الجزء الثالث: دحض سفسطات الرافضى جعفر سبحانى صاحب كتاب (
صفحة 1 من اصل 1
الجزء الثالث: دحض سفسطات الرافضى جعفر سبحانى صاحب كتاب (
يواصل المفتري المدعو جعفر سبحاني في التلبيس والتدليس لترويج الشرك بالله فيقول ما نصه : (( تحت مبحث )) ((هل طلب الإمور الخارقة حد للشرك)) إلي أن قال : (( فإذا ما تبدلت عصا موسى عليه السلام إلي ثعبان يتحرك ويبتلع الأفاعي وإذا ما عادت الروح إلي جسد ميت بال ، باعجاز السيد المسيح عليه السلام وإذا إنشق القمر نصفين بإعجاز خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وسلم) أو تكلم الحصي معه أو سبح في يده فليس معني ذلك أنها لا ترتبط بعلة كسائر الظواهر الحادثة بل ترتبط بعلل خاصة غير العلل الطبيعية المألوفة ..... إلي قال : وقد طلب سليمان من حضار مجلسه إحضار عرش المرأة التي كانت تملك قومها كما يحكي سبحانه وتعالي (( قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك)) ((النمل 37 – 38 )) فلو كان طلب الخوارق من غيره سبحانه شركاً كيف طلب بنوا إسرائيل من نبيهم موسي ذلك الأمر ... أن بني إسرائيل طلبوا من موسي الماء والمطر وهم في التيه ليخلصهم من الظمأ إذ يقول سبحانه : (( واوحينا إلي موسي إذ إستقاه قومه أن أضرب بعصاك البحر)) الأعراف – 16 )) ... إلي ان قال : (( فلو كان طلب الخوارق من غيره شركاً كيف طلب بني إسرائيل من نبيهم موسي ذلك الأمر وكيف طلب سليمان من أصحابه أحضار ذلك العرش من المكان البعيد وكل ذلك يعطي بأن طلب الخوارق أو طلب الشئ من غير مجاريه الطبيعية ليس حداً للشرك )).( )
ويواصل المفتري المدعوا جعفر سبحاني في ترويج الشرك والكفر بالله فيقول : (( تحت مبحث )) (( الفصل الرابع عقائد الوهابيين)) ما نصه : (( أن من سبر كتب الوهابية وعاش بين ظهرانيهم رأي بأن الإتهام بالشرك أكثر شئ تردده كتبهم وألسنتهم ومحافلهم فلا يميل المرء يميناً أو شمالاً إلا ويسمع أنهم يصفونه فوراً بأنه المشرك وأن عمله بدعة وأنه بذلك مبتدع بحيث إذا كان المقياس هو ماذكروه أو مايذكرونه في كتبهم و محافلهم لما إستطاع الإنسان أن يسجل كثيراً من المسلمين في ديوان الموحدين تري ما هذا الضيق الذي أوجده الوهابيين في دائرة الأمة الإسلامية وهل هذا بدافع تحري الحقيقة ، وتمييز الموحد عن الشرك أو أن هناك أموراً سياسية وإحداث تخلقها يد المستعمرين بهدف إيجاد التفرقة بين المسلمين وتمزيق صفوفهم إلي أن قال : (( ... إذا كانت هذه العادات والتقاليد شركاً لزم أن لا يقبل النبي (صلى الله عليه وسلم) إسلام تلك الجماعات والأفراد إلا بعد أن تتعهد له بنبذ تلكم التقاليد والمراسم. والحاصل أن ترك التوسل بأولياء والتبرك بأثارهم وزيارة قبورهم لو كان شرطاً لتحقيق الإيمان المقابل للشرك والصائن للدم والمال لوجب علي نبي الإسلام إشتراط ذلك كله (( أي ترك هذه الإمور )) ( ) يواصل المفتري المدعو جعفر سبحاني في ترويج الشرك ونشره فيقول تحت مبحث : (( هل طلب الشفاعة من غيره سبحانه شرك ؟ )) ما نصه : (( لا مرية في أن الشفاعة خاص بالله سبحانه ، فالآيات القرآنية مضافة إلي البراهين العقلية – تدل علي ذلك مثل آية : (( قل لله الشفاعة جميعاً )) الزمر 44)) إلا أن في جانب ذلك دلت آيات كثيرة أخري علي أن الله أذن لفريق من عباده أن يستخدموا هذا الحق ويشفعوا في ظروف وضمن شروط خاصة – حتي بعض هذه الآيات صرحت بخصوصيات وأسماء طائفة من هولاء الشفاء كقوله تعالي ( وكم من ملك فى السماوات لا تغني شفاعتهم شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضي )) النجم – 26)) أ هـ . ويواصل المفتري في ضلاله فيقول وأما لو إستشفعنا بأحد من هولاء الشفعاء ونحن نعتقد بأنه محدود مخلوق لله لا يمكنه الشفاعة لأحد إلا بإذنه فهذا الطلب لا يختلف عن طلب عادي ماهية ولا خارجياً عن نطاق التوحيد.
وأن تصور أحد أن هذا العمل ( أعني طلب الشفاعة من أولياء الله )) يشبه في ظاهره – عمل المشركين وإستشفاعهم بأصنامهم ، فهو تصور باطل بعيد عن الحقيقة إلي أن قال تحت مبحث ((الوهابيون وطلب الشفاعة )) ما نصه : (( أن الوهابيين يعتبرون مطلق طلب الشفاعة شركاً وعبادة ويظنون أن القرآن لم يصف الوثنيين بالشرك إلا لطلبهم الشفاعة عن أصنامهم كما يقول سبحانه ( ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هولاء شفعاؤنا عند الله )) وعلي هذا فالشفاعة وإن كانت حقاً ثابتاً للشفعاء الحقيقيين إلا أنه لا يجوز الطلب منهم لأنه عبادة لهم قال محمد بن عبدالوهاب : (( إن قال قائل : الصالحون ليس لهم من الأمر شئ ولكن أقصدهم وأرجو من الله شفاعتهم ، فالجواب أن هذا قول الكفار سواء بسواء وأقرأ عليهم قوله تعالي : (( والذين إتخذوا من دون الله أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلي الله زلفي )) الزمر _ 30 (( يعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هولاء شفعاؤنا عند الله )) يونس _ 18)) وإن قال ان النبي اعطي الشفاعة وأنا أطلبه مما أعطاه الله فالجواب أن الله أعطاه الشفاعة ونهاك عن طلبها منه فقال تعالي : (( فلا تدعوا مع الله أحداً )) الجن _ 18)) وايضاً فإن الشفاعة أعطيها غير النبي فصح أن الملائكة يشفعون والأفراط يشفعون والأولياء يشفعون أتقول أن الله أعطاهم الشفاعة فأطلبها منهم فإذا قلت هذا رجعت إلي عبادة الصالحين التي ذكرها الله في كتابه )) كشف الشبهات ص 7-9 طبعة القاهرة : إستدل بن عبدالوهاب على حرمة طلب الشفاعة بآيات ثلاثة : إلي أن قال .. وأما قوله تعالي : (( فلا تدعوا مع الله أحداً )) وهي ثالثة الآيات التي إستدل بها بن عبدالوهاب فسيوافيك مفادها عن قريب حيث نبين – هناك- أن المراد من الدعوة من الآية المذكورة هو العبادة – فيكون معني : فلا تدعوا هو : فلا تعبدوا مع الله أحداً فالحرام المنهي عنه عبادة غير الله ، لا مطلق دعوة غير الله وليس طلب الشفاعة إلا طلب الدعاء من الغير لا عبادة الغير وبين الأمرين بون شاسع. ومن ذلك يظهر ضعف دليل رابع لمحمد بن عبدالوهاب في كشف الشبهات ما حاصله : (( أن الطلب من الشفيع ينافي الإخلاص في التوحيد الواجب علي العباد في قوله : (( مخلصين له الدين )) كشف الشبهات ص 8 أن دعوة الشفيع بعد ثبوته الأذن له والرضا من الله ليس عبادة للشفيع حتي تنافي إخلاص التوحيد لله تعالي بل هو طلب الدعاء منه إلي أن قال : ثم يظهر من بن تيمية في بعض رسائله (( رسالة زيارة القبور والإستعانة بالمقبور ص 156 )) وتلميذ مدرسته محمد بن عبدالوهاب في رسالة ((أربع قواعد)) أنهما إستدلاً علي تحريم طلب الشفاعة من غير الله بقوله سبحانه ((قل لله الشفاعة جميعاً)) الزمر – 44 . وكان الإستدلال مبني علي أن الأية هو لله طلب الشفاعة فقط ولكنه تفسير للأية بغير ظاهرها – إذ ليس معني الأية أن الله وحده هو الذي يشفع وغيره لا يشفع لأنه تعالي لا يشفع عند أحد ، ثم ثبت أن الأنبياء والصالحين والملائكة يشفعون لديه . إلي أن قال : ما ذهب إليه بن عبدالوهاب ومن قبله بن تيمية وأتباعهما من أن الأية هذه تدل علي أن طلب الشفاعة لا يكون إلا من الله وحده دون طلبها من المخلوق وأن كان له حق الشفاعة لم يذكره أحد من المفسرين إلي أن قال (( وإذا لاحظت كتب الوهابيين لرأيت أن الذي أوقعهم في الخطأ والإلتبساس هو مشابهه عمل الموحدين في طلب الشفاعة والإستغاثة بالأموات والتوسل بهم لعمل المشركين عند أصنامهم ، ومعني ذلك أنهم إعتمدوا علي الأشكال والظواهر وغفلوا عن النيات والضمائر )). ( )
ويواصل المفتري في التبليس والتدليس في ترويج الشرك بالله فيقول : (( وأما الإعتقاد بأن القديسين من الملائكة والجن أو النبي و الولي مدبرون للعالم بإذنه ومشئيته وأمره ومقدرته دون أن يكونوا مستقلين فيما يفعلون أو مفوضون فيما يصدرون فلا يكون ذاك موجباً للشرك.
إلي أن قال : (( هذا ومن الجدير بالذكر أن مشركي عهد الرسالة كانوا يعتقدون لألهتهم نوعاً من الإستقلال في الفعل وكانوا يتوجهون إليها علي هذا الأساس وقد مر أن عمرو بن لحي عندما سافر من مكة إلي الشام وراء أناساً يعبدون الأصنام فسألهم عن سبب عبادتهم لها فقالوا له : ((هذه أصنام نعبدها فنستمطرها فتمطرنا ونستنصرها فتنصرنا)) سيرة بن هشام ج1 ص 79 – السيرة الحلبية ج3 ص 29-)).( )
ويواصل المفتري المدعو جعفر سبحاني في ضلاله وزيغه فيقول : (( وأظن ! ولعله ظن معيب أن للأستاذ وراء هذا الكلام –(( توزيع الالهية ينافي الإعتقاد بإله آخر)) قصداً وهدفاً آخر وهو إثبات أن الإله في القرآن إنما هو بمعني تبعاً شيخ منهجه ((إبن تيمية فتوصيف الأصنام بالألوهية إنما هو ملاك المعبودية ، لا بملاك أنهم صغار الالهيه والله سبحانه كبيرها إلي أن قال : فتفسير الآيات الناهية عن إتخاذ الآلهه بإتخاذ المعبود خبط وعلي فرض الصحة فإن تطبيقها علي توسلات المسلمين وزياراتهم قبور أوليائهم خبط آخر)). ( ) يواصل المدعو جعفر سبحاني في التلبيس والتدليس في نشر الشرك وترويجه فيقول : (( تحت مبحث ( ليس مطلق الخضوع عبادة )) ما نصه : (( بيد أن العبادة وإن فسروها بالطاعة والخضوع والتذلل أو إظهار نهاية التذلل لكن جميع هذه التعاريف ليست علي وجه الإطلاق – عبادة لأن خضوع الولد أمام والده والتلميذ أمام أستاذه والجندي أمام قأئده لا يعد عبادة مطلقاً مهما بالغوا في الخضوع والتذلل وتدل الآيات – بوضوح – علي أن غاية الخضوع والتذلل فضلاً عن كون مطلق الخضوع ليست عبادة ، ودونك تلك الآيات.
1. سجود الملائكة لآدم الذي هو من أعلي مظاهر الخضوع حيث قال سبحانه : ((وإذ قلنا للملائكة أسجدوا لأدم )) البقرة -34 فالآية تدل علي أن أدم وقع مسجوداً للملائكة ولم يحسب سجودهم شركاً وعبادة لغير الله ولم تعد الملائكة بذلك العمل مشركة ولم يجعلوا بعملهم نداً لله وشركاً في المعبودية بل كان عملهم تعظيماً لآدم وتكريماً لشأنه . وهذا هو نفسه خير دليل علي أنه ليس كل تعظيم أمام غير الله عبادة له . وأن جملة (( أسجدوا لآدم )) وكانت متحدة مع جملة : (( أسجدوا لله)) إلا أن الأول لا يعد أمراً بعبادة غير سبحانه ويعد الثاني أمراً بعبادة الله.... وهذا يدل علي أن الإعتبار إنما هو بالنيات والضمائر لا بالصور والظواهر )) إلي أن قال : (( وعلي هذا فمفهوم الآية هو أن الملائكة سجدوا لآدم بأمر الله سجوداً واقعياً وأن أدم أصبح مسجوداً للملائكة بأمر الله وهنا أظهر الملائكة من أنفسهم غاية الخضوع أمام آدم ولكنهم مع ذلك لم يكونوا ليعبدوه وأما ربما يتصور من أن سجود الملائكة لما كان بأمره سبحانه صح سجودهم له إنما الكلام في الخضوع الذي لم يرد به أمر فسيوافيك الجواب عن هذا الإحتمال الذي يردده كثير من الوهابيين في هذا المقام .
2. أن القرآن يصرح بأن أبوي يوسف وأخوته سجدوا له حيث قال : (( ورفع أبويه علي العرش وخروا له سجداً وقال : يا أبت هذا تأويل رؤياتي من قبل قد جعلها ربي حقاً)) يوسف 100 . وقد تحققت هذه الرؤية بعد سنوات طويلة فى سجود إخوة يوسف وأبويه له وهذه الرؤيا بعد سنوات طويلة في سجود إخوة يوسف وأبويه له وعبر القرآن في كل هذه الموارد . بلفظ السجود ليوسف . ومن هذا البيان يستفاد – جلياً – أن مجرد السجود لأحد بما هو مع قطع النظر عن الضمائر( ) والدوافع ليس عبادة والسجود كما تعلم هو غاية الخضوع والتذلل.
3. يأمر الله تعالي بالخضوع أمام الوالدين وخفض الجناح لهم الذي هو كناية عن الخضوع الشديد إذ يقول : (( وأخفض لهما جناح الذل من الرحمة)) الإسراء 24 )) ومع ذلك لا يكون هذا الخفض عبادة .
4. أن جميع المسلمين يطوفون في مناسك الحج – بالبيت الذي لا يكون إلا حجراً وطيناً ، ويسعون بين الصفاء والمروة وقد أمر القرآن الكريم بذلك حيث قال : ((وليطوفوا بالبيت العتيق)) الحج – 29 )) أن الصفاء والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو إعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما)) البقرة 158)) فهل تري يكون الطواف بالتراب والحجر والجبل عبادة لهذه الأشياء ؟ ولو كان مطلق الخضوع عبادة لزم أن تكون جميع هذه الأعمال ضرباً من الشرك المجاز المسموح به تعالي الله عن ذلك علواً كبير.... هل الأمر الإلهي يجعل الشرك غير شرك :؟ ربما يقال أن سجود الملائكة لآدم وإستلام الحجر الأسود وماشابهما من الأعمال لما كان بأمر الله لا يكون شركاً ، ولا يعد فاعلها مشركاً ..... القائل هو الشيخ عبدالعزيز إمام المسجد النبوي في محاورته مع بعض الأفاضل ( ) ويواصل المدعو جعفر سبحاني في ضلاله وزيفه فيقول : تحت مبحث (( الحلف بغير الله سبحانه وأقسامه بمخلوق أو بحقه عليه : )) ما نصه : (( لقد منع الوهابيين من الحلف بغير الله تعالي وعدوه شركاً علي الإطلاق وهكذا فعلوا بالنسبة إلى أقسام بمخلوق من مخلوقاته أو بحقه عليه . وإليك الكلام في كلتا المسألتين :
1- الحلف بغير الله سبحانه : وقبل أن نستعرض النصوص الحديثية الدالة علي جواز هذا الأمر لابد أن نعرض المسألة علي كتاب الله لنري هل أن الله سبحانه حلف بالمخلوق أولاً.
أن مراجعة آيات القرآن الكريم تفيد أن الله حلف بمخلوقاته في مواضيع كثيرة تقارب الأربعين من حيث المقسم به . فحلف بالملائكة (( الصافات ، المرسلات ، النازعات ، الذاريات )) وبالنبي إذ قال (لعمرك أنهم في سكرتهم يعمهون) الحجر 72)) وأقسم بالقرآن والدخان ، و ق 1-3 )) وحلف بالنفس الإنسانية .
فهل يمكن أن يكون الحلف بغيره شركاً وقبيحاً ومع ذلك يصدر من الله سبحانه ؟ أفهل يمكن أن يقع مثل هذا الحلف في الكتاب العزيز مرات عديدة جداً ومع ذلك يكون محرماً علي غيره دون أن يذكر الله ذلك التحريم والحظر في كتابه المجيد وهل يصح أن نقول أن الحلف بالمخلوق من الشرك إذا صدر من المخلوق وليس من الشرك إذا صدر من الله الخالق سبحانه إلا خطلاً من القول وشططاً من الكلام لأن العمل الواحد من حيث الماهية والذات لا يتصور له حالتان ، ولا يتلون بلونين متضادين . وبالجملة إذا كان القرآن قدوة و أسوة وكان كل ما جاء فيه من القول والعمل منهاجاً لجميع المسلمين فكيف يمكن أن تصدر هذه الأقسام من الله سبحانه وتجوز عليه ولا تجوز علي غيره ؟ ويكون عين التوحيد تارة ونفس الشرك أخري مع حدة ماهية العمل وحقيقته هذا بالنسبة إلي كتاب الله تعالي .
وأما السنة الشريفة فقد روي مسلم في صحيحه أنه جاء رجل إلي النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال يا رسول الله أي صدقة أعظم أجراً ؟ فقال أما وأبيك لتنبأنه أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشي الفقر )) صحيح مسلم ج3 ص 94 فقد حلف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بأبي والسائل قائلاً ((وأبيك)) .... فقال رسول الله (صلى الله عليهوسلم ) : أفلح وأبيه أن صدق أو دخل الجنة وأبيه أن صدق )) صحيح مسلم ج 1 ص 31-32 لقد منع الوهابيين من الأقسام علي الله بمخلوق من مخلوقيه مثل أن يقول السائل : أقسم عليك بفلان أو بحق فلان أو أسألك بفلان أو بحقه وهو في نظرهم نوع من التوسل ))( ) أهـ هكذا ملأ هذا المفتري المدعو جعفر سبحاني كتابه (( التوحيد والشرك في القرآن الكريم)) بالترويج للشرك والكفر بالله بالتلبيس والتدليس وحاول هذا الدجال لتصدي لما قرره شيخ الإسلام بن تيمية مجدد القرن السابع وتلميذه بن القيم وشيخ الإسلام وإمام الدعوة محمد بن عبدالوهاب والإمام الصنعاني وغيرهم من الدعوة إلي التوحيد الخالص الذي دعاء إليه الأنبياء والمرسلين كما سيأتي . وأن شاء الله سوف نؤكد ما قررها هولاء الأئمة الأعلام والشيوخ الكرام من الكتاب والسنة الصحيحة فيما سيأتي . نقول وبالله التوفيق
أولاً : قول المفتري : (( فلا تكون إستغاثة شيعة موسي مطابقة للتوحيد إلا في صورة واحدة وهي أن لا يعتقد معها بإستقلال موسي في التأثير بل يجعل قدرته وتأثيره في طول القدرة الألهية....إلي أخر ضلالاته .......)) نقول هذا الأحمق الجاهل البليد ذاد قيداً آخر فقال لا يشرك إلا من قصد وإعتقد الإستقلال وقد دندن حول هذه المسألة كثيراً في كتابه المشار إليه ولبس ودلس بكلامه هذا علي العوام الرعاع أتباع كل ناعق ونقول أن ما يردده هذا الرافضي الخبيث هو مثيل ما قاله العراقي داؤود بن جرجيس قد د حض ما زعمه العلامه الإمام المجاهد عبداللطيف أبن عبدالرحمن بن حسن بن الإمام وشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في كتابه القيم المفيد (( تحفه الطالب والجليس في كشف شبه داؤود بن جرجيس )) فقال ما نصه : (( في حديث ((دعوة أخي ذي النون ما دعا بها مكروب إلا فرج الله عنه ))( ) سماها دعوة وهي سؤال وطلب وتوسل بالتوحيد والعراقي يقول : (( لا تسمي دعاء وإنما هي نداء وهذا رد علي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وتكذيب بآيات الله وقوله علي الله بغير علم وفي السنن من حديث حصين بن عبدالرحمن الخزاعي أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال له حيث أسلم : (( كم كنت تعبد )) قال سبعة واحد في السماء وستة في الأرض ، قال : ((فما تعد لرغبتك ورهبتك )) ، قال الذي في السماء )) ( ) ومن هذا الباب قوله تعالي : (( قل أرءيتكم أن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون أن كنتم صادقين )) الأية الأنعام 40 )) وهذا الدعاء ظاهر في دعاء المسألة حال الشدة والضرورة وقال تعالي : (( فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين )) الأية العنكبوت 65)) وما زال أهل العلم يستدلون بالآيات التي فيها الأمر بدعاء الله والنهي عن دعاء غيره علي المنع من مسألة المخلوق ودعائه ، بما لا يقدر عليه إلا الله وكتبهم مشحونة بذلك ولا سيما شيخ الإسلام وتلميذه بن القيم الذي يزعم هذا العراقي أنه علي طريقتهما.
أيها المدعي سليمي سفاهاً * لست منها ولا قلامه ظفر
إنما أنت من سليمي كواو * ألحق في الهجاء ظلماً بعمرو
ويوضح هذا أن ما لا يقدر عليه إلا الله من الأمور العامة كهداية القلوب ومغفرة الذنوب ، والنصر علي الأعداء وطلب الرزق من غير جهه معينة والفوز بالجنة والإنقاذ من النار ونحو ذلك غاية في القصد والإرادة فسؤاله وطلبه غاية السؤال والطلب وفي ذلك من الذل وإظهار الفاقة والعبودية ما ينبقي أن يكون لمخلوق أو يقصد به غير الله وهذا أحد الوجوه من الفرق بين دعاء المخلوق فيما يقدر عليه من الأسباب العادية الجزئية وبين ما تقدم مع أن سؤال المخلوق قد يحرم مطلقاً .
ومسألة المخلوق في الأصل محرمة وإنما أبيحت للضرورة قال تعالي : (( فإذا فرغت فأنصب* وإلي ربك فأرغب)) الإنشراح 7-) وثبت عنه (صلى الله عليه وسلم) أنه بايع نفراً من أصحابه أن لا يسألوا الناس شيئاً . فكان أحدهم يسقط السوط من يده فلا يقول لأحد ناولنيه ))( ) . وقد أشتهر عنه (صلى الله عليه وسلم) أنه منع من تعليق الأوتار والتمائم وأمر بقطعها ، وبعث رسوله بذلك كما في السنن وغيرها وقال : (( من تعلق شيئاً وكل إليه )) بل نهي عن قول الرجل ما شاء الله وشئت . وقال لمن قال له ذلك أجعلتني لله نداً )) ومنع من التبرك بالأشجار والأحجار . وقال لأبي واقد الليثي وأصحابه من مسلمة الفتح لما قالوا له أجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط (( قلتم والذي بيده كما قالت بني إسرائيل لموسي أجعل لنا إلها كما لهم ألهة )) ونهي عن الصلاة عند القبور وإن لم يقصدها المصلي ولعن من فعل ذلك وأخبر أنهم شرار الخلق عند الله ونهي عن الذبح لله في مكان يذبح فيه لغيره حسماً لمادة الشرك وقطعاً لوسائله وسداً لذرائعه وحماية للتوحيد وصيانة لجانبه . فمن المستحيل شرعاً وفطرة وعقلاً أن تأتي هذه الشريعة المطهرة الكاملة بإباحه دعاء الموتي والغائبين والإستغاثة بهم في المهمات والملمات . كقول النصراني يا والدة المسيح أشفعي لنا إلي الإله ، أو يا عيسي أعطيني كذا وافعل كذا وكذلك قول القائل يا علي أو يا حسين أو يا عباس أو يا عبدالقادر أو يا عيدروس أو يا بدوي أو فلان وفلان أعطني كذا وأجرني من كذا أو أنا في حسبك أو نحو ذلك من الألفاظ الشركية التي تتضمن العدل بالله والتسوية به تعالي وتقدس فهذا لا تأتي شريعة ولا رسالة بإباحته قط بل هو من شعب الشرك الظاهرة الموجبة للخلود في النار ومقت العزيز الغفار وقد نص علي ذلك مشايخ الإسلام حتي ذكره بن حجر في الإعلام مقرراً له ، وتأويل الجاهلين والميل إلي شبه المبطلين هو الذي أوقع هولاء وأسلافهم الماضين من أهل الكتاب والأميين في الشرك بالله رب العالمين . فبعضهم يستدل علي شركه بالمعجزات والكرامات وبعضهم برؤيا والمنامات. وبعضهم بالقياس علي السوالف والعادات وبعضهم يقول من يحسن به الظن ، وكل هذه الأشياء ليست من الشرع في شئ وعند رهبان النصاري وعباد الصليب من هذا الضرب شئ كثير. وبعضهم أحذق من هذا العراقي وأمثاله الذين لم يفهموا من العبادة سوي السجود ولم يجدوا في معلومهم سواه فأين الحب والخضوع والتوكل والأنابة والخوف والرجاء والرغب والرهب والطاعة والتقوي ونحو ذلك من أنواع العبادة الباطنة والظاهرة . فكل هذا عند العراقي يصرف لغير الله ولا يكون عبادة لأن العبادة السجود فقط بل عبارته تفهم أن السجود لا يحرم إلا علي من زعم الإستقلال وقد رأينا كثيراً من المشركين ولم نر مثل هذا الرجل في جهله ومجازفته وبلادته ولو لا ما نقصده من إنتفاع من إطلع علي هذه الرسالة لم نتعرض لرد شئ من كلامه لظهور بطلانه إلا أن قال رحمه الله : ((.... ومن المشتهر عندهم أن تعليق الحكم بالمشتق يؤذن بالعلة . وهذا الأحمق ذاد قيداً فقال لا يشرك إلا من قصد و إعتقد الإستقلال من دون الله ، في تلبيه المشركين في الجاهلية(( لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك ))((فهؤلاء لم يدعوا الاستقلال وعلى زعم هذا ليسوا بمشركين)).( ) أنتهي كلامه رحمه الله وقال الإمام الحافظ سليمان بن عبدالله بن الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمهما الله في كتابه العظيم : (( التوضيح عن توحيد الخلاق في جواب أهل العراق وتذكرة أولي الألباب في طريقة الشيخ محمد بن عبدالوهاب )) داحضاً إفتراءات أمثال المفتري الرافضي جعفر سبحاني ما نصه : (( .... ولا محيص عن الأخذ في الأسباب فليس المتوكل من فتح للسارق الباب ولا من قال أنا متوكل إستغني عن الطعام والشراب قال أفضل الأحباب لمن سأل أيعقل الناقة أم يتكل : (( أعقلها وتوكل )) وأفضل المتوكلين أشد عباد الله حرصاً علي فعل الأسباب فقد أمر بأطفاء السراج ، والتسمية وإغلاق الأبواب ونفض الفرش وطي الثياب وحفظ الصبيان أول الليل لإنتشار الشياطين وهذا الباب لا يحصيه العادون من سنن المرسلين فالأخذ فيها لا ينافي التوكل لأنه الإنقطاع عن جميع الخلق وتفويض الأمور إلي الملك الحق وحده وحينئذ فلابد أن يعرف فيها ثلاثة أمور :-
أحدهما : أنها لا تستقل بالمطلوب بل تتعاطي عن غير ركون إليها ومع هذا فلها موانع ، فإن لم يكمل الله الأسباب ويدفع الموانع لم يحصل المقصود وهو سبحانه ما شاء كان وإن لم يشاء الخلق ، وما لم يشاء لم يكن وإن شاءه الخلق.
الثاني : أنه غير جائز إعتقاد أن الشئ سبب لا بعلم فمن أثبت شيئاً بلا علم أو بما يخالف الشريعة كان مبطلاً في إثباته آثماً في إعتقاداته.
الثالث : أن الأعمال الدينية لا يجوز أن يتخذ منها سبباً إلا أن يكون مشروعاً إما إستحباباً أو مأذوناً ، فإن العبادات مبناها علي التوقيف . فلا يجوز للإنسان أن يشرك بالله ما لم يترك به سلطاناً وأن يقول بلا علم فيدعوا غير الله بما لا يقدر عليه إلا الله هو سبحانه وتعالي وإن ظن إن ذلك سبب في حصول غرضه لإعتقاده أن ذلك المدعو يشفع له فيما دعاه فيه لأنه جنس ما اعتقده الأ ولون في ألهتهم وكذلك لا يجوز أن يعبد الله بالبدع المخالفة للشريعة وإن ظن ذلك سبب في حصول ما يطلبه من أغراض دنيا أو ثواب آخرة علي زعم إعتقاده ، فإن الشياطين قد تعين الإنسان علي بعض مقاصده إذا أشرك وقد يحصل له بالكفر والفسوق والعصيان بعض أغراضه فلا يحل له ذلك إذا المفسدة الحاصلة بذلك أعظم من المصلحة الحاصلة به والرسول (صلى الله عليه وسلم) إنما بعث لتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها فما أمر الله به فمصلحته راجحة فما نهي عنه فمفسدته راجحه (.... ومنه التداوي بالمحرمات مطلقاً فلم يحصل الله الشفاء فيما حرمه بل نزعه عنه وأوهنه والبدع التي ليست من شريعة الإسلام في شئ بل هي من شعب الشرك الظاهرة كأتربة أضرحة القبور لا يحل إستعمالها أدوية ولا تعاطيها لما في إستعمالها من الإعتقادات الباطلة والمفاسد في الدين الظاهرة فهي أشبه ما فعله المشركون الأولون بآلهتهم من تعظيم الأصنام والتبرك والتمسح بها وفي كل مشهد خاص وعام ومنه : ما أعتني به بعض الأغبياء الجهال العوام الضلال دعوتهم بدعاء تمخيشاً وتمشيشاً ودعوتهم في الشدائد بأسماء أهل الكهف وشمبخ وغيرهم وبالدعوات المجهولات يزعمون أن هذه من الأسماء العظام والأدعية المستجابات وأنه من الإنجيل والتوراة فكل هذا من تلبيس إبليس علي هولاء الجند الذين إختاروه وإختارهم فلسنا ملتزمين في شريعتنا بتلك الأدعية في الصباح والمساء ولم يقل بها أحد من العلماء الأدباء بل الأغبياء السفهاء من القصاص إختاروها لتغرير العوام وجمع الحطام فلم يعاملوا الله بالإخلاص قال تعالي : (( ولله الأسماء الحسني فأدعوه بها )) وأما الأسماء المنهي عنها فإن الشيطان يظهر تأثيرات ويوري تلبيسه فيها منافع ظاهراً في أكثر الأحيان وهي حسرات بل قد يكون التلفظ بتلك الكلمات كفراً لا يعرف معناها بالعربية قال الله تعالي : (( وما فرطنا في الكتاب من شئ )) وكل واسطة أو وسيلة نهي الشارع عنها لا يجوز إتخاذها في جلب نفع أو كشف ضر ....... وقال تعالي : (( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه)) أي لا أحد فلا يدانيه سبحانه أحد ولا يستقل سواه تعالي بما أراده ولا يعطي لما منعه فهذه الأسباب التي تتخذ وسائط ووسائل في الجلب والدفع اللذين لا يقدر عليهما إلا الله وحده منفية بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية إلا أسباباً وردت عن الله ورسوله كالتوحيد والصلاة بحضور قلب وخشوع وذل وإنكسار والدعاء والإستغفار بعد الإقلاع عن الذنب والندم علي فعله والعزم علي أن لا يعود إليه والأعمال الصالحة من صدقة وصلة رحم وطاعة الله وتقواه فهي الأسباب في جلب الخير ودفع الشر كما صرح به القرآن والسنة .)) ( ) انتهي كلامه رحمه الله وقال إمام الدعوة وشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله داحضا شبه من إستدل بإستغاثة شيعة موسي بموسي من أمثال هذا الرافضي الجاهل المدعو جعفر سبحاني . ما نصه : (( ولهم شبهة أخري وهو ما ذكره النبي (صلى الله عليه وسلم) أن الناس يوم القيامة يستغيثون بآدم ثم بنوح ثم بإبراهيم ثم بموسي ثم بعيسي فكلهم يعتذرون حتي ينتهوا إلي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قالوا فهذا يدل علي أن الإستغاثة بغيره لسيت شركاً.
والجواب : أن نقول : سبحان من طبع علي قلوب أعدائه . فإن الإستغاثة بالمخلوق فيما يقدر عليه لا ننكرها . كما قال الله تعالي في قصة موسي : (( فإستغاثه الذي من شيعته علي الذي من عدوه)) القصص 15)) وكما يستغيث الإنسان بأصحابه في الحرب أو غيره في أشياء يقدر عليها المخلوق ، ونحن أنكرنا إستغاثة العبادة التي يفعلونها عند قبور الأولياء أو في غيبتهم في الأشياء التي لا يقدر عليها إلا الله.
إذا ثبت ذلك فإستغاثتهم بالأنبياء يوم القيامة يريدون منهم أن يدعوا الله أن يحاسب الناس حتي يستريح أهل الجنة من كرب الموقف وهذا جائز في الدنيا والآخرة ، وذلك أن تأتي عند رجل صالح حي يجالسك ويسمع كلامك فتقول له : أدعو الله لي كما كان أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يسألونه ذلك في حياته وأما بعد موته فحاشا وكلا أنهم سألوه ذلك عند قبره ، بل أنكر السلف الصالح علي من قصد دعاء الله عند قبره فكيف بدعائه نفسه))( ) انتهي كلامه رحمه الله .
وقال شيخ الإسلام بن تيمية في معرض رده في دحض ضلالات أهل البدع والضلال الذين يزعمون أن الشرك لا يقع إلا إذا قصد الإستقلال كما زعم المدعو الرافضي جعفر سبحاني ما نصه : (( فصل ثم يقال هذا أيضاً يقتضي أن كلا منهما : ليس وأجباً بنفسه غنياً قيوماً بل مفتقراً إلي غيره في ذاته وصفاته كما كان مفتقراً إليه في مفعولاته ، وذلك إذا كان كل منهما مفتقراً إلي الآخر في مفعولاته عاجزاً عن الإنفراد بها إذ الإشتراك مستلزم لذلك ، كما تقدم فإما أن يكون قابلاً للقدرة علي الإستقلال بحيث يمكن ذلك فيه أو لا يمكن .
والثاني : ممتنع لأنه لو إمتنع أن يكون الشئ مقدوراً ممكناً لواحد : لإمتنع أن يكون مقدوراً ممكناً لأثنين ، وإذا جاز أن يكون مفعولاً مقدوراً عليه لأثنين وهو ممكن : جاز أيضاً لواحد وهذا بين إذا كان الإمكان ، والإمتناع لمعني في الممكن – المفعول المقدور عليه إذا صفاته ذاته لا تختلف في الحال وكذلك إذا كان لمعني في القادر فإن القدرة القائمة بإثنين لا تمتنع أن تقوم بواحد ، بل إمكان ذلك : معلوم ببديهة العقل بل من المعلوم ببديهة العقل أن الصفات بأسرها من القدرة وغيرها كلما كان محلها متحداً مجتمعاً كان أكمل لها من أن يكون متعدداً متفرقاً. ولهذا كان الإجتماع والإشتراك في الخلق بأن يوجب لها من القوة والقدرة ما لا يحصل لها إذا تفرقت وإنفردت وإن كانت أحدهما باقية . بل الأشخاص والأعضاء وغيرها من الأجسام المتفرقة قد قام بكل منها قدرة فإذا قدرإتحادها وإجتماعها وكانت تلك القدرة أقوي وأكمل ، لأنه حصل لها من الإتحاد والإجتماع : بحسب الإمكان ما لم يكن حين الإفتراق والتعداد ....... ومعلوم أنه هو لا يمكن أن يكمل نفسه وحده ويغيرها إذ التقدير أنه عاجز عن الإنفراد بمفعول منفصل عنه ، فأن يكون عاجزاً عن تكميل نفسه تغييره أولي ؟ وإذا كان هذا يمكن أن يتغير ويكمل ، هو لا يمكنه ذلك بنفسه لم يكن واجب الوجود بنفسه . بل يكون فيه إمكان وإفتقار إلي غيره .
والتقدير أنه واجب الوجود بنفسه (( غير واجب بنفسه )) فيكون واجباً ممكناً. وهذا تناقض إذ ما كان واجب الوجود بنفسه تكون نفسه كافيه في حقيقة ذاته وصفاته لا يكون في شئ في ذاته وصفاته مفتقراً إلي غيره ، أن ذلك كله داخل في مسمي ذاته بل ويجب أن لا يكون مفتقراً إلى غيره في شئ من أفعاله ومفعولاته فإن أفعاله القائمة به داخلة في مسمي نفسه ، وإفتقاره إلي غيره في بعض المفعولات : يوجب إفتقاره في فعله وصفته القائمة به إذ مفعوله صدر عن ذلك فلو كانت ذاته كاملة غنية : لم تفتقر إلي غيره في فعلها ، فإفتقاره إلي غيره بوجه من الوجوه : دليل عدم غناه ، وعلي حاجته إلي الغير ، وذلك هو الإمكان المناقض لكونه واجب الوجود بنفسه . ولهذا لما كان وجوب الوجود : هو من خصائص رب العالمين والغني عن الغير من خصائص رب العالمين : كان الإستقلال بالفعل من خصائص رب العالمين ، وكان التنزه عن شريك في الفعل المفعول من خصائص رب العالمين ، فليس في المخلوقات ما هو مستقل بشئ من المفعولات وليس فيها ما هو وحده علة قائمة وليس فيها ما هو مستغنياً عن الشريك في شئ من المفعولات بل لا يكون في العالم شئ موجود عن بعض الأسباب إلا بمشاركة سبب آخر له ).( ) إنتهى كلامه رحمه الله .
نقول للمفتري المدعو جعفر سبحاني بأن زعمك وزعم أسيادك الروافض بأن الإنسان لا يقع في الشرك إلا إذا أعتقد وقصد الإستقلال من دون الله زعم باطل وعاطل لأن المشركين الذين قاتلهم النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يدعوا الإستقلال دون الله ولم يعتقدوا بأن ألهتهم مستقلة من دون الله بل كانوا يحجون ويقولون فى تلبيتهم (( لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك )) فهولاء لم يدعوا الإستقلال وعلي زعم هذا الرافضي الخبيث جعفر سبحاني ليسوا بمشركين كما قال الإمام عبداللطيف آل الشيخ في دحضه لشبه العراقي وفيما سبق ذكرنا نص كلامه.
ثانياً قول المفتري الرافضي (( وإذا لاحظت كتب الوهابيين لرأيت أن الذي أوقعهم في الخطأ والإلتباس هو مشابهة عمل الموحدين في طلب الشفاعة والإستغاثة بالأموات والتوسل بهم لعمل المشركين عن أصنامهم معني ذلك أنهم أعتمدوا علي الأشكال والظواهر وغفلوا عن النيات والضمائر )) ( ) أهـ نقول يكفي في فساد قوله هذا قوله (( مشابهة عمل الموحدين في طلب الشفاعة والإستغاثة بالأموات والتوسل بهم لعمل المشركين .... الخ )) نقول لهذا الجاهل من المحال أن تتشابه عمل الموحدين لعمل المشركين و عقائدهم الفاسدة بل نقول للمفتري أن قولك هذا يدل علي فساد عقيدتك وإنطماس طويتك . ونقول بأن المشركين كانت نياتهم عبادة الله إلا أنهم جعلوا بينهم وبين الله وسائط من الأموات والأحياء وقالوا (( هولاء هم شفعاءنا عند الله )) وقالوا (( ما نعبدهم إلا ليقربونا إلي الله زلفي)) فحسن نياتهم ومقاصدهم لم تمنعهم من كونهم مشركين وكفار لأنهم طلبوا الشفاعة من غير الله وإستغاثوا بالأموات من الأنبياء والأولياء مثل عيسي واللات وسوعاً ويعوقا ونسرا وكان هولاء رجالاً صالحين في قوم نوح .
كما ذكر ذلك البخاري في صحيحه . وكان اللات رجلاً صالحاً في مكة ولا يستطيع المفتري أن ينكر هذه الحقائق . وثم نقول للمفتري أن هذه العقائد الفاسدة والخيالات الكاسدة التي قررتها هي عقيدة الفلاسفة والصابئة كما سيأتي في كلام شيخ الإسلام بن تيمية الذي ساقه الإمام عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن بن الإمام محمد بن عبدالوهاب في معرض دحضه لشبهات العراقي لما أتي بمثيل قولكم هذا يقول الإمام عبداللطيف آل الشيخ رحمه الله ما نصه : (( فصل وإستدل العراقي علي دعاء الصالحين وندائهم بالحوائج بقوله تعالي : (( فالمدبرات أمراً )) النازعات 50)) وذكر عن البيضاوي أنها أرواح الموتي .
الجواب : أن يقال قد حكي البيضاوي أقوالاً علي هذه الأية وقدم أنها الملائكة وحكي أنها النجوم وحكي أنها خيل الغزاة ، وحكي أنها أنغس الغزاة وعلي زعم هذا وطرد دليله كل ما ذكر يدعي مع الله حتي خيل الغزاة والبيضاوي لا يقول بدعاء أحد مع الله بل ذكر في تفسيره يعز إستقصاؤها في المنع من ذلك وتحريمه. ثم هذا القول الذي قاله العراقي رجوع إلي عبادة الملائكة والنجوم والأنفس المفارقة . وهذا حقيقة دين الصابئة أوقع العراقي فيه ظنه أن العبادة لا تكون عبادة وشركاً إلا إذا إعتقد التأثير من دون الله الشرط الذي أوقعه فيما وقع فيه من تجويز عبادة الملائكة والنجوم والأنفس المفارقة ، وهذه مسألة غلط فيها كثيراً من الضالين مع أن الله تعالي وضحها في كتابه توضيحاً كافياً شافياً ، وقد تقدم بعض ذلك قريباً. والشرك جعل شريك لله تعالي فيما يستحقه ويختص به من العبادة الباطنة والظاهرة ، كالحب والخضوع ، والتعظيم ، والخوف ، والرجاء ، والإنابة ، والتوكل ، والنسك ، والطاعة ، ونحو ذلك من العبادات . فمتي أشرك مع الله غيره في شئ من ذلك فهو مشرك بربه قد عدل به سواه وجعل له نداً من خلقه ولا يشترط في ذلك أن يعتقد له شركة في الربوية أو إستقلالاً بشئ منها . والعجب كل العجب أن مثل هولاء يقرؤون كتاب الله ، ويتعبدون بتلاوته وربما عرفوا شيئاً من قواعد العربية وهم في هذا الباب أضل خلق الله وأبعدهم عن فهم وحيه وتنزيله. ومن الأسباب المانعه عن فهم كتاب الله أنهم ظنوا أن ما حكي الله عن المشركين وما حكم عليهم ووصفهم به ، خاص بقوم مضوا وأناس سلفوا وأنقرضوا لم يعقبوا وارثاً.
وربما سمع بعضهم قول من يقول من المفسرين هذه الأية نزلت في عبادة الأصنام ، هذه في النصاري ، هذه في الصابئة ، فيظن الغُمر أن ذلك مختص بهم وأن الحكم لا يتعداهم ، وهذا من أكبر الأسباب التي تحول بين العبد وبين فهم القرآن والسنة وثم أعلم أن قول البيضاوي هنا قول لا يلتفت إليه ولا يعول في الدليل عليه لأنه مصدر عمن لا يرضي ولا يؤثم به في هذا الشأن ، ولا يقتدي ، ولم يقله أحد من أئمة التفسير والهدي ، بل قد صرحوا بخلافه كما يعرفه أولو الأحلام والنهي ، نهبوا علي أن أصل الشرك هو سؤال أرواح الموتي. والبيضاوي وأمثاله إنما يؤخذ عنهم ما شهدت له الأدله الشرعية وجري علي القوانين المرضية ، التي يتلقاها أهل العلم والإيمان من أحكام السنة والقرآن . وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : (( ذهاب الإسلام من ثلاثة : زله عالم ، وجدل منافق بالقرآن وحكم الأئمة المضلين)) ( ) وهذا لو سلمنا ثبوت العلم لمن يحكي مثل هذه الأقوال إلا فأين العنقاء لتطلب وأين السمندل ليجلب : ؟ وهل التحقيق من المفسرين علي أن المراد بهذه الأية هم الملائكة فأسناد التدبير إليهم كإسناد والنزع والنشط والزجر كما في قوله : (( فالمقسمات أمراً)) الزاريات 4 – وقوله : ((فالزاجرات أمراً فالتاليات ذكراً)) الصافات 2-3)) وليس في هذه الآيات الكريمات ما يدل علي دعاء الملائكة وعبادتهم فإنهم رسل مأمورون مدبرون كما أن إبلاغ الرسالة من الرسول البشري لا يدل علي دعائه ولا يقتضيه فكذلك الملائكة ، لأنهم رسل بالأوامر الكونية والشرعية والقدرة والتدبير وتسخير المخلوقات كل ذلك لله وحده . هو من أدلة توحيدة وإلهيته وصرف الوجوه إليه والإعراض عما سواه.
قال تعالي في حق الملائكة : (( وقالوا أتخذ الرحمن ولداً سبحانه بل عباد مكرمون )) إلي قوله : (( كذلك نجزي الظالمين )) الأنبياء 26)) وقال في شأن جبريل وغيره من الملائكة : ((وما تنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وخلفنا و ما بين ذلك وما كان ربك نسياً)) مريم 64)) فتأمل ما في هذا القول من كمال العبودية ومتابعة الأمر والبراءة من الملكة والحول والقوة والإعتراف له تعالي بذلك فإستدل بعموم الربوية ثم قال تعالي : ((وما كان ربك نسياً )) .... ثناء عليه تعالي بإثبات العلم ونفي ما يضاده أو ينافي كماله. قال تعالي في ضعف المسيح : (( لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله ولا الملائكة المقربون )) الأية : النساء 172)) والمقصود أن تسخير الملائكة وتدبيرها وإرسالها من أدلة إلهيته تعالي ، وإستحقاقة لانه يعبد وحده لا شريك له . ومن العجب أن هذا العراقي زعم أن للأرواح وتأثيراً في العالم ، مستدلاً بعبارة رآها في كتاب الروح وهذا غلط وخطأ واضح فإن ماذكره العلامه بن القيم ليس فيه أنها تدبر وتتصرف وتجيب من دعاها وليس فيه ( ) إلا مجرد الحكاية أن روح النبي (صلى الله عليه وسلم) وبعض أصحابه قد رآها بعض الناس عند القتال وأنها هزمت أهل الشرك وليس فيها أنها تدبر وتتصرف وهذه الروايا والقضية الجزئية لا دلالة فيها علي ما زعمه العراقي بوجه من الوجوه ، وأبلغ من هذا قوله تعالي : ((إذ تستغيثون ربكم فإستجاب لكم إني ممدكم بألف من الملائكة مردفين وما جعله الله إلا بشري ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم )) الأنفال ((9-10)) فأنظر هذه الأية الكريمة وما فيها من قطع التعلق والالتفات إلي غير الله مع أن المدد بالملائكة وقتالهم مشهود محسوس متواتر ، ولو قال إنسان بجواز دعاء الملائكة ، وطلب ذلك منهم والإستغاثه بهم عند الشدائد والحرب ، لكان ذلك كفراً ، وجواعاً إلي عبادة الملائكة والأنفس المفارقة. ومن نظر في كلام هذا الرجل عرف أنه أجنبي عن العلم لم يعرف ما جاءت به الرسل ونزلت به الكتب وكيف كان الشرك في الأمم. وإلا فأي تلازم بين ما ذكره ، وما أخبر الله به عند مدده بالملائكة ، وبين دعائهم ، والإستغاثة بهم والإستغاثة والإنابة في كشف الشدائد والمهمات والرجل وجد مادة وكتباً تشتت فهمه ، وحيرت عقله أراد الإستغناء بها فلم تزده إلا عنمي وجهلاً ، فأضاف إلي ذلك الجرأءة في الكذب علي الله ، وعلي رسله ، وعلي أولي العلم من خلقه ، كما كذب علي الشيخ بن تيمية وتلميذه إبن قيم الجوزية ، وزعم أنهما قالا : (( الأرواح تدبر وتتصرف بعد الموت ، والشيخ رحمه الله – نص علي أن القول بمثل هذا من أقوال الفلاسفة والصبابئة. قال رحمه الله : (( من قال إن أرواح الموتي تجيب من دعاها فهذا شبه قول من يقول الأرواح بعد المفارقة تجتمع هي الأرواح الزائرة فيقوي تأثيرها . وهذه المعاني ذكرها طائفة من الفلاسفة ومن أخذ عنهم كإبن سيناء وأبي حامد وغيرها . وهذه الأحوال هي من أصول الشرك وعبادة الأصنام ، وهي من المقاييس التي قال بعض السلف: (( ما عبدت الشمس والقمر إلا بالمقاييس )) وقال رحمه الله في الكلام علي رؤساء المتكلمين : وقد رأيت في مصنفاتهم في عبادة الملائكة وعبادة الأنفس المفارقة أنفس الملائكة وغيرها ما هو أصل الشرك)) وقال العلامه بن القيم – رحمه الله في مدارجه : (( من أنواعه . _ أي الشرك أكبر – طلب الحوائج من الموتي والإستغاثة بهم ، والتوجه إليهم وهذا أصل شرك العالم فإن الميت قد إنقطع عمله وهو لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً فضلاً عن من إستغاث به أو سأله أن يشفع به عند الله)). ( ) أهـ قلت في كلام الإمام عبداللطيف آل الشيخ رحمه الله دحض وكشف لضلالات المدعو جعفر سبحاني الخبيث. ويواصل المدعو جعفر سبحاني في ضلالاته ويصرح بل يتبجح بأن التوسل والإستغاثة بالميت ليس شركاً الا إذا إعتقد وقصد الإستقلال وإليكم نص كلامه : (( إنه قد ثبت في محله مشروعية التوسل بالأرواح المقدسة بالدلائل النقلية الصريحة ..... راجع للوقوف علي تلك الأدلة كشف الإرتباب ص 301 وعلي كل حال لا يمكن الإستغاثة بالميت شركاً إذ هولم يشرك والتوحيد هو أن الإعتقاد بعدم إستغلاله في ذاته وصفاته وأفعاله يعد إعترافاً بعبوديته ويعد التوجه به تكريماً وإحترامه لو تناسينا القاعدة لما وجد علي أديم الأرض موحداً أبداً ( ) ويواصل المفتري الضال المضل في ضلاله وزيفه ويقول : (( إذا كانت الإستغاثة (بالأرواح المقدسة) الأموات حسب تعبير الوهابيين)) ملازمه لنوع من الإعتقاد بالألوهية تلك الأرواح)) ....إلي أخر ضلالاته وإنحرافاته الواضحه الفاضحه.
نقول للمفتري الرافضي الخبيث أن ما قررته من الضلال والشرك هم مثل ما قرره المبتدع داؤود بن جرجيس العراقي قال العالم الإمام عبداللطيف آل الشيخ رحمه الله داحضاً إفتراءات العراقي وأمثاله من ذوي الضلال ما نصه : ((..... وأعجب من هذا أن يقول في رسالته : ((إني رأيت لمن يدعو الصالحين والأولياء ويناديهم في حاجاته أدله صحيحة ونيات صالحة ، ما تخرج عن التوحيد لأن المقصود التسبب ( ) والوسائل لا الإستقلال هذا كلامه . ومن بلغت به الجهالة والعمالة إلي هذه الغاية فقد إستحكم علي قلبه الضلال والفُساد ، ولم يعرف ما دعت إليه الرسل سائر الأمم والعباد . ومن له أدني صلة بالعلم وإلتفات ما جاءت به الرسل يعرف أن المشركين من كل أمة في كل قرن ما قصدوا من معبوداتهم وآلهتهم التي عبدوها مع الله إلا التسبب والتوسل والتشفع ليس إلا ولم يدعوا الإستقلال والتصرف لأحد من دون الله ولا قال أحد منهم سوي فرعون والذي حاج إبراهيم في ربه وقد قال تعالي : (( وجحدوا بها وإستيقنتها أنفسهم ظلماً )) النمل -14 فهم في الباطن يعلمون أن ذلك لله وحده . وقال تعالي في بيان قصدهم ومرادهم بدعاء غيره (( ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم)) الأية 18 سورة يونس)) وقال تعالي : (( والذين إتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلي الله زلفي أن الله يحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون )) الزمر -3)) وقال تعالي : (( فلو لا نصرهم الذين إتخذوا من دون الله قرباناً ألهه)) الأحقاف 28)) وقال تعلي : (( ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله )) البقرة 165 )) ، فأخبر تعالي أنهم تعلقوا علي ألهتهم ، ودعوهم مع الله للشفاعة والتقريب إلي الله بالجاه والنزلة وأحبوهم مع الله محبه تأله وتعبد ، لنيل أغراضهم الفاسدة ولم يريدوا منهم تدبيراً ولا تأثيراً ولا شركة ولا إستقلال .
يوضحه قوله تعالي : (( قل من يرزقكم من السماء والأرض)) إلي قوله (( أفلا تتقون)) يونس -31)) وقوله (( لمن الأرض ومن فيها )) إلي قوله : (( فأني تسحرون)) المؤمنون 84-89)) وقوله : (( أمن جعل الأرض قراراً)) إلي قوله : (( قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين)) النمل 61-64)) فتأمل هذه الآيات وما فيها من الحجج و البيانات تطلعك علي جهل هذا العراقي وأمثاله وأنهم ما عرفوا شرك المشركين وما كانوا عليه من القصد والدين ، ولم يعرفوا ما كان أنبياء الله وأتباعهم من توحيد رب العالمين وتأمل كيف أستدل الله سبحانه وتعالي علي توحيد الوهيته ووجوب عبادته وحده لا شريك له بما أقر به الخصم وأعترف به من توحيد ربوبيته وإستقلاله بالملك والخلق والتأثير والتدبير وهذه عادة القرآن دائماً يعرج علي هذه الحجه لأنها أكبر الحجج وأوضحها وأدلها علي المقصود وسبحان من جعل كلامه في أعلي طبقات البلاغة وافصاحة والجلالة والفخامة والدلاله والظهور في أي شبهة بعد هذا تبقي للمماحل المغرور . وأعلم أن دعاء الأموات الغائبين ليس بسبب بما يقصدة المشرك ويريدة بل هو سبب لنقيض قصده وحرمانه وهلاكه في الدنيا والأخرة قال تعالي : ((يدعوا من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ذلك هو الضلال البعيد (12) يدعوا لمن ضره أقرب من نفعه لبئس المولي ولبئس العشير)) الحج (( 12-13)) لانه في الحقيقة أنما عبد الشيطان ودعاه وأطاعه فيما أمر به ولذلك يتبراء الملائكة والصالحون ممن دعاهم وصرف لهم شيئاً من العبادة وايضاً فليس كل سبب يباح بل من الأسباب ما هو محرم وهو كفر كالسحر والتكهن . والغبي يظن أن الدليل يسلم له إذا أراد السبب لا الإستقلال وعبادة الكواكب وأصحاب النيرنجيات ومخاطبات النجوم يرون أنها أسباب ووسائل نافعة ويظنونها كالأسباب العادية وعبد القبور والأنفس والمفارقة يرون أن تعلق قلب الزائد وروحه بروح المزور سبب لنيل مقصوده وتحصيل نصيب مما يفيض علي روح ذلك المزور ، كما ذكره الفارابي من عبادة الكواكب والأنفس والمفارقة وقد قال بعض السلف : (( ما عبدت الشمس و القمر إلأ بالمقاييس ( ) انتهي كلامه رحمه الله تعالي ويواصل المدعو
ويواصل المفتري المدعوا جعفر سبحاني في ترويج الشرك والكفر بالله فيقول : (( تحت مبحث )) (( الفصل الرابع عقائد الوهابيين)) ما نصه : (( أن من سبر كتب الوهابية وعاش بين ظهرانيهم رأي بأن الإتهام بالشرك أكثر شئ تردده كتبهم وألسنتهم ومحافلهم فلا يميل المرء يميناً أو شمالاً إلا ويسمع أنهم يصفونه فوراً بأنه المشرك وأن عمله بدعة وأنه بذلك مبتدع بحيث إذا كان المقياس هو ماذكروه أو مايذكرونه في كتبهم و محافلهم لما إستطاع الإنسان أن يسجل كثيراً من المسلمين في ديوان الموحدين تري ما هذا الضيق الذي أوجده الوهابيين في دائرة الأمة الإسلامية وهل هذا بدافع تحري الحقيقة ، وتمييز الموحد عن الشرك أو أن هناك أموراً سياسية وإحداث تخلقها يد المستعمرين بهدف إيجاد التفرقة بين المسلمين وتمزيق صفوفهم إلي أن قال : (( ... إذا كانت هذه العادات والتقاليد شركاً لزم أن لا يقبل النبي (صلى الله عليه وسلم) إسلام تلك الجماعات والأفراد إلا بعد أن تتعهد له بنبذ تلكم التقاليد والمراسم. والحاصل أن ترك التوسل بأولياء والتبرك بأثارهم وزيارة قبورهم لو كان شرطاً لتحقيق الإيمان المقابل للشرك والصائن للدم والمال لوجب علي نبي الإسلام إشتراط ذلك كله (( أي ترك هذه الإمور )) ( ) يواصل المفتري المدعو جعفر سبحاني في ترويج الشرك ونشره فيقول تحت مبحث : (( هل طلب الشفاعة من غيره سبحانه شرك ؟ )) ما نصه : (( لا مرية في أن الشفاعة خاص بالله سبحانه ، فالآيات القرآنية مضافة إلي البراهين العقلية – تدل علي ذلك مثل آية : (( قل لله الشفاعة جميعاً )) الزمر 44)) إلا أن في جانب ذلك دلت آيات كثيرة أخري علي أن الله أذن لفريق من عباده أن يستخدموا هذا الحق ويشفعوا في ظروف وضمن شروط خاصة – حتي بعض هذه الآيات صرحت بخصوصيات وأسماء طائفة من هولاء الشفاء كقوله تعالي ( وكم من ملك فى السماوات لا تغني شفاعتهم شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضي )) النجم – 26)) أ هـ . ويواصل المفتري في ضلاله فيقول وأما لو إستشفعنا بأحد من هولاء الشفعاء ونحن نعتقد بأنه محدود مخلوق لله لا يمكنه الشفاعة لأحد إلا بإذنه فهذا الطلب لا يختلف عن طلب عادي ماهية ولا خارجياً عن نطاق التوحيد.
وأن تصور أحد أن هذا العمل ( أعني طلب الشفاعة من أولياء الله )) يشبه في ظاهره – عمل المشركين وإستشفاعهم بأصنامهم ، فهو تصور باطل بعيد عن الحقيقة إلي أن قال تحت مبحث ((الوهابيون وطلب الشفاعة )) ما نصه : (( أن الوهابيين يعتبرون مطلق طلب الشفاعة شركاً وعبادة ويظنون أن القرآن لم يصف الوثنيين بالشرك إلا لطلبهم الشفاعة عن أصنامهم كما يقول سبحانه ( ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هولاء شفعاؤنا عند الله )) وعلي هذا فالشفاعة وإن كانت حقاً ثابتاً للشفعاء الحقيقيين إلا أنه لا يجوز الطلب منهم لأنه عبادة لهم قال محمد بن عبدالوهاب : (( إن قال قائل : الصالحون ليس لهم من الأمر شئ ولكن أقصدهم وأرجو من الله شفاعتهم ، فالجواب أن هذا قول الكفار سواء بسواء وأقرأ عليهم قوله تعالي : (( والذين إتخذوا من دون الله أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلي الله زلفي )) الزمر _ 30 (( يعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هولاء شفعاؤنا عند الله )) يونس _ 18)) وإن قال ان النبي اعطي الشفاعة وأنا أطلبه مما أعطاه الله فالجواب أن الله أعطاه الشفاعة ونهاك عن طلبها منه فقال تعالي : (( فلا تدعوا مع الله أحداً )) الجن _ 18)) وايضاً فإن الشفاعة أعطيها غير النبي فصح أن الملائكة يشفعون والأفراط يشفعون والأولياء يشفعون أتقول أن الله أعطاهم الشفاعة فأطلبها منهم فإذا قلت هذا رجعت إلي عبادة الصالحين التي ذكرها الله في كتابه )) كشف الشبهات ص 7-9 طبعة القاهرة : إستدل بن عبدالوهاب على حرمة طلب الشفاعة بآيات ثلاثة : إلي أن قال .. وأما قوله تعالي : (( فلا تدعوا مع الله أحداً )) وهي ثالثة الآيات التي إستدل بها بن عبدالوهاب فسيوافيك مفادها عن قريب حيث نبين – هناك- أن المراد من الدعوة من الآية المذكورة هو العبادة – فيكون معني : فلا تدعوا هو : فلا تعبدوا مع الله أحداً فالحرام المنهي عنه عبادة غير الله ، لا مطلق دعوة غير الله وليس طلب الشفاعة إلا طلب الدعاء من الغير لا عبادة الغير وبين الأمرين بون شاسع. ومن ذلك يظهر ضعف دليل رابع لمحمد بن عبدالوهاب في كشف الشبهات ما حاصله : (( أن الطلب من الشفيع ينافي الإخلاص في التوحيد الواجب علي العباد في قوله : (( مخلصين له الدين )) كشف الشبهات ص 8 أن دعوة الشفيع بعد ثبوته الأذن له والرضا من الله ليس عبادة للشفيع حتي تنافي إخلاص التوحيد لله تعالي بل هو طلب الدعاء منه إلي أن قال : ثم يظهر من بن تيمية في بعض رسائله (( رسالة زيارة القبور والإستعانة بالمقبور ص 156 )) وتلميذ مدرسته محمد بن عبدالوهاب في رسالة ((أربع قواعد)) أنهما إستدلاً علي تحريم طلب الشفاعة من غير الله بقوله سبحانه ((قل لله الشفاعة جميعاً)) الزمر – 44 . وكان الإستدلال مبني علي أن الأية هو لله طلب الشفاعة فقط ولكنه تفسير للأية بغير ظاهرها – إذ ليس معني الأية أن الله وحده هو الذي يشفع وغيره لا يشفع لأنه تعالي لا يشفع عند أحد ، ثم ثبت أن الأنبياء والصالحين والملائكة يشفعون لديه . إلي أن قال : ما ذهب إليه بن عبدالوهاب ومن قبله بن تيمية وأتباعهما من أن الأية هذه تدل علي أن طلب الشفاعة لا يكون إلا من الله وحده دون طلبها من المخلوق وأن كان له حق الشفاعة لم يذكره أحد من المفسرين إلي أن قال (( وإذا لاحظت كتب الوهابيين لرأيت أن الذي أوقعهم في الخطأ والإلتبساس هو مشابهه عمل الموحدين في طلب الشفاعة والإستغاثة بالأموات والتوسل بهم لعمل المشركين عند أصنامهم ، ومعني ذلك أنهم إعتمدوا علي الأشكال والظواهر وغفلوا عن النيات والضمائر )). ( )
ويواصل المفتري في التبليس والتدليس في ترويج الشرك بالله فيقول : (( وأما الإعتقاد بأن القديسين من الملائكة والجن أو النبي و الولي مدبرون للعالم بإذنه ومشئيته وأمره ومقدرته دون أن يكونوا مستقلين فيما يفعلون أو مفوضون فيما يصدرون فلا يكون ذاك موجباً للشرك.
إلي أن قال : (( هذا ومن الجدير بالذكر أن مشركي عهد الرسالة كانوا يعتقدون لألهتهم نوعاً من الإستقلال في الفعل وكانوا يتوجهون إليها علي هذا الأساس وقد مر أن عمرو بن لحي عندما سافر من مكة إلي الشام وراء أناساً يعبدون الأصنام فسألهم عن سبب عبادتهم لها فقالوا له : ((هذه أصنام نعبدها فنستمطرها فتمطرنا ونستنصرها فتنصرنا)) سيرة بن هشام ج1 ص 79 – السيرة الحلبية ج3 ص 29-)).( )
ويواصل المفتري المدعو جعفر سبحاني في ضلاله وزيغه فيقول : (( وأظن ! ولعله ظن معيب أن للأستاذ وراء هذا الكلام –(( توزيع الالهية ينافي الإعتقاد بإله آخر)) قصداً وهدفاً آخر وهو إثبات أن الإله في القرآن إنما هو بمعني تبعاً شيخ منهجه ((إبن تيمية فتوصيف الأصنام بالألوهية إنما هو ملاك المعبودية ، لا بملاك أنهم صغار الالهيه والله سبحانه كبيرها إلي أن قال : فتفسير الآيات الناهية عن إتخاذ الآلهه بإتخاذ المعبود خبط وعلي فرض الصحة فإن تطبيقها علي توسلات المسلمين وزياراتهم قبور أوليائهم خبط آخر)). ( ) يواصل المدعو جعفر سبحاني في التلبيس والتدليس في نشر الشرك وترويجه فيقول : (( تحت مبحث ( ليس مطلق الخضوع عبادة )) ما نصه : (( بيد أن العبادة وإن فسروها بالطاعة والخضوع والتذلل أو إظهار نهاية التذلل لكن جميع هذه التعاريف ليست علي وجه الإطلاق – عبادة لأن خضوع الولد أمام والده والتلميذ أمام أستاذه والجندي أمام قأئده لا يعد عبادة مطلقاً مهما بالغوا في الخضوع والتذلل وتدل الآيات – بوضوح – علي أن غاية الخضوع والتذلل فضلاً عن كون مطلق الخضوع ليست عبادة ، ودونك تلك الآيات.
1. سجود الملائكة لآدم الذي هو من أعلي مظاهر الخضوع حيث قال سبحانه : ((وإذ قلنا للملائكة أسجدوا لأدم )) البقرة -34 فالآية تدل علي أن أدم وقع مسجوداً للملائكة ولم يحسب سجودهم شركاً وعبادة لغير الله ولم تعد الملائكة بذلك العمل مشركة ولم يجعلوا بعملهم نداً لله وشركاً في المعبودية بل كان عملهم تعظيماً لآدم وتكريماً لشأنه . وهذا هو نفسه خير دليل علي أنه ليس كل تعظيم أمام غير الله عبادة له . وأن جملة (( أسجدوا لآدم )) وكانت متحدة مع جملة : (( أسجدوا لله)) إلا أن الأول لا يعد أمراً بعبادة غير سبحانه ويعد الثاني أمراً بعبادة الله.... وهذا يدل علي أن الإعتبار إنما هو بالنيات والضمائر لا بالصور والظواهر )) إلي أن قال : (( وعلي هذا فمفهوم الآية هو أن الملائكة سجدوا لآدم بأمر الله سجوداً واقعياً وأن أدم أصبح مسجوداً للملائكة بأمر الله وهنا أظهر الملائكة من أنفسهم غاية الخضوع أمام آدم ولكنهم مع ذلك لم يكونوا ليعبدوه وأما ربما يتصور من أن سجود الملائكة لما كان بأمره سبحانه صح سجودهم له إنما الكلام في الخضوع الذي لم يرد به أمر فسيوافيك الجواب عن هذا الإحتمال الذي يردده كثير من الوهابيين في هذا المقام .
2. أن القرآن يصرح بأن أبوي يوسف وأخوته سجدوا له حيث قال : (( ورفع أبويه علي العرش وخروا له سجداً وقال : يا أبت هذا تأويل رؤياتي من قبل قد جعلها ربي حقاً)) يوسف 100 . وقد تحققت هذه الرؤية بعد سنوات طويلة فى سجود إخوة يوسف وأبويه له وهذه الرؤيا بعد سنوات طويلة في سجود إخوة يوسف وأبويه له وعبر القرآن في كل هذه الموارد . بلفظ السجود ليوسف . ومن هذا البيان يستفاد – جلياً – أن مجرد السجود لأحد بما هو مع قطع النظر عن الضمائر( ) والدوافع ليس عبادة والسجود كما تعلم هو غاية الخضوع والتذلل.
3. يأمر الله تعالي بالخضوع أمام الوالدين وخفض الجناح لهم الذي هو كناية عن الخضوع الشديد إذ يقول : (( وأخفض لهما جناح الذل من الرحمة)) الإسراء 24 )) ومع ذلك لا يكون هذا الخفض عبادة .
4. أن جميع المسلمين يطوفون في مناسك الحج – بالبيت الذي لا يكون إلا حجراً وطيناً ، ويسعون بين الصفاء والمروة وقد أمر القرآن الكريم بذلك حيث قال : ((وليطوفوا بالبيت العتيق)) الحج – 29 )) أن الصفاء والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو إعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما)) البقرة 158)) فهل تري يكون الطواف بالتراب والحجر والجبل عبادة لهذه الأشياء ؟ ولو كان مطلق الخضوع عبادة لزم أن تكون جميع هذه الأعمال ضرباً من الشرك المجاز المسموح به تعالي الله عن ذلك علواً كبير.... هل الأمر الإلهي يجعل الشرك غير شرك :؟ ربما يقال أن سجود الملائكة لآدم وإستلام الحجر الأسود وماشابهما من الأعمال لما كان بأمر الله لا يكون شركاً ، ولا يعد فاعلها مشركاً ..... القائل هو الشيخ عبدالعزيز إمام المسجد النبوي في محاورته مع بعض الأفاضل ( ) ويواصل المدعو جعفر سبحاني في ضلاله وزيفه فيقول : تحت مبحث (( الحلف بغير الله سبحانه وأقسامه بمخلوق أو بحقه عليه : )) ما نصه : (( لقد منع الوهابيين من الحلف بغير الله تعالي وعدوه شركاً علي الإطلاق وهكذا فعلوا بالنسبة إلى أقسام بمخلوق من مخلوقاته أو بحقه عليه . وإليك الكلام في كلتا المسألتين :
1- الحلف بغير الله سبحانه : وقبل أن نستعرض النصوص الحديثية الدالة علي جواز هذا الأمر لابد أن نعرض المسألة علي كتاب الله لنري هل أن الله سبحانه حلف بالمخلوق أولاً.
أن مراجعة آيات القرآن الكريم تفيد أن الله حلف بمخلوقاته في مواضيع كثيرة تقارب الأربعين من حيث المقسم به . فحلف بالملائكة (( الصافات ، المرسلات ، النازعات ، الذاريات )) وبالنبي إذ قال (لعمرك أنهم في سكرتهم يعمهون) الحجر 72)) وأقسم بالقرآن والدخان ، و ق 1-3 )) وحلف بالنفس الإنسانية .
فهل يمكن أن يكون الحلف بغيره شركاً وقبيحاً ومع ذلك يصدر من الله سبحانه ؟ أفهل يمكن أن يقع مثل هذا الحلف في الكتاب العزيز مرات عديدة جداً ومع ذلك يكون محرماً علي غيره دون أن يذكر الله ذلك التحريم والحظر في كتابه المجيد وهل يصح أن نقول أن الحلف بالمخلوق من الشرك إذا صدر من المخلوق وليس من الشرك إذا صدر من الله الخالق سبحانه إلا خطلاً من القول وشططاً من الكلام لأن العمل الواحد من حيث الماهية والذات لا يتصور له حالتان ، ولا يتلون بلونين متضادين . وبالجملة إذا كان القرآن قدوة و أسوة وكان كل ما جاء فيه من القول والعمل منهاجاً لجميع المسلمين فكيف يمكن أن تصدر هذه الأقسام من الله سبحانه وتجوز عليه ولا تجوز علي غيره ؟ ويكون عين التوحيد تارة ونفس الشرك أخري مع حدة ماهية العمل وحقيقته هذا بالنسبة إلي كتاب الله تعالي .
وأما السنة الشريفة فقد روي مسلم في صحيحه أنه جاء رجل إلي النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال يا رسول الله أي صدقة أعظم أجراً ؟ فقال أما وأبيك لتنبأنه أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشي الفقر )) صحيح مسلم ج3 ص 94 فقد حلف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بأبي والسائل قائلاً ((وأبيك)) .... فقال رسول الله (صلى الله عليهوسلم ) : أفلح وأبيه أن صدق أو دخل الجنة وأبيه أن صدق )) صحيح مسلم ج 1 ص 31-32 لقد منع الوهابيين من الأقسام علي الله بمخلوق من مخلوقيه مثل أن يقول السائل : أقسم عليك بفلان أو بحق فلان أو أسألك بفلان أو بحقه وهو في نظرهم نوع من التوسل ))( ) أهـ هكذا ملأ هذا المفتري المدعو جعفر سبحاني كتابه (( التوحيد والشرك في القرآن الكريم)) بالترويج للشرك والكفر بالله بالتلبيس والتدليس وحاول هذا الدجال لتصدي لما قرره شيخ الإسلام بن تيمية مجدد القرن السابع وتلميذه بن القيم وشيخ الإسلام وإمام الدعوة محمد بن عبدالوهاب والإمام الصنعاني وغيرهم من الدعوة إلي التوحيد الخالص الذي دعاء إليه الأنبياء والمرسلين كما سيأتي . وأن شاء الله سوف نؤكد ما قررها هولاء الأئمة الأعلام والشيوخ الكرام من الكتاب والسنة الصحيحة فيما سيأتي . نقول وبالله التوفيق
أولاً : قول المفتري : (( فلا تكون إستغاثة شيعة موسي مطابقة للتوحيد إلا في صورة واحدة وهي أن لا يعتقد معها بإستقلال موسي في التأثير بل يجعل قدرته وتأثيره في طول القدرة الألهية....إلي أخر ضلالاته .......)) نقول هذا الأحمق الجاهل البليد ذاد قيداً آخر فقال لا يشرك إلا من قصد وإعتقد الإستقلال وقد دندن حول هذه المسألة كثيراً في كتابه المشار إليه ولبس ودلس بكلامه هذا علي العوام الرعاع أتباع كل ناعق ونقول أن ما يردده هذا الرافضي الخبيث هو مثيل ما قاله العراقي داؤود بن جرجيس قد د حض ما زعمه العلامه الإمام المجاهد عبداللطيف أبن عبدالرحمن بن حسن بن الإمام وشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في كتابه القيم المفيد (( تحفه الطالب والجليس في كشف شبه داؤود بن جرجيس )) فقال ما نصه : (( في حديث ((دعوة أخي ذي النون ما دعا بها مكروب إلا فرج الله عنه ))( ) سماها دعوة وهي سؤال وطلب وتوسل بالتوحيد والعراقي يقول : (( لا تسمي دعاء وإنما هي نداء وهذا رد علي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وتكذيب بآيات الله وقوله علي الله بغير علم وفي السنن من حديث حصين بن عبدالرحمن الخزاعي أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال له حيث أسلم : (( كم كنت تعبد )) قال سبعة واحد في السماء وستة في الأرض ، قال : ((فما تعد لرغبتك ورهبتك )) ، قال الذي في السماء )) ( ) ومن هذا الباب قوله تعالي : (( قل أرءيتكم أن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون أن كنتم صادقين )) الأية الأنعام 40 )) وهذا الدعاء ظاهر في دعاء المسألة حال الشدة والضرورة وقال تعالي : (( فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين )) الأية العنكبوت 65)) وما زال أهل العلم يستدلون بالآيات التي فيها الأمر بدعاء الله والنهي عن دعاء غيره علي المنع من مسألة المخلوق ودعائه ، بما لا يقدر عليه إلا الله وكتبهم مشحونة بذلك ولا سيما شيخ الإسلام وتلميذه بن القيم الذي يزعم هذا العراقي أنه علي طريقتهما.
أيها المدعي سليمي سفاهاً * لست منها ولا قلامه ظفر
إنما أنت من سليمي كواو * ألحق في الهجاء ظلماً بعمرو
ويوضح هذا أن ما لا يقدر عليه إلا الله من الأمور العامة كهداية القلوب ومغفرة الذنوب ، والنصر علي الأعداء وطلب الرزق من غير جهه معينة والفوز بالجنة والإنقاذ من النار ونحو ذلك غاية في القصد والإرادة فسؤاله وطلبه غاية السؤال والطلب وفي ذلك من الذل وإظهار الفاقة والعبودية ما ينبقي أن يكون لمخلوق أو يقصد به غير الله وهذا أحد الوجوه من الفرق بين دعاء المخلوق فيما يقدر عليه من الأسباب العادية الجزئية وبين ما تقدم مع أن سؤال المخلوق قد يحرم مطلقاً .
ومسألة المخلوق في الأصل محرمة وإنما أبيحت للضرورة قال تعالي : (( فإذا فرغت فأنصب* وإلي ربك فأرغب)) الإنشراح 7-) وثبت عنه (صلى الله عليه وسلم) أنه بايع نفراً من أصحابه أن لا يسألوا الناس شيئاً . فكان أحدهم يسقط السوط من يده فلا يقول لأحد ناولنيه ))( ) . وقد أشتهر عنه (صلى الله عليه وسلم) أنه منع من تعليق الأوتار والتمائم وأمر بقطعها ، وبعث رسوله بذلك كما في السنن وغيرها وقال : (( من تعلق شيئاً وكل إليه )) بل نهي عن قول الرجل ما شاء الله وشئت . وقال لمن قال له ذلك أجعلتني لله نداً )) ومنع من التبرك بالأشجار والأحجار . وقال لأبي واقد الليثي وأصحابه من مسلمة الفتح لما قالوا له أجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط (( قلتم والذي بيده كما قالت بني إسرائيل لموسي أجعل لنا إلها كما لهم ألهة )) ونهي عن الصلاة عند القبور وإن لم يقصدها المصلي ولعن من فعل ذلك وأخبر أنهم شرار الخلق عند الله ونهي عن الذبح لله في مكان يذبح فيه لغيره حسماً لمادة الشرك وقطعاً لوسائله وسداً لذرائعه وحماية للتوحيد وصيانة لجانبه . فمن المستحيل شرعاً وفطرة وعقلاً أن تأتي هذه الشريعة المطهرة الكاملة بإباحه دعاء الموتي والغائبين والإستغاثة بهم في المهمات والملمات . كقول النصراني يا والدة المسيح أشفعي لنا إلي الإله ، أو يا عيسي أعطيني كذا وافعل كذا وكذلك قول القائل يا علي أو يا حسين أو يا عباس أو يا عبدالقادر أو يا عيدروس أو يا بدوي أو فلان وفلان أعطني كذا وأجرني من كذا أو أنا في حسبك أو نحو ذلك من الألفاظ الشركية التي تتضمن العدل بالله والتسوية به تعالي وتقدس فهذا لا تأتي شريعة ولا رسالة بإباحته قط بل هو من شعب الشرك الظاهرة الموجبة للخلود في النار ومقت العزيز الغفار وقد نص علي ذلك مشايخ الإسلام حتي ذكره بن حجر في الإعلام مقرراً له ، وتأويل الجاهلين والميل إلي شبه المبطلين هو الذي أوقع هولاء وأسلافهم الماضين من أهل الكتاب والأميين في الشرك بالله رب العالمين . فبعضهم يستدل علي شركه بالمعجزات والكرامات وبعضهم برؤيا والمنامات. وبعضهم بالقياس علي السوالف والعادات وبعضهم يقول من يحسن به الظن ، وكل هذه الأشياء ليست من الشرع في شئ وعند رهبان النصاري وعباد الصليب من هذا الضرب شئ كثير. وبعضهم أحذق من هذا العراقي وأمثاله الذين لم يفهموا من العبادة سوي السجود ولم يجدوا في معلومهم سواه فأين الحب والخضوع والتوكل والأنابة والخوف والرجاء والرغب والرهب والطاعة والتقوي ونحو ذلك من أنواع العبادة الباطنة والظاهرة . فكل هذا عند العراقي يصرف لغير الله ولا يكون عبادة لأن العبادة السجود فقط بل عبارته تفهم أن السجود لا يحرم إلا علي من زعم الإستقلال وقد رأينا كثيراً من المشركين ولم نر مثل هذا الرجل في جهله ومجازفته وبلادته ولو لا ما نقصده من إنتفاع من إطلع علي هذه الرسالة لم نتعرض لرد شئ من كلامه لظهور بطلانه إلا أن قال رحمه الله : ((.... ومن المشتهر عندهم أن تعليق الحكم بالمشتق يؤذن بالعلة . وهذا الأحمق ذاد قيداً فقال لا يشرك إلا من قصد و إعتقد الإستقلال من دون الله ، في تلبيه المشركين في الجاهلية(( لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك ))((فهؤلاء لم يدعوا الاستقلال وعلى زعم هذا ليسوا بمشركين)).( ) أنتهي كلامه رحمه الله وقال الإمام الحافظ سليمان بن عبدالله بن الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمهما الله في كتابه العظيم : (( التوضيح عن توحيد الخلاق في جواب أهل العراق وتذكرة أولي الألباب في طريقة الشيخ محمد بن عبدالوهاب )) داحضاً إفتراءات أمثال المفتري الرافضي جعفر سبحاني ما نصه : (( .... ولا محيص عن الأخذ في الأسباب فليس المتوكل من فتح للسارق الباب ولا من قال أنا متوكل إستغني عن الطعام والشراب قال أفضل الأحباب لمن سأل أيعقل الناقة أم يتكل : (( أعقلها وتوكل )) وأفضل المتوكلين أشد عباد الله حرصاً علي فعل الأسباب فقد أمر بأطفاء السراج ، والتسمية وإغلاق الأبواب ونفض الفرش وطي الثياب وحفظ الصبيان أول الليل لإنتشار الشياطين وهذا الباب لا يحصيه العادون من سنن المرسلين فالأخذ فيها لا ينافي التوكل لأنه الإنقطاع عن جميع الخلق وتفويض الأمور إلي الملك الحق وحده وحينئذ فلابد أن يعرف فيها ثلاثة أمور :-
أحدهما : أنها لا تستقل بالمطلوب بل تتعاطي عن غير ركون إليها ومع هذا فلها موانع ، فإن لم يكمل الله الأسباب ويدفع الموانع لم يحصل المقصود وهو سبحانه ما شاء كان وإن لم يشاء الخلق ، وما لم يشاء لم يكن وإن شاءه الخلق.
الثاني : أنه غير جائز إعتقاد أن الشئ سبب لا بعلم فمن أثبت شيئاً بلا علم أو بما يخالف الشريعة كان مبطلاً في إثباته آثماً في إعتقاداته.
الثالث : أن الأعمال الدينية لا يجوز أن يتخذ منها سبباً إلا أن يكون مشروعاً إما إستحباباً أو مأذوناً ، فإن العبادات مبناها علي التوقيف . فلا يجوز للإنسان أن يشرك بالله ما لم يترك به سلطاناً وأن يقول بلا علم فيدعوا غير الله بما لا يقدر عليه إلا الله هو سبحانه وتعالي وإن ظن إن ذلك سبب في حصول غرضه لإعتقاده أن ذلك المدعو يشفع له فيما دعاه فيه لأنه جنس ما اعتقده الأ ولون في ألهتهم وكذلك لا يجوز أن يعبد الله بالبدع المخالفة للشريعة وإن ظن ذلك سبب في حصول ما يطلبه من أغراض دنيا أو ثواب آخرة علي زعم إعتقاده ، فإن الشياطين قد تعين الإنسان علي بعض مقاصده إذا أشرك وقد يحصل له بالكفر والفسوق والعصيان بعض أغراضه فلا يحل له ذلك إذا المفسدة الحاصلة بذلك أعظم من المصلحة الحاصلة به والرسول (صلى الله عليه وسلم) إنما بعث لتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها فما أمر الله به فمصلحته راجحة فما نهي عنه فمفسدته راجحه (.... ومنه التداوي بالمحرمات مطلقاً فلم يحصل الله الشفاء فيما حرمه بل نزعه عنه وأوهنه والبدع التي ليست من شريعة الإسلام في شئ بل هي من شعب الشرك الظاهرة كأتربة أضرحة القبور لا يحل إستعمالها أدوية ولا تعاطيها لما في إستعمالها من الإعتقادات الباطلة والمفاسد في الدين الظاهرة فهي أشبه ما فعله المشركون الأولون بآلهتهم من تعظيم الأصنام والتبرك والتمسح بها وفي كل مشهد خاص وعام ومنه : ما أعتني به بعض الأغبياء الجهال العوام الضلال دعوتهم بدعاء تمخيشاً وتمشيشاً ودعوتهم في الشدائد بأسماء أهل الكهف وشمبخ وغيرهم وبالدعوات المجهولات يزعمون أن هذه من الأسماء العظام والأدعية المستجابات وأنه من الإنجيل والتوراة فكل هذا من تلبيس إبليس علي هولاء الجند الذين إختاروه وإختارهم فلسنا ملتزمين في شريعتنا بتلك الأدعية في الصباح والمساء ولم يقل بها أحد من العلماء الأدباء بل الأغبياء السفهاء من القصاص إختاروها لتغرير العوام وجمع الحطام فلم يعاملوا الله بالإخلاص قال تعالي : (( ولله الأسماء الحسني فأدعوه بها )) وأما الأسماء المنهي عنها فإن الشيطان يظهر تأثيرات ويوري تلبيسه فيها منافع ظاهراً في أكثر الأحيان وهي حسرات بل قد يكون التلفظ بتلك الكلمات كفراً لا يعرف معناها بالعربية قال الله تعالي : (( وما فرطنا في الكتاب من شئ )) وكل واسطة أو وسيلة نهي الشارع عنها لا يجوز إتخاذها في جلب نفع أو كشف ضر ....... وقال تعالي : (( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه)) أي لا أحد فلا يدانيه سبحانه أحد ولا يستقل سواه تعالي بما أراده ولا يعطي لما منعه فهذه الأسباب التي تتخذ وسائط ووسائل في الجلب والدفع اللذين لا يقدر عليهما إلا الله وحده منفية بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية إلا أسباباً وردت عن الله ورسوله كالتوحيد والصلاة بحضور قلب وخشوع وذل وإنكسار والدعاء والإستغفار بعد الإقلاع عن الذنب والندم علي فعله والعزم علي أن لا يعود إليه والأعمال الصالحة من صدقة وصلة رحم وطاعة الله وتقواه فهي الأسباب في جلب الخير ودفع الشر كما صرح به القرآن والسنة .)) ( ) انتهي كلامه رحمه الله وقال إمام الدعوة وشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله داحضا شبه من إستدل بإستغاثة شيعة موسي بموسي من أمثال هذا الرافضي الجاهل المدعو جعفر سبحاني . ما نصه : (( ولهم شبهة أخري وهو ما ذكره النبي (صلى الله عليه وسلم) أن الناس يوم القيامة يستغيثون بآدم ثم بنوح ثم بإبراهيم ثم بموسي ثم بعيسي فكلهم يعتذرون حتي ينتهوا إلي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قالوا فهذا يدل علي أن الإستغاثة بغيره لسيت شركاً.
والجواب : أن نقول : سبحان من طبع علي قلوب أعدائه . فإن الإستغاثة بالمخلوق فيما يقدر عليه لا ننكرها . كما قال الله تعالي في قصة موسي : (( فإستغاثه الذي من شيعته علي الذي من عدوه)) القصص 15)) وكما يستغيث الإنسان بأصحابه في الحرب أو غيره في أشياء يقدر عليها المخلوق ، ونحن أنكرنا إستغاثة العبادة التي يفعلونها عند قبور الأولياء أو في غيبتهم في الأشياء التي لا يقدر عليها إلا الله.
إذا ثبت ذلك فإستغاثتهم بالأنبياء يوم القيامة يريدون منهم أن يدعوا الله أن يحاسب الناس حتي يستريح أهل الجنة من كرب الموقف وهذا جائز في الدنيا والآخرة ، وذلك أن تأتي عند رجل صالح حي يجالسك ويسمع كلامك فتقول له : أدعو الله لي كما كان أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يسألونه ذلك في حياته وأما بعد موته فحاشا وكلا أنهم سألوه ذلك عند قبره ، بل أنكر السلف الصالح علي من قصد دعاء الله عند قبره فكيف بدعائه نفسه))( ) انتهي كلامه رحمه الله .
وقال شيخ الإسلام بن تيمية في معرض رده في دحض ضلالات أهل البدع والضلال الذين يزعمون أن الشرك لا يقع إلا إذا قصد الإستقلال كما زعم المدعو الرافضي جعفر سبحاني ما نصه : (( فصل ثم يقال هذا أيضاً يقتضي أن كلا منهما : ليس وأجباً بنفسه غنياً قيوماً بل مفتقراً إلي غيره في ذاته وصفاته كما كان مفتقراً إليه في مفعولاته ، وذلك إذا كان كل منهما مفتقراً إلي الآخر في مفعولاته عاجزاً عن الإنفراد بها إذ الإشتراك مستلزم لذلك ، كما تقدم فإما أن يكون قابلاً للقدرة علي الإستقلال بحيث يمكن ذلك فيه أو لا يمكن .
والثاني : ممتنع لأنه لو إمتنع أن يكون الشئ مقدوراً ممكناً لواحد : لإمتنع أن يكون مقدوراً ممكناً لأثنين ، وإذا جاز أن يكون مفعولاً مقدوراً عليه لأثنين وهو ممكن : جاز أيضاً لواحد وهذا بين إذا كان الإمكان ، والإمتناع لمعني في الممكن – المفعول المقدور عليه إذا صفاته ذاته لا تختلف في الحال وكذلك إذا كان لمعني في القادر فإن القدرة القائمة بإثنين لا تمتنع أن تقوم بواحد ، بل إمكان ذلك : معلوم ببديهة العقل بل من المعلوم ببديهة العقل أن الصفات بأسرها من القدرة وغيرها كلما كان محلها متحداً مجتمعاً كان أكمل لها من أن يكون متعدداً متفرقاً. ولهذا كان الإجتماع والإشتراك في الخلق بأن يوجب لها من القوة والقدرة ما لا يحصل لها إذا تفرقت وإنفردت وإن كانت أحدهما باقية . بل الأشخاص والأعضاء وغيرها من الأجسام المتفرقة قد قام بكل منها قدرة فإذا قدرإتحادها وإجتماعها وكانت تلك القدرة أقوي وأكمل ، لأنه حصل لها من الإتحاد والإجتماع : بحسب الإمكان ما لم يكن حين الإفتراق والتعداد ....... ومعلوم أنه هو لا يمكن أن يكمل نفسه وحده ويغيرها إذ التقدير أنه عاجز عن الإنفراد بمفعول منفصل عنه ، فأن يكون عاجزاً عن تكميل نفسه تغييره أولي ؟ وإذا كان هذا يمكن أن يتغير ويكمل ، هو لا يمكنه ذلك بنفسه لم يكن واجب الوجود بنفسه . بل يكون فيه إمكان وإفتقار إلي غيره .
والتقدير أنه واجب الوجود بنفسه (( غير واجب بنفسه )) فيكون واجباً ممكناً. وهذا تناقض إذ ما كان واجب الوجود بنفسه تكون نفسه كافيه في حقيقة ذاته وصفاته لا يكون في شئ في ذاته وصفاته مفتقراً إلي غيره ، أن ذلك كله داخل في مسمي ذاته بل ويجب أن لا يكون مفتقراً إلى غيره في شئ من أفعاله ومفعولاته فإن أفعاله القائمة به داخلة في مسمي نفسه ، وإفتقاره إلي غيره في بعض المفعولات : يوجب إفتقاره في فعله وصفته القائمة به إذ مفعوله صدر عن ذلك فلو كانت ذاته كاملة غنية : لم تفتقر إلي غيره في فعلها ، فإفتقاره إلي غيره بوجه من الوجوه : دليل عدم غناه ، وعلي حاجته إلي الغير ، وذلك هو الإمكان المناقض لكونه واجب الوجود بنفسه . ولهذا لما كان وجوب الوجود : هو من خصائص رب العالمين والغني عن الغير من خصائص رب العالمين : كان الإستقلال بالفعل من خصائص رب العالمين ، وكان التنزه عن شريك في الفعل المفعول من خصائص رب العالمين ، فليس في المخلوقات ما هو مستقل بشئ من المفعولات وليس فيها ما هو وحده علة قائمة وليس فيها ما هو مستغنياً عن الشريك في شئ من المفعولات بل لا يكون في العالم شئ موجود عن بعض الأسباب إلا بمشاركة سبب آخر له ).( ) إنتهى كلامه رحمه الله .
نقول للمفتري المدعو جعفر سبحاني بأن زعمك وزعم أسيادك الروافض بأن الإنسان لا يقع في الشرك إلا إذا أعتقد وقصد الإستقلال من دون الله زعم باطل وعاطل لأن المشركين الذين قاتلهم النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يدعوا الإستقلال دون الله ولم يعتقدوا بأن ألهتهم مستقلة من دون الله بل كانوا يحجون ويقولون فى تلبيتهم (( لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك )) فهولاء لم يدعوا الإستقلال وعلي زعم هذا الرافضي الخبيث جعفر سبحاني ليسوا بمشركين كما قال الإمام عبداللطيف آل الشيخ في دحضه لشبه العراقي وفيما سبق ذكرنا نص كلامه.
ثانياً قول المفتري الرافضي (( وإذا لاحظت كتب الوهابيين لرأيت أن الذي أوقعهم في الخطأ والإلتباس هو مشابهة عمل الموحدين في طلب الشفاعة والإستغاثة بالأموات والتوسل بهم لعمل المشركين عن أصنامهم معني ذلك أنهم أعتمدوا علي الأشكال والظواهر وغفلوا عن النيات والضمائر )) ( ) أهـ نقول يكفي في فساد قوله هذا قوله (( مشابهة عمل الموحدين في طلب الشفاعة والإستغاثة بالأموات والتوسل بهم لعمل المشركين .... الخ )) نقول لهذا الجاهل من المحال أن تتشابه عمل الموحدين لعمل المشركين و عقائدهم الفاسدة بل نقول للمفتري أن قولك هذا يدل علي فساد عقيدتك وإنطماس طويتك . ونقول بأن المشركين كانت نياتهم عبادة الله إلا أنهم جعلوا بينهم وبين الله وسائط من الأموات والأحياء وقالوا (( هولاء هم شفعاءنا عند الله )) وقالوا (( ما نعبدهم إلا ليقربونا إلي الله زلفي)) فحسن نياتهم ومقاصدهم لم تمنعهم من كونهم مشركين وكفار لأنهم طلبوا الشفاعة من غير الله وإستغاثوا بالأموات من الأنبياء والأولياء مثل عيسي واللات وسوعاً ويعوقا ونسرا وكان هولاء رجالاً صالحين في قوم نوح .
كما ذكر ذلك البخاري في صحيحه . وكان اللات رجلاً صالحاً في مكة ولا يستطيع المفتري أن ينكر هذه الحقائق . وثم نقول للمفتري أن هذه العقائد الفاسدة والخيالات الكاسدة التي قررتها هي عقيدة الفلاسفة والصابئة كما سيأتي في كلام شيخ الإسلام بن تيمية الذي ساقه الإمام عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن بن الإمام محمد بن عبدالوهاب في معرض دحضه لشبهات العراقي لما أتي بمثيل قولكم هذا يقول الإمام عبداللطيف آل الشيخ رحمه الله ما نصه : (( فصل وإستدل العراقي علي دعاء الصالحين وندائهم بالحوائج بقوله تعالي : (( فالمدبرات أمراً )) النازعات 50)) وذكر عن البيضاوي أنها أرواح الموتي .
الجواب : أن يقال قد حكي البيضاوي أقوالاً علي هذه الأية وقدم أنها الملائكة وحكي أنها النجوم وحكي أنها خيل الغزاة ، وحكي أنها أنغس الغزاة وعلي زعم هذا وطرد دليله كل ما ذكر يدعي مع الله حتي خيل الغزاة والبيضاوي لا يقول بدعاء أحد مع الله بل ذكر في تفسيره يعز إستقصاؤها في المنع من ذلك وتحريمه. ثم هذا القول الذي قاله العراقي رجوع إلي عبادة الملائكة والنجوم والأنفس المفارقة . وهذا حقيقة دين الصابئة أوقع العراقي فيه ظنه أن العبادة لا تكون عبادة وشركاً إلا إذا إعتقد التأثير من دون الله الشرط الذي أوقعه فيما وقع فيه من تجويز عبادة الملائكة والنجوم والأنفس المفارقة ، وهذه مسألة غلط فيها كثيراً من الضالين مع أن الله تعالي وضحها في كتابه توضيحاً كافياً شافياً ، وقد تقدم بعض ذلك قريباً. والشرك جعل شريك لله تعالي فيما يستحقه ويختص به من العبادة الباطنة والظاهرة ، كالحب والخضوع ، والتعظيم ، والخوف ، والرجاء ، والإنابة ، والتوكل ، والنسك ، والطاعة ، ونحو ذلك من العبادات . فمتي أشرك مع الله غيره في شئ من ذلك فهو مشرك بربه قد عدل به سواه وجعل له نداً من خلقه ولا يشترط في ذلك أن يعتقد له شركة في الربوية أو إستقلالاً بشئ منها . والعجب كل العجب أن مثل هولاء يقرؤون كتاب الله ، ويتعبدون بتلاوته وربما عرفوا شيئاً من قواعد العربية وهم في هذا الباب أضل خلق الله وأبعدهم عن فهم وحيه وتنزيله. ومن الأسباب المانعه عن فهم كتاب الله أنهم ظنوا أن ما حكي الله عن المشركين وما حكم عليهم ووصفهم به ، خاص بقوم مضوا وأناس سلفوا وأنقرضوا لم يعقبوا وارثاً.
وربما سمع بعضهم قول من يقول من المفسرين هذه الأية نزلت في عبادة الأصنام ، هذه في النصاري ، هذه في الصابئة ، فيظن الغُمر أن ذلك مختص بهم وأن الحكم لا يتعداهم ، وهذا من أكبر الأسباب التي تحول بين العبد وبين فهم القرآن والسنة وثم أعلم أن قول البيضاوي هنا قول لا يلتفت إليه ولا يعول في الدليل عليه لأنه مصدر عمن لا يرضي ولا يؤثم به في هذا الشأن ، ولا يقتدي ، ولم يقله أحد من أئمة التفسير والهدي ، بل قد صرحوا بخلافه كما يعرفه أولو الأحلام والنهي ، نهبوا علي أن أصل الشرك هو سؤال أرواح الموتي. والبيضاوي وأمثاله إنما يؤخذ عنهم ما شهدت له الأدله الشرعية وجري علي القوانين المرضية ، التي يتلقاها أهل العلم والإيمان من أحكام السنة والقرآن . وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : (( ذهاب الإسلام من ثلاثة : زله عالم ، وجدل منافق بالقرآن وحكم الأئمة المضلين)) ( ) وهذا لو سلمنا ثبوت العلم لمن يحكي مثل هذه الأقوال إلا فأين العنقاء لتطلب وأين السمندل ليجلب : ؟ وهل التحقيق من المفسرين علي أن المراد بهذه الأية هم الملائكة فأسناد التدبير إليهم كإسناد والنزع والنشط والزجر كما في قوله : (( فالمقسمات أمراً)) الزاريات 4 – وقوله : ((فالزاجرات أمراً فالتاليات ذكراً)) الصافات 2-3)) وليس في هذه الآيات الكريمات ما يدل علي دعاء الملائكة وعبادتهم فإنهم رسل مأمورون مدبرون كما أن إبلاغ الرسالة من الرسول البشري لا يدل علي دعائه ولا يقتضيه فكذلك الملائكة ، لأنهم رسل بالأوامر الكونية والشرعية والقدرة والتدبير وتسخير المخلوقات كل ذلك لله وحده . هو من أدلة توحيدة وإلهيته وصرف الوجوه إليه والإعراض عما سواه.
قال تعالي في حق الملائكة : (( وقالوا أتخذ الرحمن ولداً سبحانه بل عباد مكرمون )) إلي قوله : (( كذلك نجزي الظالمين )) الأنبياء 26)) وقال في شأن جبريل وغيره من الملائكة : ((وما تنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وخلفنا و ما بين ذلك وما كان ربك نسياً)) مريم 64)) فتأمل ما في هذا القول من كمال العبودية ومتابعة الأمر والبراءة من الملكة والحول والقوة والإعتراف له تعالي بذلك فإستدل بعموم الربوية ثم قال تعالي : ((وما كان ربك نسياً )) .... ثناء عليه تعالي بإثبات العلم ونفي ما يضاده أو ينافي كماله. قال تعالي في ضعف المسيح : (( لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله ولا الملائكة المقربون )) الأية : النساء 172)) والمقصود أن تسخير الملائكة وتدبيرها وإرسالها من أدلة إلهيته تعالي ، وإستحقاقة لانه يعبد وحده لا شريك له . ومن العجب أن هذا العراقي زعم أن للأرواح وتأثيراً في العالم ، مستدلاً بعبارة رآها في كتاب الروح وهذا غلط وخطأ واضح فإن ماذكره العلامه بن القيم ليس فيه أنها تدبر وتتصرف وتجيب من دعاها وليس فيه ( ) إلا مجرد الحكاية أن روح النبي (صلى الله عليه وسلم) وبعض أصحابه قد رآها بعض الناس عند القتال وأنها هزمت أهل الشرك وليس فيها أنها تدبر وتتصرف وهذه الروايا والقضية الجزئية لا دلالة فيها علي ما زعمه العراقي بوجه من الوجوه ، وأبلغ من هذا قوله تعالي : ((إذ تستغيثون ربكم فإستجاب لكم إني ممدكم بألف من الملائكة مردفين وما جعله الله إلا بشري ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم )) الأنفال ((9-10)) فأنظر هذه الأية الكريمة وما فيها من قطع التعلق والالتفات إلي غير الله مع أن المدد بالملائكة وقتالهم مشهود محسوس متواتر ، ولو قال إنسان بجواز دعاء الملائكة ، وطلب ذلك منهم والإستغاثه بهم عند الشدائد والحرب ، لكان ذلك كفراً ، وجواعاً إلي عبادة الملائكة والأنفس المفارقة. ومن نظر في كلام هذا الرجل عرف أنه أجنبي عن العلم لم يعرف ما جاءت به الرسل ونزلت به الكتب وكيف كان الشرك في الأمم. وإلا فأي تلازم بين ما ذكره ، وما أخبر الله به عند مدده بالملائكة ، وبين دعائهم ، والإستغاثة بهم والإستغاثة والإنابة في كشف الشدائد والمهمات والرجل وجد مادة وكتباً تشتت فهمه ، وحيرت عقله أراد الإستغناء بها فلم تزده إلا عنمي وجهلاً ، فأضاف إلي ذلك الجرأءة في الكذب علي الله ، وعلي رسله ، وعلي أولي العلم من خلقه ، كما كذب علي الشيخ بن تيمية وتلميذه إبن قيم الجوزية ، وزعم أنهما قالا : (( الأرواح تدبر وتتصرف بعد الموت ، والشيخ رحمه الله – نص علي أن القول بمثل هذا من أقوال الفلاسفة والصبابئة. قال رحمه الله : (( من قال إن أرواح الموتي تجيب من دعاها فهذا شبه قول من يقول الأرواح بعد المفارقة تجتمع هي الأرواح الزائرة فيقوي تأثيرها . وهذه المعاني ذكرها طائفة من الفلاسفة ومن أخذ عنهم كإبن سيناء وأبي حامد وغيرها . وهذه الأحوال هي من أصول الشرك وعبادة الأصنام ، وهي من المقاييس التي قال بعض السلف: (( ما عبدت الشمس والقمر إلا بالمقاييس )) وقال رحمه الله في الكلام علي رؤساء المتكلمين : وقد رأيت في مصنفاتهم في عبادة الملائكة وعبادة الأنفس المفارقة أنفس الملائكة وغيرها ما هو أصل الشرك)) وقال العلامه بن القيم – رحمه الله في مدارجه : (( من أنواعه . _ أي الشرك أكبر – طلب الحوائج من الموتي والإستغاثة بهم ، والتوجه إليهم وهذا أصل شرك العالم فإن الميت قد إنقطع عمله وهو لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً فضلاً عن من إستغاث به أو سأله أن يشفع به عند الله)). ( ) أهـ قلت في كلام الإمام عبداللطيف آل الشيخ رحمه الله دحض وكشف لضلالات المدعو جعفر سبحاني الخبيث. ويواصل المدعو جعفر سبحاني في ضلالاته ويصرح بل يتبجح بأن التوسل والإستغاثة بالميت ليس شركاً الا إذا إعتقد وقصد الإستقلال وإليكم نص كلامه : (( إنه قد ثبت في محله مشروعية التوسل بالأرواح المقدسة بالدلائل النقلية الصريحة ..... راجع للوقوف علي تلك الأدلة كشف الإرتباب ص 301 وعلي كل حال لا يمكن الإستغاثة بالميت شركاً إذ هولم يشرك والتوحيد هو أن الإعتقاد بعدم إستغلاله في ذاته وصفاته وأفعاله يعد إعترافاً بعبوديته ويعد التوجه به تكريماً وإحترامه لو تناسينا القاعدة لما وجد علي أديم الأرض موحداً أبداً ( ) ويواصل المفتري الضال المضل في ضلاله وزيفه ويقول : (( إذا كانت الإستغاثة (بالأرواح المقدسة) الأموات حسب تعبير الوهابيين)) ملازمه لنوع من الإعتقاد بالألوهية تلك الأرواح)) ....إلي أخر ضلالاته وإنحرافاته الواضحه الفاضحه.
نقول للمفتري الرافضي الخبيث أن ما قررته من الضلال والشرك هم مثل ما قرره المبتدع داؤود بن جرجيس العراقي قال العالم الإمام عبداللطيف آل الشيخ رحمه الله داحضاً إفتراءات العراقي وأمثاله من ذوي الضلال ما نصه : ((..... وأعجب من هذا أن يقول في رسالته : ((إني رأيت لمن يدعو الصالحين والأولياء ويناديهم في حاجاته أدله صحيحة ونيات صالحة ، ما تخرج عن التوحيد لأن المقصود التسبب ( ) والوسائل لا الإستقلال هذا كلامه . ومن بلغت به الجهالة والعمالة إلي هذه الغاية فقد إستحكم علي قلبه الضلال والفُساد ، ولم يعرف ما دعت إليه الرسل سائر الأمم والعباد . ومن له أدني صلة بالعلم وإلتفات ما جاءت به الرسل يعرف أن المشركين من كل أمة في كل قرن ما قصدوا من معبوداتهم وآلهتهم التي عبدوها مع الله إلا التسبب والتوسل والتشفع ليس إلا ولم يدعوا الإستقلال والتصرف لأحد من دون الله ولا قال أحد منهم سوي فرعون والذي حاج إبراهيم في ربه وقد قال تعالي : (( وجحدوا بها وإستيقنتها أنفسهم ظلماً )) النمل -14 فهم في الباطن يعلمون أن ذلك لله وحده . وقال تعالي في بيان قصدهم ومرادهم بدعاء غيره (( ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم)) الأية 18 سورة يونس)) وقال تعالي : (( والذين إتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلي الله زلفي أن الله يحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون )) الزمر -3)) وقال تعالي : (( فلو لا نصرهم الذين إتخذوا من دون الله قرباناً ألهه)) الأحقاف 28)) وقال تعلي : (( ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله )) البقرة 165 )) ، فأخبر تعالي أنهم تعلقوا علي ألهتهم ، ودعوهم مع الله للشفاعة والتقريب إلي الله بالجاه والنزلة وأحبوهم مع الله محبه تأله وتعبد ، لنيل أغراضهم الفاسدة ولم يريدوا منهم تدبيراً ولا تأثيراً ولا شركة ولا إستقلال .
يوضحه قوله تعالي : (( قل من يرزقكم من السماء والأرض)) إلي قوله (( أفلا تتقون)) يونس -31)) وقوله (( لمن الأرض ومن فيها )) إلي قوله : (( فأني تسحرون)) المؤمنون 84-89)) وقوله : (( أمن جعل الأرض قراراً)) إلي قوله : (( قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين)) النمل 61-64)) فتأمل هذه الآيات وما فيها من الحجج و البيانات تطلعك علي جهل هذا العراقي وأمثاله وأنهم ما عرفوا شرك المشركين وما كانوا عليه من القصد والدين ، ولم يعرفوا ما كان أنبياء الله وأتباعهم من توحيد رب العالمين وتأمل كيف أستدل الله سبحانه وتعالي علي توحيد الوهيته ووجوب عبادته وحده لا شريك له بما أقر به الخصم وأعترف به من توحيد ربوبيته وإستقلاله بالملك والخلق والتأثير والتدبير وهذه عادة القرآن دائماً يعرج علي هذه الحجه لأنها أكبر الحجج وأوضحها وأدلها علي المقصود وسبحان من جعل كلامه في أعلي طبقات البلاغة وافصاحة والجلالة والفخامة والدلاله والظهور في أي شبهة بعد هذا تبقي للمماحل المغرور . وأعلم أن دعاء الأموات الغائبين ليس بسبب بما يقصدة المشرك ويريدة بل هو سبب لنقيض قصده وحرمانه وهلاكه في الدنيا والأخرة قال تعالي : ((يدعوا من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ذلك هو الضلال البعيد (12) يدعوا لمن ضره أقرب من نفعه لبئس المولي ولبئس العشير)) الحج (( 12-13)) لانه في الحقيقة أنما عبد الشيطان ودعاه وأطاعه فيما أمر به ولذلك يتبراء الملائكة والصالحون ممن دعاهم وصرف لهم شيئاً من العبادة وايضاً فليس كل سبب يباح بل من الأسباب ما هو محرم وهو كفر كالسحر والتكهن . والغبي يظن أن الدليل يسلم له إذا أراد السبب لا الإستقلال وعبادة الكواكب وأصحاب النيرنجيات ومخاطبات النجوم يرون أنها أسباب ووسائل نافعة ويظنونها كالأسباب العادية وعبد القبور والأنفس والمفارقة يرون أن تعلق قلب الزائد وروحه بروح المزور سبب لنيل مقصوده وتحصيل نصيب مما يفيض علي روح ذلك المزور ، كما ذكره الفارابي من عبادة الكواكب والأنفس والمفارقة وقد قال بعض السلف : (( ما عبدت الشمس و القمر إلأ بالمقاييس ( ) انتهي كلامه رحمه الله تعالي ويواصل المدعو
مواضيع مماثلة
» الجزء الأول: سفسطات الرافضى جعفر سبحانى صاحب كتاب (
» الجزء الثانى : دحض سفسطات الرافضى جعفر سبحانى صاحب كتاب (
» الجزء الرابع : دحض سفسطات الرافضى جعفر سبحانى صاحب كتاب (
» الجزء الاول: دحض سفسطات الصوفى الختمى محمد احمد صاحب كتاب (براءة الشيعة من مفتريات الوهابية )
» الجزء الثانى: دحض سفسطات الصوفى الختمى محمد احمد صاحب كتاب (براءة الشيعة من مفتريات الوهابية )
» الجزء الثانى : دحض سفسطات الرافضى جعفر سبحانى صاحب كتاب (
» الجزء الرابع : دحض سفسطات الرافضى جعفر سبحانى صاحب كتاب (
» الجزء الاول: دحض سفسطات الصوفى الختمى محمد احمد صاحب كتاب (براءة الشيعة من مفتريات الوهابية )
» الجزء الثانى: دحض سفسطات الصوفى الختمى محمد احمد صاحب كتاب (براءة الشيعة من مفتريات الوهابية )
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى