاد والتصريف (!)) وبانتفاء العله ينتفى الحكم المترتب عليها وهو كراهة اتخاذ المساجد والقباب على بور الاولياء والصالحين)!.
قلت : ((اى العلامه المحدث الالبانى رحمه الله)) والجواب ان يقال اثبت العرش ثم انقش ! اثبت اولاً ان الخشية المذكورة هى وحدها علة النهى ثم اثبت انها اانتفت ودون ذلك خرط القتاد.
اما الاول : فانه لا دليل مطلقاً على ان العله هى الخشية المذكورة فقط نعم من الممكن ان يقال : انها بعض العله واما حصرها بها فباطل ، لان من الممكن ان يقال ان يضاف اليها امور اخرى معقوله كالتشبه بالنصارى ، كما تقدم فى كلام الفقيه الهيثمى والمحقق الصنعانى والاسراف فى صرف المال فيما لا فائدة فيه شرعاً وغير ذلك مما قد يبدو للباحث الناقد . واما زعمه ان العله انتفت برسوخ الايمان فى نفوس المؤمنين .....الخ فهو زعم باطل ايضاً من وجوهـ.
الاول : ان الزعم بنى على ال باطل وهو ان الايمان بان الله هو المنفرد بالخلق والايجاد كافه ف تحقيق الايمان المنجى عند الله تبارك وتعالى وليس كذلك فان هذا التوحيد وهو المعروف عند العلماء بتوحيد الربوبية كان يؤمن به المشركون الذين بعث اليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى ((ولئن سالتهم من خلق السموات والارض لقولن الله )) ومع ذلك فلم ينفعهم هذا التوحيد شيئاً لانهم كفروا بتوحيد االوهية والعبادة وانكروه على النبى صلى الله عليه وسلم اشد الانكار بقولهم فيما حكاه الله عنهم ((اجعل الالهة الهاً واحداً ؟! ان هذا لشئ عجاب ومن مقتضيات ها التوحيد الذى انكره ترك الاستغاثه والاستعانه بغير الله وترك الدعاء والذبحلغير الله وغير ذلك مما هو خاص بالله تعالى من العبادات ، فمن جعل شيئاً من ذلك لغير الله تبارك وتعالى فقد اشرك به ، وجعل له نداً وان شهد له بتوحيد الربوبية ،والايمان المنجى انما هو الجمع بين توحيد الربوبية وتوحيد الالهوية وتبين هذا تعلم ان الايمان الصحيح غير راسخ فى نفوس كثير من المؤمنين بتوحيد الربوبية ولا اريد ان ابعد بالقارئ الكريم فى ضرب الامثله فحسبى هنا ان انقل ماذكره المؤلف الذى نحن فى صدد الرد عليه فانه قال بعد اسطر من كلامه السابق صفحة 21 – 22 )) ونراهم ((يعنى العامه )) يحلفون بالاولياء وينطقون فى حقهم بما ظاهره الكفر والصراح بل هو الكفر حقيقة بلا ريبولا شك ...... فكثير من جهلة العوام بالمغرب ينطق بما هو كفر صراح فى حق مولانا عبد القادر الجيلانى رضى الله عنه ....فان عندنا بالمغرب من يقول عن القطب الاكبر ، مولانا عبد السلام بن مشيش رضى الل عنه : انه الذى خلق الدين والدنيا ومنهم من قال والمطر نازل بشده : يا مولانا عبد السلام الطف بعبادك ! فهذا كفر !....)).
قلت : اى المحدث الالبانى رحمه الله)) فهذا الكفر اشد من كفر المشركين ، لان هذا فيه التصريح بالشرك فى توحيد الربوبية ايضاً وهو مما لا نعلم انه وقع من المشركين انفسهم ! واما الشرك فى الالوهية فهو اكثر فى جهال هذه الامه – ولا اقول وامهم ! فاذا كان هذا حال المسلمين اليوم ، وقبل اليوم فكيف يقول هذا الرجل ((وقد انتفت العلة برسوخ الايمانفى نفوس المؤمنين ....)) ؟! واذا كان يريد بـ ((المؤمنين حقاً عالمين بحقيقة التوحيد الذى جاءهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن الشريعة الاسلامية شريعة عامهابدية فلا يلزم من انتفاء العله – لو ثبت – بالنسبة اليهم ان ينتفى الحكم بالنسبه لمن بعدهم . لان العله لا تزال قائمة والواقع اصدق شاهد على ذلك .
الوجه الثانى : علمت مما سبق من الاحاديث ان ابنى صلى الله عليه وسلم حذر امته من اتخاذ المساجد على القبور فى ىخر حياته بل فى مرض موته فمتى زالت العله الت ىكرها ؟ ان قيل زالت عقب وفاته صلى الله عليه وسلم فهذا نقض لما عليه جميع المسلمين ان خير الناس قرنه صلى الله عليه وسلم لان القول بذلك يستلزم بناء ما سبق من كلامه – ان الايمان لم يكن قد رسخ بعد فى نفوس الصحابه رضى الله عنهم وانما رسخ بعد وفاته صلى الله عليه وسلم ولذلك لم تزل العله وبقى الحكم وهذا مما لا اتصور احد يقول به لوضوح بطلانه وان قيل زالت قبل وفاته صلى الله عليه وسلم قلنا وكيف ذلك وهو صلى الله عليه وسلم انما نهى عن ذلك فى آخر نف من حياته ؟! ويؤيده:
الوجه الثالث: ان فى بعض الاحاديث المتقدمه باستمرار الحكم الى قيام الساعة كالحديث 12)).
الوجه الرابع : ان الصحابة رضى الله عنهم انما دفنوه فى حجرته صلى الله عليه وسلم خشية ان يتخذ مسجداً كما تقدم عن عائشة رضى الله عنها فى الحديث رقم (4) فهذه الخشية اما ان يقال : انها كانت منصبه على الصحابه انفسهم ، او على من بعدهم ، فانهم يل بالاول قلنا فالخشية على من بعدهم اولى وان قيل بالثانى وهو الصواب ندنا فهو دليل قاطع على ان الصحابه رضى الله عنهم كانوا لا يرون العله المستلزم زوال الحكم لا فى عصرهم ولا فيما بعدهم فالزعم بخلاف رايهم ضلال بين ويؤيده.
الوجه الخامس : ان العمل استمر من السلف على هذا الحكم ونحوه مما يستلزم بقاء العله السابقه وهى خشية الوقوع ف الفتنة والضلال فلو انالعله المشار اليها كانت منتفية لما استمر العمل على معلوها وهذا بين لا يخفى والحمد لله واليك بعض الامثله على ما ذكرنا:-
1-عن عبد الله بن شرحبيل بن حسنة قال رايتعثمان بن عفان يامر بتسوية القبور ، فقيل له : هذا قبر ام عمرو بنت عثمان فامر به فسوى .
2-عن ابى الهياج الاسدى قال : قال لى على بن ابى طالب الا ابعثك على ما بعثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لا تدع تمثالاً الا طمسته ولا قبراً مشرفاً الا سويته . ولما كان هذا الحديث الحديث صحة واضحة على إبطال ما ذهب إليه الشيخ الغماري في كتابة المشار إليه سابقا حاول التقصي منه بطريقين
الأول : تأويله حتى يتفق مع مذهبه :
والآخر : التشكيك في ثبوته ! فقال : ص (57) (( فلا بد من أحد أمرين : إما أن يكون غير ثابت في أمره أو هو محمول على غير ظاهره ولا بد )) . قلت (( أي المحدث الألباني رحمه الله : أما ثبوته فلا شك فيه لأن له طرقا كثيرة بعضها في الصحيح )) كما سبق ولكن أصحاب الأهواء لا يلتزمون القواعد العلمية في التصحيح والتضعيف بل ما كان عليهم أضعفوه ولو كان في نفسه صحيحا كهذا الحديث وما كان لهم صححوه أو مشوه ولو كان في نفسه ضعيفا وسيأتي لذلك لعض الأمثلة الأخرى والله المستعان .
وقال العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله في معرض رده ودحضه على أهل البدع والضلال ما نصه : (( الفصل السادس كراهة الصلاة في المساجد المبنية على القبور )) . بعد أن انتهينا من الإجابة على الشبهات المتقدمة وتبين منها للقارئ الكريم أن تحريم بناء المساجد على القبور حكم ثابت مقرر إلى يوم الدين وفرقنا
البناء على قبور الأنبياء أو الأولياء محرم بنص
الكتاب والسنة وإجماع الأمه
اننا نجد علماء السؤ والبدع والضلال يروجون للبناء على قبور الانبياء او الاولياء وزعموا من ذلك من الدين ومن هؤلاء المروجين المدعو جعفر سبحانى فى ضلاله وزيفه فيقول تحت مبحث ((البناء على القبور))ما نصه : ((ان البناء على قبور الانبياء والاولياء مما جرت عليها اتباع الانبياء والشرائع السماوية قبل الاسلام وبعده فقد كانوا يشيدون الابنية والاضرحة على قبور الانبياء والاولياء ولا زال كثيرها قائماً الى الان فى العراق وفلسطين والشام . غير ان الوهابيين زعموا ان ذلك من الشرك او من البدعه فاجمعوا امرهم على هدم هذه الابنيه والاضرحه يقول ابن القيم فى كتابه ((زاد المعاد فى هدى خير العباد)) ((يجب هدم المشاهد التى بنيت على القبور ولا يجوز إبقاؤها بعد القدرة على هدمها وابطالها يوماً)) وعلى هذه السنة السنة جرى الوهابيون فانهم بعد ان اتولو على الحجاز استفتوا علماء المدينة عن تلك الاضرحة والقبور ذاكرين فى استفتائهم الحكم والجواب الذى يجب ان يجيب به علماء المدينة فطرح به بلهيد يومذاك – سؤالاً قال فيه : ((ما قول علماء المدينة المنورة زادهم الله فهما وعلماً فى البناء على القبور واتخاذها مساجد هل هو جائز اولاً؟ واذا كان غير جائز بل ممنوع عنه نهياً شديداً فهل يجب هدمها ومنع الصلاة عندها)) وبما ان البحث هنا مركز على دراسة هذه المسائل فى ضؤ القرآن الكريم فاننا نطرح هذه المساله على الكتاب الالهى العزيز لنرى ما هو الجواب الصحيح فيها واليك ما نستفيده فى هذا المجال من القرآن الكريم:
1-يظهر من بعض الآيات ان اهل الشرائع السماوية كانوا يبنون المساجد على قبور اوليائهم او عندها ولاجل لك لما كشف امر اصحاب الكهف تنازع الواظفون على آثارهم فمنهم من قال وهم الملمون : ((لنتخذ عليهم مسجداً الى ان قال : وعلى الجمله فقد اتفق المفسرون على ان القائل ببناء المسجد على قبورهم كانوا هم المسلمون ولم ينقل القرآن هذه الكلمه منهم الا لتقتدى بهم ونتخذهم فى اسوة ولو كان بناء المسجد على قبورهم او قبور سائر الاولياء امراً محرماً لتعرض عند نقل قولهم بالرد والنقد لئلا يضل الجاهل واما ما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم من قوله : ((لعنالله اليهود والنصارى اتخذوا قبور انبيائهم مساجد)) صحيح البخارى كتاب الجنائز2/ 111)) فارماد منه السجود على قبور الانبياء واتخاذها قبله فى الصلاة وغيرها والمسلمون بريئون عن ذلك وقد اوضحه الفسطلاني فى كتابه ارشاد السارى فى شرح صحيح الخارى ان قبور الانبياء المنتشرة حول بيت المقدس كقبر داؤد عليه السلام فى القدس وقبر ابراهيم وبنيه اسحاق ويعقوب ويوسف الذى نقله موسى من مصر الى بيت المقدس فى بلد الخليل كلها مبنيه مشيدة قد بنى عليها بالحجارة العادية العظيمة من قبل الاسلام وبقى ذلك بعد الفتح الاسلامى الى اليوم قد مضت على هذا البناء الاعصار والدهور وتوالت عليها القرون ودول الاسلام ولم يسمع عن احد من العلماء زالصلحا واهل الدين وغيرهم قبل الوهابية انه انكر ذلك وامر بهدمه او حرمه اوفاه فى ذلك ببنت شفة فى كثيرة ما يرد من الزوار والمترددين من جميع اقطار المعمورة هذا مضافاً الى انه قد دفن النبى صلى الله عليه وسلم فى حجرة بيته ودفن فيها صاحباه ولا فرق بين البناء السابق والاحق ولم يقل احد بالفرق بين البناء السابق واللاحق كما لا يخفى وفى تاريخ بناء الحرم النبوى ما يفيدك فى هذا المجال جداً فلاحظ انتهى كلام المفترى بالنص نقول فى الرد على هذا الرافضي الجاهل ان ما قرره من البدع والضلال هو مثيل ما قرره الغمارى فى كتابه ((احياء المقبور من ادلة استحباب بناء المساجد والغباب على القبور)) وقد دحض شبهات هذا الضال المضل العلامه المحدث ناصر الدين الالبانى فى كتابه العظيم تحذير الساجد من اتخاز القبور مساجد)) وسياتى كلام الشيخ العلامه ناصر الدين الالبانى رحمه الله تعالى بالتفصيل . وقبل ان نورد كلام المحدث الابانى نورد كلام احد علماء الشيعه الزيدية هو الشوكانى وقد الف رحمه الله تعالى كتابا فى الرد على امامه يحى وسماه ((شرح الصدور بتحريم رفع القبور)) يقول رحمه الله فى معرض رده على احد الضلال ما نصه ((فان صاحب هذا الكتاب الجليل لم ينسب هذه المقاله اعنى جواز رفع القباب والمشاهد على قبور الفضلاء الا الى الامام يحى وحده فقد قال ما نصه (( مسالة الامام يحي : ((لا باس بالقباب والمشاهد على قبور الفضلاء والملوك لاستعمال المسلمين ولم ينكر انتهى فقد عرفت من هذا انه لم يقل بذلك الا الامام يحي وعرفت دليل الذى استدل به وهو استعمال المسلمين مع عدم النكير ثم ذكر صاحب البحر هذا الدليل الذى استدل به الامام يحي فى الغيث واقتصر عليه ولم يات بغيره فاذا عرفت هذا تقرر لك ان هذا الخلاف واقع بين الامام يحى وبين سائر العلماء من الصحابة والتابعين ومن المتقدمين من اهل البيت والمتأخرين ومن اهل المذاهب الاربعة وغيرهم ومن جميع المجتهدين اولهم وآخرهم ولا يعترض هذا بحكاية من حكى قول الامام يحي فى مؤلفه ، ممن جاء بعد من المؤلفين فان مجرد حكاية القول لا يدل على ان الحاكى يختاره ويذهب اليه ، فان وجدت قائلاً من بعده من اهل العلم يقول بقوله هذا ويرجحه ن فان كل مجتهداً كان قائلاً بما قاله الامام يحى ذاهبا الى ما هب اليه بذلك الدليل الذى استدل به ، ان كان غير مجتهد فلا اعتبار بموافقته لانها انما تعتبر اقوال المجتهدين لا اقول المقلدين فاذا اردت ان تعرف هل الحق ما قاله الاام يحى ، او ما قاله غيره من اهل العلم فالواجب عليك رد هذا الاختلاف الى ما امرنا الله بالرد اليه . وهو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فان قلت : بين لى العمل فى هذا الرد حتى تتم الفائدة ويتضح الحق من غيره . والمصيب من المخطئ فى هذه المسالة قلت : افتح لما اقوله سمعاً واتخذ لها فهما وارهف له ذهنا. وها انا اوضح لك الكيفيه المطلوبة . وابين لك ما يبقى عنده بعده ريب ولا يصاحب ذهنك وفهمك عنده لبس فاقول:
قال الله سبحانه ((وما اتاكم الرسول فخذوه ومانهاكم عنه فانتهو فهذه الىية فيها الايجاب على العباد بالائتمار بما امر به الرسول صلى الله عليه وسلم والاخذ به والانتهاء عما نهى وتركه وقال الله سبحانه ((3 : 31)) قل ان كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله)) ففى هذه الاية : تعليق محبة الله الواجبه على كل عبد من عباده باتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم وان ذلك هو المعيار الذى يعرف به محبة البعد لربه على الوجه المعتبر وانه السبب الذى يستحق به العبد ان يحبه الله . وقال الله سبحانه : ((4 : 80)) من يطع الرسول فقد اطاع الله )) ففى هذه الاية ان طاعة الرسول طاعة لله وقال ((4 : 80)) ((4 - 69)) ومن يطع الله والرسول فاولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا، فاوجب هذه السعاده لمن اطاع الله ورسوله .... والآيات الداله على هذا الكمعنى فىالجمله اكثر من ثلاثين اية وسنوضح لك ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير ما حديث من النهى عن رفع القبور والبناء عليها ووجوب تسويتها وهدم ما ارتفع منها ولكننا هنا نبتدئ بذكر أشياء فى حكم التوطئة والتمهيد لذلك ثم ننتهى الى ذكر ما هو مطلوب حتى يعلم من اطلع على هذا البحث انه اذا وقع الرد فيما قاله الامام يحى وما قاله غيره فى القباب والمشاهد الى ما امر الله بالرد اليه وهو كتاب الله سبحانه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كا في ذلك ما يشفى ويكفى ويقنع ويغنى ذكر بعضه فضلاً عن جميعه وعند ذلك يتبين لكل من له فهم ما فى رفع القبور من الفتنه العظيمة لهذه الامه ومن المكيده البالغة التى كادهم الشيطان بها . وقد كاد بها من كان قبلهم من الامم السالفه كما حكى الله سبحانه وتعالى ذلك فى كتابه العزيز . وكان اول ذلك فى قوم نوح قال الله سبحانه ((71 – 21 – 23)) قال نوح ربى انهم عصونى واتبعوا من لم يزدع ماله وولده الا خسارا* ومكروا مكرا كبارا* وقالوا لا تزرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً)) ((وكانوا قوما صالحين من بنى آدم وكان لهم اتباع يقتدرون بهم ، فلما ماتوا قال اصحابهم لالذين كانوا يقتدرون بهم لو صورناهم كان اشوق لن الى العباده اذا ذكرناهم فصورهم فلما ماتوا وجاء آخرون دب اليهم ابليس ، فقال : انما كانوا يعبدونهم وبهم يسقون المطر فعبدوهم ثم عبدتهم العرب بعد ذلك وقد حكى معنى هذا فى صحيح البخارى عن ابن عباس رضى الله عنهما وقال قوم من السلف ((ان هؤلاء كانوا قوما صالحين من قوم نوح ، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم ثم طال عليهم الامد فعبدوهم)) ويؤيد هذا ما ثبت فى الصحيحين وغيرهما عن عائشة رضى الله عنها ((ان ام سلمه رضى الله عنها ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتها بارض الحبشة وذكرت له ما رأنا فيها من الصور فقال رسول الله صلىالله عليه وسلم اولئك قوم اذا مات فيهم العبد الصالح او الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور ، اولئك شرار الخلق عن الله)) واخرج ابن جرير فى تفسير قوله تعالى ((افرايتم اللات والعزى)) قال : ((كان يلت السويف للحاج فمات فعكفوا على قبره)) وفى صحيح مسلم وغيره عن ابى الهياج الاسدى قال : ((قال لى على ابن ابى طالب رضى الله عنه : ((الا ابعثك على ما بعثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لا ادع تمثالاً الا طمسته ولا قبره مشرفاً الا سويته وفى صحيح وفى صحيح مسلم ايضاً عن ثمامه بن شفى نحو ذلك وفى هذا اعظم دله على ان تسوية كل قبر مشرف بحيث يرتفع زياده على القدر المشروع واجبه متحتمه فمن اشراف القبور ان يرفع سمكها او يجعل عليها القباب او المساجد فان ذلك من المنهى عنه بلا شك ولا شبهة ولهذا فان فان النبى صلى الله عليه وسلم بعث لهدمها امير المؤمنين علياًثم ان امير المؤمنين بعث لهدمها ابا الهياج الاسده فى ايام خلافته . واخرج احمد ومسلم وابوا داؤد والترمزى وصححه النسائي وابن حبان من حديث جابر قال : ((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يجصص القبروان يبنى عله وان يوطأ)) وذاد هؤلاء المخرجون لهذا الحديث عن مسلم ((وان يكتب عليه)) قال الحاكم : ((النهى عن الكتابه على شرط مسلم)) وهى صحيحه غريبة. وفى هذا التصريح بالنهى عن النباء على القبور وهو يصدق على ما بنى على جوانب حفرة القبر ، كما يفعله كثير من الناس من رفع قبور الموتى ذراعاً فما فوقه . لانه ان يجعل نفس القبر مسجداً فذلك مما يدل على ان المراد بعض ما يقر به مما يتصل به، ويصدق على من بنى قريباً من جوانب القبر كذلك كما فى القباب والمساجد والمشاهد الكبيرة على وجه يكون القبر فى وسطها او فى جانب منها. فإن هذابناء على القبر لا يخفى ذلك على من له ادنى فهم كما يقال : بنى السلطان مدينة كذا او قرية كذا سوراً وكما يقال بنى فلان فى المكان الفلانى مسجداً مع ان سمك البناء لم يباشر الا جوانب المدينة او القرية او المكان ولا فرق بين ان تكون تلك الجوانب التى وقع وضع البناء عليها قريبة من الوسط ، كما فى المدينة الصغيرة والقرية والصغيرة والمكان الضيق او بعيده من الوسط ، كما فى المدينة الكبيرة والقرية الكبيرة والمكان الواسع . ومن زعم ان فى لغة العرب ما يمنع من هذا الاطلاق فهو جاهل لا يعرف لغة الغرب ، ولا يفهم لسانها ولا يدرى بما استعملته فى كلامها. واذا تقرر لك هذا علمت ان رفع القبور ووضع القباب والمساجد والمشاهد عليها قد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعله تارة كما تقدم وتارة قال : ((اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور انبيائهم مساجد)) فدعاء عليهم بان يشتد غضب الله عليهم بما فعلوه من هه المعصية . وذلك ثابت فى الصحيح وتارة نهى عن ذلك وتارة بعث من يهدمه وتارة جعله من فعل اليهود والنصارى وتارة قال : ((لا تتخذوا قبرى وثناً)) وتارة قال: ((لا تتخذوا قبرى عيداً)) اى موسما يجتمعون فيه كما صار يفعله كثير من عباد القبور يجعلون لمن يعتقدونه فيهمن الاموات اوقاتاً معلومه يجتمعون فيها عند بورهم ينسكون لها المناسك يعكفون عليها ، كما يعرف ذلك كل احد من الناس من افعال هؤلاء المخذولين الذين تركوا عبادة الله الذى خلقهم ورزقهم ثم يميتهم ويحييهم وعبدوا عبداً من عبادالله صار تحت اطباق الثرى لا يقدر ان يجلب لنفسه نفعاً ولا يدفع عنها ضراً كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما امره الله ان يقول ((لا املك لنفسى نفعاً ولا ضراً)) فانظر كيف قال سيد البشر وصفوة الله من خلقه بامر ربه انه لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً وكلك قال فيما صح عنه : ((يا فاطمة بنت محمد لا اغنى عنكمن الله شيئاً)) فإذا كان هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فى نفسه وفى أخص قرابته به واحبهم اليه فما ظنك بسائر الاموات الذين لم يكونوا انبياء معصومين ولا رسلاً مرسلين بل غاية ما عندهم انه فد من افراد هذه الامه وواحد من اهل هذه المله الاسلامية فهو اعجز واعجز ان ينفع او يدفع عنها ضرراً وكيف لا يعجز عن شئ قد عجز عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم واخبر به امته كما اخبر الله عنه وامره بان يقول للناس بانه لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً وانه لا يغنى عن اخص قرابته من الله شيئاً ؟ فيا عجباً كيف يطمع من له ادنى نصيب من علم او اقل حظ من عرفان ان ينفعه او يضرة فرد من افراد امة هذا النبى الذى يقول عن نفسه هذه المقالة ؟ والحال انه فرد من التابعين له المقتدين بشرعه فهل سمعت اذناك ارشدك الله -بضلال عقل اكبر من هذا الضلال الذى وقع فى عباد اهل القبور ؟ ((انا لله وانا اليه راجعون)) وقد اوضحنا هذا ابلغ ايضاح فى رسالتنا الى ميناها ((الدرر النضيد فى اخلاص كلمة التوحيد)) وهى موجوده بايدى الناس وقال رحمه الله تعالى اى العلامه الشوكانى ما نصه : ((اعلم انه قد اتفق الناس سابقهم ولا حقهم واولهم وآخرهم من لدن الصحابه رضى الله عنهم الى هذا الوقت ان رفع القبور والبناء عليه بدعه من البدع التى ثبت النهى عنها واشتد وعيد رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاعلها كما ياتى بيانه ولم يخالف فى ذلك احد من المسلمين اجمعين لكنه وقع للامام يحي بن حمزة مقاله تدل على انه يرى انه لا باس بالغباب والمشاهد على قبور الفضلاء ولم يقل بذلك غيره ولا روى عن احد سواه ومن ذكرها من المؤلفين فى كتب الفقه من الزيدية فهو جرى على قوله واقتداء به ولمنجد القول بذلك ممن عاصره او تقدم عصره عليه لا من اهل البيت ولا من غيرهم الى ان قال رحمه الله : ((وقد حكى بن القيم عن شيخة تقى الدين – رحمهما الله وهو الامام المحيط بمذهب سلف هذه الامه وخلفها انه د صرح عامه الطوائف بالنهى عن بناء المساجد على القبور ثم قال : وصرح اصحاب احمد ومالك والشافعى بتحريم ذلك وطائفه اطلقت الكراهه لكن ينبغى ان يحمل على كراهة التحريم احسانا للظن بهم وان لا يظن بهم ان يجوزوا ما تواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعن فاعله والنهى عنه فانظر كيف حكى التصريح عن عامه الطوائف وذلك يدل على انه اجماع من اهل العلم على اختلاف طوائفهم ثم بعد ذلك جعل اهل ثلاثه ماهب مصرحين بالتحريم وجعل طائفة مصرحة بالكراهة وحملها على كراهة التحريم فكيف يقال : ان بناء القباب والمشاهد على القبور لم ينكره احد ؟ انتهى كلامه نقول للمفترى هذا هو العلامه محمد على الشوكانى ينقل الاجماع على تحريم بناء القباب والمشاهد على القبور والمساجد وثم يقول للمفترى هل العلامه الشوكانى وهابى من اجل ان قرر ما قرره الامام محمد بن عبد الوهاب واتباعه )) .
وقال الشيخ العلامه المحدث محمد ناصر الدين الالبانى رحمه الله فى كتابه القيم الذى بعنوان ((تحزير الساجد من اتخاذ القبور مساجد)) تحت مبحث ((الفصل الرابع )) شبهات وجوابها ما نصه : ((قد يقول قائل : اذا كان من المقرر تحريم بناء المساجد على القبور فهناك امور كثيرة تدل على خلاف ذلك واليك بيانها.
اولاً : قوله : تبارك وتعالى فى سورة الكهف ((قال الذين غلبوا على امرهم لنتخن عليهم مسجداً ووجه دلاله الاية على ذلك ان الذين قالوا هذا القول كانوا نصارى على ما هو فى كتب التفسير فيكون اتخاذ المسجد على القبر من شريعتهم وشريعة من قبلنا شريعة لنا اذا حكاها الله تعالى ولم يعقبها بما يدل على ردها كما فى هذه الاية .
ثانياً: كون قبر النبى صلى الله عليه وسلم فى مسجده الشريف ولو كان ذلك لا يجوز لما دفنوه فى مسجده!
ثالثاً : صلاة النبى صلى الله عليه وسلم فى مسجد الخيف مع ان فيه قبر سبعين نبيا كما قال صلى الله عليه وسلم!.
رابعاً: ما كره فى بعض الكتب ان قبر اسماعيل عليه اليلام وغيره فى الحجر فى المسجد الحرام ، وهو افضل مسجد يتحرى المصلى الصلاة فيه.
خامساً: بناء ابى جندل رضى الله عنه مسجداً على قبر ابى بصير رضى الله عنه فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم كما جاء فى الاستيعاب)) لابن عبد البر.
سادساً: رعم بعضم ان المنع من اتخا القبور مساجد انما كان لعله خشية الافتتان بالمقبور ، ثم ودزالت برسوخ التوحيد فى قلوب المؤمنين فزال المنع! فكيف التوفيق بين هذه الامور وبين التحريم المذكور؟ وجوابا على لك اقول وبالله تعالى استعين.
الجواب على الشبهة الأولي:
اما الشبهة الاولى : فالجواب عنها من ثلاثة وجوه:
الاول : ان الصحيح المتقرر فى علم الاصول ان شريعة من قبلنا ليست شريعة لنا لادلة كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم : ((اعطيت خمساً لم يعطهن احد من احد من الانبياء قبلى فذكرها وآخرها)) وكان النبى يبعث الى قومه خاصة وبعثت الى الناس كافة )) فاذا تبين ها فلسنا ملزمين بالاخذ بما فى الاية لو كانت تدل على جواز بناء المسجد على القبر كان شريعة لمن قبلنا.
الثانى :هب ان الصواب قول من قال ((شريعة من قبلنا شريعة لنا)) فذلك مشروط عندهم بما لم يرد فى شرعنا ما يخالفه وهذا الشرط معدوم هنا لان الاحاديث تواترت فى النهى عن البناء المذكور كما سبق فذلك دليل على ان ما فى الايه ليس شريعة لنا
الثالث : لا نسلم ان الاية تفيد ان ذلك كان ذلك شريعة لمن قبلنا غاية ما فيها ان جماعة من الناس قالوا : ((لنتخذن عليهم مسجداً)) فليس فيها التصريح بانهم مؤمنين وعلى التسليم فليس فيها انهم كانوا مؤمنين صالحين متمسكون بشريعة نبى مرسل بل الظاهر خلاف ذلك ، قال الحافظ بن رجب فى ((فتح البارى فى شرح البخارى)) ((65/280)) من الكواكب الدارى فى شرح حديث ((لعن الله اليهود اتخذوا قبور انبيائهم مساجد)) ((وقد دل القرآن على مثل ما دل عليه هذا الحديث وهو قول الله عز وجل فى قصة اصحاب الكهف : ((قال الذين غلبوا على امرهم لنتخذن عليهم مسجداً)) فجعل اتخاذ القبور على المساجد من فعل اهل الغلبة على الامور ولك يشعر بأن مستنده القهر والغلبة واتباع الهوى وانه ليس من فعل اهل العلم والفضل التضر لما انزل على رسله من الهدى)) وقال الشيخ على ابن عروة فى ((مختصر الكواكب 10/207/2 ، تبعاً للحافظ بن كثير فى تفسيره ((3/78)) وحكى بن جرير فى القائلين ذلك قولين :-
احدهما : انهم المسلمون منهم .
والثانى : اهل الشرك منهم .
فالله اعلم والظاهر ان الذين قالوا ذلك هم اصحاب الكلمه والنفوذ ولكن هل هم محمودون ام لا؟ فيه نظر لان النبى صلى الله عليه وسلم قال : ((لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور انبيائهم مساجد)) يحذر ما فعلوا وقد روينا عن عمر بن الخطاب انه لما وجد قبر دنيال ى زمانه بالعراق امران يخفى على الناس وان تدفن تلك الرقعة التى وجدها عنده فيها شئ من الملاحم وغيرها)) اذا عرفت هذا لا يصح الاحتجاج بالاية على وجه من الوجوه وقال العلامه المحقق الالوسى فى روح المعانى ((5/31 )) واستدل بالاية على جواز البناء على القبور العلماء واتخاذ مسجد عليها وجواز الصلاة فى ذلك! وممن ذكر الشهاب الخفاجى فى حواشيه على البيضاوى وهو قول باطل عاطل و فاسد كاسد فقد روى قلت ((اى المحدث الالبانى رحمه الله)) وقد استدل بالاية المذكورة على الجواز المزعوم بل على استحباب بناء المساجد على القبور بعض المعاصرين لكن من وجه اخر مبتدع مغاير بعض الشئ لما سبق حكايتة فقال ما نصه ((والدليل من هه الاية اقرار الله تعالى اياهم على ما قالوا رده عليهم))! قلت ((اى المحدث الالبانى رحمه الله)) ها الاستدلال باطل من وجهين:-
الاول : انه يصح ان يعتبر عدم الرد عليهم اقراراً لهم الا اذا ثبت انهم كانوا مسلمين وصالحين متمسكين بشريعة نبيهم وليس فى الاية ما يشير ادنى اشاره الى انهم كانوا كذلك بل يحتمل انهم لو يكونوا كذلك وهذا هو الاقرب انهم كانوا كفاراً او فجاراً كما سبق من كلالم بن رجب وبن كثير وغيرهما وحينئذ فعدم الرد عليهم لا يعد اقراراً بل انكاراً لان حكاية القول عن الكفار والفجار يكفى فى رده عزوه اليهم فلا يعتبر السكوت عليه اقراراً كما لا يخفى ويؤيده الوجه الىتى:-
الثاني : ان الاستدلال المذكور انما يستقيم على طريقة اهل الاهواء من الماضين والمعاصرين الذين يكتفون بالقرآن فقط ديناً ولايقيمون للسنة وزناً ، واما طريقة اهل السنة والحديث الذين يؤمنون بالوحيين مصدقين بقوله صلى الله عليه وسلم فى الحديث الصحيح الكمشهور : ((الا انى اوتيت القرآن ومثله معه)) وفى رواية ((الا ان ماحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما حرم الله فهذا الاستدلال عندهم – والمستدل يزعم انه منهم ! باطل ظاهر البطلان لان الرد الذى نفاه قد وقع فى السنة المتواترة كما سبق فكيف يقول : ان الله اقرهم ولم يرد عليهم مع ان الله لعنهم على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم فاى رد اوضح وابين من هذا ؟! وما مثل من يستدل بهذه الاية على خلاف الاحاديث المتقدمه الا كمثل من يستدل على جواز صنع التماثيل والاصنام بقوله تعالى فى الجن الذين كانوا مذللين لسليمان عليه السلام ((يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب . وقددور راسيات )) يستدل بها على خلاف الاحاديث الصحيحه التى تحرم التماثيل والتصاوير وما يفعل ذلك مسلم يؤمن بحديثة صلى الله عليه وسلم وبهذا ينتهى الكلام عن الشبهة الاولى وهى الاستدلال باية الكهف والجواب عنها وعن ما تفرع منها.
الجواب عن الشبهة الثانية :-
واما الشبهة الثانية وهى ان قبر النبى صلى الله عليه وسلم فى مسجده كما هو شاهد اليوم ولو كان ذلك حراما لم يدفن فيه! والجوابب : ان هذا وان كان هو الماهد اليوم فانه لم يكن كذلك فى عهد الصحابه رضى الله عنهم فانهم لما مات صلى الله عليه وسلم دفنوه فى حجرته التى كانت بجانب مسجده وكان يفصل بينهما جدار فيه باب كان صلى الله عليه وسلم يخرج منه الى المسجد وهذا امر معروف مقطوع به عند العلماء ، ولا خلاف فى ذلك بينهم ، والصحابه رضى الله عنهم حينما دفنوه صلى الل عليه وسلم فى الحجرة انما فعلوا ذلك كما لا يتمكن احد بعدهم من اتخاذ قبرة مسجداً كما سبق بيانه فى حديث هائشة وغيره ص 9 – 10)) ولكن وقع بعدهم ما لم يكن فى حساباتهم ذلك ان الوليد بن عبد الملك امر سنة ثمان وثمانين بهدم المسجد النبوى واضافة حجر ازواج رسول الله صلى الله عليه وسلم اليه فادخل فيه الحجرة النبوية حجرة عائشة فصار القبر بذلك فى المسجد ، ولم يكن فى المدينة المنورة احد من الصحابة حينذاك خلافاً لما توهم بعضهم قال العلامه الحافظ محمد بن عبد الهادى فى ((الصارم المنكى)) ص 136)) : ((وانما ادخلت الحجرة فى المسجد فى خلافه الوليد بن عبد الملك بعد موت عامة الصحابة الذين كانوا بالمدينة وكان آخرهم موتاً جابر بن عبد الله توفى سنة ثمان وسبعين والوليد توفى سنة ست وتسعين فكان بناء المسجد وادخال الحجرة فيه فيما بين ذلك وقد ذكر ابو زيد شبة النميرى فى ((كتاب اخبار المدينة)) مدينة الرسول صلى اللله عليه وسلم عن اشياخه عمن حدثوا عنه ان عمر بن عبد العزيز لما كان نائبا للوليد على المدينة فى سنة احدى وتسعين هدم المسجد وبناه بالحجارة المنقوشة وعمل على سفه بالساج وماء الذهب وهدم حجرات ازواج النبى صلى الله عليه وسلم فادخلها فى المسجدوادخل القبر فيه)) يتبين لنا مما اوردناه ان القبر الشريفانما ادخل الى المسجد النبوى حين لم يكن فى المدينة احد من الصحابة وان ذلك كان على خلاف غرضهم الى رموا اليه حين دفنوه فى حجرته صلى الله عليه وسلم فلا يجوز لمسلم بعد ان عرف هذه الحقيقة ان يحتج بما وقع بعد الصحابه لانه مخالف للاحاديث الصحيحه وما فهم الصحابه والائمه منها كما سبق بيانه وهو مخالف ايضا لصنيع عمر وعثمان حين وسعا المسجد ولم يدخلا القبر فيه ولهذا نقطع بخطأ ما فعله الوليد بن عبد الملك عفا الله عنه ولئن كان مضطرا الى توسيع المسجد ، فانه كان باستطاعته ان يوسعه من الجهات الاخرى دون ان يتعرض للحجرة الشريفه وقد اشار عمر بن الخطاب الى هذا النوع من الخطأ حين قام هو رضى الله عنه بتوسيع المسجد من الجهات الاخرى ولم يتعرض للحجرة بل قال : ((انه لا سبيل اليها فاشار رضى الله عنه الى المحذور الذى يترقب من جراء هدمها وضمها للمسجد ، ومع هذه المخالفة الصريحة للاحاديث المتقدمة وسنة الخلفاء الراشدين فان المخالفين لما ادخلوا القبر النبوى فى المسجد الشريف احتاطوا للامر شيئا ما فحاولوا تقليل المخالفة ما امكنهم قال النووى فى شرح مسلم (5/14) ((ولما احتاجت الصحابة والتابعون الى الزيادة فى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كثر الملمون وامتدت الزياده الى ان دخلت بيوت امهات المؤمنين فيه ومنها حجرة عائشة رضى الله عنها فدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ابى بكر وعمر رضى الله عنهما بنو على القبر حيطانا مرتفعة مستديرة حوله لئلا يظهر فى المسجد فيصلى اليه العوام ويؤدى الى المحذور ثم بنوا جدارين من ركنى القبر الشماليين وحرفوهما حتى التقيا حتى لا يتمكن احد من استقبال القبر ونقل الحافظ بن رجب فى الفتح نحوه عن القرطبى كما فى ((الكواكب)) ((65/1191)) وذكر ابن تيمية فى ((الجواب الباهر)) ((ق 9/2)) ((ان الحجرة لما ادخلت الى المسجد سد بابها وبنى عليها حائط اخر صيانة له صلى اللله عليه وسلم ان يتخذ بيته عيداً وقبره وثناً )) قلت : ((اى المحدث الالبانى رحمه الله)) ((فى عهد دولة التوحيد ! اقول هذا مع الاعتراف باننى لم ارى احداً ياتى ذلك المكان للصلاة فيه لشدة المراقبة من قبل الحراس الموكلين على منع الناس من ان يأتوا بما يخالف الشرع عند القبر الشريف ، فهذا مما تشكر عليه الدوله السعودية )).
الجواب عن الشبهة الثالثة :-
واما الشبهة الثالثة وهى ان النبى صلى الله عليه وسلم صلى فى مسجد الخيف وقد ورد فى الحديث ان فيه قبر سبعين نبياً.
فالجواب : اننا لا نشك فى صلاته صلى الله عليه وسلم فى هذا المسجد ولكننا نقول : ان ما ذكر فى الشبهة من انه دفن فيه سبعون نبياً لا حجة فيه من وجهين:
الاول : انا لا نسلم بصحة الحديث المشار اليه لانه لم يروه احد ممن عنى بتدوين الحديث الصحيح ولا صححه احد ممن يوثق بتصحيحه من الائمه المتقدمين ولا النقد الحديثى يساعد على تصحيحه فان فى اسناده من يروى الغرائب وذلك مما يجعل القلب لا يطمئن لصحة ما تفرد به قال الطبرانى فى ((معجمه الكبير)) ((3/204/2)) حدثنا عبدان ابن احمد ثنا عيسى بن شاذان ثنا ابو همام الدلال نا ابراهيم ابن طهمان عن منصور عن مجاهد عن بن عمر مرفوعاً بلفظ ((فى مسجد الخيف قبر سبعين نبياً)) اورده الهيثمى فى ((المجمع)) 3/298 بلفظ ((قبر سبعون نبياًوقال رواه البزار ورجاله ثقات)) وهذا قصور منه فى التخريج فقد اخرجه الطبرانى ايضاً كما رايت : قلت : ((اى المحدث لالبانى رحمه الله)) ((ورجال الطبرانى ثقات ايضاً غير عبدان بن احمد وهو الاهوازى كما ذكر الطبرانى فى المعجم الصغير)) صفحة 136)) ولم اجدله ترجمه فى ((تاريخ بغداد)) ((11/135)) و ((تذكرة الحفاظ)) ((2/230)) وغيرها لكن فى رجال هذا الاسناد من يروى الغرائب مثل عيسى بن شاذان قال فيه بن حبان فى ((الثقات)) ((يغرب)) وابراهيم بن طهمان قال فيه بن عمار الموصلى ((ضعيف الحديث مضطرب الحديث وهذا على اطلاقه وان كان مردواً على ابن عمار فهو يدل على ان فى حديث ابن طهمان شيئاً ويؤيده قول بن حبان فى ثقات اتباع التابعين)) ((امره مشتبه له مدخل فى الثقات ومدخل فى الضعفاء وقد روى احاديث مسقيمه تشبه احاديث الاثبات وقد تفرد عن الثقات باشياء معضلات ستذكره ان شاء الله فى كتاب الفصل بين النقله ان قضى الله سبحانه ذلك وكذلك كل شئ توقفنا فى امره ممن له مدخل فى الثقات ولذلك قال فيه الحافظ بن حجر فى التقريب)) ((ثقة يغرب)) وشيخه منصور – وهو بن المعتمر – ثقة وقد روى له ابن طهمان حديثاً آخر فى مشيخته ((244/2)) فالحديث من غرائبه ابن شاذان . وانا اخشى ان يكون الحديث تحرف على على احدهما فقال : ((قبر)) بدل ((صلى)) لان هذا اللفظ الثانى هو المشهور فى الحديث فقداخرج الطبرانى فى ((الكبير)) ((3/155/1)) باشناد رجاله ثقات عن سعيد بن جبير عن بن عباس مرفوعاً : ((صلى فى مسجد الخيف شبعون نبياً...)) الحديث ولذلك رواه الطبرانى فى ((الاوسط)) ((1/119/2- زوائده)) وعنه المقدسى فى ((المختارة)) ((249/2)) والمخلص فى ((الثالث من السادس من المخلصيات (70/1) وابو محمد بن شيبان العدل فى الفوائد (2/222/2) وقال المنذرى (2/116)) : ((رواه الطبرانى فى الاوسط واسناده حسن ولا شك فى حسن الحديث عندى فقد وجدت له طريقاًاخرى عن بن عباس ، رواه الازرقى فى ((اخبار مكه)) ص ((35)) عنه موقوفا عليه واسنادا يصلح للاستشهاد به كما بينته فى كتابى الكبير ((حجة الوداع)) ((ولم ينجز بعد)) ثم رواه الازرقى ((ص 38)) من طريق محمد بن اسحاق قال : حدثنى من لا اتهم عن عبد الله بن عباس به موقوفاً فهذا هو المعروف فى هذا الحديث والله اعلم وجملة القول ان الحديث ضعيف لا يطمئن القلب لصحته فان صح فالجواب عنه من الوجه الىتى وهو : ((الثانى : ان الحديث ليس فيه ان القبور ظاهرة فى مسجد الخيف وقد عقد الازرقى فى تاريخ مكة ((406 - 410)) عدة فصول فى وصف مسجد الخيف فلم يذكر ان فيه قبوراً بارزة ومن المعلوم ان الشريعة انما تبنى احكامها على الظاهر فاذا ليس فى المسجد المذكور قبور ظاهرة فلا محظور فى الصلاة فيه البته لان القبور مندرسة ولا يعرفها احد ، بل لولا هذا الخبر الذى عرفت ضعفه لم يخطر فى بال احد ان فى ارضه سبعين قبراً ! ولذلك لا يقع فيه تلك المفاسد التى تقع عادة فى المساجد المبنيه على القبور الظاهرة والمشرفة! )).
الجواب عن الشبهة الرابعة :-
واما ما ذكر فى بعض الكتب ان قبر اسماعيل عليه السلام وغيره فى الحجر من المسجد الحرام وهو افضل مسجد بتحرى الصلاة فيه.
فالجواب : لا شك ان المسجد الحرام افضل المساجد والصلاة فيه بمائه الف صلاة لكن هذه الفضيلة فيه منذ ان رفع قواعدة ابراهيم مع ابنه اسماعيل عليهما اسماعيل ولم تطرأ هذه الفضيلة عليه بدفن اسماعيل عليه السلام فيه لو صح انه دفن فيه ومن زعم خلاف ذلك فقد ضل ضلالاً بعيداً وجاء بما لا يقلهاحد السلف الصالح رضى الله عنهم ولا جاء به حديث تقوم الحجه به فان قيل : لا شك فيما ذكرت ودفن اسماعيل فيه لا يخالف ذلك ولكن الا يدل هذا على الاقل على عدم كراهية الصلاة فى المسجد الذى فيه قبر؟
الاول : انه لم يثبت فى حديث مرفوع ان اسماعيل عليه السلام او غيره من الانبياء الكرام دفنوا فى المسجد الحرام ولم يرد شئ من ذلك فى كتاب من كتب النة المعتمدة كالكتب الستة ومسند احمد ومعاجم الطبرانى الثلاثة وغيرها من الدواوين المعروفة وذلك من اعظم علامات كون الحديث ضعيفا بل موضوعا عند بعض المحققين وغاية ما روى فى ذلك اثار معضلات باسانيد واهيات موقوفات – اخرجها الازرقى فى ((اخبار مكة)) ((ص 39 ، 219 ، 220)) فلا يلتفت اليها وان ساقها بعض المبتدعة مساق المسلمات ونحو ذلك ما اورده السيوطى فى ((الجامع)) من رواية الحاكم فى ((الكنى)) عن عائشة مرفوعاً بلفظ ((ان قبر اسماعيل فى الحجر)).
الوجه الثاني : ان القبور المزعوم وجودها فى المسجد الحرام غير ظاهرة ولا بارزة ولذلك لا تقصد من دون الله تعالى فلا ضرر من وجودها فى بطن ارض المسجد على قبور مرتفعة على وجه الارض لظهور الفرق بين الصورتين وبهذا اجاب الشيخ على القارئ رحمه الله تعالى فقال فى ((مرقاة المفاتيح)) (1/456) بعد ان حكى قول المفسر الذى اشرت اليه فى التعليق : ((وذكر غيرة ان صورة قبر اسماعيل عليه السلام وغير مندرسة فلا يصلح الاستدلال وهذا جواب عالم تحرير وفقيه خريت وفيه الاشارة الى ما ذكرناه انفا ، وهو ان العبرة فى هذه المساله بالقبور الظاهرة وان ما فى بطن الارض من القبور فلا يرتيط به حكم شرعى من حيث الظاهر بل الشريعة تتنزه عن مثل هذا الحكم ، لاننا نعلم بالضرورة والمشاهدة ان الارض كلها مقبرة الاحياء واموتاً)) قال الشعبى : ((بطنها لامواتهم وظهرها لاحيائكم )) و ((من البين الواضح ان القبر ان لم يكن ظاهرا معروفاً مكانه فلا يترتب من وراء ذلك مفسده ظاهرة كما هو مشاهد ، حيث ترى الوثنيات والشركيات انما تقع عند القبور المشرفة حتى لو كانت مزوره ! لا عند القبور المندرسة ، ولو كانت حقيقة فالحكمه تقتضى التفريق بين النوعيه وهذا ما جاءت به الشريعه كما بينا سابقا فلا يجور التسوية بينهما والله المستعان)) .
الجواب عن الشبهة الخامسة :-
اما بناء ابى جندل رضى الله عنه مسجد على قبر ابى بصير رضى الله عنه فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم فشبهة لا تساوى حكايتها ولو لا ان بعذ دذوى الاهواء من المعاصرين اتكأ عليها فى رد تلك الاحاديث المحكمه لما سمحت لنفسى ان اسود الصفحاتفى سبيل الجواب عنها وبيان بطلانها ! والكلام عليها من وجهين:
الاول : رد ثبوت البناء المزعوم من اصله لانه ليس له اسناد تقوم الحجه به ولم يروه اصحاب ((الصحاح)) و ((السنن)) و ((المسانيد)) وغيرهم وانما اورده بن عبد البر فى ترجمه ابى بصير من الاستيعاب ((4/21/23)) مرسلاً فقال : ((وله قصة فى المغازى عجيبة ذكرها بن اسحاق وغيره وقد رواها معمر عن بن شهاب ذكر عبد الرازق عن معمر عن ابن شهاب فى قصة القضية عام الحديبية ، قال : ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فارسلت قريش فى طلبه رجلين فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : العهد الذى جعلت لنا ان ترد الينا كا ما جاءك مسلماً . فدفعه انبى صلى الله عليه وسلم الى الرجلين فخرجا حتى بلغا ذا الحليفة ، فنزلوا يأكلون من تمر لهم فقال ابو بصير لاحد الرجلين : والله انى لارى سيفك هذا جيداً يا فلان افاستله الآخر وقال : اجل والله انه لجيد لقد جربت به ثم جربت ، فقال له ابو بصير ارنى انظر اليك فامكنه منه فضربه به حتى برد وفر الاخر حتى اتى المدينة فدخل المسجد بعده فقال له النبى صلى الله عليه وسلم حين رآه لقد راى ها ذعراً فلما انتهى الى النبى صلى الله عليه وسلم قال : قتل والله صاحبى وانى لمقتول . فجاء ابو بصير فقال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد والله وفى الله ذمتك : قد رددتنى اليهم فانجانى الله منهم فقال النبى صلى الله عليه وسلم لا ويل امه مسعر جرب لو كان معه احد)) فلما سمع ذلك علم انه سيرده اليهم فخرج حتى اتى سيف البحر قال : وانفلت منهم ابو جندل بن سهيل بن عمرو فلحق بابى بصير وذكر موسى بن عقبة هذا الخبر فى ابى بصير باتم الفاظاً واكمل سياقه قال : .. وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم الى ابى جندل وابى بصير ليقدما عليه ومن معهما من المسلمين فقدم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابى جندل واوب بصير يموت ، فمات وكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده يقرؤه فدفنه ابو جندل مكانه وصلى عليه وبنة على قبره مسجداً)) قلت : ((اى المحدث الابانى رحمه الله تعالى)) : فانت ترى ان هذه القصة مدارها على الزهرى فهى مرسلة على اعتبار انه تابعى انه تابعى صغير سمع من انس بن مالك رضى الله عنه والا هى مفصلة وكيف ما كان الامر فلا تقوم بها حجه على ان موضع الشاهد منها وهو قوله ((وبنى على قبره مسجداً)) لا يظهر من سياق ابن عبد البر للقصة انه من مرسل الزهرى ولا من رواية عبد الرزاق عن معمر عنه ، بل هو من روايه موسى بن عقبه كما صرح به ابن عبد البر لم يجاوزه وابن عقبة لم يسمع احداً من الصحابه فهذه الزيادة اعنى قوله ((وبنى على قبره مسجداً)) معضلة بل هى عندى منكره ، لان القصة رواها البخارى فى صحيحه ((5/351 - 371)) وأحمد فى ((مسنده)) 4/328 – 331)) موصوله من طريق عبد الزراق بن معمر قال اخبرنى عروة بن الزبيرعن المسور بن مخرمه ومروان بها دون هذه الزياده وكذلك اوردها بن اسحاق فى السيرة)) عن الزهرى مرسلاً كما فى ((مختصراً السيرة )) ابن هشام ((3/331 - 339)) ووصله احمد (())4/323 – 326)) من طريق بن اسحاق عن الزهرى عن عروة به مثل روايه معمر واتم وليس فيها هذه الزياده وكلك رواه ابن جرير فى تاريخه ((3/271-285)) من طريق معمر وابن اسحق وغيرهما عن الزهرى به دونه هذه الزياده فدل ذلك كله على انها ذياده منكره لاعضالها وعدم رواية الثقات لها والله ولى التوفيق.
الوجه الثاني : ان ذلك لو صح لم يجز ان ترد به الاحاديث الصريحة فى تحريم بناء المساجد على القبور لامرين :-
اولاً : انه ليس فى القصة ان النبى صلى الله عليه وسلم اطلع على ذلك واقره .
ثانياً : انه لو فرضنا ان النبى صلى الله عليه وسلم علم بذلك واقره فيجب ان يحمل ذلك على انه قبل التحريم لأن الاحاديث صريحة فى ان النبى صلى الله عليه وسلم حرم ذلك فى آخر حياته كما سبق ، فلا يجوز ان يترك النص المتاخر من اجل النص المتقدم – على فرض صحته – عند التعارض وها بين لا يخفى نسال الله تعالى ان يحمينا من اتباع الهوي .
الجواب عن الشبهة السادسة :-
وهى الزعم بان المنع انما كان لعله وهى خشية الافتتان بالمقبور وقد زالت فزال : !!.
لا علم احداً من العلماء ذهب الى القول بهذه الشبهة الا مؤلف ((احياء القبور)) فانه تمسك بها وجعلها عمدته فى ((تلك الاحاديث المتقدمة واتفاق الائمة عليها فقال ما نصه : ص 18 – 19 – ((واما النهى عن بناء المساجد على القبور فاتفقوا على تعليله بعلتين : احداهما انه يؤدى الى تنجيس المسجد وثانيهما وهو قول الاكثرين بل الجميع حتى من نص على العله السابقه ان ذلك قد يؤدى الى الضلال والفتنه بالقبر لانه اذا وقع بالمسجد وكان قبر ولى مشهور بالخير والصلاح لا يؤمن مع طو المدة ان يزيد اعتقاد الجهلة فيه ويؤدى بهم فرط التعظيم الى قصد الصلاة اليه اذا كان فى قبلة المسجد فيؤدى بهم ذلك الى الكفر والاشراك ثم ساق شيئاً من النقول فى العله المذكورة عن بعض العلماء منهم الامام الشافعى وقد تقدم نصه فى ذلك ((ص 43 - 44)) ثم قال المؤلف المشار اليه ((ص 20 - 21)) فالعله المذكورة قد انتفت برسوخ الايمان فى نفوس المؤمنين ونشاتهم على التوحيد الخالص ، واعتقاد نفى الشريك مع الله تعالى ، وانه سبحانه المنفرد بالخلق والايجاد والتصريف (!)) وبانتفاء العله ينتفى الحكم المترتب عليها وهو كراهة اتخاذ المساجد والقباب على بور الاولياء والصالحين)!.
قلت : ((اى العلامه المحدث الالبانى رحمه الله)) والجواب ان يقال اثبت العرش ثم انقش ! اثبت اولاً ان الخشية المذكورة هى وحدها علة النهى ثم اثبت انها اانتفت ودون ذلك خرط القتاد.
اما الاول : فانه لا دليل مطلقاً على ان العله هى الخشية المذكورة فقط نعم من الممكن ان يقال : انها بعض العله واما حصرها بها فباطل ، لان من الممكن ان يقال ان يضاف اليها امور اخرى معقوله كالتشبه بالنصارى ، كما تقدم فى كلام الفقيه الهيثمى والمحقق الصنعانى والاسراف فى صرف المال فيما لا فائدة فيه شرعاً وغير ذلك مما قد يبدو للباحث الناقد . واما زعمه ان العله انتفت برسوخ الايمان فى نفوس المؤمنين .....الخ فهو زعم باطل ايضاً من وجوهـ.
الاول : ان الزعم بنى على ال باطل وهو ان الايمان بان الله هو المنفرد بالخلق والايجاد كافه ف تحقيق الايمان المنجى عند الله تبارك وتعالى وليس كذلك فان هذا التوحيد وهو المعروف عند العلماء بتوحيد الربوبية كان يؤمن به المشركون الذين بعث اليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى ((ولئن سالتهم من خلق السموات والارض لقولن الله )) ومع ذلك فلم ينفعهم هذا التوحيد شيئاً لانهم كفروا بتوحيد االوهية والعبادة وانكروه على النبى صلى الله عليه وسلم اشد الانكار بقولهم فيما حكاه الله عنهم ((اجعل الالهة الهاً واحداً ؟! ان هذا لشئ عجاب ومن مقتضيات ها التوحيد الذى انكره ترك الاستغاثه والاستعانه بغير الله وترك الدعاء والذبحلغير الله وغير ذلك مما هو خاص بالله تعالى من العبادات ، فمن جعل شيئاً من ذلك لغير الله تبارك وتعالى فقد اشرك به ، وجعل له نداً وان شهد له بتوحيد الربوبية ،والايمان المنجى انما هو الجمع بين توحيد الربوبية وتوحيد الالهوية وتبين هذا تعلم ان الايمان الصحيح غير راسخ فى نفوس كثير من المؤمنين بتوحيد الربوبية ولا اريد ان ابعد بالقارئ الكريم فى ضرب الامثله فحسبى هنا ان انقل ماذكره المؤلف الذى نحن فى صدد الرد عليه فانه قال بعد اسطر من كلامه السابق صفحة 21 – 22 )) ونراهم ((يعنى العامه )) يحلفون بالاولياء وينطقون فى حقهم بما ظاهره الكفر والصراح بل هو الكفر حقيقة بلا ريبولا شك ...... فكثير من جهلة العوام بالمغرب ينطق بما هو كفر صراح فى حق مولانا عبد القادر الجيلانى رضى الله عنه ....فان عندنا بالمغرب من يقول عن القطب الاكبر ، مولانا عبد السلام بن مشيش رضى الل عنه : انه الذى خلق الدين والدنيا ومنهم من قال والمطر نازل بشده : يا مولانا عبد السلام الطف بعبادك ! فهذا كفر !....)).
قلت : اى المحدث الالبانى رحمه الله)) فهذا الكفر اشد من كفر المشركين ، لان هذا فيه التصريح بالشرك فى توحيد الربوبية ايضاً وهو مما لا نعلم انه وقع من المشركين انفسهم ! واما الشرك فى الالوهية فهو اكثر فى جهال هذه الامه – ولا اقول وامهم ! فاذا كان هذا حال المسلمين اليوم ، وقبل اليوم فكيف يقول هذا الرجل ((وقد انتفت العلة برسوخ الايمانفى نفوس المؤمنين ....)) ؟! واذا كان يريد بـ ((المؤمنين حقاً عالمين بحقيقة التوحيد الذى جاءهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن الشريعة الاسلامية شريعة عامهابدية فلا يلزم من انتفاء العله – لو ثبت – بالنسبة اليهم ان ينتفى الحكم بالنسبه لمن بعدهم . لان العله لا تزال قائمة والواقع اصدق شاهد على ذلك .
الوجه الثانى : علمت مما سبق من الاحاديث ان ابنى صلى الله عليه وسلم حذر امته من اتخاذ المساجد على القبور فى ىخر حياته بل فى مرض موته فمتى زالت العله الت ىكرها ؟ ان قيل زالت عقب وفاته صلى الله عليه وسلم فهذا نقض لما عليه جميع المسلمين ان خير الناس قرنه صلى الله عليه وسلم لان القول بذلك يستلزم بناء ما سبق من كلامه – ان الايمان لم يكن قد رسخ بعد فى نفوس الصحابه رضى الله عنهم وانما رسخ بعد وفاته صلى الله عليه وسلم ولذلك لم تزل العله وبقى الحكم وهذا مما لا اتصور احد يقول به لوضوح بطلانه وان قيل زالت قبل وفاته صلى الله عليه وسلم قلنا وكيف ذلك وهو صلى الله عليه وسلم انما نهى عن ذلك فى آخر نف من حياته ؟! ويؤيده:
الوجه الثالث: ان فى بعض الاحاديث المتقدمه باستمرار الحكم الى قيام الساعة كالحديث 12)).
الوجه الرابع : ان الصحابة رضى الله عنهم انما دفنوه فى حجرته صلى الله عليه وسلم خشية ان يتخذ مسجداً كما تقدم عن عائشة رضى الله عنها فى الحديث رقم (4) فهذه الخشية اما ان يقال : انها كانت منصبه على الصحابه انفسهم ، او على من بعدهم ، فانهم يل بالاول قلنا فالخشية على من بعدهم اولى وان قيل بالثانى وهو الصواب ندنا فهو دليل قاطع على ان الصحابه رضى الله عنهم كانوا لا يرون العله المستلزم زوال الحكم لا فى عصرهم ولا فيما بعدهم فالزعم بخلاف رايهم ضلال بين ويؤيده.
الوجه الخامس : ان العمل استمر من السلف على هذا الحكم ونحوه مما يستلزم بقاء العله السابقه وهى خشية الوقوع ف الفتنة والضلال فلو انالعله المشار اليها كانت منتفية لما استمر العمل على معلوها وهذا بين لا يخفى والحمد لله واليك بعض الامثله على ما ذكرنا:-
1-عن عبد الله بن شرحبيل بن حسنة قال رايتعثمان بن عفان يامر بتسوية القبور ، فقيل له : هذا قبر ام عمرو بنت عثمان فامر به فسوى .
2-عن ابى الهياج الاسدى قال : قال لى على بن ابى طالب الا ابعثك على ما بعثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لا تدع تمثالاً الا طمسته ولا قبراً مشرفاً الا سويته . ولما كان هذا الحديث الحديث صحة واضحة على إبطال ما ذهب إليه الشيخ الغماري في كتابة المشار إليه سابقا حاول التقصي منه بطريقين
الأول : تأويله حتى يتفق مع مذهبه :
والآخر : التشكيك في ثبوته ! فقال : ص (57) (( فلا بد من أحد أمرين : إما أن يكون غير ثابت في أمره أو هو محمول على غير ظاهره ولا بد )) . قلت (( أي المحدث الألباني رحمه الله : أما ثبوته فلا شك فيه لأن له طرقا كثيرة بعضها في الصحيح )) كما سبق ولكن أصحاب الأهواء لا يلتزمون القواعد العلمية في التصحيح والتضعيف بل ما كان عليهم أضعفوه ولو كان في نفسه صحيحا كهذا الحديث وما كان لهم صححوه أو مشوه ولو كان في نفسه ضعيفا وسيأتي لذلك لعض الأمثلة الأخرى والله المستعان .
وقال العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله في معرض رده ودحضه على أهل البدع والضلال ما نصه : (( الفصل السادس كراهة الصلاة في المساجد المبنية على القبور )) . بعد أن انتهينا من الإجابة على الشبهات المتقدمة وتبين منها للقارئ الكريم أن تحريم بناء المساجد على القبور حكم ثابت مقرر إلى يوم الدين وفرقنا
عدل سابقا من قبل أبو عائشة إسماعيل خيرى في الثلاثاء ديسمبر 18, 2012 5:25 pm عدل 1 مرات (السبب : خطأ مطبعى)
مواضيع مماثلة
» الجزء الثانى : البناء على قبور الأنبياء والأولياء محرم بنص الكتاب و السنة فيه رد على الرافضى جعفر سبحانىو الصوفية
» الجزء الأول: سفسطات الرافضى جعفر سبحانى صاحب كتاب (
» الجزء الثانى : دحض سفسطات الرافضى جعفر سبحانى صاحب كتاب (
» الجزء الثالث: دحض سفسطات الرافضى جعفر سبحانى صاحب كتاب (
» الجزء الرابع : دحض سفسطات الرافضى جعفر سبحانى صاحب كتاب (
» الجزء الأول: سفسطات الرافضى جعفر سبحانى صاحب كتاب (
» الجزء الثانى : دحض سفسطات الرافضى جعفر سبحانى صاحب كتاب (
» الجزء الثالث: دحض سفسطات الرافضى جعفر سبحانى صاحب كتاب (
» الجزء الرابع : دحض سفسطات الرافضى جعفر سبحانى صاحب كتاب (
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى