الجزء الثانى : دحض ضلالات أحمد عبد الرحيم الفكى الصوف التجانى السودانى مؤلف كتاب ( رسالة المحققين فى الرد على الجهلاء الضالين )
صفحة 1 من اصل 1
الجزء الثانى : دحض ضلالات أحمد عبد الرحيم الفكى الصوف التجانى السودانى مؤلف كتاب ( رسالة المحققين فى الرد على الجهلاء الضالين )
فى قوله تعالى فى سورة هود : ((قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجواً قبل هذا ...)) قال البيضاوى تحت هذه الاية لما نرى فيك من مخايل الرشد والسداد ان تكون لنا سيداً ومستشاراً فى الامور وفى فتح البيان ((اى كنا نرجو ان تكون فينا سيداً مطاعاً ننتفع برايك ونسعد بسعادتك لما نرى فيك من مخايل الرشد والسداد لانه كان من قبيلتهم وكان يعين ضعيفهم ويغنى فقيرهم))أهـ ولكن لا بد من ان يعلم هناك ان من الرجاء ما هو مختص بالله تعالى بمعنى ان المرجوا فيه لا يصلح الا لله تعالى كرجاء كشف ضر والسؤ وتحويله واجابة المضطر اذا دعاه وانزال الماء من السماء وشفاء المريض وبسط الرزق واعطاء الاولاد ومغفرة الزنوب وغيرها مما لا يقدر عليه الا الله تعالى وهذا الرجاء هو الذى اثنى الله تعالى على فاعلية فى قوله تعالى: ((اولئك الذين يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه)) وهو الذى امرنا الله ان ندعوه متلبسين به)) حيث قال وادعوه خوفا وطمعاً)) فعبر عن الرجاء بالطمع . الى ان قال رحمه الله : واما كونه صلى الله عليه وسلم رجاء بمعنى المرجو بعد الموت فما ثبت منه بالكتاب والسنة المطهرة فهو على الراس والعين كالشفاعة يوم القيامة واما ما لم يثبت بواحد منهما فهو مردود . اذا تقرر هذا فأعلم ان معنى ما فى المرثية : انا كنا نرجو برك ورحمتك وشفقتك يدل عليه قولها : ((وكنت بنا براً ولم تكن جافياً وقولها : وكان بنا براً رحيماً نبينا)) والبر والرحمه والشفقة مما يقدر عليه النبى صلى الله عليه وسلم فيكون صلى الله عليه وسلم على هذا مرجواً منه والبر والرحمه والشفقه مرجواً فيكون الرجاء فى الشعر بمعنى المرجو الذى اريد منه وارادة المرجو منه من المرجو ثابته كما فى قوله تعالى : ((قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا)) ويمكن ان يقال ان المراد بالرجاء فى البيت المرجو ويقدر التمييز اى ككنت مرجونا برا ورحمه وجملة القول ان المراد فى مرثية صفية رضى الله عنها ليس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجاء فى كل امر فى الحياة بل فى الامر الذى يقدر عليه ، وبعد الوفاة فى الامر الذى ثبت بالكتاب العزيز والسنة المطهرة كونه رجاء فيه ففى هذه المرثية لا دلالة على التوسل الذى يمنعه المنانعون اصلاً ، ومن ادعى اثبات التوسل المذكور منها فعليه البيان وليعلم ان الوارد فى المرثية ((كنت رجاءنا)) كذا فى مجمع الزوائد ولقد عرفه صاحب الرساله حيث كتب ((أنت)) بدل ((كنت)) ليدل هذا اللفظ على كونه صلى الله عليه وسلم رجاء غير مقيد بالحياة بل هو رجاء مطلقاً فى الحياة وبعد الممات فصار مصداقاً لقول الله تعالى ((فبدل الذين ظلموا قولاً غير الذى قيل لهم وسيعلم الذين ظلموا اى منقلب ينقلبون)) .
واما استدلال صاحب الرسالة بتلك المرثية على جواز النداء بعد وفاته فجوابه من وجوه:-
الاول : ان ((يا)) هنا للندبه لا للنداء كما فى قول فاطمة رضى الله عنها : ((ياابتاه أجاب ربا دعاه. يا ابتاه من جنة الفردوس مأواه يا أبتاه الى جبرائيل ننعاه)) رواه البخارى من حديث ثابت ابن انس وكما فى قول الصديق رضى الله عنه : بابى انت وامى يا نبى الله لا يجمع الله عليك موتتين)) رواه البخارى من حديث عائشة رضى الله عنها وفى رواية يزيد بن بابنوس عن عاشئة عن احمد انه اتاه من قبل راسه فحدر فاه فقبل جبهته ثم قال : وانبياه ثم رفع راسه فحدر فاه وقبل جبهته ثم قال : واصفياه ثم رفع راسه فحدر فاه وقبل جبهته وقال واخليلاه كذا فى المواهب ومنه قوله على رضى الله عنه حين توفى عمر رضى الله عنه وقد وضع على سريره يرحمك الله وكنت لارجوا ان يجعلك الله مع صاحبيك ، لانى كثيراً ما كنت اسمع رسول الله لى الله عليه وسلم يقول كنت وابوبكر وعمر وفعلت وابو بكر وعمر وانطلقت وابو بكر وعمر ، فانى كنت لارجو ان يجعلك الله معها)) رواه البخارى من حديث ابن عباس ويعين ما ذكرنا كونها واقعة فى الرثاء.
والثاني : انه لو سلم انه نداء قد يراد به غير المنادى قال الحافظ فى الفتح تحت حديث ((ان العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول الا ما يرضى ربنا وانا بفراقك يا ابراهيم لمحزونون)) وفيه وقوع الخطاب للغير وارادة غيره بذلك وكل منهما مأخوذ من مخاطبة النبى صلى الله عليه وسلم ولده مع انه فى تلك الحالة لم يكن ممن فيهم الخطاب بوجهين .
احدهما : صفرة ، والثاني ترعه . وانما اراد بالخطاب غيره من الحاضرين اشارة الى ان ذلك لم يدخل فى نهيه السابق)) أهـ ومن هذا القبيل ما روى عن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا سافر فأقبل قال ((يا ارض ربى وربك الله اعوذ بالله من شرك وشر ما فيك وشر ما خلق فيك وشر ما يدب عليك)) رواه ابو داؤد ومنه ما روى عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكه ((ما اطيبك من بلد واحبك الى ولولا ان قومى اخرجونى منك ما سكنت غيرك)) رواه الترمزى ومنه قول عمر رضى الله عنه انى لاعلم انكحجر ما تنفع ولا تضر ولولا انى رايت رسول الله صلى اله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك)) متفق عليه من حديث عابس بن ربيعه.
الثالث :اى الوجه الالث انه لو سلم ان المراد به المنادى فالنداء مجازى كندا المساء والجبال والارض والاطلال والمنازل والمطايا والقبور والمنانعون انما يمنعون النداء الحقيقي.
الرابع : انه لو سلم ثبوت النداء منها فلا يثبت منه مطلوب الخصم فان النزاع انما هو فى نداء يتضمن الدعاء والطلب بان يقول يا رسول الله لى الله عليه وسلم اكشف عنى السؤ واشف مرضى او يقول يا رسول الله ان يشفى مريضى ويكشف عنى السؤ فالمانعون يقولون : الاول شرك والثاني بدعة والمجوزون يجوزونهما وليس فى المرثية دعاء ولا طلبه انتهى كلام المحدث محمد بشير السهسوانى رحمه الله تعالى.
ويواصل المفترى المدعو احمد عبد الرحيم الفكى الصوفى التجانى السوداني فى ضلاله وزيفه وزيغة فيقول : ((وفى الاحاديث الصحيحه التى جاء التصريح فيها بالتوسل ما رواه الترمزى والنسائي والبيهقى والطبرانى باسناد صحيح عن عثمان بن حنيف وهو صحابى مشهور رضى الله عنه قال ان رجلاً ضريراً اتى الى النبى صلى اله عليه وسلم فقال ادعوا الله لى ان يعافينى فقال ان شئت دعوت وان شئت صبرت وهو خير قال فأدعه فامره ان يتوضأ ويحسن وضؤه ويدعوا بهدا الدعاء : ((اللهم انى اسالك واتوجه اليك بنبيك محمد نبى الرحمه يا محمد انى اتوجه بك الى ربى فى حاجتى لتقضي اللهم شغعه فعاد وقد ابصر)) وفى رواية قال ابن حنيف فوالله ما تفرقنا وطال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأن لم يكن به ضر قط)) ففى الحديث المذكور التوسل والنداء ايضاً واخرج هذا الحديث ايضاص البخارى فى تاريخه وابن ماجه والحاكم فى المستدرك بسناد صحيح وذكره جلال الدين السيوطى فى الجامع الكبير والصغير وليس لمنكر التوسل ان يقول هذا انما كان فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم انقوله غير مقبول لان هذا الدعاء استعمله الصحابه رضى الله عنهم والتابعون ايضاً بعد وفاته صلى الله عليه وسلم لقضاء حوائجهم فقد روى الطبرانى والبيهقى ان رجلاً كان يختلف الى عثمان بن عفان رضى الله عنه فى زمن خلافته فى حاجة فكان لا يلتفت اليه فى حاجته فشكى ذلك لعثمان ابن حنيف الراوى للحديث المذكور فقال : له توضأ ثم اتى المسجد فصلى ثم قال ((اللهم انى اسالك واتوجه اليك بنبينا محمد نبى الرحمه يا محمد انى اتوجه بك الى ربك لتقضى حاجتى وتذكر حاجتك فانطلق الرجل فصنع ذلك ثم اتى باب عثمان بن عان رضى الله عنه فجاء البواب فاخذ بيده فادخله على عثمان بن عفان رضى الله عنه فأجلسه معه فقال له اذكر حاجتك فذكر حاجته فقضاها فلقى بن حنيف فقال لابن حنيف جزاك الله خيراً ما كان ينظر لحاجتى حتى كلمته لى فقال ابن حنيف والله ما كلمته ولكن شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم اتاه ضرير يشتكى اليه ذهاب بصره الى اخر الحديث المتقدم فهذا توسل ونداء بعد وفاته صلى الله عليه وسلم )) انتهى كلامه :
اولاً : نقول فى الرد على المفترى الصوفى الجاهل:
ما يبلغ االعداء من جاهل *** ما يبلغ الجاهل من اهله
ثانياً: نقول لهذا المفترى الصوفى السوداني الجاهل البليد يردد ويدندن حول ما ردده احمد بن زينى دخلان والروافض الهالكين كما بينا وهذا مما يؤكد صحة ما قررنا مرارا وتكرارا بان عقيدة الشيعة و الصوفية وازيالهم واحده . وكذلك قرر هذا المفترى السودانى الضال طبق ما دعا اليه السبكى من الضلال المبين يقول السبكى ما نصه ((ويحسن التوسل والاستقاثة بالنبى صلى اله عليه وسلم الى ربه ولم ينكر ذلك احد من السلف والخلف حتى جاء ابن تيمية فانكر ذلك وعدل عن الصراط المستقيم وابتدع مالم يقله عالم وصار بين الاسلام مثله )) أهـ وقرر طبق ما قرره السبكى المفترى الهالك احمد بن زينى دخلان عاقبه الله بما يستحقفيقول ما نصه : ((والحاصل ان مهب اهل اسنة والجماعة صحة التوصل وجوازه بالنبى لى الله عليه وسلم فى حياته وبعد وفاته وكذا بغيره من الانبياء والمرسلين ، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم اجمعين وكا بالاولياء والصالحين لمادلت عليه الاحاديث السابقة )) أهـ قلت فيما سبق دحضنا هذه الشبهات التى روجها السبكى ودخلان وجعفر سبحانى واحمد الفكى وامثالهم من اهل الضلال ودحضنا شبوهاتهم هذه بنص الكتاب والسنة الصحيحة على فهم السلف الصالح من الصحابة والتابعين وفيما سياتى سندحض ما تروج من ضلالاتهم وجهالاتهم.
ثالثاً: نقول للمفترى احمد عبد الرحيم بان فهمك لحديث بن حنيف فهم باطل وعاطل وحديث بن حنيف ان صح لا يدل بوجهه من الوجوه على انواع التوسل البدعى . كما سيأتى فى كلام شيخ الاسلام رحمه الله يقول شيخ الاسلام ابن تيمية فى معرض رده على امثال السبكى ودخلان واحمد الفكى وجعفر سبحانى الرافضى وامثالهم من اهل الضلال لما استدلوا بحديث ابن حنيف ما نصه: ((وحجديث الاعمى الذى رواه الترمزى والنسائي هو من القسم الثانى من التوسل فان الاعمى قد طلب من النبى صلى الله عليه وسلم ان يدعو لهبان يرد الله عليه بصره فقال له ((ان شئت صبرت وان شئت دعو ةلك)) فقال بل ادعه فامره ان يتوضأ ويصلى ركعتين ويقول : ((اللهم انى اسالك بنبيك نبى الرحمه يا محمد يا رسول الله انى اتوجه بك الى ربى فى حاجتى هذه ليقضيها اللهم فشفعه فيّ)) فهذا توسل بدعاء النبى صلى الله عليه وسلم وشفاعته ودعا له النبى صلى الله عليه وسلم ولهذا قال وشفعه في فسال الله ان يقبل شفاعة رسوله فيه وهو دعاؤه وها الحديث ذكره العلماء فى معجزات النبى صلى الله عليه وسلم ودعائه المستجاب وما اظهره الله بركه دعائه من الخوارق والابراء من العاهات فانه صلى الله عليهوسلما ببركة دعائه لهذا الاعمى اعاد الله عليه بصره وهذا الحديث حديث الاعمى قد رواه المصنفون فى دلائل النبوه كالبيهقى وغيره رواه البيهقى من حديث عثمان بن عمر ن شعبة عن ابى جعفر الخطمى قال سمعت عمارة بن خزيمة بن ثابت يحدث عن عثمان بن حنيف ان رجلاً ضريراً اتى النى صلى الله عليه وسلم فقال : ادع الله ان يعافينى ، فقال له ((ان شئت اخرت ذلك فهو خير لك وان شئت دعوت)) قال فادعه ، فامره ان يتوضأ فيحسن الوضؤ ويصلى ركعتين ويدعو بهذا الدعاء : ((اللهم انى اسالك واتوجه اليك بنبيك محمد نبى الرمه ، يا محمد انى اتوجه بك الى ربى فى حاجتى هذه فيقضيها لى ، اللهمفشفعه في وشفعنى فيه قال فقام وقد ابصر ومن هذا الطريق رواه الترمزى من حديث عثمان بن عمر ومنها رواه النسائي وابن ماجه ايضاً وقال الترمزى هذا حديث حسن صحيح غريب لا يعرف الا من هذا الوجه من حديث اى حعفر وهو غير الخطمى هكذا وقع فى الترمزى وسائر العلماء قاولا هو ابو جعفر الخطمى وهو الصواب . وايضاً فالترمزى ومن معه لم يستوعبوا لفظه كما استوعبه العلماء بل رووه الى قوله ((اللهم شفعه في)) قال الترمزى : حدثنا محمود بن غيلان – حدثنا عثمان بن عمر حدثنا شعبه عن ابى جعفر عن عمارة عن خزيمة ابن ثابت عن عثمان بن حنيف ان رجلاً ضرير البصر اتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال : ((ادع الله لى ان يعافينى قال ان شئت صبرت فهو خير لك )) قال فأدعه قال فامره ان يتوضأ فيحسن وضؤه ويدعوا بهذا الدعاء : اللهم انى اسالك واتوجه اليك بنبيك محمد نبى الرحمه يا محمد انى توجهت بك الى ربى فى حاجتى هذه لتقضى ، اللهم شفعه في)) قا لالبيهقى : رويناه فى كتاب الدعوات بإسناد صحيح عن روح بن عباده عن شعبة ، قال : ففعل الرجل فبرأ ، قال وكذلك رواه حماد عن سلمه عن ابى جعفر الخطمى قلت: ورواه الامام احمد فى مسنده عن روح ابن عباده كما ذكره البيهقى قال احمد : حدثنا روح بن عباده حدثنا شعبة عن ابى جعفر المدينى: سمعت عمارة بن خزيمة ابن ثابت يحدث عن عثمان بن حنيف ان رجلاً ضريراً اتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبى الله ادع الله ان يعافينى قال ((قال لا بل ادع الله لى فامره ان يتوضأ وان يصلى وان يصلى ركعتين وان يدعو بهذا الدعاء : اللهم انى اسالك واتوجه اليك بنبيك محمد نبى الرحمه يا محمد انى اتوجه بك الى الله فى حاجتى هذه فتقضى لى وتشفعنى فيه وتشفعه في)) قا لففعل الرجل فبرى رواه البيهقى ايضاً من حديث شبيب بن سعيد الحبطى عن روح بن القاسم عن ابى جعفر المدينى وهو الخطمى عن ابى امامه سهل بن حنيف عن عثمان بن حنيف قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاه رجل ضرير يشتكى اليه ذهاب بصره فقال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لى قائد وقد شق على فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ائت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين ثم قال : ((اللهم انى اسالك واتوجه اليك بنبيك نبى الرحمه يا محمد انى اتوجه بك الى ربى فيجلى عن بصري ، اللهم فشفعه في وشفعنى فى نفسى قال عثمان بن حنيف والله ما تفرقنا ولا طال الحديث بنا حتى دخل الرجل كانه لم يكن به ضر قط )) فرواية شبيب عن روح عن ابى جعفر الخطمى خالفت رواية شعبة وحماد ابن سلمه فى الاسناد والمتن)) فان فى تلك انه رواه ابو جعفر عن عمارة بن خزيمة وفى هذه انه روااهعن ابى امامه سهل وفى تلك الروايه انه قال فتشفعه في وشفعنى فيه)) وفى هذه وشفعنى فى نفسى الى ان قال رحمه الله وحدثنى الاعمى حجة لعمرو عامه الصحابة رضواناللهعليهم اجمعين فانه انما امر الاعمى ان يتوسل الى الله بشفاعة النبى صلى الله عليه وسلم ودعائه لا بذاته وقال له فى الدعاء ((قل اللهم شفعه في)) واذا قدر ان بعض الصحابه امر غيره ان يتوسل بذاته لا بشفاعته ولم يأملا بالدعاء المشروع بل بعضه وترك سائره المتضمن للتوسل بشفاعته كان ما فعله عمر ابن الخطاب هو الموافق لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الحديث الذى رواه عن النبى لى الله عليه وسلم حجة عليه لا له والله اعلم )) أهـ واما قول المفترى المدعوا احمد عبد الرحيم ((وليس لمنكر التوسل ان يقول هذا انما كان فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم ان قوله غير مقبول لان هذا الدعاء استعمله الصحابه رضى الله عنهم والتابعون ايضاً بعد وفاته صلى الله عليه وسلم لقضاء حوائجهم فقد روى الطبراني والبيهقى ان رجلاً كان يختلف الى عثمان بن عفان رضى الله عنه – الحديث الى آخره نقول للمفترى الصوفى الجاهل ان هذا الحديث الذى تبجحت به ضعيف.
قال العلامه المحدث محمد بشير السهسواني داحضاً مزاعم المفترى احمد زينى دخلان لما استدلبحديث الاعمى ما نصه: قوله ((اى قول دخلان)) والاحاديث التى وردت فيها النداء للاموات والجمادات من غير اعتقاد الالهوية والتاثر كثيرة منها حديث الاعمى الذى تقدم روايته عن عثمان بن حنيف رضى الله عنه فان فيه يا محمد انه واتوجه بك الى ربك وتقدم ان الصحابة رضى الله عنهم استعملوا ذلك الدعاء بعد وفاته صلى الله عليه وسلم .
اقول الجواب عن حديث الاعمى على وجوهـ:-
الاول : ان الحديث ضعيفلان فى سنده عيسى بن ابى عيسى ماهان ابا جعفر الرازى التميمى وقد ضعفة احمد والنسائى وابو حاتم والفلاس وابن حبان وابو زرعه كما ظهر فيما تقدم من عبارة الذهبى.
الثاني: ان هذا النداء مجازى يطلب به استحضاراً المنادى فى القلب فيخاطب المشهود بالقلب كما يقول المصلى ((السلام عليك ايها النبى ورحمه الله وبركاته)) قال الشيخ ابن تيميه رحمه الله فى اقتضاء الصراط المستقيم)).
الثالث:- ان الاعمى انما طلب من النبى صلى الله عليه وسلم ان يدعوا له فى حياته وحضرته والدعاء فى حياته مما يقدر عليه النبى صلى الله عليه وسلم ولما كان طلب الدعاء من كل مسلم فى الحياة مشروعاً فما ظنك بسيد المرسلين والشافعين؟)) ويقول شيخ الاسلام داحضاً شبهات اهل الضلال والبدع فى معرض كلامه فى اسناد حديث عثمان بن حنيف الذى رواه البيهقى ما نصه فى ((قال البيهقى ورواه احمد بن شبيب بن سعيد عن ابيه بطوله وساقه من رواية يعقوب بن سفيان عن احمد بن شبيب بن سعيد قال ورواه ايضا هشام الدستوائي عن ابى جعفر عن ابى امامه ابن سهل عن عمه – وهو عثمان بن حنيف – ولم يذكر اسناده هذه الطرق.
قلت ((اى شيخ الاسلا م وقد رواه ابن السنى فى كتاب عمل اليوم والليله من هذا الطريق من حديث معاذ بن هشام عن ابيه عن ابى جعفر عن امامه بن سهل بن حنيف عن عمه عثمان ابن حنيف ورواه ايضا من حديث شعبه وحماد بن سلمه كلاهما عن ابى جعفر عن عمارة بن خزيمة ولم يروه احد من هؤلاء – لا الترمزى ولا النسائى ولا ابن ماجه – من تلك الطريق الغربية التى فيها الزياده – طريق شبيب بن سعيد عن روح بن القاسم لكن رواه الحاكم فى مستدركه من طريقين فرواه من حديث عثمان ابن عثمان بن عمر ...وشبيب هذا صدوق روى له البخارى لكنه قد روى له عن روح بن الفرج احاديث مناكير رواها ابن وهب وقد ظن انه غلط عليه . ولكن قد يقال مثلاً هذا اذا انفرد عن الثقات الذين هم احفظ منه مشل شعبة وحماد بن سلمه وهشام الدستوايئ بزيادة كان ذلك عليه فى الحديث لاسيما وفى هذه الروايه انه قال ((فشفعه في وشفعنى فى نفسي)) واولئك قالوا ((فشفعه في وشفعنى فيه)) ومعنى قوله ((وشفعنى فيه)) أي فى دعائه وسؤاله لى فيطابق قوله ((وشفعه في)) قال احمد بن عدي فى كتابه المسمى بالكامل فى اسماء الرجال – ولم يصنف فى فنه مثله: شبيب بن سعيد الحبطى ابو سعيد البصرى التميمى حدث عنه ابن وهب بالمناكير وحدث عن يونس عن الزهرى بنسخة الزهرى احاديث مستقيمة الى ان قال رحمه الله ((قلت هذان الحديثان اللذان انكرهما ابن عدى عليه رواهما عن روح بن القاسم وكذلك هذا الحديث ما رواه عنهبن وهب ايضاً كما رواه عنه ابنه لكنه لم يتقن لفظه كما اتقنه ابنه وهذا يصحح ما ذكره ابن عدى فعلم انه محفوظ عنه وابن عدى احال الغلط عليه لا على ابن وهبوهذا صحيح ان كان قد غلط واذا كان قد لط روح بن القاسم فى ذينك الحديثين امكن ان يكون غلط عليه فى هذا الحديث وروح ابن القاسم ثقة مشهور روى له الجماعه فلهذا لم يحيلوا الغلط عليه والرجل قد يكون حافظاً لما يرويه عن شيخ وغير حافظ لما يرويه عن آخر مثل اسماعيل بن عياش فيما يرويه عن الحجازين فانه يغلط فيه. بخلاف ما يرويه عن الشاميين. ومثل سفيان ابن حسين فيما يرويه عن الزهرى ومثل هذا كثير فيحتمل ان يكون هذا يغلط فيما يرويه عن روح ابن القاسم – ان كان الامر كما قاله ابن عدى وهذامحل نظر . وقد روى الطبراني هذا الحديث فى المعجم من حديث ابن وهب عن شبيب ابن سعيد رواه من حديث اصبغ بن الفرج : حدثنا عبد الله ابن وهب عن شبيب ابن سعيد المكي عن روح بن القاسم عن ابى جعفر الخطمي المدنى عن ابى امامه ابن سهل بن حنيف عن عمه عثمان بن حنيف ان رجلاً كان يختلف الى عثمان بن عفان فى حاجه له فلقى عثمان بن حنيف فشكا اليه ذلك فقال له عثمان بن حنيف : ائت الميضأة فتوضأ ثم أئت المسجد فصل فيه ركعتين ثم قال ((اللهم انى اسألك وأتوجه اليك بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم نبى الرحمه يا محمد انى اتوجه بك الى ربك عز وجل فيعظنى لحاجتى وتذكر حاجتك وروح حتى اروح معك فأنطلق الرجل فصنع ما قال له ثم اتى باب عثمان بن عفان فأجلسه معه على الطقسه وقال حاجتك فذكر حاجته فقضاها له ثم قال له : ما ذكرت حاجتك حتى كانت هذه الساعة وقال ما كانت لك فأتنا ثم ان الرجل خرج من عنده فلقى عثمان بن حنيف فقال له جزاك الله خيرا ما ينظر فى حاجتى ولا يلتفت الى كلمته في فقال له عثمان بن حنيف والله ما كلمته ولكن شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم واتاه ضرير فشكا اليه ذهاب بصره فقال له النبى صلى الله عليه وسلم : افتصبر ؟ فقال : يا رسول الله انه ليس لى بقائد وقد شق عليى فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أئت الميضأ فتوضأ ثم صل ركعتين ثم ادع بهذه الدعوات فقال عثمان ابن حنيف فوالله ما تفرقنا ولا طال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأنه لك يكن به ضر قط.
قال الطبرانى روى هذا الحديث شعبة عن ابى جعفر واسمه عمير بن زيد وهو ثقة تفرد بهعن عثمان بن عمر عن شعبة قال ابو عبد الله المقدسي والحديث صحيح.
قلت : ((أي شيخ الاسلام بن تيميه والطبرانى ذكر تفرده بملغ علمه ولم تبلغه رواية روح بن عبادة عن شعبة وذلك اسناد صحيح يبين انه لم ينفرد به عثمان بن عمر وطريق بن وهب هذه تؤييد ما ذكره ابن عدى فانه لم يحررلفظ الرواية كما حرها ابنه بل ذكر فيها ان الاعمى دعا بمثل ما ذكره عثمان بن حنيف وليس كذلك بل ف حديث الاعمى انه قال ((اللهم قشفعه في وشفعني فيه)) او قال فى نفسي)) وهذه لم يذكرها ابن وهب فى روايته فيشبه ان يكون حديث ابن وهب من حفظه كما قال بن عدي فلم يتقن الرواية وقد روى ابو بكر ابن ابى خيثمة فى تاريخه حديث حماد بن سلمه فقال: حدثنا مسلم بن ابراهيم حدثنا حماد بن سلمه حدثنا ابو جعفر الخطمى عن عمارة ابن خزيمه عن عثمان بن حنيف ان رجلاً أعمى اتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال انى اصبت فى بصري فادع الله لى قال ((أذهب فتوضأ وصل ركعتين ثم قال : اللهم انى اسالك واتوجه اليك بنبى محمد نبى الرحمه يا محمد انى استشفع بك على ربى فى رد بصرى ،اللهم فشفعنى فى نفسى وشفع نبى فى رد بصري وان كانت حاجه فافعل مثل ذلك فرد الله عليه بصره قال ابن ابى خيثمة: وابو جعفر هذا الذى حدث عنه حماد بن سلمه اسمه عمير بن يزيد وهو ابو جعفر الذى يروى عن شعبة ، ثم ذكر الحديث من طريق عثمان بن عمر عن شعبة وهذه الطريق فيها : ((فشفعنى فى نفسي)) مثل طريق روح بن القاسم وفيها زياده اخرى فى قوله ((وان كانت حاجة فأفعل مثل ذلك – او قال فعل مثل ذلك)) وهذه قد يقال انها توافق رواية عثمان بن حنيف لكن شعبة بن القاسم احفظ من حماد بن سلمه واختلاف الالفاظ يدل ان مثل هذه الرواية قد تكون بالمعنى وقوله ان كانت حاجة فعل مثل ذلك)) قد يكون مدرجاً من كلام عثمان لا من كلام النبى صلى الله عليه وسلمفانه لم يقل ((وان كان لك حاجه فعلت مثل ذلك)) بل قال ((وان كانت حاجه فعل مثل ذلك)).
وبالجمله فهذه الزياده لو كانت ثابته لم تكن فيها حجة وانما غايتها ان يكون عثمان بن حنيف ظن ان الدعاء يدعى ببعضه دون البعض فانه لم يأمره بالدعاء المشروع بل ببعضه وظن ان هذا مشروع بعد موته صلى الله عليه وسلم ولفظ الحديث يناقض ذلك فان فى حديث الاعمى سال النبى صلى الله عليه وسلم ان يدعوا له وانه علم الاعمى ان يدعو وامره فى الدعاء ان يقول: ((اللهم فشفعه في)) وانما يدعو بهذا الدعاء اذا كان النبى صلى الله عليه وسلم داعياً وشافعاً له بخلاف من لم يكن كذلك فهذا يناسب شفاعته ودعاءه للناس فى محياه فى الدنيا ويوم القيامة اذا شفع لهم فيه ايضاً انه قال ((وشفعنى فيه)) وليس المراد ان يشفع للنبى صلى الله عليو وسلم فى حاجة للنبى صلى الله عليه وسلم وان كنا مأمورين بالصلاة والسلام عليه وامرنا ان نسال الله له الوسيلة ، ففى صحيح الخارى عن جابر ابن عبد الله ان رسول الله صلى اله عليه وسلم قال ((من قال اذا سمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذى وعدته حلت له شفاعتى يوم القيامة)) وفى مسلم عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((اذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فان من صلى علي صلاة صلى الله عليه عشراً ثم سلوا لى الوسيلة فانها درجة فى الجنة لا تنبغى الا لعبد من عباد الله وارجو ان اكون انا ذلك العبد فمن سال الله لى الوسيلة هو دعا له وهو معنى الشفاعة ، ولهذا كان الجزاء من جنس العمل . فمن صلى عليه صلى الله عليه ، ومن سال الله له الوسيلة المتضمنه لشفاعته شفع له صلى الله عليه وسلم كذلك الاعمى سال منه الشفاعة فامره ان يدعوا الله بقبول هذه الشفاعة وهو كالشفاعة فى الشفاعة فلهذا قال : ((اللهم فشفعه في وشفعنى فيه)) وذلك ان قبول دعاء النبى صلى الله عليه وسلم فى مثل هذا هو من كرامة الرسول على ربه ولهذا عد هذا من اياته ودلائل نبوته فهو كشفاعته يوم القيامة فى الخلق- ولهذا امر طالب الدعاء ان يقول ((فشفعه فى وشفعنى فيه)) بخلاف قوله : ((وشفعنى فى نفسي)) فان هذا اللفظ لم يروه أحد الا من هذا الطريق الغريب. وقوله ((وشفعنى فيه)) رواه عن شعبة رجلان جليلان: عثمان بن عمر وروح بن عباده وشعبة اجل من روى هذا الحديث ومن طريق عثمان بن عمر عن شعبة رواه الثلاثة – الترمزى والنسائي وابن ماجه – رواه عن احمد بن سيار عن عثمان بن عمر وقد رواه احم دفى المسند عن روح بن عبادة عن شعبة فكان هؤلاء احفظ للفظ الحديث مع ان قوله ((وشفعنى فى نفسي)) ان كان محفوظاً مثل ما ذكرناه وهو انه طلب ان يكون شفيعاً لنفسه مع دعاء النبى صلى الله عليه وسلم ولم يدع له النبى صلى الله عليه وسلمكان سائلاً مجرداً كسائر السائلين ولا يسمى مثل هذا شفاعة وانما الشفاعة اا كان هناك اثنان يطلبان امراً فيكون احدهما شفيعاً للاخر بخلاف الطالب الواحد الذى لم يشفع غيره فهذه الزيادة فيها عة علل انفراد هذا بها عن من هو اكبر واحفظ منه واعراض اهل السنن عنها واضطراب لفظها وان راويها عرف له – عن روح هذا احاديث منكرة ومثل هذا يقتضى حصول الريب والشك فى كونها ثابته فا حجة فيها اذا الاعتبار بما رواه الصحابى لا بما فهمه اذا كان اللفظ الذى رواه لا يدل على ما فهمه بل على خلافه ، ومعلوم ان الواحد بعد موته اذا قال : ((اللهم فشفعه في وشفعنى فيه)) مع ان النبى صلى الله عليه وسلم لم يدع له كان هذا كلاماً باطلاً مع ان عثمان بن حنيف لم يامره ن يسأل النبى صلى الله عليه وسلم شيئاً ولا ان يقول فشفعه فى)) ولم يأمره بالدعاء الماثور على وجهه وانما امره ببعضه ، وليس هناك من النبى صلى الله عليه وسلم شفاعة ولا ما يظن انه شفاعة فلو قال بعد موته : ((فشفعه في)) لكان كلاما لا معنى له ولهذا لم يامر به عثمان. والدعاء الماثور عن النبى صلى الله ليه وسلم ومثل هذا لا تثبت به شريعة كسائر ما ينقل عن آحاد الصحاب فى حسن العبادات او الابحات او الايجابات او التحريمات اذا لم يوافقه غيره من الصحابه عليه وكان ما يثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم يخالفه لا يوافقه لم يكن فعله سنة يجب على المسلمين اتباعها بل غايته ان يكون ذلك مما يسوغ فيه الاجتهاد ومما تنازعت فيه الامه فيجب رده الى الله والرسول ولهذا نظائر كثيرة مثل ما كان عمر يدخل الماء فى عينيه فى الوضؤ وياخذ لاذنيه ماء جديد وكان ابو هريرة يغسل يدية الى العضدين فى الوضؤ ويقول : من استطاع ان يطيع غرته فليفعل وروى انه كان يمسح عنقه ويقول هو موضع الغل فان هذا وان استحبه طائفة من العلماء اتباعاً لهما فقد خالفهم فى ذلك آخرون وقالوا : سائر الصحابة لم يكونوا يتوضؤون هكذا والوضؤ الثابت عنه صلى الله عليه وسلم الذى فى الصحيحين وغيرهما من غير وجه ليس فيه أخذ ماء جديد للاذنين ولا غسل مازاد على المرفقين والكعبين ولا مسح العنق ولا قال النبى صلى الله عليه وسلم : من استطاع ان يطيل غرته فليفعل بل هذا من كلام ابى هريرة جاء مدرجاً ف بعض الاحاديث وانما قال النبى صلى الله عليه وسلم ((انكم تاتون يوم القيامه محجلين من آثار الوضؤ وكان صلى الله عليه وسلم يتوضأ حتى يشرع فى العضد والساق قال ابو هريرة من استطاع ان يطيل غرته فليفعل)) وظن من ظن ات عسل العضد من اطالة الغرة وهذا لا معنى له فإن الغرة فى الوجه لا فى اليد والرجل وانما اليد والرجل الحجله والغرة لا يمكن اطالتها فان الوجه كله لا يغسل الراس ولا غرة فى الراس والحجله لا يستحب اطالتها واطالتها مثلة . وكذلك بن عمر كان يتحرى ان يسير مواضع سير النبى صلى الله عليه وسلم وينزل مواضع منزله ويتوضأ فى السفر حيث رآه يتوضأ ويصب فضل مائة على شجرة صب عليها ونحو ذلك مما استحبه طائفة من العلماء ورواه مستحباً ولم يستحب ذلك جمهور العلماء كما لم يستحبه ولم يفعله اكابر الصحابه كابى بكر وعمر وعثمان وعلى وابن مسعود ومعاذ ابن جبل وغيرهم لم يفعلوا مثل ما فعل بن عمر . ولو رأوه مستحباً لفعلوه كما كانوا يتحرون متابعته والاقتداء به وذلك لان المتابعه ان يفعل مثل ما فعل على الوجه الذى فعل فاذا فعل فعلاً على وجه العباده شرع لنا ان نفعله على وجه العبادة اذا قصد تخصيص مكان او زمان بالعباده خصصناها بذلك كما كان يقصد ان يطوف حول الكعبه وان يلتمس الحجر الاسود وان يصلى خلف المقام وكان يتحرى الصلاة خلف اسطوانة مسجد المدينة وقصد الصعود على الصفا والمروه والدعاء ولاذكر هناك وكذلك عرفة ومزدلفه وغيرهما واما ما فعله بحكم الاتفاق ولم يقصده مثل ان ينزل بمكان ويصلى فيه ولكونه نزله لا قصداً لتخصيصه بالصلاة والنزول فيه . فاذا قصدنا تخصيص ذلك المكان بالصلاة فيه او النزول لم نكن متبعين بل هذا من البدع التى كان ينهى عنها عمر بن الخطاب كماثبت بالاسناد الصحيح من حديث شعبة عن سليمان التميمى عن المعرور بن سويد قال كان عمر بن الخطاب فى سفر فصلى الغداة ثم اتى مكان فجعل الناس يأتون فيقولون وصلى فيه النبى لى الله عليه وسلم فقال عمر : انما هلك اهل الكتاب انهم اتبعوا اثار ابيائهم فاتخذوها كنائس وبيعاً فمن عرضت له الصلاة فليصل والا فليمض)) فلما كان النبى صلى الله عليه وسلم لم يقصد تخصيصه بالصلاة فيه بل صلى فيه لان موضع نزوله رأى عمر ان مشاركته فى صورة الفعل من غير موافقة له فى قصده ليس متابعة ، بل تخصيص ذلك المكان بالصلاة من بدع اهل الكتاب التى هلكوا بها ونهى المسلمين عن التشبه بهم فى ذلك ففاعل ذلك متشبه بالنبى صلى الله عليه وسلم فى الصورة ومسبه باليهود والنصارى فى القصد الذى هو عمل القلب – وهذا هو الاصل فان المتابعة فى السنة ابلغ من المتابعة فى ورة العمل ولهذا لم اشتبه على كثير من العلماء جلسة الاستراحة : هل فعهلا استحباباً او لحاجه عاضة تنازعوا فيها وكذلك نزوله بالمحصب عند الخروج من منى لما اشتبه : هل فعله لانه كان اسمح بخروجه او لكونه سنة ؟ تنازعوا فى ذلك ومن هذا وضع ابن عمر يده على مقعد النبى صلى الله عليه وسلم وتعريف بن عباس بالبصرة وعمرو بن حريث بالكوفه فان هذا لم يفعله سائر الصحابة ولم يكن النبى صلى الله عليه وسلم شرعه لامته لم يمكن ان يقال هذا سنة مستحبة بل غايته ان يقال : هذا مما ساغ فيه اجتهاد ، لا لانه سنة مستحبه سنها النبى صلى الله عليه وسلم لامته. او يقال فى التعريف : انه لا باس به أحياناً لعارض اذا لم يجعل سنة راتبه هكذا يقول اه لالعلم فى ها وامثاله: تارة يكرهونه وتارة يسوغون فيه والاجتهاد وتارة يرخصون فيه اذا لم يتخذ سنة ولا يقول عالم بالسنة ان هذه سنة مشروعة للمسلمين فان ذلك انما يقال فيما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ ليس لغيره ان يسن ولا ان يشرع وما سنه خلفاءه الراشدون فانما سنوه بأمره فهو من سننه ولا يكون فى الدين واجباً الا ما اوجبه ولا حراماً الا ما حرمه ولا مستحباً الا ما استحبه ولا مكروهاً الا ما كرهه ولا مباحا الا ما اباحه وكذلك فى الاباحات كما استباح ابو طلحه اكل البرد وهو صائم واستباح حذيفه السحور بعد ظهور الضؤ المنتشر حق قيل هو النهار الا ان الشمس لم تطلع وغيرهما من الحابه لم يقل بذلك فوجب الرد الى الكتاب والسنة الى ان قال رحمه الله وقول بن عمر وغيره ان المحرم اذا مات بطل احرامه وفعل به ما يفعل بالحلال وقول بن عمر وغيره لا يجوز الاشتراط فى الحج وقول ابن عباس وغيره فى المتوفى عنها ليس عليها لزوم المنزل وقول عمرو بن مسعود ان المبتوته له االسكنى والنفقه وامثال ذلك مما تنازع فيه الصحابه فان هيجب فيه الرد الى الله والرسول ونظائر هذا كثيرة فلا يكون شريعه للام هالا ما شرعه رسول اله صلى الله عليه وسلم ومن قال من العلماء ((ان قول الصحابة حجه)) فانما قاله اذا لم يخالفه غيره من الصحابه ولا عرف نص يخالفه ثم اذا اشتهر ولم ينكروه كان اقرارا على القول فقد يقال هذا اجماع اقرارى اذا عرف انهم اقروه ولم ينكره احد منهم وهم لا يقرون على باطل واما اذا لم يشتهر فهذا ان عرف ان غيره لم يخالفه فقد يقال : ((هو حجة)) واما اذا عرف انه خالفه فليس بحجة بالاتفاق . واما اذا لم يعرف هل وافقه غيره او خالفه لم يجزم باحدهما ومتى كانت السنة تدل على خلافه كانت الحجة فى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا فيما يخالفها بلا ريب عند اهل العلم . واذا كان كذلك فمعلوم انه اذا ثبت عن عثمان ابن حنيف او غيره انه جعل من المشروع المستحب ان يتوسل بالنبى صلى اله عليه وسلم بعد موته من غير ان يكون النبى صلى الله عليه وسلم داعياً له ولا شافعاً فيه فقد علمنا ان عمر واكابر الصحابه لم يروا هذا مشروعاً بعد مماته كما كان يشرع فى حياته بل كانوا فى الاستسقاء فى صيانة يتوسلون به فلما مات لو يتوسلوا به بل قال عمر فى دعائه الصحيح المشهور الثابت باتفاق اهل العلم بمحضر من المهاجرين والانصار فى عام الرمادة المشهور لما اشتد بهم الجدب حتى حلف عمر ان لاي يأكل سمناً حتى يخصب الناس ثم لما استسقى بالناس قال : ((اللهم انا كنا اذا اجدبنا نتوسل اليك بنبينا فتسقنا وانا نتوسل اليك بعم نبينا فاسقنا فيسقون وهذا دعاء اخر عليه جميع الصحابه ولم ينكره احد مع شهرته وهو أظهر الاجماعات الاقرارية ودعاء بمثله معاوية بن ابى سفيان فى خلافته لما استسقى بالناس فلو كان توسلهم بالنبى صلى الله عليه وسلم بعد مماته كتوسلهم فى حياته لقالوا: كيف تتوسل بمثل العباس ويزيد بن الاسود ونحوها ونعدل عن التوسل بالنبى صلى الله عليه وسلم الذى هو افضل الخلائق وهو افضل الوسائل واعظمها عند الله ؟ فلما لم يقل ذلك احد منهم وقد علم انهم فى حياته انما توسلوا بدعائه وشفاعته وبعد مماته توسلوا بدعائه غيره وشفاعة غيره ، علم ان المشروع عندهم التوسل بدعاء المتوسل به لا بذاته . وحديث الاعمى حجة لعمر وعامة الصحابه رضوان الله عليهم فانه انما امر الاعمى ان يتوسل الى الله بشفاعة النبى صلى الله عليه وسلم ودعائه لا بذاته وقال فى الدعاء ((قل اللهم شفعه في)) واا قدر ان بعض الصحابه امر غيره ان يتوسل بذاته لا بشفاعته ولا يامر بالدعاء المشروع بل ببعضه وترك سائره المتضمن للتوسل بشفاعته كان المخالف لعمر مجحوجا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الحديث الذى رواه عن النبى صلى الله عليه وسلم حجه عليه لا له والله اعلم واما السؤال به من غير اقسام به فهذا ايضا مما منع منه غيره واحد من العلماء والسنن الصحيحة عن النبى صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين تدل على ذلك فان هذا انما يفعل على انه قربة وطاعة وانه مما يستجاب به الدعاء وما كان من هذا النوع فاما ان يكون واجباً واما ان يكون مستحباً ولا يكون قربة وطاعة ولا سبباً لاجابة الدعاء وقد تقدم بسط الكلام على هذا كله فمن اعتقد ذلك فى هذا او فى هذا فهو ضال وكانت بدعته من البدع السيئة وق تبين بالاحاديث الصحيحة وما استقرى من احوال النبى صلى الله علي وسلم وخلفائه الراشدين ان هذا لم يكن مشروعاً عندهم. وايضاً فقد تبين انه سؤال لله وايضا فقد تبين انه سؤال الله تعالى بسبب لا يناسب اجابه الدعاء وانه كالسؤال بالكعبه والطور والكرسي والمساجد وغير ذلك من المخلوقات ومعلوم ان سؤال الله بالمخلوقات ليس مشروعاً كما ان الاسام بها ليس مشروعاً بل هو منهى عنه فكما انه لا يسوغ لاحد ان يحلف بمخلوق فلا يحلف على الله بمخلوق ولا يساله بنفس مخلوق وانما يسال بالاسباب التى تناسب اجابة الدعاء كما تقدم تفصيله لكن قد روى فى جواز ذلك اثار واقوال عن بعض اهل العلم ولكن ليس فى المنقول عن النبى صلى الله عليه وسلم شئ ثابت بل كلها موضوعه واما النقل عن من ليس قوله حجة فبعضه ثابت وبعضه ليس بثابت والحديث الذى رواه احمد وابن ماجه وفيه: ((بحق السائلين عليك وبحق ممشاى هذا)) رواه احمد عن وكيع عن فضيل بن مرزوق عن عطية عن ابى سعيد الخدرى عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال اذا خرج الى الصلاة : اللهم انى اسالك بحق السائلين عليك وبحق ممشاى هذا لم اخرج اشراً ولا بطراً ولا ياء ولا سمعه خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك اسالك ان تنقذنى من النار وان تدخلنى الجنه وان تغفر لى ذنوبى انه لا يغفر الذنوب الا انت ، خرج معه سبعون الف ملك يستغفرون له واقبل الله عله بوجهه حتى يقضى صلاته )) وهذا الحديث هو من رؤية عطية العوفى عن ابى سعيد وهو ضعيف باجماع اهل العلم قد روى من طريق اخر وهو ضعيف ايضاً لا حجة فيه فان حق السائلين عليه ان يجيبهم وحق العابدين ان يثيبهم وهو حق احقه الله تعالى على نفسه الكريمه بوعده الصادق باتفاق اهل العلم وبايجابه على نفسه )) .
وقال العلامه المحدث بن ناصر الدين الابانى رحمه الله فى معرض كلامه عن حديث الاعمى ما نصه ((تنبيه: واعلم انه وقع فى بعض الطرق الاخرى لحديث الضرير السابق زيادتان لابد من بيان شذوهما وضعفهما حتى يكون القارى على بينه من امرها يفتر بقول ما احتج بهما على خلاف الحق والصواب.
الزيادة الاولى: زيادة حماد بن سلمه قال حدثنا ابو جعفر الخطمى فسااق اسناده مثل رواية شعبة ، وكذلك المتن الا انه اختصره بعض الشئ وزاد فى آخره بعد قوله : وشفع نبى فى رد بصري : ((وان كانت حاجه فافعل مثل ذلك)) رواه ابو بكر بن ابى خيثمة فى تاريخه فقال حدثنا مسلم ابن ابراهيم حدثنا حماد بن سلمه به. وقرأ على هذه الزيادة شيخ الاسلام بن تيميه فى القاعدة الجليله)) صفحة 102)) بتفرد حماد بن سلمه بها ومخالفته لرواية شعبة ، وهو اجل من روى هذا الحديث وهذا اعلال يتفق مع القواعد الحديثة ولا يخالفها البته وقول الغمارى فى ((المصباح)) ص 30)) بان حماداً ثقة من رجال الصحيح وزيادة الثقة مقبولة غفلة منه او تغافل عما تقرر فى المصطلح ان القبول مشروط بما اذا لم يخالف الراوى من هو اوثق منه قال الحافظ فى نخبة الفكر)): والزيادة مقبولة ما لم تقع منافيه لمن هو اوثق فان خولف بارجح ، فالراجح المحفوظ ومقابلة الشاذ)) قلت : وهذا الشرط مفقود هنا ، فإن حماد بن سلمه وان كان من رجال مسلم فهو بل شك دون شعبة فى الحفظ ، ويتبين لك ذلك بمراجعة ترجمة الرجلين فى كتب القوم ، فالاول اورده الذهبى فى الميزان)) وهو انما يورد فىه من تكلم فيه ووصفه بانه ثقة له اوهام)) بينما لم يورد فيه شعبة مطلقاً ويظهر لك الفرق بينهما بالتأمل فى ترجمة الحافظ لهما فقال فى التقريب)) حماد بن سلمه ثقة عابد اثبت الناس وتغير حفظه بآخره)).
ثم قال شعبه بن الحجاج ثقة حافظ متقن كان الثورى يقول هو امير المؤمنين فى الحديث وهو اول من فتش بالعراق عن الرجال وذب عن السنة وكان عابداً))قلت : اى المحدث الالباني)) اا تبين لك هذا عرفت ان مخالفة حماد لشعبة فى هذا الحديث دته عليه تلك الزياده غير مقبوله لانها منافية لمن هو اوثق ((منها فهي)) زيادة شاذه كما يشير اليه كلام الحافظ السابق فى النخبة)) ولعل حماداً روى هذا الحديث حين تغير فوقع فى الخطأ وكان الامام احمد اشار الى شذوذ هذه الزيادة فانه أخرج الحديث من طريق مؤمل ((وهو بن اسماعيل)) عن حماد عقب رواية شعبة المتقدمة – الا انه لم يسق لفظ الحديث بل أحال به على لفظ حديث شعبة فقال : ((فذكر الحديث)) ويحتمل ان الزيادة لم تقع فى رواية مؤمل عن حماد لذلك لم يشر اليها الامام احمد كما هى عادة الحفاظ اذا احالوا فى رواية على اخرى بينوا ما فى الرواية المحالة من الزياده على الاولى وخلاصة القول: ان الزياده لا تصح لشذوذها ولو صحت لم تكن على جواز التوسل بذاته صلى الله عليه وسلم لاحتمال ان يكون المعنى قوله: ((فافعل مثل ذلك)) يعنى من اتيانهصلى الله عليه وسلم فى حالة حياته وطلب الدعاء منه والتوسل به والتوضؤ والصلاة والدعاء الذى علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يدعو به والله اعلم.
الزيادة الثانية : قصة الرجل مع عثمان بن عفان وتوسله به صلى الله عليه وسلم حتى قضى له حاجته واخرجها الطبراني فى المعجم الصغير)) ص 103 – 104)) وفى الكبير 38/2/1/1-2)) من طريق عبد الله بن وهب عن شبيب بن سعيد المكى عن روح بن القاسم عن ابى جعفر الخطمى المدنى عن ابى امامه بن سهل بن حنيف عنعمه عثمان بن حنيف ان رجالاً كان يختلف الى عثمان بن عفان رضى الله عنه فى حاجه له ، فكان عثمان لا يلتفت اليه ولا ينظر فى حاجته فلقى عثمان بن حنيف فشكا ذلك اليه فقال له عثمان : ائت الميضاة فتوضأ ثم ائت المسجد فصل فيه ركعتين ثم قال ((اللهم انى اسالك واتوجه اليك بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم نبى الرحمه يا محمد انى اتوجه بك الى ربك عز وجل فيقضى لى حاجتى وتذكر حاجت ورح الى حتى اروح معك فانطلق الرجل فصنع ما قال ثم اتى باب عثمان بن عفان رضى الله عنه فجاء البواب حتى اخذ بيده فأدخله عليه فأجلسه معه على الطنفسة وقال: حاجتك ؟ فذكر حاجته فقضاها له ثم قال له: ما ذكرت حاجتك حتى كانت هذه الساعة وقال ما كانت لك من حاجة فاتنا ثم ان الرجل خرج من عنده فلقى عثمان بن حنيف فقال له جزاك الله خيراً. ما كان ينظر فى حاجتى ولا يلتفت الى حتى كلمته فى فقال عثمان بن حنيف : والله ما كلمته ولكن شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم واتاه ضرير فشكا اليه ذهاب بصره فقال له النبى صلى الله عليه وسلم فتصبر فقال: يا رسول الله انه ليس لى قاعد وقد شق على فقال : النبى صلى الله عليه وسلم ((ائت الميضأ ثم صلى ركعتين ثم ادع بهذه الدعوات قال عثمان ابن حنيف فوالله ما تفرقنا وطال بنا الحديث حتى دخا علينا الرجل كأنه لم يكن به ضر قط . قال الطبرانى : ((لم يروه عن روح بن القاسم الا شبيب بن سعيد ابو سعيد المكى وهو ثقة وهو الذى يحدث عنه احمد بن شبيب عن ابيه عن يونس بن يزيد الايلى وقد روى هذا الحديث شعبة عن ابى جعفر الخطمى – واسمه عمير بن يزيد وهو ثقة تفرد به عثمان بن عمر بن فارس عن شعبة والحديث صحيح قلت ((اى المحدث الالبانى : لا شك فى صحة الحديث وانما البحث الان فى هذه القصة التى تفرد به اشبيب بن سعيد كما قال الطبراني وشبيب هذا متكلم فيه وخاصة فى رواية ابن وهب عنه لكن تاعه عنه اسماعيل واحمد ابنا شبيب بن سعيد هذا اما اسماعيل فلا اعرفه ولم اجد من كره ، ولقد اغفلوه حتى لم يذكروه فى الرواه عن ابيه بخلاف اخيه احمد فانه صدوق واما ابو شبيب فملخص كلامهم فيه انه ثقة فى حفظه ضعف الا فى رواية ابنه احمد هذا عنه عن يونس خاصة فهو حجه فقال الذهبى فى الميزان : ((صدوق يغرب ، ذكره ابن عدى فى ((كامله)) فقال : له نسخه عن يونس بن يزيد مستقيمة حدث عنه بن وهب بمناكير قال بن المدينى : كان يختلف فى تجارة الى مصر وكتابه صحيح قد كتبته عن ابنه احمد قال بن عدى كان شبيب لعله يغلط ويهم اذا حدث من حفظه وارجو انه لا يعتمد فاذا حدث عنه ابنه احمد باحاديث يونس فكانه يونس اخر يعنى يجود)) فهذا الكلام يفيد ان شبيبا هذا لا باس بحديثة بشرطين اثنين:
الاول: ان يكون من رواية ابنه احمد عنه والثاني : ان يكون من رواية شبيب ابن يونس والسبب فى ذلك انه كان عنده كتب يونس بن يزيد كما قال بن ابى حاتم فى الجرح والتعديل عن ابيه ((2/1/359)) فهو اا حدث من كتبه هذه اجاد واذا حدث من حفظه وهم كما قال بن عدى وعلى هذا فقول الحافظ فى ترجمته فى التقريب)) لا باس بحديثه من رواية ابن وهب)) فيه نظر لانه اوهم انه لا باس بحديثه من رواية احمد عنه مطلقاً. وليس كذلك بل هذا مقيد بان يكون من روايته هو عن يونس لما سبق ويؤيده ان الحافظ نفسه اشار لهذا القيد فانه اورد شبيبا هذا فى ((من طعن عنه بعد ان ذكر من وثقه وقول بن عدى فيه بقوله : ((قلت اخرج البخارج من رواية ابنه عنه عن يونس احاديث ولم يخرج من روايته عن غير يونس ولا من رواية بن وهب عنه شيئاً فقد اشار رحمه الله بهذا الكلام الى ان الطعن قائم فى شبيب اذا كانت روايته عن غير يونس ولو من رواية ابنه احمد عنه وهذا هو الصواب كما بينته انفاً وعليه يجب ان يحمل كلامه فى التقريب)) توفيقاً بين كلامه ورفعاً للتعارض بينهما . اذا تبين هذا يظهر لك ضعف هذه القصة وعدم صلاحية الاحتجاج بها ثم ظهر لها فيها علة اخرى وهى الاختلاف على احمد فيها ، فقد اخرج الحديث ابن السنى فى ((عمل اليوم والليله)) ((ص 202)) والحاكم ((1 - 526)) من ثلاثه طرق عن احمد بن شبيب بدون القصة وكذلك رواه عون بن عمارة البصرى ثنا روح بن القاسم به اخرجه الحاكم وعون هذا وان كان ضعيفاً فروايته اولى من رواية شبيب لموافقتها لرواية شعبة ابن سلمة عن ابى جعفر الخطمى . وخلاصة القول ان هذه القصة ضعيفة منكرة لامور ثلاثة:
ضعف حفظ المتفرد بها ، والإختلاف عليه فيها ومخالفته للثقات الذين لم يذكروها فى الحديث وامر واحد من هذه الامور كاف لاسقاط هذه القصة فكيف بها مجتمعة؟
ومن عجائب التعصب واتباع الهوى ان الشيخ الغمارى اورد روايات هذه القصة فى ((المصباح)) صفحة
واما استدلال صاحب الرسالة بتلك المرثية على جواز النداء بعد وفاته فجوابه من وجوه:-
الاول : ان ((يا)) هنا للندبه لا للنداء كما فى قول فاطمة رضى الله عنها : ((ياابتاه أجاب ربا دعاه. يا ابتاه من جنة الفردوس مأواه يا أبتاه الى جبرائيل ننعاه)) رواه البخارى من حديث ثابت ابن انس وكما فى قول الصديق رضى الله عنه : بابى انت وامى يا نبى الله لا يجمع الله عليك موتتين)) رواه البخارى من حديث عائشة رضى الله عنها وفى رواية يزيد بن بابنوس عن عاشئة عن احمد انه اتاه من قبل راسه فحدر فاه فقبل جبهته ثم قال : وانبياه ثم رفع راسه فحدر فاه وقبل جبهته ثم قال : واصفياه ثم رفع راسه فحدر فاه وقبل جبهته وقال واخليلاه كذا فى المواهب ومنه قوله على رضى الله عنه حين توفى عمر رضى الله عنه وقد وضع على سريره يرحمك الله وكنت لارجوا ان يجعلك الله مع صاحبيك ، لانى كثيراً ما كنت اسمع رسول الله لى الله عليه وسلم يقول كنت وابوبكر وعمر وفعلت وابو بكر وعمر وانطلقت وابو بكر وعمر ، فانى كنت لارجو ان يجعلك الله معها)) رواه البخارى من حديث ابن عباس ويعين ما ذكرنا كونها واقعة فى الرثاء.
والثاني : انه لو سلم انه نداء قد يراد به غير المنادى قال الحافظ فى الفتح تحت حديث ((ان العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول الا ما يرضى ربنا وانا بفراقك يا ابراهيم لمحزونون)) وفيه وقوع الخطاب للغير وارادة غيره بذلك وكل منهما مأخوذ من مخاطبة النبى صلى الله عليه وسلم ولده مع انه فى تلك الحالة لم يكن ممن فيهم الخطاب بوجهين .
احدهما : صفرة ، والثاني ترعه . وانما اراد بالخطاب غيره من الحاضرين اشارة الى ان ذلك لم يدخل فى نهيه السابق)) أهـ ومن هذا القبيل ما روى عن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا سافر فأقبل قال ((يا ارض ربى وربك الله اعوذ بالله من شرك وشر ما فيك وشر ما خلق فيك وشر ما يدب عليك)) رواه ابو داؤد ومنه ما روى عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكه ((ما اطيبك من بلد واحبك الى ولولا ان قومى اخرجونى منك ما سكنت غيرك)) رواه الترمزى ومنه قول عمر رضى الله عنه انى لاعلم انكحجر ما تنفع ولا تضر ولولا انى رايت رسول الله صلى اله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك)) متفق عليه من حديث عابس بن ربيعه.
الثالث :اى الوجه الالث انه لو سلم ان المراد به المنادى فالنداء مجازى كندا المساء والجبال والارض والاطلال والمنازل والمطايا والقبور والمنانعون انما يمنعون النداء الحقيقي.
الرابع : انه لو سلم ثبوت النداء منها فلا يثبت منه مطلوب الخصم فان النزاع انما هو فى نداء يتضمن الدعاء والطلب بان يقول يا رسول الله لى الله عليه وسلم اكشف عنى السؤ واشف مرضى او يقول يا رسول الله ان يشفى مريضى ويكشف عنى السؤ فالمانعون يقولون : الاول شرك والثاني بدعة والمجوزون يجوزونهما وليس فى المرثية دعاء ولا طلبه انتهى كلام المحدث محمد بشير السهسوانى رحمه الله تعالى.
ويواصل المفترى المدعو احمد عبد الرحيم الفكى الصوفى التجانى السوداني فى ضلاله وزيفه وزيغة فيقول : ((وفى الاحاديث الصحيحه التى جاء التصريح فيها بالتوسل ما رواه الترمزى والنسائي والبيهقى والطبرانى باسناد صحيح عن عثمان بن حنيف وهو صحابى مشهور رضى الله عنه قال ان رجلاً ضريراً اتى الى النبى صلى اله عليه وسلم فقال ادعوا الله لى ان يعافينى فقال ان شئت دعوت وان شئت صبرت وهو خير قال فأدعه فامره ان يتوضأ ويحسن وضؤه ويدعوا بهدا الدعاء : ((اللهم انى اسالك واتوجه اليك بنبيك محمد نبى الرحمه يا محمد انى اتوجه بك الى ربى فى حاجتى لتقضي اللهم شغعه فعاد وقد ابصر)) وفى رواية قال ابن حنيف فوالله ما تفرقنا وطال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأن لم يكن به ضر قط)) ففى الحديث المذكور التوسل والنداء ايضاً واخرج هذا الحديث ايضاص البخارى فى تاريخه وابن ماجه والحاكم فى المستدرك بسناد صحيح وذكره جلال الدين السيوطى فى الجامع الكبير والصغير وليس لمنكر التوسل ان يقول هذا انما كان فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم انقوله غير مقبول لان هذا الدعاء استعمله الصحابه رضى الله عنهم والتابعون ايضاً بعد وفاته صلى الله عليه وسلم لقضاء حوائجهم فقد روى الطبرانى والبيهقى ان رجلاً كان يختلف الى عثمان بن عفان رضى الله عنه فى زمن خلافته فى حاجة فكان لا يلتفت اليه فى حاجته فشكى ذلك لعثمان ابن حنيف الراوى للحديث المذكور فقال : له توضأ ثم اتى المسجد فصلى ثم قال ((اللهم انى اسالك واتوجه اليك بنبينا محمد نبى الرحمه يا محمد انى اتوجه بك الى ربك لتقضى حاجتى وتذكر حاجتك فانطلق الرجل فصنع ذلك ثم اتى باب عثمان بن عان رضى الله عنه فجاء البواب فاخذ بيده فادخله على عثمان بن عفان رضى الله عنه فأجلسه معه فقال له اذكر حاجتك فذكر حاجته فقضاها فلقى بن حنيف فقال لابن حنيف جزاك الله خيراً ما كان ينظر لحاجتى حتى كلمته لى فقال ابن حنيف والله ما كلمته ولكن شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم اتاه ضرير يشتكى اليه ذهاب بصره الى اخر الحديث المتقدم فهذا توسل ونداء بعد وفاته صلى الله عليه وسلم )) انتهى كلامه :
اولاً : نقول فى الرد على المفترى الصوفى الجاهل:
ما يبلغ االعداء من جاهل *** ما يبلغ الجاهل من اهله
ثانياً: نقول لهذا المفترى الصوفى السوداني الجاهل البليد يردد ويدندن حول ما ردده احمد بن زينى دخلان والروافض الهالكين كما بينا وهذا مما يؤكد صحة ما قررنا مرارا وتكرارا بان عقيدة الشيعة و الصوفية وازيالهم واحده . وكذلك قرر هذا المفترى السودانى الضال طبق ما دعا اليه السبكى من الضلال المبين يقول السبكى ما نصه ((ويحسن التوسل والاستقاثة بالنبى صلى اله عليه وسلم الى ربه ولم ينكر ذلك احد من السلف والخلف حتى جاء ابن تيمية فانكر ذلك وعدل عن الصراط المستقيم وابتدع مالم يقله عالم وصار بين الاسلام مثله )) أهـ وقرر طبق ما قرره السبكى المفترى الهالك احمد بن زينى دخلان عاقبه الله بما يستحقفيقول ما نصه : ((والحاصل ان مهب اهل اسنة والجماعة صحة التوصل وجوازه بالنبى لى الله عليه وسلم فى حياته وبعد وفاته وكذا بغيره من الانبياء والمرسلين ، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم اجمعين وكا بالاولياء والصالحين لمادلت عليه الاحاديث السابقة )) أهـ قلت فيما سبق دحضنا هذه الشبهات التى روجها السبكى ودخلان وجعفر سبحانى واحمد الفكى وامثالهم من اهل الضلال ودحضنا شبوهاتهم هذه بنص الكتاب والسنة الصحيحة على فهم السلف الصالح من الصحابة والتابعين وفيما سياتى سندحض ما تروج من ضلالاتهم وجهالاتهم.
ثالثاً: نقول للمفترى احمد عبد الرحيم بان فهمك لحديث بن حنيف فهم باطل وعاطل وحديث بن حنيف ان صح لا يدل بوجهه من الوجوه على انواع التوسل البدعى . كما سيأتى فى كلام شيخ الاسلام رحمه الله يقول شيخ الاسلام ابن تيمية فى معرض رده على امثال السبكى ودخلان واحمد الفكى وجعفر سبحانى الرافضى وامثالهم من اهل الضلال لما استدلوا بحديث ابن حنيف ما نصه: ((وحجديث الاعمى الذى رواه الترمزى والنسائي هو من القسم الثانى من التوسل فان الاعمى قد طلب من النبى صلى الله عليه وسلم ان يدعو لهبان يرد الله عليه بصره فقال له ((ان شئت صبرت وان شئت دعو ةلك)) فقال بل ادعه فامره ان يتوضأ ويصلى ركعتين ويقول : ((اللهم انى اسالك بنبيك نبى الرحمه يا محمد يا رسول الله انى اتوجه بك الى ربى فى حاجتى هذه ليقضيها اللهم فشفعه فيّ)) فهذا توسل بدعاء النبى صلى الله عليه وسلم وشفاعته ودعا له النبى صلى الله عليه وسلم ولهذا قال وشفعه في فسال الله ان يقبل شفاعة رسوله فيه وهو دعاؤه وها الحديث ذكره العلماء فى معجزات النبى صلى الله عليه وسلم ودعائه المستجاب وما اظهره الله بركه دعائه من الخوارق والابراء من العاهات فانه صلى الله عليهوسلما ببركة دعائه لهذا الاعمى اعاد الله عليه بصره وهذا الحديث حديث الاعمى قد رواه المصنفون فى دلائل النبوه كالبيهقى وغيره رواه البيهقى من حديث عثمان بن عمر ن شعبة عن ابى جعفر الخطمى قال سمعت عمارة بن خزيمة بن ثابت يحدث عن عثمان بن حنيف ان رجلاً ضريراً اتى النى صلى الله عليه وسلم فقال : ادع الله ان يعافينى ، فقال له ((ان شئت اخرت ذلك فهو خير لك وان شئت دعوت)) قال فادعه ، فامره ان يتوضأ فيحسن الوضؤ ويصلى ركعتين ويدعو بهذا الدعاء : ((اللهم انى اسالك واتوجه اليك بنبيك محمد نبى الرمه ، يا محمد انى اتوجه بك الى ربى فى حاجتى هذه فيقضيها لى ، اللهمفشفعه في وشفعنى فيه قال فقام وقد ابصر ومن هذا الطريق رواه الترمزى من حديث عثمان بن عمر ومنها رواه النسائي وابن ماجه ايضاً وقال الترمزى هذا حديث حسن صحيح غريب لا يعرف الا من هذا الوجه من حديث اى حعفر وهو غير الخطمى هكذا وقع فى الترمزى وسائر العلماء قاولا هو ابو جعفر الخطمى وهو الصواب . وايضاً فالترمزى ومن معه لم يستوعبوا لفظه كما استوعبه العلماء بل رووه الى قوله ((اللهم شفعه في)) قال الترمزى : حدثنا محمود بن غيلان – حدثنا عثمان بن عمر حدثنا شعبه عن ابى جعفر عن عمارة عن خزيمة ابن ثابت عن عثمان بن حنيف ان رجلاً ضرير البصر اتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال : ((ادع الله لى ان يعافينى قال ان شئت صبرت فهو خير لك )) قال فأدعه قال فامره ان يتوضأ فيحسن وضؤه ويدعوا بهذا الدعاء : اللهم انى اسالك واتوجه اليك بنبيك محمد نبى الرحمه يا محمد انى توجهت بك الى ربى فى حاجتى هذه لتقضى ، اللهم شفعه في)) قا لالبيهقى : رويناه فى كتاب الدعوات بإسناد صحيح عن روح بن عباده عن شعبة ، قال : ففعل الرجل فبرأ ، قال وكذلك رواه حماد عن سلمه عن ابى جعفر الخطمى قلت: ورواه الامام احمد فى مسنده عن روح ابن عباده كما ذكره البيهقى قال احمد : حدثنا روح بن عباده حدثنا شعبة عن ابى جعفر المدينى: سمعت عمارة بن خزيمة ابن ثابت يحدث عن عثمان بن حنيف ان رجلاً ضريراً اتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبى الله ادع الله ان يعافينى قال ((قال لا بل ادع الله لى فامره ان يتوضأ وان يصلى وان يصلى ركعتين وان يدعو بهذا الدعاء : اللهم انى اسالك واتوجه اليك بنبيك محمد نبى الرحمه يا محمد انى اتوجه بك الى الله فى حاجتى هذه فتقضى لى وتشفعنى فيه وتشفعه في)) قا لففعل الرجل فبرى رواه البيهقى ايضاً من حديث شبيب بن سعيد الحبطى عن روح بن القاسم عن ابى جعفر المدينى وهو الخطمى عن ابى امامه سهل بن حنيف عن عثمان بن حنيف قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاه رجل ضرير يشتكى اليه ذهاب بصره فقال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لى قائد وقد شق على فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ائت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين ثم قال : ((اللهم انى اسالك واتوجه اليك بنبيك نبى الرحمه يا محمد انى اتوجه بك الى ربى فيجلى عن بصري ، اللهم فشفعه في وشفعنى فى نفسى قال عثمان بن حنيف والله ما تفرقنا ولا طال الحديث بنا حتى دخل الرجل كانه لم يكن به ضر قط )) فرواية شبيب عن روح عن ابى جعفر الخطمى خالفت رواية شعبة وحماد ابن سلمه فى الاسناد والمتن)) فان فى تلك انه رواه ابو جعفر عن عمارة بن خزيمة وفى هذه انه روااهعن ابى امامه سهل وفى تلك الروايه انه قال فتشفعه في وشفعنى فيه)) وفى هذه وشفعنى فى نفسى الى ان قال رحمه الله وحدثنى الاعمى حجة لعمرو عامه الصحابة رضواناللهعليهم اجمعين فانه انما امر الاعمى ان يتوسل الى الله بشفاعة النبى صلى الله عليه وسلم ودعائه لا بذاته وقال له فى الدعاء ((قل اللهم شفعه في)) واذا قدر ان بعض الصحابه امر غيره ان يتوسل بذاته لا بشفاعته ولم يأملا بالدعاء المشروع بل بعضه وترك سائره المتضمن للتوسل بشفاعته كان ما فعله عمر ابن الخطاب هو الموافق لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الحديث الذى رواه عن النبى لى الله عليه وسلم حجة عليه لا له والله اعلم )) أهـ واما قول المفترى المدعوا احمد عبد الرحيم ((وليس لمنكر التوسل ان يقول هذا انما كان فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم ان قوله غير مقبول لان هذا الدعاء استعمله الصحابه رضى الله عنهم والتابعون ايضاً بعد وفاته صلى الله عليه وسلم لقضاء حوائجهم فقد روى الطبراني والبيهقى ان رجلاً كان يختلف الى عثمان بن عفان رضى الله عنه – الحديث الى آخره نقول للمفترى الصوفى الجاهل ان هذا الحديث الذى تبجحت به ضعيف.
قال العلامه المحدث محمد بشير السهسواني داحضاً مزاعم المفترى احمد زينى دخلان لما استدلبحديث الاعمى ما نصه: قوله ((اى قول دخلان)) والاحاديث التى وردت فيها النداء للاموات والجمادات من غير اعتقاد الالهوية والتاثر كثيرة منها حديث الاعمى الذى تقدم روايته عن عثمان بن حنيف رضى الله عنه فان فيه يا محمد انه واتوجه بك الى ربك وتقدم ان الصحابة رضى الله عنهم استعملوا ذلك الدعاء بعد وفاته صلى الله عليه وسلم .
اقول الجواب عن حديث الاعمى على وجوهـ:-
الاول : ان الحديث ضعيفلان فى سنده عيسى بن ابى عيسى ماهان ابا جعفر الرازى التميمى وقد ضعفة احمد والنسائى وابو حاتم والفلاس وابن حبان وابو زرعه كما ظهر فيما تقدم من عبارة الذهبى.
الثاني: ان هذا النداء مجازى يطلب به استحضاراً المنادى فى القلب فيخاطب المشهود بالقلب كما يقول المصلى ((السلام عليك ايها النبى ورحمه الله وبركاته)) قال الشيخ ابن تيميه رحمه الله فى اقتضاء الصراط المستقيم)).
الثالث:- ان الاعمى انما طلب من النبى صلى الله عليه وسلم ان يدعوا له فى حياته وحضرته والدعاء فى حياته مما يقدر عليه النبى صلى الله عليه وسلم ولما كان طلب الدعاء من كل مسلم فى الحياة مشروعاً فما ظنك بسيد المرسلين والشافعين؟)) ويقول شيخ الاسلام داحضاً شبهات اهل الضلال والبدع فى معرض كلامه فى اسناد حديث عثمان بن حنيف الذى رواه البيهقى ما نصه فى ((قال البيهقى ورواه احمد بن شبيب بن سعيد عن ابيه بطوله وساقه من رواية يعقوب بن سفيان عن احمد بن شبيب بن سعيد قال ورواه ايضا هشام الدستوائي عن ابى جعفر عن ابى امامه ابن سهل عن عمه – وهو عثمان بن حنيف – ولم يذكر اسناده هذه الطرق.
قلت ((اى شيخ الاسلا م وقد رواه ابن السنى فى كتاب عمل اليوم والليله من هذا الطريق من حديث معاذ بن هشام عن ابيه عن ابى جعفر عن امامه بن سهل بن حنيف عن عمه عثمان ابن حنيف ورواه ايضا من حديث شعبه وحماد بن سلمه كلاهما عن ابى جعفر عن عمارة بن خزيمة ولم يروه احد من هؤلاء – لا الترمزى ولا النسائى ولا ابن ماجه – من تلك الطريق الغربية التى فيها الزياده – طريق شبيب بن سعيد عن روح بن القاسم لكن رواه الحاكم فى مستدركه من طريقين فرواه من حديث عثمان ابن عثمان بن عمر ...وشبيب هذا صدوق روى له البخارى لكنه قد روى له عن روح بن الفرج احاديث مناكير رواها ابن وهب وقد ظن انه غلط عليه . ولكن قد يقال مثلاً هذا اذا انفرد عن الثقات الذين هم احفظ منه مشل شعبة وحماد بن سلمه وهشام الدستوايئ بزيادة كان ذلك عليه فى الحديث لاسيما وفى هذه الروايه انه قال ((فشفعه في وشفعنى فى نفسي)) واولئك قالوا ((فشفعه في وشفعنى فيه)) ومعنى قوله ((وشفعنى فيه)) أي فى دعائه وسؤاله لى فيطابق قوله ((وشفعه في)) قال احمد بن عدي فى كتابه المسمى بالكامل فى اسماء الرجال – ولم يصنف فى فنه مثله: شبيب بن سعيد الحبطى ابو سعيد البصرى التميمى حدث عنه ابن وهب بالمناكير وحدث عن يونس عن الزهرى بنسخة الزهرى احاديث مستقيمة الى ان قال رحمه الله ((قلت هذان الحديثان اللذان انكرهما ابن عدى عليه رواهما عن روح بن القاسم وكذلك هذا الحديث ما رواه عنهبن وهب ايضاً كما رواه عنه ابنه لكنه لم يتقن لفظه كما اتقنه ابنه وهذا يصحح ما ذكره ابن عدى فعلم انه محفوظ عنه وابن عدى احال الغلط عليه لا على ابن وهبوهذا صحيح ان كان قد غلط واذا كان قد لط روح بن القاسم فى ذينك الحديثين امكن ان يكون غلط عليه فى هذا الحديث وروح ابن القاسم ثقة مشهور روى له الجماعه فلهذا لم يحيلوا الغلط عليه والرجل قد يكون حافظاً لما يرويه عن شيخ وغير حافظ لما يرويه عن آخر مثل اسماعيل بن عياش فيما يرويه عن الحجازين فانه يغلط فيه. بخلاف ما يرويه عن الشاميين. ومثل سفيان ابن حسين فيما يرويه عن الزهرى ومثل هذا كثير فيحتمل ان يكون هذا يغلط فيما يرويه عن روح ابن القاسم – ان كان الامر كما قاله ابن عدى وهذامحل نظر . وقد روى الطبراني هذا الحديث فى المعجم من حديث ابن وهب عن شبيب ابن سعيد رواه من حديث اصبغ بن الفرج : حدثنا عبد الله ابن وهب عن شبيب ابن سعيد المكي عن روح بن القاسم عن ابى جعفر الخطمي المدنى عن ابى امامه ابن سهل بن حنيف عن عمه عثمان بن حنيف ان رجلاً كان يختلف الى عثمان بن عفان فى حاجه له فلقى عثمان بن حنيف فشكا اليه ذلك فقال له عثمان بن حنيف : ائت الميضأة فتوضأ ثم أئت المسجد فصل فيه ركعتين ثم قال ((اللهم انى اسألك وأتوجه اليك بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم نبى الرحمه يا محمد انى اتوجه بك الى ربك عز وجل فيعظنى لحاجتى وتذكر حاجتك وروح حتى اروح معك فأنطلق الرجل فصنع ما قال له ثم اتى باب عثمان بن عفان فأجلسه معه على الطقسه وقال حاجتك فذكر حاجته فقضاها له ثم قال له : ما ذكرت حاجتك حتى كانت هذه الساعة وقال ما كانت لك فأتنا ثم ان الرجل خرج من عنده فلقى عثمان بن حنيف فقال له جزاك الله خيرا ما ينظر فى حاجتى ولا يلتفت الى كلمته في فقال له عثمان بن حنيف والله ما كلمته ولكن شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم واتاه ضرير فشكا اليه ذهاب بصره فقال له النبى صلى الله عليه وسلم : افتصبر ؟ فقال : يا رسول الله انه ليس لى بقائد وقد شق عليى فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أئت الميضأ فتوضأ ثم صل ركعتين ثم ادع بهذه الدعوات فقال عثمان ابن حنيف فوالله ما تفرقنا ولا طال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأنه لك يكن به ضر قط.
قال الطبرانى روى هذا الحديث شعبة عن ابى جعفر واسمه عمير بن زيد وهو ثقة تفرد بهعن عثمان بن عمر عن شعبة قال ابو عبد الله المقدسي والحديث صحيح.
قلت : ((أي شيخ الاسلام بن تيميه والطبرانى ذكر تفرده بملغ علمه ولم تبلغه رواية روح بن عبادة عن شعبة وذلك اسناد صحيح يبين انه لم ينفرد به عثمان بن عمر وطريق بن وهب هذه تؤييد ما ذكره ابن عدى فانه لم يحررلفظ الرواية كما حرها ابنه بل ذكر فيها ان الاعمى دعا بمثل ما ذكره عثمان بن حنيف وليس كذلك بل ف حديث الاعمى انه قال ((اللهم قشفعه في وشفعني فيه)) او قال فى نفسي)) وهذه لم يذكرها ابن وهب فى روايته فيشبه ان يكون حديث ابن وهب من حفظه كما قال بن عدي فلم يتقن الرواية وقد روى ابو بكر ابن ابى خيثمة فى تاريخه حديث حماد بن سلمه فقال: حدثنا مسلم بن ابراهيم حدثنا حماد بن سلمه حدثنا ابو جعفر الخطمى عن عمارة ابن خزيمه عن عثمان بن حنيف ان رجلاً أعمى اتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال انى اصبت فى بصري فادع الله لى قال ((أذهب فتوضأ وصل ركعتين ثم قال : اللهم انى اسالك واتوجه اليك بنبى محمد نبى الرحمه يا محمد انى استشفع بك على ربى فى رد بصرى ،اللهم فشفعنى فى نفسى وشفع نبى فى رد بصري وان كانت حاجه فافعل مثل ذلك فرد الله عليه بصره قال ابن ابى خيثمة: وابو جعفر هذا الذى حدث عنه حماد بن سلمه اسمه عمير بن يزيد وهو ابو جعفر الذى يروى عن شعبة ، ثم ذكر الحديث من طريق عثمان بن عمر عن شعبة وهذه الطريق فيها : ((فشفعنى فى نفسي)) مثل طريق روح بن القاسم وفيها زياده اخرى فى قوله ((وان كانت حاجة فأفعل مثل ذلك – او قال فعل مثل ذلك)) وهذه قد يقال انها توافق رواية عثمان بن حنيف لكن شعبة بن القاسم احفظ من حماد بن سلمه واختلاف الالفاظ يدل ان مثل هذه الرواية قد تكون بالمعنى وقوله ان كانت حاجة فعل مثل ذلك)) قد يكون مدرجاً من كلام عثمان لا من كلام النبى صلى الله عليه وسلمفانه لم يقل ((وان كان لك حاجه فعلت مثل ذلك)) بل قال ((وان كانت حاجه فعل مثل ذلك)).
وبالجمله فهذه الزياده لو كانت ثابته لم تكن فيها حجة وانما غايتها ان يكون عثمان بن حنيف ظن ان الدعاء يدعى ببعضه دون البعض فانه لم يأمره بالدعاء المشروع بل ببعضه وظن ان هذا مشروع بعد موته صلى الله عليه وسلم ولفظ الحديث يناقض ذلك فان فى حديث الاعمى سال النبى صلى الله عليه وسلم ان يدعوا له وانه علم الاعمى ان يدعو وامره فى الدعاء ان يقول: ((اللهم فشفعه في)) وانما يدعو بهذا الدعاء اذا كان النبى صلى الله عليه وسلم داعياً وشافعاً له بخلاف من لم يكن كذلك فهذا يناسب شفاعته ودعاءه للناس فى محياه فى الدنيا ويوم القيامة اذا شفع لهم فيه ايضاً انه قال ((وشفعنى فيه)) وليس المراد ان يشفع للنبى صلى الله عليو وسلم فى حاجة للنبى صلى الله عليه وسلم وان كنا مأمورين بالصلاة والسلام عليه وامرنا ان نسال الله له الوسيلة ، ففى صحيح الخارى عن جابر ابن عبد الله ان رسول الله صلى اله عليه وسلم قال ((من قال اذا سمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذى وعدته حلت له شفاعتى يوم القيامة)) وفى مسلم عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((اذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فان من صلى علي صلاة صلى الله عليه عشراً ثم سلوا لى الوسيلة فانها درجة فى الجنة لا تنبغى الا لعبد من عباد الله وارجو ان اكون انا ذلك العبد فمن سال الله لى الوسيلة هو دعا له وهو معنى الشفاعة ، ولهذا كان الجزاء من جنس العمل . فمن صلى عليه صلى الله عليه ، ومن سال الله له الوسيلة المتضمنه لشفاعته شفع له صلى الله عليه وسلم كذلك الاعمى سال منه الشفاعة فامره ان يدعوا الله بقبول هذه الشفاعة وهو كالشفاعة فى الشفاعة فلهذا قال : ((اللهم فشفعه في وشفعنى فيه)) وذلك ان قبول دعاء النبى صلى الله عليه وسلم فى مثل هذا هو من كرامة الرسول على ربه ولهذا عد هذا من اياته ودلائل نبوته فهو كشفاعته يوم القيامة فى الخلق- ولهذا امر طالب الدعاء ان يقول ((فشفعه فى وشفعنى فيه)) بخلاف قوله : ((وشفعنى فى نفسي)) فان هذا اللفظ لم يروه أحد الا من هذا الطريق الغريب. وقوله ((وشفعنى فيه)) رواه عن شعبة رجلان جليلان: عثمان بن عمر وروح بن عباده وشعبة اجل من روى هذا الحديث ومن طريق عثمان بن عمر عن شعبة رواه الثلاثة – الترمزى والنسائي وابن ماجه – رواه عن احمد بن سيار عن عثمان بن عمر وقد رواه احم دفى المسند عن روح بن عبادة عن شعبة فكان هؤلاء احفظ للفظ الحديث مع ان قوله ((وشفعنى فى نفسي)) ان كان محفوظاً مثل ما ذكرناه وهو انه طلب ان يكون شفيعاً لنفسه مع دعاء النبى صلى الله عليه وسلم ولم يدع له النبى صلى الله عليه وسلمكان سائلاً مجرداً كسائر السائلين ولا يسمى مثل هذا شفاعة وانما الشفاعة اا كان هناك اثنان يطلبان امراً فيكون احدهما شفيعاً للاخر بخلاف الطالب الواحد الذى لم يشفع غيره فهذه الزيادة فيها عة علل انفراد هذا بها عن من هو اكبر واحفظ منه واعراض اهل السنن عنها واضطراب لفظها وان راويها عرف له – عن روح هذا احاديث منكرة ومثل هذا يقتضى حصول الريب والشك فى كونها ثابته فا حجة فيها اذا الاعتبار بما رواه الصحابى لا بما فهمه اذا كان اللفظ الذى رواه لا يدل على ما فهمه بل على خلافه ، ومعلوم ان الواحد بعد موته اذا قال : ((اللهم فشفعه في وشفعنى فيه)) مع ان النبى صلى الله عليه وسلم لم يدع له كان هذا كلاماً باطلاً مع ان عثمان بن حنيف لم يامره ن يسأل النبى صلى الله عليه وسلم شيئاً ولا ان يقول فشفعه فى)) ولم يأمره بالدعاء الماثور على وجهه وانما امره ببعضه ، وليس هناك من النبى صلى الله عليه وسلم شفاعة ولا ما يظن انه شفاعة فلو قال بعد موته : ((فشفعه في)) لكان كلاما لا معنى له ولهذا لم يامر به عثمان. والدعاء الماثور عن النبى صلى الله ليه وسلم ومثل هذا لا تثبت به شريعة كسائر ما ينقل عن آحاد الصحاب فى حسن العبادات او الابحات او الايجابات او التحريمات اذا لم يوافقه غيره من الصحابه عليه وكان ما يثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم يخالفه لا يوافقه لم يكن فعله سنة يجب على المسلمين اتباعها بل غايته ان يكون ذلك مما يسوغ فيه الاجتهاد ومما تنازعت فيه الامه فيجب رده الى الله والرسول ولهذا نظائر كثيرة مثل ما كان عمر يدخل الماء فى عينيه فى الوضؤ وياخذ لاذنيه ماء جديد وكان ابو هريرة يغسل يدية الى العضدين فى الوضؤ ويقول : من استطاع ان يطيع غرته فليفعل وروى انه كان يمسح عنقه ويقول هو موضع الغل فان هذا وان استحبه طائفة من العلماء اتباعاً لهما فقد خالفهم فى ذلك آخرون وقالوا : سائر الصحابة لم يكونوا يتوضؤون هكذا والوضؤ الثابت عنه صلى الله عليه وسلم الذى فى الصحيحين وغيرهما من غير وجه ليس فيه أخذ ماء جديد للاذنين ولا غسل مازاد على المرفقين والكعبين ولا مسح العنق ولا قال النبى صلى الله عليه وسلم : من استطاع ان يطيل غرته فليفعل بل هذا من كلام ابى هريرة جاء مدرجاً ف بعض الاحاديث وانما قال النبى صلى الله عليه وسلم ((انكم تاتون يوم القيامه محجلين من آثار الوضؤ وكان صلى الله عليه وسلم يتوضأ حتى يشرع فى العضد والساق قال ابو هريرة من استطاع ان يطيل غرته فليفعل)) وظن من ظن ات عسل العضد من اطالة الغرة وهذا لا معنى له فإن الغرة فى الوجه لا فى اليد والرجل وانما اليد والرجل الحجله والغرة لا يمكن اطالتها فان الوجه كله لا يغسل الراس ولا غرة فى الراس والحجله لا يستحب اطالتها واطالتها مثلة . وكذلك بن عمر كان يتحرى ان يسير مواضع سير النبى صلى الله عليه وسلم وينزل مواضع منزله ويتوضأ فى السفر حيث رآه يتوضأ ويصب فضل مائة على شجرة صب عليها ونحو ذلك مما استحبه طائفة من العلماء ورواه مستحباً ولم يستحب ذلك جمهور العلماء كما لم يستحبه ولم يفعله اكابر الصحابه كابى بكر وعمر وعثمان وعلى وابن مسعود ومعاذ ابن جبل وغيرهم لم يفعلوا مثل ما فعل بن عمر . ولو رأوه مستحباً لفعلوه كما كانوا يتحرون متابعته والاقتداء به وذلك لان المتابعه ان يفعل مثل ما فعل على الوجه الذى فعل فاذا فعل فعلاً على وجه العباده شرع لنا ان نفعله على وجه العبادة اذا قصد تخصيص مكان او زمان بالعباده خصصناها بذلك كما كان يقصد ان يطوف حول الكعبه وان يلتمس الحجر الاسود وان يصلى خلف المقام وكان يتحرى الصلاة خلف اسطوانة مسجد المدينة وقصد الصعود على الصفا والمروه والدعاء ولاذكر هناك وكذلك عرفة ومزدلفه وغيرهما واما ما فعله بحكم الاتفاق ولم يقصده مثل ان ينزل بمكان ويصلى فيه ولكونه نزله لا قصداً لتخصيصه بالصلاة والنزول فيه . فاذا قصدنا تخصيص ذلك المكان بالصلاة فيه او النزول لم نكن متبعين بل هذا من البدع التى كان ينهى عنها عمر بن الخطاب كماثبت بالاسناد الصحيح من حديث شعبة عن سليمان التميمى عن المعرور بن سويد قال كان عمر بن الخطاب فى سفر فصلى الغداة ثم اتى مكان فجعل الناس يأتون فيقولون وصلى فيه النبى لى الله عليه وسلم فقال عمر : انما هلك اهل الكتاب انهم اتبعوا اثار ابيائهم فاتخذوها كنائس وبيعاً فمن عرضت له الصلاة فليصل والا فليمض)) فلما كان النبى صلى الله عليه وسلم لم يقصد تخصيصه بالصلاة فيه بل صلى فيه لان موضع نزوله رأى عمر ان مشاركته فى صورة الفعل من غير موافقة له فى قصده ليس متابعة ، بل تخصيص ذلك المكان بالصلاة من بدع اهل الكتاب التى هلكوا بها ونهى المسلمين عن التشبه بهم فى ذلك ففاعل ذلك متشبه بالنبى صلى الله عليه وسلم فى الصورة ومسبه باليهود والنصارى فى القصد الذى هو عمل القلب – وهذا هو الاصل فان المتابعة فى السنة ابلغ من المتابعة فى ورة العمل ولهذا لم اشتبه على كثير من العلماء جلسة الاستراحة : هل فعهلا استحباباً او لحاجه عاضة تنازعوا فيها وكذلك نزوله بالمحصب عند الخروج من منى لما اشتبه : هل فعله لانه كان اسمح بخروجه او لكونه سنة ؟ تنازعوا فى ذلك ومن هذا وضع ابن عمر يده على مقعد النبى صلى الله عليه وسلم وتعريف بن عباس بالبصرة وعمرو بن حريث بالكوفه فان هذا لم يفعله سائر الصحابة ولم يكن النبى صلى الله عليه وسلم شرعه لامته لم يمكن ان يقال هذا سنة مستحبة بل غايته ان يقال : هذا مما ساغ فيه اجتهاد ، لا لانه سنة مستحبه سنها النبى صلى الله عليه وسلم لامته. او يقال فى التعريف : انه لا باس به أحياناً لعارض اذا لم يجعل سنة راتبه هكذا يقول اه لالعلم فى ها وامثاله: تارة يكرهونه وتارة يسوغون فيه والاجتهاد وتارة يرخصون فيه اذا لم يتخذ سنة ولا يقول عالم بالسنة ان هذه سنة مشروعة للمسلمين فان ذلك انما يقال فيما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ ليس لغيره ان يسن ولا ان يشرع وما سنه خلفاءه الراشدون فانما سنوه بأمره فهو من سننه ولا يكون فى الدين واجباً الا ما اوجبه ولا حراماً الا ما حرمه ولا مستحباً الا ما استحبه ولا مكروهاً الا ما كرهه ولا مباحا الا ما اباحه وكذلك فى الاباحات كما استباح ابو طلحه اكل البرد وهو صائم واستباح حذيفه السحور بعد ظهور الضؤ المنتشر حق قيل هو النهار الا ان الشمس لم تطلع وغيرهما من الحابه لم يقل بذلك فوجب الرد الى الكتاب والسنة الى ان قال رحمه الله وقول بن عمر وغيره ان المحرم اذا مات بطل احرامه وفعل به ما يفعل بالحلال وقول بن عمر وغيره لا يجوز الاشتراط فى الحج وقول ابن عباس وغيره فى المتوفى عنها ليس عليها لزوم المنزل وقول عمرو بن مسعود ان المبتوته له االسكنى والنفقه وامثال ذلك مما تنازع فيه الصحابه فان هيجب فيه الرد الى الله والرسول ونظائر هذا كثيرة فلا يكون شريعه للام هالا ما شرعه رسول اله صلى الله عليه وسلم ومن قال من العلماء ((ان قول الصحابة حجه)) فانما قاله اذا لم يخالفه غيره من الصحابه ولا عرف نص يخالفه ثم اذا اشتهر ولم ينكروه كان اقرارا على القول فقد يقال هذا اجماع اقرارى اذا عرف انهم اقروه ولم ينكره احد منهم وهم لا يقرون على باطل واما اذا لم يشتهر فهذا ان عرف ان غيره لم يخالفه فقد يقال : ((هو حجة)) واما اذا عرف انه خالفه فليس بحجة بالاتفاق . واما اذا لم يعرف هل وافقه غيره او خالفه لم يجزم باحدهما ومتى كانت السنة تدل على خلافه كانت الحجة فى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا فيما يخالفها بلا ريب عند اهل العلم . واذا كان كذلك فمعلوم انه اذا ثبت عن عثمان ابن حنيف او غيره انه جعل من المشروع المستحب ان يتوسل بالنبى صلى اله عليه وسلم بعد موته من غير ان يكون النبى صلى الله عليه وسلم داعياً له ولا شافعاً فيه فقد علمنا ان عمر واكابر الصحابه لم يروا هذا مشروعاً بعد مماته كما كان يشرع فى حياته بل كانوا فى الاستسقاء فى صيانة يتوسلون به فلما مات لو يتوسلوا به بل قال عمر فى دعائه الصحيح المشهور الثابت باتفاق اهل العلم بمحضر من المهاجرين والانصار فى عام الرمادة المشهور لما اشتد بهم الجدب حتى حلف عمر ان لاي يأكل سمناً حتى يخصب الناس ثم لما استسقى بالناس قال : ((اللهم انا كنا اذا اجدبنا نتوسل اليك بنبينا فتسقنا وانا نتوسل اليك بعم نبينا فاسقنا فيسقون وهذا دعاء اخر عليه جميع الصحابه ولم ينكره احد مع شهرته وهو أظهر الاجماعات الاقرارية ودعاء بمثله معاوية بن ابى سفيان فى خلافته لما استسقى بالناس فلو كان توسلهم بالنبى صلى الله عليه وسلم بعد مماته كتوسلهم فى حياته لقالوا: كيف تتوسل بمثل العباس ويزيد بن الاسود ونحوها ونعدل عن التوسل بالنبى صلى الله عليه وسلم الذى هو افضل الخلائق وهو افضل الوسائل واعظمها عند الله ؟ فلما لم يقل ذلك احد منهم وقد علم انهم فى حياته انما توسلوا بدعائه وشفاعته وبعد مماته توسلوا بدعائه غيره وشفاعة غيره ، علم ان المشروع عندهم التوسل بدعاء المتوسل به لا بذاته . وحديث الاعمى حجة لعمر وعامة الصحابه رضوان الله عليهم فانه انما امر الاعمى ان يتوسل الى الله بشفاعة النبى صلى الله عليه وسلم ودعائه لا بذاته وقال فى الدعاء ((قل اللهم شفعه في)) واا قدر ان بعض الصحابه امر غيره ان يتوسل بذاته لا بشفاعته ولا يامر بالدعاء المشروع بل ببعضه وترك سائره المتضمن للتوسل بشفاعته كان المخالف لعمر مجحوجا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الحديث الذى رواه عن النبى صلى الله عليه وسلم حجه عليه لا له والله اعلم واما السؤال به من غير اقسام به فهذا ايضا مما منع منه غيره واحد من العلماء والسنن الصحيحة عن النبى صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين تدل على ذلك فان هذا انما يفعل على انه قربة وطاعة وانه مما يستجاب به الدعاء وما كان من هذا النوع فاما ان يكون واجباً واما ان يكون مستحباً ولا يكون قربة وطاعة ولا سبباً لاجابة الدعاء وقد تقدم بسط الكلام على هذا كله فمن اعتقد ذلك فى هذا او فى هذا فهو ضال وكانت بدعته من البدع السيئة وق تبين بالاحاديث الصحيحة وما استقرى من احوال النبى صلى الله علي وسلم وخلفائه الراشدين ان هذا لم يكن مشروعاً عندهم. وايضاً فقد تبين انه سؤال لله وايضا فقد تبين انه سؤال الله تعالى بسبب لا يناسب اجابه الدعاء وانه كالسؤال بالكعبه والطور والكرسي والمساجد وغير ذلك من المخلوقات ومعلوم ان سؤال الله بالمخلوقات ليس مشروعاً كما ان الاسام بها ليس مشروعاً بل هو منهى عنه فكما انه لا يسوغ لاحد ان يحلف بمخلوق فلا يحلف على الله بمخلوق ولا يساله بنفس مخلوق وانما يسال بالاسباب التى تناسب اجابة الدعاء كما تقدم تفصيله لكن قد روى فى جواز ذلك اثار واقوال عن بعض اهل العلم ولكن ليس فى المنقول عن النبى صلى الله عليه وسلم شئ ثابت بل كلها موضوعه واما النقل عن من ليس قوله حجة فبعضه ثابت وبعضه ليس بثابت والحديث الذى رواه احمد وابن ماجه وفيه: ((بحق السائلين عليك وبحق ممشاى هذا)) رواه احمد عن وكيع عن فضيل بن مرزوق عن عطية عن ابى سعيد الخدرى عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال اذا خرج الى الصلاة : اللهم انى اسالك بحق السائلين عليك وبحق ممشاى هذا لم اخرج اشراً ولا بطراً ولا ياء ولا سمعه خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك اسالك ان تنقذنى من النار وان تدخلنى الجنه وان تغفر لى ذنوبى انه لا يغفر الذنوب الا انت ، خرج معه سبعون الف ملك يستغفرون له واقبل الله عله بوجهه حتى يقضى صلاته )) وهذا الحديث هو من رؤية عطية العوفى عن ابى سعيد وهو ضعيف باجماع اهل العلم قد روى من طريق اخر وهو ضعيف ايضاً لا حجة فيه فان حق السائلين عليه ان يجيبهم وحق العابدين ان يثيبهم وهو حق احقه الله تعالى على نفسه الكريمه بوعده الصادق باتفاق اهل العلم وبايجابه على نفسه )) .
وقال العلامه المحدث بن ناصر الدين الابانى رحمه الله فى معرض كلامه عن حديث الاعمى ما نصه ((تنبيه: واعلم انه وقع فى بعض الطرق الاخرى لحديث الضرير السابق زيادتان لابد من بيان شذوهما وضعفهما حتى يكون القارى على بينه من امرها يفتر بقول ما احتج بهما على خلاف الحق والصواب.
الزيادة الاولى: زيادة حماد بن سلمه قال حدثنا ابو جعفر الخطمى فسااق اسناده مثل رواية شعبة ، وكذلك المتن الا انه اختصره بعض الشئ وزاد فى آخره بعد قوله : وشفع نبى فى رد بصري : ((وان كانت حاجه فافعل مثل ذلك)) رواه ابو بكر بن ابى خيثمة فى تاريخه فقال حدثنا مسلم ابن ابراهيم حدثنا حماد بن سلمه به. وقرأ على هذه الزيادة شيخ الاسلام بن تيميه فى القاعدة الجليله)) صفحة 102)) بتفرد حماد بن سلمه بها ومخالفته لرواية شعبة ، وهو اجل من روى هذا الحديث وهذا اعلال يتفق مع القواعد الحديثة ولا يخالفها البته وقول الغمارى فى ((المصباح)) ص 30)) بان حماداً ثقة من رجال الصحيح وزيادة الثقة مقبولة غفلة منه او تغافل عما تقرر فى المصطلح ان القبول مشروط بما اذا لم يخالف الراوى من هو اوثق منه قال الحافظ فى نخبة الفكر)): والزيادة مقبولة ما لم تقع منافيه لمن هو اوثق فان خولف بارجح ، فالراجح المحفوظ ومقابلة الشاذ)) قلت : وهذا الشرط مفقود هنا ، فإن حماد بن سلمه وان كان من رجال مسلم فهو بل شك دون شعبة فى الحفظ ، ويتبين لك ذلك بمراجعة ترجمة الرجلين فى كتب القوم ، فالاول اورده الذهبى فى الميزان)) وهو انما يورد فىه من تكلم فيه ووصفه بانه ثقة له اوهام)) بينما لم يورد فيه شعبة مطلقاً ويظهر لك الفرق بينهما بالتأمل فى ترجمة الحافظ لهما فقال فى التقريب)) حماد بن سلمه ثقة عابد اثبت الناس وتغير حفظه بآخره)).
ثم قال شعبه بن الحجاج ثقة حافظ متقن كان الثورى يقول هو امير المؤمنين فى الحديث وهو اول من فتش بالعراق عن الرجال وذب عن السنة وكان عابداً))قلت : اى المحدث الالباني)) اا تبين لك هذا عرفت ان مخالفة حماد لشعبة فى هذا الحديث دته عليه تلك الزياده غير مقبوله لانها منافية لمن هو اوثق ((منها فهي)) زيادة شاذه كما يشير اليه كلام الحافظ السابق فى النخبة)) ولعل حماداً روى هذا الحديث حين تغير فوقع فى الخطأ وكان الامام احمد اشار الى شذوذ هذه الزيادة فانه أخرج الحديث من طريق مؤمل ((وهو بن اسماعيل)) عن حماد عقب رواية شعبة المتقدمة – الا انه لم يسق لفظ الحديث بل أحال به على لفظ حديث شعبة فقال : ((فذكر الحديث)) ويحتمل ان الزيادة لم تقع فى رواية مؤمل عن حماد لذلك لم يشر اليها الامام احمد كما هى عادة الحفاظ اذا احالوا فى رواية على اخرى بينوا ما فى الرواية المحالة من الزياده على الاولى وخلاصة القول: ان الزياده لا تصح لشذوذها ولو صحت لم تكن على جواز التوسل بذاته صلى الله عليه وسلم لاحتمال ان يكون المعنى قوله: ((فافعل مثل ذلك)) يعنى من اتيانهصلى الله عليه وسلم فى حالة حياته وطلب الدعاء منه والتوسل به والتوضؤ والصلاة والدعاء الذى علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يدعو به والله اعلم.
الزيادة الثانية : قصة الرجل مع عثمان بن عفان وتوسله به صلى الله عليه وسلم حتى قضى له حاجته واخرجها الطبراني فى المعجم الصغير)) ص 103 – 104)) وفى الكبير 38/2/1/1-2)) من طريق عبد الله بن وهب عن شبيب بن سعيد المكى عن روح بن القاسم عن ابى جعفر الخطمى المدنى عن ابى امامه بن سهل بن حنيف عنعمه عثمان بن حنيف ان رجالاً كان يختلف الى عثمان بن عفان رضى الله عنه فى حاجه له ، فكان عثمان لا يلتفت اليه ولا ينظر فى حاجته فلقى عثمان بن حنيف فشكا ذلك اليه فقال له عثمان : ائت الميضاة فتوضأ ثم ائت المسجد فصل فيه ركعتين ثم قال ((اللهم انى اسالك واتوجه اليك بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم نبى الرحمه يا محمد انى اتوجه بك الى ربك عز وجل فيقضى لى حاجتى وتذكر حاجت ورح الى حتى اروح معك فانطلق الرجل فصنع ما قال ثم اتى باب عثمان بن عفان رضى الله عنه فجاء البواب حتى اخذ بيده فأدخله عليه فأجلسه معه على الطنفسة وقال: حاجتك ؟ فذكر حاجته فقضاها له ثم قال له: ما ذكرت حاجتك حتى كانت هذه الساعة وقال ما كانت لك من حاجة فاتنا ثم ان الرجل خرج من عنده فلقى عثمان بن حنيف فقال له جزاك الله خيراً. ما كان ينظر فى حاجتى ولا يلتفت الى حتى كلمته فى فقال عثمان بن حنيف : والله ما كلمته ولكن شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم واتاه ضرير فشكا اليه ذهاب بصره فقال له النبى صلى الله عليه وسلم فتصبر فقال: يا رسول الله انه ليس لى قاعد وقد شق على فقال : النبى صلى الله عليه وسلم ((ائت الميضأ ثم صلى ركعتين ثم ادع بهذه الدعوات قال عثمان ابن حنيف فوالله ما تفرقنا وطال بنا الحديث حتى دخا علينا الرجل كأنه لم يكن به ضر قط . قال الطبرانى : ((لم يروه عن روح بن القاسم الا شبيب بن سعيد ابو سعيد المكى وهو ثقة وهو الذى يحدث عنه احمد بن شبيب عن ابيه عن يونس بن يزيد الايلى وقد روى هذا الحديث شعبة عن ابى جعفر الخطمى – واسمه عمير بن يزيد وهو ثقة تفرد به عثمان بن عمر بن فارس عن شعبة والحديث صحيح قلت ((اى المحدث الالبانى : لا شك فى صحة الحديث وانما البحث الان فى هذه القصة التى تفرد به اشبيب بن سعيد كما قال الطبراني وشبيب هذا متكلم فيه وخاصة فى رواية ابن وهب عنه لكن تاعه عنه اسماعيل واحمد ابنا شبيب بن سعيد هذا اما اسماعيل فلا اعرفه ولم اجد من كره ، ولقد اغفلوه حتى لم يذكروه فى الرواه عن ابيه بخلاف اخيه احمد فانه صدوق واما ابو شبيب فملخص كلامهم فيه انه ثقة فى حفظه ضعف الا فى رواية ابنه احمد هذا عنه عن يونس خاصة فهو حجه فقال الذهبى فى الميزان : ((صدوق يغرب ، ذكره ابن عدى فى ((كامله)) فقال : له نسخه عن يونس بن يزيد مستقيمة حدث عنه بن وهب بمناكير قال بن المدينى : كان يختلف فى تجارة الى مصر وكتابه صحيح قد كتبته عن ابنه احمد قال بن عدى كان شبيب لعله يغلط ويهم اذا حدث من حفظه وارجو انه لا يعتمد فاذا حدث عنه ابنه احمد باحاديث يونس فكانه يونس اخر يعنى يجود)) فهذا الكلام يفيد ان شبيبا هذا لا باس بحديثة بشرطين اثنين:
الاول: ان يكون من رواية ابنه احمد عنه والثاني : ان يكون من رواية شبيب ابن يونس والسبب فى ذلك انه كان عنده كتب يونس بن يزيد كما قال بن ابى حاتم فى الجرح والتعديل عن ابيه ((2/1/359)) فهو اا حدث من كتبه هذه اجاد واذا حدث من حفظه وهم كما قال بن عدى وعلى هذا فقول الحافظ فى ترجمته فى التقريب)) لا باس بحديثه من رواية ابن وهب)) فيه نظر لانه اوهم انه لا باس بحديثه من رواية احمد عنه مطلقاً. وليس كذلك بل هذا مقيد بان يكون من روايته هو عن يونس لما سبق ويؤيده ان الحافظ نفسه اشار لهذا القيد فانه اورد شبيبا هذا فى ((من طعن عنه بعد ان ذكر من وثقه وقول بن عدى فيه بقوله : ((قلت اخرج البخارج من رواية ابنه عنه عن يونس احاديث ولم يخرج من روايته عن غير يونس ولا من رواية بن وهب عنه شيئاً فقد اشار رحمه الله بهذا الكلام الى ان الطعن قائم فى شبيب اذا كانت روايته عن غير يونس ولو من رواية ابنه احمد عنه وهذا هو الصواب كما بينته انفاً وعليه يجب ان يحمل كلامه فى التقريب)) توفيقاً بين كلامه ورفعاً للتعارض بينهما . اذا تبين هذا يظهر لك ضعف هذه القصة وعدم صلاحية الاحتجاج بها ثم ظهر لها فيها علة اخرى وهى الاختلاف على احمد فيها ، فقد اخرج الحديث ابن السنى فى ((عمل اليوم والليله)) ((ص 202)) والحاكم ((1 - 526)) من ثلاثه طرق عن احمد بن شبيب بدون القصة وكذلك رواه عون بن عمارة البصرى ثنا روح بن القاسم به اخرجه الحاكم وعون هذا وان كان ضعيفاً فروايته اولى من رواية شبيب لموافقتها لرواية شعبة ابن سلمة عن ابى جعفر الخطمى . وخلاصة القول ان هذه القصة ضعيفة منكرة لامور ثلاثة:
ضعف حفظ المتفرد بها ، والإختلاف عليه فيها ومخالفته للثقات الذين لم يذكروها فى الحديث وامر واحد من هذه الامور كاف لاسقاط هذه القصة فكيف بها مجتمعة؟
ومن عجائب التعصب واتباع الهوى ان الشيخ الغمارى اورد روايات هذه القصة فى ((المصباح)) صفحة
مواضيع مماثلة
» الجزء الاول :دحض ضلالات أحمد عبد الرحيم الفكى الصوف التجانى السودانى مؤلف كتاب ( رسالة المحققين فى الرد على الجهلاء الضالين )
» الجزء الثالث تأليف أبو ربيع إسماعيل خيرى: دحض ضلالات أحمد عبد الرحيم الفكى الصوف التجانى السودانى مؤلف كتاب ( رسالة المحققين فى الرد على الجهلاء الضالين )
» الجزء الثانى : دحض سفسطات الرافضى جعفر سبحانى صاحب كتاب (
» الدرر البازية السلفية فى دحض ضلالات فرق التكفير القطبية تأليف أبو ربيع إسماعيل خيرى الجزء الثانى
» الجزء الثانى: دحض سفسطات الصوفى الختمى محمد احمد صاحب كتاب (براءة الشيعة من مفتريات الوهابية )
» الجزء الثالث تأليف أبو ربيع إسماعيل خيرى: دحض ضلالات أحمد عبد الرحيم الفكى الصوف التجانى السودانى مؤلف كتاب ( رسالة المحققين فى الرد على الجهلاء الضالين )
» الجزء الثانى : دحض سفسطات الرافضى جعفر سبحانى صاحب كتاب (
» الدرر البازية السلفية فى دحض ضلالات فرق التكفير القطبية تأليف أبو ربيع إسماعيل خيرى الجزء الثانى
» الجزء الثانى: دحض سفسطات الصوفى الختمى محمد احمد صاحب كتاب (براءة الشيعة من مفتريات الوهابية )
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى