الدرر البازية السلفية فى دحض ضلالات فرق التكفير القطبية تأليف أبو ربيع إسماعيل خيرى الجزء الأول خيرى الجزء الأول خيرى
صفحة 1 من اصل 1
الدرر البازية السلفية فى دحض ضلالات فرق التكفير القطبية تأليف أبو ربيع إسماعيل خيرى الجزء الأول خيرى الجزء الأول خيرى
الفصل الأول
إمام السلفيين وعلامة العصر عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله
يقرر مذهب السلف بالتفصيل فى مسألة الحكم بغير ما أنزل الله
قد بين الامام وعلامة العصر عبد العزيز بن باز رحمه الله منهج السلف فى مسألة الحكم بغير ما أنزل الله وفصل تفصيلاً حسناً وذلك عبر اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء ووسائل الأعلام المسموعة والمقروءة كما سيأتي:
وقال الشيخ الامام عبد العزيز بن باز رحمه الله مناصراً ومؤيداً لمحدث الديار الشامية محمد ناصر الدين الالباني رحمه الله لما قرر منهج السلف فى مسالة الحكم بغير ما أنزل الله وفصل فيها قال ما نصه.
((... فقد إطلعت على الجواب المفيد القيم الذى تفضل به صاحب الفضيلة الشيخ الالباني وفقه الله المنشور فى صحيفة المسلمون الذى أجاب به فضيلته في مسألة تكفير من حكم بغير ما أنزل الله من غير تفصيل فألفيتها كلمة قيمة فأصاب فيها الحق وسلك فيها سبيل المؤمنين وأوضح وفقه الله انه لا يجوز لأحد من الناس أن يكفر من حكم بغير ما أنزل الله بمجرد الفعل من دون أن يعلم أن استحل ذلك بقلبه واحتج بما جاء فى ذلك عن ابن عباس رضى الله عنهما وعن غيره من سلف الامة ولا شك ان ما ذكره فى جوابه فى تفسير قوله تعالى (( ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون )) هو الصواب وقد اوضح وفقه الله ان الكفر كفران أكبر وأصغر فمن استحل الحكم بغير ما انزل الله او الزنا أو الربا أو غيرهما من المحرمات المجمع على تحريمهما فقد كفر كفراً أكبر وظلم ظلماً أكبر وفسق فسقاً أكبر ومن فعلها دون إستحلال كان كفره كفراً أصغر وظلمه ظلماً اصغر وهكذا فسقه لقول النبى صلى الله عليه وسلم فى حديث ابن مسعود رضى الله عنه ((سباب المسلم وقتاله كفر)) أراد بهذا من العمل المنكر))(1) إنتهي كلامه ، وسُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية السؤال التالى : (( من لم يحكم بما انزل الله هل هو مسلم ام كافر كفراً أكبر وتقبل منه اعماله ... ؟ )) فأجابت اللجنة الدائمة بالآتي نصه : ((الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه وبعد : قال تعالى ((ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون)) . وقال تعالى ((ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون)) وقال تعالى ((ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الفاسقون)) لكن ان استحل ذلك وأعتقد انه جائزاً فهو كافراً كفراً أكبر وظلم أكبر وفسق أكبر يخرج من الملة اما ان فعل ذلك من اجل رشوة او مقصد آخر وهو يعتقد تحريم ذلك فإنه آثم يعتبر كافراً كفراً اصغر وظلماً اصغر وفاسقاً فسقاً أصغر لا يخرجه من الملة كما اوضح ذلك اهل العلم فى تفسير الآيات المذكورة))(2) أ.هـ .
نقول للعلوان وأمثاله من القطبيين الحزبيين هؤلاء هم علماء المملكة العربية السعودية يفصلون تفصيلاً كاملاً وشاملاً فى مسالة الحكم بغير ما انزل الله على منهج السلف الصالح من الصحابة والتابعين والائمة الاربعة .
ونجد الاخوانيين القطبيين الخوارج يستدلون بكلام العلامه محمد ابن ابراهيم مفتى عام المملكة العربية السعودية الآتى نصه ((... الخامس : وهو أعظمها واشملها وأظهرها معاندة للشرع ومكابرة لاحكامه ومشاقة لله ورسوله ومضاهاة بالمحاكم الشرعية اعداداً وامداداً وارصاداً وتأصيلاً وتفريعاً وتشكيلاً وتنويعاً وحكماً وإلزاماً ومراجع ومستندات ، فكما ان للمحاكم الشرعية مراجع مستمدات مرجعها كلها الى كتاب اله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فلهذه المراجع هى القانون الملفق من شرائع شتى وقوانين كثيرة كالقانون الفرنسي والقانون الامريكي والقانون البريطاني وغيرها من القوانين ، ومن مذاهب بعض البدعيين المنتسبين الى الشريعة وغير ذلك . وهذه المحاكم الان فى كثير من أمصار الاسلام مهياة مكملة مفتوحة الابواب والناس اليها اسراب إثر اسراب يحكم حكامها بينهم بما يخالف حكم السنة والكتاب من احكام ذلك القانون وتلزمهم به وتقرعهم عليه وتحتمه عليهم فاى كفراً فوق هذا الكفر وأى مناقضة للشهادة بأن محمداً رسول الله بعد هذه المناقضة وذكر ادلة جميع ما قدمنا على وجه البسط معلومة معروفة لا يحتمل ذكرها هذا الموضع فيا معشر العقلاء ويا جماعات الاذكياء وأولى النهي كيف ترضون أن تجرى عليكم أحكام أمثالكم وافكار أشباهكم أو من دونكم ممن يجوز عليهم الخطأ))(1) ... الى آخر كلامه رحمه الله.
نقول ان العلامة المحدث محمد بن ابراهيم اراد بكلامه هذا الاطلاق وليس التعيين ولا ولن يستطيع أحداً ان يقول ان العلامة محمد بن ابراهيم كان يكفر جميع الدول الاسلامية بكلامه هذا . وإن شئت التأكد وتحقيق ما قررناه أنظر وتأمل فى قوله : (فهذه المحاكم الان فى كثير من أمصار الإسلام مهيأة مفتوحة الابواب...الخ) والشاهد انه سمي البلاد التى تحكم هذه القوانين بـ (أمصار الإسلام) لو أنه رحمه الله يرى تكفير الدول الاسلامية لما سماها ((أمصار الإسلام)) وهذا من أكبر الأدلة بأن العلامة محمد بن إبراهيم لا يكفر الدول الاسلامية القائمة فى هذا العصر وانما اراد بذلك الكلام المذكور انفاً الاطلاق وسياتى كلام شيخ الاسلام ابن تيمية فى هذا المقام . وكذلك انظر الى قوله : ((وذكر ادلة جميع ما قدمنا على وجه البسط معلومة معروفة لا يحتمل ذكرها هذا الموضع))(1) وما اوردناه من كلام العلامه محمد بن ابراهيم يدل على انه اراد الاطلاق وليس تكفير حكام الدول الاسلامية القائمة ، ودليل الاطلاق انه اورد كلاماً مجملاً واكد ذلك بقوله ((وذكر أدلة جميع ما قدمنا على وجه البسط معلومة معروفة لا يحتمل ذكرها هذا الموضع)) أخي القارئ أنظر وتامل فى كلام العلامة محمد بن ابراهيم رحمه الله حينئذ سوف يتبين لك ان الامام المحدث محمد بن ابراهيم رحمه الله اورد كلاماً مجملاً اراد به الاطلاق ولم يقصد بكلامه تكفير الدول الاسلامية القائمة فى هذا العصر وانظر الى قوله وكيف انه سماهم بـ ((أمصار الاسلام)) وقوله هذا من أكبر الأدلة على انه اراد الإطلاق من قوله وقد فصل فى موضع آخر من نفس هذا الكتاب ((تحكيم القوانين)) وفى غيره كما سياتى ، ومن هنا نقول ينبغي التفريق بين الاطلاق والتعيين وبين الفعل والفاعل.
يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ما نصه ((وكنت ابين لهم أنما ما نقل لهم عن السلف والأئمة من اطلاق القول بتكفير من يقول كذا وكذا فهو ايضاً حق ، لكن يجب التفريق بين الاطلاق والتعيين وبين الفعل والفاعل وهذا أول مسألة تنازعت فيها الأمة من مسائل الاصول الكبار وهي مسألة ((الوعيد)) فان نصوص القرآن الكريم فى الوعيد مطلقة كقوله تعالى ((ان الذين يأكلون أموال اليتامي ظلماً)) الاية وكذلك سائر ما ورد : من فعل كذا فله كذا فان هذه مطلقة عامة وهى بمنزلة قول من قال من السلف من قال كذا : فهو كذا . ثم الشخص المعين يلتقى حكم الوعيد فيه : بتوبة أو حسنات ماحية او مصائب مكفرة او شفاعة مقبولة . والتكفير هو من الوعيد. فإنه وان كان القول تكذيباً لما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم لكن قد يكون الرجل حديث عهد بالإسلام أو نشأ ببادية بعيدة . ومثل هذا لا يكفر بجحد ما يجحده حتى تقوم عليه الحجة . وقد يكون الرجل لم يسمع تلك النصوص او سمعها وان كان مخطئاً . وكنت دائماً أذكر الحديث الذى فى الصحيحين فى الرجل الذى قال : ((اذا انا مت فاحرقونى ثم اسحقوني ، ثم زروني فى اليم ، فوالله لأن قدر الله على ليعذبنى عذاباً ما عذبه احداً من العالمين: ففعلوا به ذلك فقال الله له : ما حملك على ما فعلت قال : خشيتك: فغفر له )) فهذا رجل شك فى قدرة الله تعالى وفى اعادته اذا زرى : بل اعتقد انه لا يعاد وهذا كفر باتفاق المسلمين لكن كان جاهلاً لا يعلم ذلك وكان مؤمناً يخاف الله ان يعاقبه فغفر له بذلك . والمتأول من اهل الاجتهاد الحريص على متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم اولى بالمغفرة من مثل هذا))(1) أ.هـ .
اخى القارئ تأمل فى كلام شيخ الاسلام بن تيمية المتقدم فانه نافع جداً . ونقول للخوارج المعاصرين من قطبيين وسروريين واخوانيين ضالين ها هو الامام المحدث العلامة محمد بن ابراهيم يفصل تفصيلاً حسناً فى هذه المسألة العظيمة ((مسألة الحكم بغير ما انزل الله)) وذلك فى فتاويه الجزء الاول ص 8 ((عند كلامه على ((تحقيق معنى لا اله الا الله)) وكذلك تحقيق معنى ((محمد رسول الله)) مبينا وجوه ذلك:
((... من تحكيم شريعته والتقيد بها ونبذ ما خالفها من القوانين والأوضاع وسائر الاشياء التى ما أنزل الله بها من سلطان والتى من حكم بها حاكم اليها ... معتقداً صحة ذلك وجوازه فهو كافر الكفر الناقل عن الملة وإن فعل ذلك دون اعتقاد ذلك وجوازه فهو كافر الكفر العملى الذى لا ينقل عن الملة))(2) .
نقول للخوارج القطبيين هذا هو الامام محمد بن ابراهيم يفصل تفصيلاً شاملاً وكاملاًُ فى مسالة الحكم بغير ما أنزل الله وان شئتم انظروا الى قوله الاتى نصه : ((... والتى من حكم بها او حاكم اليها ... معتقداً صحة ذلك وجوازه : فهو كافر الكفر الناقل من الملة وإن فعل ذلك بدون اعتقاد ذلك وجوازه فهو كافر الكفر العملى الذى لا ينقل عن الملة)) أ.هـ نقول للخوارج اتباع سيد قطب وحسن البنا ومحمد سرور ومحمد قطب هل فى كلام العلامة المحدث محمد بن ابراهيم رحمه الله المتقدم تكفير لمعين وهل انتم الخوارج تقولون بقول العلامة محمد بن ابراهيم رحمه الله المتقدم ولاسيما قوله ((ان فعل ذلك بدون اعتقاد ذلك وجوازه فهو كافر الكفر العملى الذى لا ينقل عن الملة)) بل نقول لكم ايها الخوارج انتم تعتقدون بأن مجرد الفعل يدل على الاعتقاد وتقررون ان ليس هنالك كفر دون كفر وتطعنون فى قول حبر الأمة ابن عباس ((كفر دون كفر)) كما سيأتى ، وعلماء المملكة العربية السعودية وعلى رأسهم العلامة المحدث محمد بن ابراهيم وشيخ السلفيين عبد العزيز بن باز رحمه الله . والعلامة العثيمين وغيرهم رحمهم الله يقررون ما قرره حبر الامة بن عباس ((كفر دون كفر)) وقد رايتم ذلك في كلام شيخ السلفيين عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله . ويقول العلامه المحدث محمد بن ابراهيم مقرراً ما قرره حبر الامة بن عباس ما نصه ((واما القسم الثاني من قسمى كفر الحاكم بغير ما انزل الله وهو الذى لا يخرج من الملة فقد تقدم تفسير ابن عباس رضى الله عنهما لقول الله عز وجل ((ومن لم يحكم بما أنزل الله فاولئك هم الكافرون)) فقد شمل ذلك القسم وذلك في قوله رضى الله عنه في الآية ((كفر دون كفر)) وقوله ايضاً ((ليس بالكفر الذى تذهبون اليه)) أ.هـ وذلك ان تحمله شهوته وهواه على الحكم فى القضية بغير ما انزل الله مع اعتقاده ان حكم الله ورسوله هو الحق واعترافه على نفسه بالخطأ ومجانبة الهدى وهذا وان لم يخرجه كفره عن الملة فإنه معصية عظمي اكبر من الكبائر كالزنا والخمر والسرقة واليمين الغموس وغيرها ...))(1) .
نقول للخوارج الذين ينكرون بأن هنالك كفر دون كفر كما سيأتي فى نصوص أقوالهم ، نقول لهم ها هو الامام محمد بن ابراهيم يدحض مزاعمكم ويقرر ما قرره سلف الأمة وعلى رأسهم حبر الامة ابن عباس رضى الله عنهما . ونجد التكفيريين الخوارج من قطبيين سروريين وعصرانيين يتبجحون هنا وهنالك بقول الامام المحدث محمد بن ابراهيم فى كتابه ((تحكيم القوانين)) ولبسوا ودلسوا على العوام اتباع كل ناعق بأن الإمام محمد بن إبراهيم يرى رأيهم ويعتقد معتقدهم فى تكفير حكام الدول الاسلامية القائمة اليوم ونقول سبحانك هذا بهتان عظيم ونقول رمتنى بدائها وانسلت ونقول بان الامام محمد بن إبراهيم من ابعد الناس من تكفير الحكام والامصار الاسلامية ويعرف هذا من جالسه او اطلع على كتاباته وفيما سبق اوردنا نصوص كلامه بالتفصيل فى مسالة الحكم بغير ما أنزل الله وفيه رد قوي جداً على الخوارج المعاصرين والغابرين . وتفصيله المنقول عنه فيما سبق من مجموع فتاويه ((1/80)) قرره وفصله بعد خمس سنين من تأليف كتاب ((تحكيم القوانين)) وقد بين المحدث محمد بن ابراهيم انه لم يبسط الادلة فى كتابه المذكور آنفاً وقال نصه ((وذكر أدلة وجميع ما قدمنا على وجه البسط معلومة معروفة لا يحتمل ذكرها هذا الموضع))(2) .
نقول وبسط رحمه الله القول بأدلته فى مجموع فتاويه ((1/80)) وفيما سبق اوردنا قوله ونص كلامه بالتفصيل فى مسالة الحكم بغير ما انزل الله والله المستعان)).
ولما دندن الخوارج من قطبيين وسروريين واخوانيين حول كلام المحدث العلامة محمد بن ابراهيم رحمه الله فى كتابه وتحكيم القوانين )) تصدى لهم علامة العصر وشيخ السلفيين عبد العزيز بن باز مفتى عام المملكة العربية السعودية فى زمانه ورئيس هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء . وذلك لما سئل السؤال التالى :
وهناك فتوى للشيخ محمد بن ابراهيم ال الشيخ . رحمه الله . يستدل بها اصحاب التكفير هؤلاء على ان الشيخ لا يفرق بين من حكم بغير شرع الله عز وجل – مستحلاً ومن ليس كذلك كما هو التفريق المعروف عند العلماء)) فأجاب شيخ الإسلام ووارث علم الصحابة والتابعين فى العصر الحاضر عبد العزيز بن باز رحمه الله بما يلي ((هذا الامر مستقر كما قدمت أن من ((استحل)) ذلك فقد كفر أما اذا قامت دولة اسلامية لديها القدرة : فعليها ان تجاهد من لا يحكم بغير ما أنزل الله حتى تلزمه بذلك )) فقال السائل : (( هم يستدلون بفتوى الشيخ محمد بن ابراهيم ؟ فقال الامام ابن باز رحمه الله ما نصه ((محمد بن ابراهيم ليس بمعصوم فهو عالم من العلماء يخطي ويصيب وليس بنبي ولا رسول وكذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وابن كثير وغيرهم من العلماء ، كلهم يخطي ويصيب ويؤخذ من قولهم ما وافق الحق وما خالف الحق يرد على قائله))(1) انتهي نص كلام الإمام ابن باز رحمه الله. واننا نجد دعاة التكفير هنا وهناك عبر كتبهم ومؤلفاتهم ومجلاتهم ومحاضراتهم المسموعة والمقروءة ونحوها يطعنون فى اثر ابن عباس ((كفر دون كفر)) وذلك فى تفسير قوله تعالى ((ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الكافرون)) وهؤلاء التكفيريين نجدهم يشرحون بعض كتب ائمة السلف وأئمة الدعوة وذلك حتى يتثنى لهم بث سمومهم عبر شروحهم لكتب بعض ائمة السلف وبين يدينا شرح كتاب للخارجي التكفيري سليمان بن ناصر بن عبد الله العلوان وحاول هذا المفترى شرح ((نواقض الاسلام)) للامام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى وسمى شرحه ((التبيان شرح نواقض الإسلام)) للامام محمد بن عبد الوهاب ويقول هذا الخارجي التكفيري الحاقد مضعفاً اثر بن عباس رضى الله عنه المذكور انفاً ((... فالكفر المعرف بالالف واللام لا يحتمل فى الغالب الا الاكبر كقوله تعالى ((فاولئك هم الكافرون)) فيمن حكم بغير ما انزل الله ما جاء عن ابن عباس رضى الله عنه من قوله ((كفر دون كفر)) فلا يثبت عنه فقد رواه الحاكم فى مستدركه ((2/313)) عن طريق هشام بن حجير عن طاوس عن ابن عباس وهشام ضعفه احمد ويحي.
وقد خولف فيه ايضاً فرواه عبد الرازق فى تفسيره عن معمر عن ابن طاوس عن ابيه قال سئل بن عباس عن قوله تعالى ((ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون)) قال هى كفر وهذا هو المحفوظ عن ابن عباس اى ان الأية على اطلاقها واطلاق الاية يدل على ان المراد بالكفر هو الكفر الاكبر اذ كيف يقال بإسلام من نحي الشرع واعتاض عنه بآراء اليهود والنصارى واشباههم فهذا مع كونه تبديلاً للدين المنزل هو إعراض ايضاً عن الشرع المطهر وهذا كفر آخر مستقل . واما ما رواه ابن جرير فى تفسيره عن ابن عباس انه قال : ((ليس كمن كفر بالله واليوم الآخر وبكذا وكذا )) فليس مراده ان الحكم بغير ما انزل الله كفر دون كفر ومن فهم هذا فعليه الدليل واقامة البرهان على زعمه والظاهر من كلامه انه يعنى ان الكفر الاكبر مراتب متفاوتة بعضها اشد من بعض فكفر من كفر بالله وملائكته واليوم الاخر اشد من كفر الحاكم بغير ما أنزل الله ونحن نقول ايضاً ان كفر الحاكم بغير ما انزل الله اخف من كفر من كفر بالله وملائكته ... ولا يعنى هذا ان هذا الحاكم بغير ما انزل الله مسلم وان كفره كفر اصغر ، كلا بل هو خارج عن الدين لتنحيه الشرع وقد نقل ابن كثير الإجماع عن هذا فانظر البداية والنهاية ((13/119))(1) انتهى كلام المفترى بالنص ونجد مجلة البيان الاخوانية السرورية والقطبية التى تصدر فى لندن تروج لمنهج التكفير والخروج والارهاب كما سيأتي يقول كاتبهم عبد الجليل ابن ناصر الجليل فى مقال بعنوان ((صور من لبس الحق بالباطل)) :
(3) ((... 1- الاحتجاج على شرعية الانظمة المبدلة لشرع الله والمستحلة لما حرم الله بآثار عن السلف رضى الله عنهم أنه ((كفر دون كفر)) وهذا والله تحريف للادلة عن مواضعها وانزال الحكم فى غير محله وافتراء وتجن على سلفنا الصالح وخير القرون فى هذه الامة ، فما كانوا عن عصرنا يتحدثون ولا انظمته المبدلة لشرع الله يقصدون فالله المستعان ومن أحسن ما رأيت من الردود على هذا التلبيس ما كتبه الشيخ احمد شاكر)) رحمه الله ومما قاله : ((وهذه الاثار عن ابن عباس وغيره مما يلعب به المضللون فى عصرنا من المنتسبين للعلم ومن غيرهم من الجراء على الدين يجعلونها عزراً او اباحة للقوانين الوثنية الوضعية التى ضربت على بلاد المسلمين )) عمدة التفسير ج 4 ص 156 – 158)). ويواصل المفترى فى كلامه فيقول ((فاللهم انا نبرأ من هذا اللبس ونبرئ صحابة رسول الله والتابعين لهم بإحسان من هذا التلبيس وهذه المغالطات وانه لا احد ينزل قول ابن عباس رضى الله عنه او غيره من السلف على المبدلين لشرع الله فى زماننا هذا الا رجل سيطر عليه الجهل بالواقع فلا يعلم ما يدور من حوله او رجل منافق ملبس يعلم واقعه وعدم مشابهته للواقع الذى تحدث عنه بن عباس رضى الله عنه ولكنه يغالط ويخلط الحق بالباطل اتباعاً للهوى وطمعاً فى دنيا يصيبها ، فانه لم يحدث قط في تاريخ الاسلام ان سن حاكم حكماً وجعله شريعة يتحاكم اليها الناس))(1) أ.هـ . نقول لهذا الجاهل المدعو عبد العزيز الجليل بان ابن عباس لم يتحدث عن واقع معين انما تحدث رضى الله عنهما عن تفسير قوله تعالى ((ومن لم يحكم بما أنزل الله فاولئك هم الكافرون)) على وفق مراد الله تعالى ورسوله وثم نقول لهذا الجاهل ان لازم كلامك هذا يكفر جميع الدول الاسلامية القائمة .
وهذا منهج الخوارج واكبر دليل على ما قررناه من ان هذا المفترى يكفر جميع الدول الاسلامية قوله الاتى نصه ((فما كانوا عن عصرنا يتحدثون ولا انظمته المبدلة لشرع الله يقصدون)) ونقول هكذا نجد التكفيريين الخوارج يدلسون ويلبسون على العوام اتباع كل ناعق والله المستعان . وسياتى الرد المفصل على هذا المفترى والمدعو سليمان العلوان الذى طعن فى اثر ابن عباس ((كفر دون كفر)) وسوف ندحض ما زعمه وغيره باقوال ائمة الجرح والتعديل فى أثر ابن عباس رضى الله عنهما.
تواصل مجلة البيان القطبية فى ترويج الافكار والمناهج التكفيرية وينشرون لقاء مطولاً مع شيخهم عبد المجيد الريمي اليمنى فيقول المدعو الريمي ما نصه ((هنالك بعض المفاهيم الغريبة لبعض المنتسبين للمنهج السلفى فى اليمن لابد من تحذير شباب الدعوة السلفية منها وبيان انها دخيلة على منهج السلف منها :-
1. زعمهم ان الانصاف مع المخالف والموازنة بين حسناته وسيئاته ليس مشروعاً ويكفى فى الرد على هؤلاء مراجعة اى كتاب من كتاب الرجال ومواقف السلف من مختلف الاتجاهات التى حملت الحديث ونقلته وكيف تعامل أئمة الحديث معهم . ثم انهم متناقضون فهم يطبقون مبدأ الموازنة الى حد الميوعة المفرطة بل التغافل التام عن مساوئ الأنظمة الحاكمة بأمرها ويفشون عن عيوب حملة الدعوة ويشيعونه بل يلفقون التهم ويمنعون الحديث عن عيوب تلك الانظمة ويطوونه ولا يروونه بل يجعلون من تحدث عنهم من اهل البدع!
2. من المفايم الغريبة جداً ، زعم بعضهم ان التشريع والتقنين الذى يحلل فيه الحرام ويحرم فيه الحلال ليس كفراً اكبر وانما هو كفر عملى اصغر . وبعضهم يقول حتى يعتقد ولا يعرف اعتقاده حتى يصرح ويستحل باللفظ ! اما الكتابة عندهم فليس تصريحاً مع إنه من الناحية الشرعية : الحكم المترتب على التلفظ لا يختلف عن الحكم المترتب على الكتابة ))(1) .
وهؤلاء القطبيين الخوارج قرروا ما قرروه من منهج الخوارج لانهم لا يأخذون بقول ائمة السلف فى تفسير قوله تعالى ((ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون)) بل ضعفوا اثر بن عباس فى تفسير هذه الاية الكريمة لان اثر ابن عباس خالف اهوائهم ومناهجهم الباطلة الكاسدة الفاسدة انظر الى قول محمد قطب شقيق الخارجي التكفيري سيد قطب وكيف ضعف اثر ابن عباس بقوله ((مظلوم ابن عباس))(1) ونقول لمحمد قطب انتم الذين ظلمتم ابن عباس وذلك بتضعيف قوله المأثور عنه فى تفسير قوله تعالى ((فاولئك هم الكافرون)) والمعلوم عن محمد قطب وأضرابه القطبيين السروريين العصرانيين انهم لا خبرة لهم بعلم الاسانيد بل هم من أجهل خلق الله بعلم الجرح والتعديل بل هم مثل الشيعة الروافض يطعنون فى الآثار الصحيحة اذا خالفت اهوائهم.
الفصل الثاني
أقوال ائمة الجرح والتعديل فى أثر بن عباس ((كفر دون كفر))
والتحقيق اثر بن عباس الذى نحن بصدد الكلام عنه صحيح الاسناد كما سيأتى وقد ثبت عن ابن عباس باسانيد وطرق كثيرة ورجالها ثقات اثبات واليكم كلام ائمة الجرح والتعديل فى تصحيح اثر ابن عباس. قال الامام عبد الرازق الصنعاني فى تفسيره : أخبرنا معمر عن ابن طاوس عن ابيه قال : سئل ابن عباس عن قوله : ((ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون)) قال : هي به كفر )) كذا فى تفسير ابن كثير ((2/97)) وعلقه ابو عبيدة فى ((الايمان)) ص 94 والبغوي فى معالم التنزيل ((2/62)) قلت : معمر ، هو ابن راشد من كبار الاثبات وابن طاوس اسمه عبد الله من فضلاء الثقات ، روى له الستة ووثقه جمع غفير كابي حاتم والنسائي وابن معين وابن خلفون والدار قطني وغيرهم . انظر ((تهذيب الكمال)) 15/130 – 131)) فالسند صحيح))(2) ورواه ابن نصر فى (( تعظيم قدر الصلاة )) رقم 570 عن شيخين له عن عبد الرازق به ورواه الطبرى فى (( جامع البيان )) ((6/256)) عن طريق عبد الرازق به وقد زادوا كلهم جميعاً : ((قال ابن طاوس : وليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله ))(1) . قلت وقد وردت هذه الجملة من كلام ابن عباس نفسه فى السند الأتي : قال الامام الطبرى فى جامع البيان ((6/256)) ((وحدثنا ابن وكيع قال : ((وحدثنا ابى عن سفيان عن معمر بن راشد عن ابن طاوس عن ابيه عن ابن عباس : (( ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون)) (( هى به كفر وليس كفراً بالله وملائكته وكتبه ورسله)) قلت وابن وكيع اسمه سفيان : ((كان صدوقاً إلا أنه أُبتلى بوراق فأدخل عليه ما ليس من حديثه فنصح ، فلم يقبل فسقط حديثه)) كذا قال ابن حجر فى (( التقريب )) ((2456)) فيه . وهناد هو ابن السرى ووكيع هو ابن الجراح - ثقتان جليلان - فالسند صحيح غاية ،ولا يضره سفيان فهو مقرون بهناد الثقة الامام . وهو متابع ايضاً : فأخرجه ابن نصر فى (( الصلاة )) رقم ((571)) قال : ((حدثنا إسحاق أخبرنا وكيع ....)) ثم ذكره . وإسحاق هذا هو ابن راهويه ، جبل الحفظ ورواه بن نصر فى ((الصلاة )) رقم (572) بالسند نفسه الا انه زاد في أوله من قول طاوس : قلت لابن عباس : من لم يحكم بما انزل الله فهو كافر ؟ قال : ((هو به كفر وليس ... الخ)) فذكره كسابقه . ورواه الطبرى ((6/256)) فقال : ((حدثنى الحسن قال : حدثنا أبو اسامة عن سفيان عن معمر عن ابن طاوس عن ابيه : قال : قال رجل لابن عباس فى هذه الايات (( ومن لم يحكم بما انزل الله فولئك هم الكافرون )) الاية فمن فعل هذا ، فقد كفر ؟ قال ابن عباس ((اذا فعل ذلك فهو به كفر وليس كمن كفر بالله واليوم الاخر وبكذا وكذا ((قلت ((أى العلامة على حسن)) والحسن هو ابن يحي الصبرى قال ابو حاتم ((صدوق)) ووثقه ابن حبان واختار ابن حجر انه ((صدوق)) وابو أسامة هو حماد بن اسامة ثقة لكنه رمي بالتدليس ولا يثبت ذلك عند النقد: أوّل ذلك ان جمهور الامة على توثيقه ولم يذكروه بتدليس الا ابن سعد فقال بعد ان وثقه : (( يدلس ويبين تدليسه )) ونقل ابن حجر فى ((طبقات المدلسين)) رقم 44 عن المقيطى انه قال(كان كثير التدليس ، ثم بعد ذلك تركه)) وكذا نقلها الذهبى فى ((الميزان)) ((1/588)) ثم عقب فى نهاية ترجمته بقوله ((- وقد صدرها بوصفه له ((احد الاثبات))(ابو اسامة لم اورده لشي فيه ولكن ليعرف ان هذا القول باطل )).يريد الرد على من رماه بسرقة الحديث)) فاذا اتضح ذلك ، فلا يضره قول من رماه بالتدليس كما شرحته ))(1) واختار هذا القول الدكتور بشار عواد معروف فى تعليقه على ((تهذيب الكمال ((7/24)).
والحمد لله على توفيقه فالسند حسن ولا يضره ابهام من سأل ابن عباس فالخبر ليس من روايته ولكنه رواية عنه ضمن حكاية وفرق بين الصورتين كما يلاحظ المتأمل ))(2) .
وقال الحافظ ابن نصر فى ((تعظيم قدر الصلاة )) رقم ((رقم 573)) : ((حدثنا محمد بن يحي حدثنا عبد الرازق عن سفيان عن رجل عن طاوس عن ابن عباس قال : ((كفر لا ينقل عن الملة)) قلت ((ى العلامة على حسن)) محمد بن يحي هو القطعي صدوق وبقية رجاله ثقات لولا ابهام الرجل ! فالسند ضعيف ! لكنه حسن فى الشواهد . ورواه ابن نصر ((رقم 574)) والطبرى ((6/256)) من طريق وكيع عن سفيان عن سعيد المكى عن طاوس قال ((ليس بكفر ينقل عن الملة )) فجعله سعيد المكى من قول طاوس. وسعيد هو ابن حسان المخزومي وثقه ابن معين وابو داوود والفسوى وابن سعد وابن حبان . فاسناده هكذا صحيح فمن الممكن انه تلقاه عمن سمعه منه ثم افتى به وهذا كثير فى الروايات))(3) .
قال الامام ابن ابى حاتم فى ((تفسيره)) ((حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ حديثنا سفيان بن عيينة عن هشام بن حجير عن طاوس عن ابن عباس فى قول تعالى ((ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون)) قال : ((ليس بالكفر الذى يذهبون اليه)) ورواه ابن نصر فى الصلاة رقم 569 وابن عبد البر فى التمهيد 4/237 عن طريق سفيان به : قلت ((اى العلامة على حسن)) وهذا اسناد حسن فى الشواهد . محمد بن عبد الله قال ابن ابى حاتم: ((صدوق ثقة)) وقال ابو حاتم : لا صدوق)) وقال الخليلي ((ثقة متفق عليه)) وكذا وثقه النسائي وابن حبان ومسلمة بن القاسم . وسفيان بن عيينة لا يسأل عن مثله . وهشام بن حجير اختلف المنقول عن اهل العلم فيه وان كان الاغلب فيما قيل فيه الجرح على تأن . لذا اختار الحافظ بن حجر فى ((التقريب)) 7288 . واورد فى الفصل التاسع من ((هدي السارى)) ص 448 )) في سياق اسماء من طعن فيه من رجال ((صحيح البخارى)) قائلاً ((وثقه العجلي وابن سعد وضعفه يحي الغطان ويحي ابن معين قلت ((أى العلامة على حسن )) ووثقه ايضاً ابن حبان وقال الساجي ((صدوق)) ووثقه بن شاهين)) ولما ترجمه ابن ابى حاتم فى ((الجرح والتعديل)) 9/53/54)) ناقلاً أقوال مضعفيه ختمه بقول ابيه فيه ((مكي يكتب حديثه)) قلت وقد ذكر بن ابى حاتم فى الجرح 2/37. ان من ذكروا معدلين فى المرتبة الثانية والثالثة من درجات رواة الآثار ، فالقول فيهم ان الواحد منهم ((يكتب حديثه)) ثم يتنوعون على اعتبار ما قيل فيهم فمنهم من يكتب حديثه وينظر فيه)) وهي المنزلة الثانية. ومنهم من ((يكتب حديثه للاعتبار)) وهكذا ... فكيف هشام من المرتبة الثالثة فعلى هذا فإن هذه الأخبار الأخرى الواردة عن ابن عباس بالاسانيد الثابتة فى معنى الخبر نفسه تقوى خبره هذا ولا ترده كما سيأتي . فهو حسن لغيره على اقل الاحوال))(1).
وروى الاثر السابق : الحاكم فى (( المستدرك )) 2/313 وعن البيهقي فى السنن الكبرى 8/20 من طريق على بن حرب عن سفيان به بلفظ ((انه ليس بالكفر الذى يذهبون اليه انه ليس كفراً ينقل عن الملة (( ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون)) ((كفر دون كفر)) ورؤواه سعيد بن منصور والغريابي وابن المنذر وابن ابى حاتم وذاد بعضهم : ((... وظلم دون ظلم وفسق دون فسق)) كذا فى الدرر المنثور )) "3/87" للسيوطي. وقد قال الحاكم بعد اخراجه : ((هذا حديث صحسيح الاسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي . وكذا ابن كثير فى تفسيره ((2/97)) والقول فيما ذكرته آنفاً))(1) .
وقال الامام ابن جرير فى تفسيره "6/257" حدثنى المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثنى معاوية بن صالح عن على بن ابى طلحة عن ابن عباس قوله : ((ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون)) قال : ((من حجد ما انزل الله فقد كفر ومن اقر به ولم يحكم فهو ظالم فاسق))(2) .
واخرجه ابن المنذر وابن ابى حاتم كذا فى (( الدرر المنثور )) 3/87 قلت : عبد الله ابن صالح هو كاتب الليث ووثقه بعض الائمة وجرحه بعض آخر جرحاً مفسراً ، وجامع القول فيه ما قاله ابن حجر فى (( التقريب )) (( 3388 )) ((صدوق كثير الغلط ثبت فى كتابه وكانت فيه غفلة)) ورواية على ابن ابى طلحة عن ابن عباس منقطعة قاله جماعة من اهل العلم أنظر (( جامع التحصيل ))(( ص 240 – 241 ))(3) . نقول للمفترى سليمان بن ناصر بن عبد الله العلوان القطبى الخارجي هذه هي الأدلة والبراهين فى تصحيح أثر ابن عباس فى تفسير قوله تعالى ((ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون )) ونقول هذا الاثر اورده جميع ائمة الجرح والتعديل قديماً وحديثاً وكذلك اورده المفسرون قاطبة عند تفسير الآية ، فنقول لسليمان العلوان ماذا تقول فى هذه الادلة والبراهين التى اوردناها فيما سبق من اقوال علماء الحديث وعلله والفقهاء والمفسرين والاصوليين فى تصحيح اثر ابن عباس ((كفر دون كفر)) فى مسألة الحكم بغير ما أنزل الله . وثم نقول لمجلة البيان وكتابها وعلى رأسهم عبد الجليل ابن ناصر الجليل والمفترى عبد المجيد الريمي اليمني القطبى ومن على شاكلتهما من كُتاب مجلة البيان القطبية الخارجية بأن علماء الامة فى العصر الحاضر قاطبة قرروا ما قرره ابن عباس فى تفسير قوله تعالى ((ومن لم يحكم بما انزل الله فولئك هم الكافرون )) وقرروا بان الحاكم لا يكفر بمجرد الفعل حتى يستحل الحكم بغير ما انزل الله بقلبه . هذا ما قرره شيخ السلفيين عبد العزيز بن عبد الله بن باز مفتى عام المملكة العربية السعودية وعلامة الديار الشامية المحدث ناصر الدين رحمهما الله كما سياتي ، نقول للمدعو سليمان بن ناصر العلوان ومن على شاكلته من التكفيريين من سروريين وقطبيين ومن نحا نحوهم من اهل الفتن والشغب ان هذه الاخبار والروايات التى ذكرناها فيما سبق ((الواردة عن ابن عباس بالاسانيد الثابتة فى معنى الخبر نفسه : ((كفر دون كفر)) تقوي خبره هذا ولا ترده كما سياتي فهو حسن لغيره على اقل الاحوال))(1) قال : الحافظ بن الصلاح رحمه الله : ((اذا كان راوى الحديث متأخراً عن درجة الحفظ والإتقان غير انه من المشهورين بالصدق والستر وروى مع ذلك حديثه من غير وجه فقد اجتمعت له القوة من الجهتين وذلك يرقى حديثه من درجة الحسن الى الصحيح))(2) وقال : الامام النوى رحمه الله : ((اذا كان راوى الحديث متأخراً عن درجة الحافظ الضابط مشهوراً بالصدق والستر .
اذا روى من وجه آخر ترقى الحسن الى الصحيح لقوته من الجهتين فينجبر احدما بالآخر))(1) .
وقال الطيبي رحمه الله تعالى : ((وحديث المتأخر عن درجة الاتقان والحفظ المشهور بالصدق والستر اذا روى من وجه آخر ترقى من الحسن الى الصحيح لقوته من الجهتين فينجبر احدهما بالآخر))(2) .
وقال : الزركشى رحمه الله : ((ان الراوي الصدوق الذى لم يبلغ درجة اهل الحفظ والاتقان اذا روى حديثه من وجه اخر يرتقى من درجة الحسن الى الصحة))(3) ويرى ((البقاعي – رحمه الله ان الحسن بنوعيه يرتقيان لمرتبة الصحيح لغيره عند تعدد الطرق قال : ((فإذا انضم بعضها الى بعض صارت حسنة للغير فترتقي بها تلك الطريق لذاتها الى الصحة ولا يضر كون احدهما لذاته والآخر لغيره وتكون هذه اقل مراتب الصحة))(4) .
وقال الحافظ بن كثير – رحمه الله : ((ومنه ضعف يزول بالمتابعة كما اذا كان روايه سئ الحفظ او روى الحديث مرسلاً فإن المتابعة تنفع حينئذ ويرفع الحديث عن حضيض الضعف الى أوج الحسن والصحة))(5) .
وقال : العلائى : رحمه الله : ((وثانيهما ان المسند قد يكون فى درجة الحسن وبإنضمام المرسل اليه يقوى كل واحد منهما بالآخر ويرقى الحديث بهما الى درجة الصحة))(6).
و ((الذى يظهر لى والله أعلم – أنه لا مانع من ترقية الحسن لغيره لمرتبة الصحيح لغيره عند تعدد الطرق وتكون مرتبة الصحيح لغيره على مراتب اقلها مرتبة : تقوية الحسن لذاته بالحسن لغيره كماقال : البقاعى رحمه الله))(1) أ.هـ ونقول لفرق التكفير القطبية وعلى رأسهم محمد قطب وسليمان ابن ناصر العلوان وسلمان العودة وسفر الحوالى ومن على شاكلتهما أنا لو سلمنا جدلاً بضعف إسناد اثر إبن عباس ((كفر دون كفر)) على حد زعمكم لكان هذا الاثر صحيحاً بتعدد طرقه ، ونقول كما قال البقاعي : ((فاذا انضم بعضها الى بعض صارت حسنة للغير فترتقي بها تلك الطريق الحسنة لذاتها الى الصحة ولا يضر كون أحدهما لذاته والآخر لغيره وتكون هذه أقل مراتب الصحة ))(2) قلت ولكن المصيبة الكبرى والبلية العظمى ان دعاة التكفير يتخبطون خبط عشواء فى هذا الميدان العتيق الذى لا يقبل الجهل والحمق والتخبط . والله المستعان.
واما قول المفترى التكفيري الجاهل المدعو عبد الجليل ابن ناصر الجليل الاتى نصه : ((ومن احسن ما رأيت من الردود على هذا التلبيس ما كتبه الشيخ احمد شاكر رحمه الله – ومما قاله : ((وهذه الأثار عن ابن عباس وغيره مما يلعب به المضللون فى عصرنا من المنتسبين للعلم ومن غيرهم من الجراء على الدين – يجعلونها عذراً او إباحة للقوانين الوضعية التى ضربت بلاد المسلمين)) ((عمدة التفسير 4/4 - 156))(3) .
نقول هذا الذى زعمه المفترى انه من كلام العلامة أحمد شاكر رحمه الله ((عبارة بشعة لا ارى ((العلامة احمد شاكر)) يتفوه بها وانما هى من تفسير المختصر ((المفترى)) الذى ليس عنده من العلم ما يعرف به مقام))(1) (( العلامة أحمد شاكر)) كما فعل صاحبه المفترى عبد العزيز العبد اللطيف لما زعم بأن الإمام المحدث محمد إبراهيم رحمه الله يكفر الدول الإسلامية .
والمقصود هنا ان المحدث العلامه احمد شاكر لا يكفر الدول الاسلامية حكاماً وعلماء وشعوباً كما سيأتي من اقواله ولو سلمنا جدلاً انه قال شيئاً مما زعمه المفترى نقول ليس فى كلامه المنسوب اليه تكفير للامة بل فيه دلالة واضحة على انه لا يكفر الأمة وأنظر اذا شئت الى قوله (( التى ضربت بلاد المسلمين ))(2) ولو سلمنا جدلاً بان هذا الكلام المزعوم الذى ساقه المفترى فيما تقدم قاله العلامة احمد شاكر رحمه الله فانه رحمه الله لا يقصد بكلامه اهل العلم والفضل من الصحابة والتابعين وتابيعيهم بإحسان الى يوم الدين . وانما يقصد بكلامه الذين يعتقدون ويستحلون الحكم بغير ما انزل الله من جهال الأمة كما سيأتي ، ولتأكيد ما ذكرناه اليكم بعض الشواهد من كتاباته – يقول رحمه الله : ((وليعلم من يريد ان يعلم ... من رجل استولى المبشرون على عقله وقلبه فلا يرى الا بأعينهم ولا يسمع الا بآذانهم ولا يهتدي الا بهديهم ولا ينظر الا على ضوء نارهم يحسبها نوراً ثم هو قد سماه ابواه بإسم اسلامي وقد عُد من المسلمين)) – أو عليهم فى دفاتر المواليد وفى سجلات الاحصاء فيأبى إلا أن يدافع عن هذا الاسلام الذى أُلِبسه جنسية ولم يعتقده ديناً فتراه يتأول القرآن ليخضعه لما تعلم من استاذيه ولا يرضى من الاحاديث حديثاً يخالف آرائهم وقواعدهم ، يخشى ان تكون حجتهم على الاسلام قائمة !! اذ هو لا يفقه منه شيئاً او رجل مثل سابقه الا انه اراح نفسه فاعتنق ما نفثوه فى روحه من دين وعقيدة ثم هو يابي ان يعرف الاسلام ديناً او يعترف به الا فى بعض شانه فى التسمي باسماء المسلمين وفى شئ من الانكحة والمواريث ودفن الموتي ... فزعم لنفسه انه اعرف بهذا الدين وأعلم من علمائه وحفظته وخلصائه فذهب يضرب فى الدين يميناً وشمالاً يرجوا ان ينقذه من جمود رجال الدين !! وأن يصفيه من أوهام رجال الدين !! او من رجل كشف عن دخيلة نفسه وأعلن إلحاده فى هذا الدين وعداوته ممن قال فيهم القائل ((كفروا بالله تقليداً )) او من رجل ممن ابتليت بهم الأمة المصرية فى هذا العصر ممن يسميهم أخونا النابغة الاديب الكبير كامل الكيلاني ((المجددينات)) .. او من رجل او من رجل ...))(1) انتهي كلامه رحمه الله .
وقال العلامة احمد شاكر رحمه الله فى معرض شرحه لحديث (( رؤية المخطوبة )) ما نصه : (( وهذا الحديث – وما جاء فى معنى رؤية الرجل لمن اراد خطبتها – مما يلعب به الفجار الملاحدة من اهل عصرنا عبيد اوربة وعبيد النساء وعبيد الشهوات . يحتجون به فى غير موضع الحجة و يخرجون به عن المعنى الاسلامي الصحيح))(2) .
وقال رحمه الله فى معرض رده على دعاة تحرير المرأة . ما نصه: ((وهذا الحديث يرد على الكذابين المفترين – فى عصرنا – الذين يحرصون على ان تشيع الفاحشة بين المؤمنين فيخرجون المراة عن خدرها وعن صونها وسترها الذى امر الله به))(1) أ.هـ ويقول العلامة احمد شاكر : ((وهذا الوصف النبوى الرائع الذى سما بتصويره الى القمة فى البلاغة والإبداع لهؤلاء الفئام من الناس – استغفر الله بل من الحيوان تجده كل يوم فى كثير ممن ترى حولك ممن ينتسبون الى الاسلام - ... بل قد تجده فيمن يلقبون منهم أنفسهم بأنهم علماء )) ينقلون اسم العلم عن معناه الاسلامي الحقيقى المعروف فى الكتاب والسنة الى علوم من علوم الدنيا والصناعات والاموال ثم يملؤهم الغرور ، فيريدون ان يحكموا على الدين بعلمهم الذى هو الجهل الكامل ويزعمون انهم اعرف بالإسلام من أهله وينكرون المعروف منه ويعرفون المنكر ويردون من يرشدهم او يرشد الأمة الى معرفة دينها رداً عنيفاً ، يناسب كل جعظرى جواظ منهم فتأمل هذا الحديث وأعقله ترهم امامك فى كل مكان))(2) أنتهي نقول للمفترى المدعو عبد الجليل وأمثاله من القطبيين بأن العلامة أحمد شاكر يقصد بكلامه المتقدم ، الذين ينقلون اسم العلم عن معناه الاسلامي الحقيقى المعروف فى الكتاب والسنة الى علوم من علوم الدنيا والصناعات)) والسلفيين ولله الحمد قديماً وحديثاً لم يبيحوا القوانين الوضعية انطلاقاً من الآثار الواردة عن ابن عباس بل السلفيين قديماً وحديثاً سلكوا منهج السلف وفسروا قول الله عز وجل ((ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون)) بالآثار الواردة عن حبر الأمة عبد الله بن عباس وغيره من الصحابة رضى الله عنهم كما سيأتي. ولا شك ان الصحابة رضى الله عنهم هم أعلم الناس بمراد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والمقصود هنا أن العلامة احمد شاكر لا يخالف السلفيين بل أحمد شاكر قرر ما قرره أئمة السلف فى مسالة التكفير وأشترط االعتقاد والإستحلال ولتأكيد ما ذكرناه اليكم نص كلامه : ((اهل البدع والأهواء اذا كانت بدعتهم مما يحكم بكفر القائل بها لا تقبل روايتهم بالاتفاق فيما حكاه النووى ورد عليه السيوطي فى التدريب دعوى الاتفاق ونقل قولاً آخر بأنها تقبل ان اعتقد حرمة الكذب ، ثم نقل عن الحافظ ابن حجر أنه قال : ((التحقيق أنه لا يرد كل مكفر ببدعته لان كل طائفة تدعي ان مخالفتها مبتدعة وقد تبالغ فتكفر فلو أخذ ذلك على الإطلاق لاستلزم تكفير جميع الطوائف . والمعتمد : ((ان الذى ترد روايته من أنكر أمراً متوارتراً من الشرع معلوماً من الدين بالضرورة ((وإعتقد عكسه . واما من لم يكن كذلك وانضم الى ذلك ضبطه لما يرويه مع ورعه وتقواه فلا مانع من قبوله ، وهذا الذى قاله الحافظ هو الحق الجدير بالإعتبار ويؤيده النظر الصحيح . وأما من كانت بدعته لا توجب الكفر فإن بعضهم لم يقبل روايته مطلقاً ، وهو غلو من غير دليل وبعضهم قبل روايته ان لم يكن ممن يستحل الكذب فى نصرة مذهب ، وروى هذا القول عن الشافعي فإنه قال : ((أقبل شهادة اهل الأهواء الا الخطابية لانهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم )) وقال ايضاً : (( ما رايت فى أهل الأهواء قوماً اشهد بالزور من الرافضة )) . وهذا القيد – أعني عدم استحلال الكذب – لا ارى داعياً له لانه قيد معروف بالضرورة فى كل راو فإنا لا نقبل رواية الراوى الذى يعرف عنه الكذب مرة واحدة فأولى ان نرد رواية من يستحل الكذب او شهادة الزور))(1) أ.هـ أخى القارئ تأمل فى كلام العلامة احمد شاكر المتقدم فإنه نافع جداً وأنظر الى قوله : ((أنكر أمراً متواتراً من الشرع معلوماً من الدين بالضرورة و اعتقد عكسه)) انظر وتأمل الى قوله ((واعتقد عكسه)) وانظر وتامل اخى القارئ فى قوله : ((وبعضهم قبل روايته ان لم يكن ممن يستحل الكذب)) قلت : هكذا إشترط العلامة المحدث الإستحلال والإعتقاد في مسالة التكفير والله الموفق.
الفصل الثالث
الإمامان الجبلان الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ محمد ناصرالدين الألباني
فى الرد على التكفيريين
وقد بذل شيخ السلفيين عبد العزيز بن باز جهود مباركة في مسالة الحكم بغير ماأنزل الله كما سيأتي وكذلك فصل في هذه المسالة المحدث الالباني والعلامة محمد بن صالح العثيمين رحمهم الله وفيما سبق اوردنا اقوالهم .
ولاسكات العاوى المدعو عبد العزيز الريمي وعبد الجليل بن ناصر وغيرهما نورد الشاهد من اقوالهم الرصينة القوية مرة اخرى هنا : يقول العلامة وشيخ السلفيين وعلامة العصر عبد العزيز بن عبد الله بن باز ما نصه : ((... لا يجوز لاحد من من الناس ان يكفر من حكم بغير ما انزل الله بمجرد الفعل من دون ان يعلم انه استحل ذلك بقلبه واحتج ((أى المحدث الالباني)) بما جاء في ذلك عن ابن عباس رضى الله عنهما وعن غيره من سلف الأمة ولا شك ان ما ذكره في جوابه فى تفسير قوله تعالى ((ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون)) هو الصواب وقد اوضح وفقه الله ان الكفر كفران اكبر واصغر فمن استحل الحكم بغير ما انزل الله او الزنا او الربا او غيرهما من المحرمات المجمع على تحريمها فقد كفر كفراً أكبر وظلم ظلماً أكبر وفسق فسقاً اصغر ومن فعلها بدون استحلال كان كفره كفراً أصغر وظلمه ظلم اصغر وفسقه فسق أصغر لقول النبى صلى الله عليه وسلم فى حديث ابن مسعود رضى الله عنه ((سباب المسلم فسوق وقتاله كفر)) اراد صلى الله عليه وسلم الفسق الاصغر والكفر الاصغر واطلق العبارة تنفيراً من العمل المنكر))(1) .
قال العلامة المحدث ناصر الدين الالباني رحمه الله تعالى مقرراً منهج السلف من الصحابة والتابعين فى مسالة الحكم بغير ما أنزل الله ما نصه : ((.. فإن اصل التكفير الذى ذكرناه فى هذا الزمان الأية التى يدندنون حولها الاهي قوله تعالى : ((ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون)) المائدة ((44)) ونعلم جميعاً ان هذه الاية تكررت وجاءت خاتمتها بالفاظ ثلاثة : ((فاولئك هم الكافرون)) ، ((فأولئك هم الظالمون)) المائدة 45 ((فأولئك هم الفاسقون)) المائدة 47 .فمن جهل الذين يحتجون بهذه الآية في اللفظ الأول منها : ((فأولئك هم الكافرون)) انهم لم يلموا على الاقل ببعض النصوص التى جاء فيها لفظة الكفر ، فأخذوها على انها تعنى الخروج من الدين وانه لا فرق بين هذا الذى وقع فى الكفر وبين اولئك المشركين من اليهود والنصارى واصحاب الملل الاخرى الخارجة عن ملة الاسلام بينما لفظه الكفر فى لغة الكتاب والسنة لا تعني هذا الذى يدندون حوله ، ويسلطون هذا الفهم الخاطئ على كثيرين وهم بريئون منه فشأن اللفظيين الاخرين ((الظالمين)) و ((الفاسقين)) فكما ان من وصف انه ظالم او فاسق لا يعنى بالضرورة انه مرتد من الدين فكذلك من وصف بانه كافر وهذا التنوع فى معنى اللفظ الواحد هو الذى تدل عليه اللغة ثم الشرع الذى جاء بلغة العرب : لغة القرآن الكريم ... الى ان قال رحمه الله : نعود الان الى هذه الاية ((ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون)) فما المراد بالكفر فيها ؟ هل هو الخروج عن الملة او غير ذلك ؟ هنا الدقة فى فهم هذه الاية فانها تعنى الكفر العملى وهو الخروج بأعمالهم عن بعض أحكام الاسلام ويساعدنا فى هذا الفهم حبر الأمة وترجمان القرآن الكريم الا وهو عبد الله بن عباس رضى الله عنهما لانه من الصحابة الذين اعترف المسلمون جميعاً. الامن كان من تلك الفرق الضالة – على انه امام فى التفسير وكانه طرق سمعه يومئذ ما نسمعه اليوم تماماً ان هنالك اناساً يفهمون الاية على ظاهرها دون تفصيل فقال رضى الله عنه : ((ليس بالكفر الذى تذهبون اليه انه ليس كفراً ينقل عن الملة هو كفر دون كفر ولعله يعنى بذلك الخوارج الذين خرجو على امير المؤمنين على رضى الله عنه ثم كان من عواقب ذلك انهم سفكوا دماء المؤمنين وفعلوا فيهم ما لم يفعلوا بالمشركين ، فقال ليس الامر كما قالوا او كما ظنوا وانما هو كفر دون كفر هذا الجواب المختصر الواضح من ترجمان القران الكريم فى تفسير هذه الاية هو الذى لا يفهم سواه من النصوص التى ألمحت اليها آنفاً في مطلع كلمتى هذه ، ان كلمة الكفر ذكرت فى كثير من النصوص ولا يمكن ان تفسر على انها تساوى الخروج عن الملة وذلك مثلاً الحديث المعروف فى الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((سباب المسلم فسوق وقتاله كفر)) فالكفر هنا هو المعصية وهو الخروج عن الطاعة لكن الرسول صلى الله عليه وسلم باعتبار ان افصح من نطق بالضاد تفنن بالتعبير بقصد المبالغة فى الزجر فقال)) (( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر)) بالفسق المذكور فى اللفظ الثالث فى الاية السابقه : ((ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الفاسقون)) الجواب : قد يكون فسقاً ايضاً مرادفاً للكفر الذى هو معني الخروج من الملة وقد يكون الفسق مرادفاً للكفر الذى لا يخرج عن الملة وانما يعنى ما قاله ترجمان القرآن انه كفر دون كفر وهذا الحديث يؤكد ان ال
إمام السلفيين وعلامة العصر عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله
يقرر مذهب السلف بالتفصيل فى مسألة الحكم بغير ما أنزل الله
قد بين الامام وعلامة العصر عبد العزيز بن باز رحمه الله منهج السلف فى مسألة الحكم بغير ما أنزل الله وفصل تفصيلاً حسناً وذلك عبر اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء ووسائل الأعلام المسموعة والمقروءة كما سيأتي:
وقال الشيخ الامام عبد العزيز بن باز رحمه الله مناصراً ومؤيداً لمحدث الديار الشامية محمد ناصر الدين الالباني رحمه الله لما قرر منهج السلف فى مسالة الحكم بغير ما أنزل الله وفصل فيها قال ما نصه.
((... فقد إطلعت على الجواب المفيد القيم الذى تفضل به صاحب الفضيلة الشيخ الالباني وفقه الله المنشور فى صحيفة المسلمون الذى أجاب به فضيلته في مسألة تكفير من حكم بغير ما أنزل الله من غير تفصيل فألفيتها كلمة قيمة فأصاب فيها الحق وسلك فيها سبيل المؤمنين وأوضح وفقه الله انه لا يجوز لأحد من الناس أن يكفر من حكم بغير ما أنزل الله بمجرد الفعل من دون أن يعلم أن استحل ذلك بقلبه واحتج بما جاء فى ذلك عن ابن عباس رضى الله عنهما وعن غيره من سلف الامة ولا شك ان ما ذكره فى جوابه فى تفسير قوله تعالى (( ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون )) هو الصواب وقد اوضح وفقه الله ان الكفر كفران أكبر وأصغر فمن استحل الحكم بغير ما انزل الله او الزنا أو الربا أو غيرهما من المحرمات المجمع على تحريمهما فقد كفر كفراً أكبر وظلم ظلماً أكبر وفسق فسقاً أكبر ومن فعلها دون إستحلال كان كفره كفراً أصغر وظلمه ظلماً اصغر وهكذا فسقه لقول النبى صلى الله عليه وسلم فى حديث ابن مسعود رضى الله عنه ((سباب المسلم وقتاله كفر)) أراد بهذا من العمل المنكر))(1) إنتهي كلامه ، وسُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية السؤال التالى : (( من لم يحكم بما انزل الله هل هو مسلم ام كافر كفراً أكبر وتقبل منه اعماله ... ؟ )) فأجابت اللجنة الدائمة بالآتي نصه : ((الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه وبعد : قال تعالى ((ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون)) . وقال تعالى ((ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون)) وقال تعالى ((ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الفاسقون)) لكن ان استحل ذلك وأعتقد انه جائزاً فهو كافراً كفراً أكبر وظلم أكبر وفسق أكبر يخرج من الملة اما ان فعل ذلك من اجل رشوة او مقصد آخر وهو يعتقد تحريم ذلك فإنه آثم يعتبر كافراً كفراً اصغر وظلماً اصغر وفاسقاً فسقاً أصغر لا يخرجه من الملة كما اوضح ذلك اهل العلم فى تفسير الآيات المذكورة))(2) أ.هـ .
نقول للعلوان وأمثاله من القطبيين الحزبيين هؤلاء هم علماء المملكة العربية السعودية يفصلون تفصيلاً كاملاً وشاملاً فى مسالة الحكم بغير ما انزل الله على منهج السلف الصالح من الصحابة والتابعين والائمة الاربعة .
ونجد الاخوانيين القطبيين الخوارج يستدلون بكلام العلامه محمد ابن ابراهيم مفتى عام المملكة العربية السعودية الآتى نصه ((... الخامس : وهو أعظمها واشملها وأظهرها معاندة للشرع ومكابرة لاحكامه ومشاقة لله ورسوله ومضاهاة بالمحاكم الشرعية اعداداً وامداداً وارصاداً وتأصيلاً وتفريعاً وتشكيلاً وتنويعاً وحكماً وإلزاماً ومراجع ومستندات ، فكما ان للمحاكم الشرعية مراجع مستمدات مرجعها كلها الى كتاب اله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فلهذه المراجع هى القانون الملفق من شرائع شتى وقوانين كثيرة كالقانون الفرنسي والقانون الامريكي والقانون البريطاني وغيرها من القوانين ، ومن مذاهب بعض البدعيين المنتسبين الى الشريعة وغير ذلك . وهذه المحاكم الان فى كثير من أمصار الاسلام مهياة مكملة مفتوحة الابواب والناس اليها اسراب إثر اسراب يحكم حكامها بينهم بما يخالف حكم السنة والكتاب من احكام ذلك القانون وتلزمهم به وتقرعهم عليه وتحتمه عليهم فاى كفراً فوق هذا الكفر وأى مناقضة للشهادة بأن محمداً رسول الله بعد هذه المناقضة وذكر ادلة جميع ما قدمنا على وجه البسط معلومة معروفة لا يحتمل ذكرها هذا الموضع فيا معشر العقلاء ويا جماعات الاذكياء وأولى النهي كيف ترضون أن تجرى عليكم أحكام أمثالكم وافكار أشباهكم أو من دونكم ممن يجوز عليهم الخطأ))(1) ... الى آخر كلامه رحمه الله.
نقول ان العلامة المحدث محمد بن ابراهيم اراد بكلامه هذا الاطلاق وليس التعيين ولا ولن يستطيع أحداً ان يقول ان العلامة محمد بن ابراهيم كان يكفر جميع الدول الاسلامية بكلامه هذا . وإن شئت التأكد وتحقيق ما قررناه أنظر وتأمل فى قوله : (فهذه المحاكم الان فى كثير من أمصار الإسلام مهيأة مفتوحة الابواب...الخ) والشاهد انه سمي البلاد التى تحكم هذه القوانين بـ (أمصار الإسلام) لو أنه رحمه الله يرى تكفير الدول الاسلامية لما سماها ((أمصار الإسلام)) وهذا من أكبر الأدلة بأن العلامة محمد بن إبراهيم لا يكفر الدول الاسلامية القائمة فى هذا العصر وانما اراد بذلك الكلام المذكور انفاً الاطلاق وسياتى كلام شيخ الاسلام ابن تيمية فى هذا المقام . وكذلك انظر الى قوله : ((وذكر ادلة جميع ما قدمنا على وجه البسط معلومة معروفة لا يحتمل ذكرها هذا الموضع))(1) وما اوردناه من كلام العلامه محمد بن ابراهيم يدل على انه اراد الاطلاق وليس تكفير حكام الدول الاسلامية القائمة ، ودليل الاطلاق انه اورد كلاماً مجملاً واكد ذلك بقوله ((وذكر أدلة جميع ما قدمنا على وجه البسط معلومة معروفة لا يحتمل ذكرها هذا الموضع)) أخي القارئ أنظر وتامل فى كلام العلامة محمد بن ابراهيم رحمه الله حينئذ سوف يتبين لك ان الامام المحدث محمد بن ابراهيم رحمه الله اورد كلاماً مجملاً اراد به الاطلاق ولم يقصد بكلامه تكفير الدول الاسلامية القائمة فى هذا العصر وانظر الى قوله وكيف انه سماهم بـ ((أمصار الاسلام)) وقوله هذا من أكبر الأدلة على انه اراد الإطلاق من قوله وقد فصل فى موضع آخر من نفس هذا الكتاب ((تحكيم القوانين)) وفى غيره كما سياتى ، ومن هنا نقول ينبغي التفريق بين الاطلاق والتعيين وبين الفعل والفاعل.
يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ما نصه ((وكنت ابين لهم أنما ما نقل لهم عن السلف والأئمة من اطلاق القول بتكفير من يقول كذا وكذا فهو ايضاً حق ، لكن يجب التفريق بين الاطلاق والتعيين وبين الفعل والفاعل وهذا أول مسألة تنازعت فيها الأمة من مسائل الاصول الكبار وهي مسألة ((الوعيد)) فان نصوص القرآن الكريم فى الوعيد مطلقة كقوله تعالى ((ان الذين يأكلون أموال اليتامي ظلماً)) الاية وكذلك سائر ما ورد : من فعل كذا فله كذا فان هذه مطلقة عامة وهى بمنزلة قول من قال من السلف من قال كذا : فهو كذا . ثم الشخص المعين يلتقى حكم الوعيد فيه : بتوبة أو حسنات ماحية او مصائب مكفرة او شفاعة مقبولة . والتكفير هو من الوعيد. فإنه وان كان القول تكذيباً لما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم لكن قد يكون الرجل حديث عهد بالإسلام أو نشأ ببادية بعيدة . ومثل هذا لا يكفر بجحد ما يجحده حتى تقوم عليه الحجة . وقد يكون الرجل لم يسمع تلك النصوص او سمعها وان كان مخطئاً . وكنت دائماً أذكر الحديث الذى فى الصحيحين فى الرجل الذى قال : ((اذا انا مت فاحرقونى ثم اسحقوني ، ثم زروني فى اليم ، فوالله لأن قدر الله على ليعذبنى عذاباً ما عذبه احداً من العالمين: ففعلوا به ذلك فقال الله له : ما حملك على ما فعلت قال : خشيتك: فغفر له )) فهذا رجل شك فى قدرة الله تعالى وفى اعادته اذا زرى : بل اعتقد انه لا يعاد وهذا كفر باتفاق المسلمين لكن كان جاهلاً لا يعلم ذلك وكان مؤمناً يخاف الله ان يعاقبه فغفر له بذلك . والمتأول من اهل الاجتهاد الحريص على متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم اولى بالمغفرة من مثل هذا))(1) أ.هـ .
اخى القارئ تأمل فى كلام شيخ الاسلام بن تيمية المتقدم فانه نافع جداً . ونقول للخوارج المعاصرين من قطبيين وسروريين واخوانيين ضالين ها هو الامام المحدث العلامة محمد بن ابراهيم يفصل تفصيلاً حسناً فى هذه المسألة العظيمة ((مسألة الحكم بغير ما انزل الله)) وذلك فى فتاويه الجزء الاول ص 8 ((عند كلامه على ((تحقيق معنى لا اله الا الله)) وكذلك تحقيق معنى ((محمد رسول الله)) مبينا وجوه ذلك:
((... من تحكيم شريعته والتقيد بها ونبذ ما خالفها من القوانين والأوضاع وسائر الاشياء التى ما أنزل الله بها من سلطان والتى من حكم بها حاكم اليها ... معتقداً صحة ذلك وجوازه فهو كافر الكفر الناقل عن الملة وإن فعل ذلك دون اعتقاد ذلك وجوازه فهو كافر الكفر العملى الذى لا ينقل عن الملة))(2) .
نقول للخوارج القطبيين هذا هو الامام محمد بن ابراهيم يفصل تفصيلاً شاملاً وكاملاًُ فى مسالة الحكم بغير ما أنزل الله وان شئتم انظروا الى قوله الاتى نصه : ((... والتى من حكم بها او حاكم اليها ... معتقداً صحة ذلك وجوازه : فهو كافر الكفر الناقل من الملة وإن فعل ذلك بدون اعتقاد ذلك وجوازه فهو كافر الكفر العملى الذى لا ينقل عن الملة)) أ.هـ نقول للخوارج اتباع سيد قطب وحسن البنا ومحمد سرور ومحمد قطب هل فى كلام العلامة المحدث محمد بن ابراهيم رحمه الله المتقدم تكفير لمعين وهل انتم الخوارج تقولون بقول العلامة محمد بن ابراهيم رحمه الله المتقدم ولاسيما قوله ((ان فعل ذلك بدون اعتقاد ذلك وجوازه فهو كافر الكفر العملى الذى لا ينقل عن الملة)) بل نقول لكم ايها الخوارج انتم تعتقدون بأن مجرد الفعل يدل على الاعتقاد وتقررون ان ليس هنالك كفر دون كفر وتطعنون فى قول حبر الأمة ابن عباس ((كفر دون كفر)) كما سيأتى ، وعلماء المملكة العربية السعودية وعلى رأسهم العلامة المحدث محمد بن ابراهيم وشيخ السلفيين عبد العزيز بن باز رحمه الله . والعلامة العثيمين وغيرهم رحمهم الله يقررون ما قرره حبر الامة بن عباس ((كفر دون كفر)) وقد رايتم ذلك في كلام شيخ السلفيين عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله . ويقول العلامه المحدث محمد بن ابراهيم مقرراً ما قرره حبر الامة بن عباس ما نصه ((واما القسم الثاني من قسمى كفر الحاكم بغير ما انزل الله وهو الذى لا يخرج من الملة فقد تقدم تفسير ابن عباس رضى الله عنهما لقول الله عز وجل ((ومن لم يحكم بما أنزل الله فاولئك هم الكافرون)) فقد شمل ذلك القسم وذلك في قوله رضى الله عنه في الآية ((كفر دون كفر)) وقوله ايضاً ((ليس بالكفر الذى تذهبون اليه)) أ.هـ وذلك ان تحمله شهوته وهواه على الحكم فى القضية بغير ما انزل الله مع اعتقاده ان حكم الله ورسوله هو الحق واعترافه على نفسه بالخطأ ومجانبة الهدى وهذا وان لم يخرجه كفره عن الملة فإنه معصية عظمي اكبر من الكبائر كالزنا والخمر والسرقة واليمين الغموس وغيرها ...))(1) .
نقول للخوارج الذين ينكرون بأن هنالك كفر دون كفر كما سيأتي فى نصوص أقوالهم ، نقول لهم ها هو الامام محمد بن ابراهيم يدحض مزاعمكم ويقرر ما قرره سلف الأمة وعلى رأسهم حبر الامة ابن عباس رضى الله عنهما . ونجد التكفيريين الخوارج من قطبيين سروريين وعصرانيين يتبجحون هنا وهنالك بقول الامام المحدث محمد بن ابراهيم فى كتابه ((تحكيم القوانين)) ولبسوا ودلسوا على العوام اتباع كل ناعق بأن الإمام محمد بن إبراهيم يرى رأيهم ويعتقد معتقدهم فى تكفير حكام الدول الاسلامية القائمة اليوم ونقول سبحانك هذا بهتان عظيم ونقول رمتنى بدائها وانسلت ونقول بان الامام محمد بن إبراهيم من ابعد الناس من تكفير الحكام والامصار الاسلامية ويعرف هذا من جالسه او اطلع على كتاباته وفيما سبق اوردنا نصوص كلامه بالتفصيل فى مسالة الحكم بغير ما أنزل الله وفيه رد قوي جداً على الخوارج المعاصرين والغابرين . وتفصيله المنقول عنه فيما سبق من مجموع فتاويه ((1/80)) قرره وفصله بعد خمس سنين من تأليف كتاب ((تحكيم القوانين)) وقد بين المحدث محمد بن ابراهيم انه لم يبسط الادلة فى كتابه المذكور آنفاً وقال نصه ((وذكر أدلة وجميع ما قدمنا على وجه البسط معلومة معروفة لا يحتمل ذكرها هذا الموضع))(2) .
نقول وبسط رحمه الله القول بأدلته فى مجموع فتاويه ((1/80)) وفيما سبق اوردنا قوله ونص كلامه بالتفصيل فى مسالة الحكم بغير ما انزل الله والله المستعان)).
ولما دندن الخوارج من قطبيين وسروريين واخوانيين حول كلام المحدث العلامة محمد بن ابراهيم رحمه الله فى كتابه وتحكيم القوانين )) تصدى لهم علامة العصر وشيخ السلفيين عبد العزيز بن باز مفتى عام المملكة العربية السعودية فى زمانه ورئيس هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء . وذلك لما سئل السؤال التالى :
وهناك فتوى للشيخ محمد بن ابراهيم ال الشيخ . رحمه الله . يستدل بها اصحاب التكفير هؤلاء على ان الشيخ لا يفرق بين من حكم بغير شرع الله عز وجل – مستحلاً ومن ليس كذلك كما هو التفريق المعروف عند العلماء)) فأجاب شيخ الإسلام ووارث علم الصحابة والتابعين فى العصر الحاضر عبد العزيز بن باز رحمه الله بما يلي ((هذا الامر مستقر كما قدمت أن من ((استحل)) ذلك فقد كفر أما اذا قامت دولة اسلامية لديها القدرة : فعليها ان تجاهد من لا يحكم بغير ما أنزل الله حتى تلزمه بذلك )) فقال السائل : (( هم يستدلون بفتوى الشيخ محمد بن ابراهيم ؟ فقال الامام ابن باز رحمه الله ما نصه ((محمد بن ابراهيم ليس بمعصوم فهو عالم من العلماء يخطي ويصيب وليس بنبي ولا رسول وكذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وابن كثير وغيرهم من العلماء ، كلهم يخطي ويصيب ويؤخذ من قولهم ما وافق الحق وما خالف الحق يرد على قائله))(1) انتهي نص كلام الإمام ابن باز رحمه الله. واننا نجد دعاة التكفير هنا وهناك عبر كتبهم ومؤلفاتهم ومجلاتهم ومحاضراتهم المسموعة والمقروءة ونحوها يطعنون فى اثر ابن عباس ((كفر دون كفر)) وذلك فى تفسير قوله تعالى ((ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الكافرون)) وهؤلاء التكفيريين نجدهم يشرحون بعض كتب ائمة السلف وأئمة الدعوة وذلك حتى يتثنى لهم بث سمومهم عبر شروحهم لكتب بعض ائمة السلف وبين يدينا شرح كتاب للخارجي التكفيري سليمان بن ناصر بن عبد الله العلوان وحاول هذا المفترى شرح ((نواقض الاسلام)) للامام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى وسمى شرحه ((التبيان شرح نواقض الإسلام)) للامام محمد بن عبد الوهاب ويقول هذا الخارجي التكفيري الحاقد مضعفاً اثر بن عباس رضى الله عنه المذكور انفاً ((... فالكفر المعرف بالالف واللام لا يحتمل فى الغالب الا الاكبر كقوله تعالى ((فاولئك هم الكافرون)) فيمن حكم بغير ما انزل الله ما جاء عن ابن عباس رضى الله عنه من قوله ((كفر دون كفر)) فلا يثبت عنه فقد رواه الحاكم فى مستدركه ((2/313)) عن طريق هشام بن حجير عن طاوس عن ابن عباس وهشام ضعفه احمد ويحي.
وقد خولف فيه ايضاً فرواه عبد الرازق فى تفسيره عن معمر عن ابن طاوس عن ابيه قال سئل بن عباس عن قوله تعالى ((ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون)) قال هى كفر وهذا هو المحفوظ عن ابن عباس اى ان الأية على اطلاقها واطلاق الاية يدل على ان المراد بالكفر هو الكفر الاكبر اذ كيف يقال بإسلام من نحي الشرع واعتاض عنه بآراء اليهود والنصارى واشباههم فهذا مع كونه تبديلاً للدين المنزل هو إعراض ايضاً عن الشرع المطهر وهذا كفر آخر مستقل . واما ما رواه ابن جرير فى تفسيره عن ابن عباس انه قال : ((ليس كمن كفر بالله واليوم الآخر وبكذا وكذا )) فليس مراده ان الحكم بغير ما انزل الله كفر دون كفر ومن فهم هذا فعليه الدليل واقامة البرهان على زعمه والظاهر من كلامه انه يعنى ان الكفر الاكبر مراتب متفاوتة بعضها اشد من بعض فكفر من كفر بالله وملائكته واليوم الاخر اشد من كفر الحاكم بغير ما أنزل الله ونحن نقول ايضاً ان كفر الحاكم بغير ما انزل الله اخف من كفر من كفر بالله وملائكته ... ولا يعنى هذا ان هذا الحاكم بغير ما انزل الله مسلم وان كفره كفر اصغر ، كلا بل هو خارج عن الدين لتنحيه الشرع وقد نقل ابن كثير الإجماع عن هذا فانظر البداية والنهاية ((13/119))(1) انتهى كلام المفترى بالنص ونجد مجلة البيان الاخوانية السرورية والقطبية التى تصدر فى لندن تروج لمنهج التكفير والخروج والارهاب كما سيأتي يقول كاتبهم عبد الجليل ابن ناصر الجليل فى مقال بعنوان ((صور من لبس الحق بالباطل)) :
(3) ((... 1- الاحتجاج على شرعية الانظمة المبدلة لشرع الله والمستحلة لما حرم الله بآثار عن السلف رضى الله عنهم أنه ((كفر دون كفر)) وهذا والله تحريف للادلة عن مواضعها وانزال الحكم فى غير محله وافتراء وتجن على سلفنا الصالح وخير القرون فى هذه الامة ، فما كانوا عن عصرنا يتحدثون ولا انظمته المبدلة لشرع الله يقصدون فالله المستعان ومن أحسن ما رأيت من الردود على هذا التلبيس ما كتبه الشيخ احمد شاكر)) رحمه الله ومما قاله : ((وهذه الاثار عن ابن عباس وغيره مما يلعب به المضللون فى عصرنا من المنتسبين للعلم ومن غيرهم من الجراء على الدين يجعلونها عزراً او اباحة للقوانين الوثنية الوضعية التى ضربت على بلاد المسلمين )) عمدة التفسير ج 4 ص 156 – 158)). ويواصل المفترى فى كلامه فيقول ((فاللهم انا نبرأ من هذا اللبس ونبرئ صحابة رسول الله والتابعين لهم بإحسان من هذا التلبيس وهذه المغالطات وانه لا احد ينزل قول ابن عباس رضى الله عنه او غيره من السلف على المبدلين لشرع الله فى زماننا هذا الا رجل سيطر عليه الجهل بالواقع فلا يعلم ما يدور من حوله او رجل منافق ملبس يعلم واقعه وعدم مشابهته للواقع الذى تحدث عنه بن عباس رضى الله عنه ولكنه يغالط ويخلط الحق بالباطل اتباعاً للهوى وطمعاً فى دنيا يصيبها ، فانه لم يحدث قط في تاريخ الاسلام ان سن حاكم حكماً وجعله شريعة يتحاكم اليها الناس))(1) أ.هـ . نقول لهذا الجاهل المدعو عبد العزيز الجليل بان ابن عباس لم يتحدث عن واقع معين انما تحدث رضى الله عنهما عن تفسير قوله تعالى ((ومن لم يحكم بما أنزل الله فاولئك هم الكافرون)) على وفق مراد الله تعالى ورسوله وثم نقول لهذا الجاهل ان لازم كلامك هذا يكفر جميع الدول الاسلامية القائمة .
وهذا منهج الخوارج واكبر دليل على ما قررناه من ان هذا المفترى يكفر جميع الدول الاسلامية قوله الاتى نصه ((فما كانوا عن عصرنا يتحدثون ولا انظمته المبدلة لشرع الله يقصدون)) ونقول هكذا نجد التكفيريين الخوارج يدلسون ويلبسون على العوام اتباع كل ناعق والله المستعان . وسياتى الرد المفصل على هذا المفترى والمدعو سليمان العلوان الذى طعن فى اثر ابن عباس ((كفر دون كفر)) وسوف ندحض ما زعمه وغيره باقوال ائمة الجرح والتعديل فى أثر ابن عباس رضى الله عنهما.
تواصل مجلة البيان القطبية فى ترويج الافكار والمناهج التكفيرية وينشرون لقاء مطولاً مع شيخهم عبد المجيد الريمي اليمنى فيقول المدعو الريمي ما نصه ((هنالك بعض المفاهيم الغريبة لبعض المنتسبين للمنهج السلفى فى اليمن لابد من تحذير شباب الدعوة السلفية منها وبيان انها دخيلة على منهج السلف منها :-
1. زعمهم ان الانصاف مع المخالف والموازنة بين حسناته وسيئاته ليس مشروعاً ويكفى فى الرد على هؤلاء مراجعة اى كتاب من كتاب الرجال ومواقف السلف من مختلف الاتجاهات التى حملت الحديث ونقلته وكيف تعامل أئمة الحديث معهم . ثم انهم متناقضون فهم يطبقون مبدأ الموازنة الى حد الميوعة المفرطة بل التغافل التام عن مساوئ الأنظمة الحاكمة بأمرها ويفشون عن عيوب حملة الدعوة ويشيعونه بل يلفقون التهم ويمنعون الحديث عن عيوب تلك الانظمة ويطوونه ولا يروونه بل يجعلون من تحدث عنهم من اهل البدع!
2. من المفايم الغريبة جداً ، زعم بعضهم ان التشريع والتقنين الذى يحلل فيه الحرام ويحرم فيه الحلال ليس كفراً اكبر وانما هو كفر عملى اصغر . وبعضهم يقول حتى يعتقد ولا يعرف اعتقاده حتى يصرح ويستحل باللفظ ! اما الكتابة عندهم فليس تصريحاً مع إنه من الناحية الشرعية : الحكم المترتب على التلفظ لا يختلف عن الحكم المترتب على الكتابة ))(1) .
وهؤلاء القطبيين الخوارج قرروا ما قرروه من منهج الخوارج لانهم لا يأخذون بقول ائمة السلف فى تفسير قوله تعالى ((ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون)) بل ضعفوا اثر بن عباس فى تفسير هذه الاية الكريمة لان اثر ابن عباس خالف اهوائهم ومناهجهم الباطلة الكاسدة الفاسدة انظر الى قول محمد قطب شقيق الخارجي التكفيري سيد قطب وكيف ضعف اثر ابن عباس بقوله ((مظلوم ابن عباس))(1) ونقول لمحمد قطب انتم الذين ظلمتم ابن عباس وذلك بتضعيف قوله المأثور عنه فى تفسير قوله تعالى ((فاولئك هم الكافرون)) والمعلوم عن محمد قطب وأضرابه القطبيين السروريين العصرانيين انهم لا خبرة لهم بعلم الاسانيد بل هم من أجهل خلق الله بعلم الجرح والتعديل بل هم مثل الشيعة الروافض يطعنون فى الآثار الصحيحة اذا خالفت اهوائهم.
الفصل الثاني
أقوال ائمة الجرح والتعديل فى أثر بن عباس ((كفر دون كفر))
والتحقيق اثر بن عباس الذى نحن بصدد الكلام عنه صحيح الاسناد كما سيأتى وقد ثبت عن ابن عباس باسانيد وطرق كثيرة ورجالها ثقات اثبات واليكم كلام ائمة الجرح والتعديل فى تصحيح اثر ابن عباس. قال الامام عبد الرازق الصنعاني فى تفسيره : أخبرنا معمر عن ابن طاوس عن ابيه قال : سئل ابن عباس عن قوله : ((ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون)) قال : هي به كفر )) كذا فى تفسير ابن كثير ((2/97)) وعلقه ابو عبيدة فى ((الايمان)) ص 94 والبغوي فى معالم التنزيل ((2/62)) قلت : معمر ، هو ابن راشد من كبار الاثبات وابن طاوس اسمه عبد الله من فضلاء الثقات ، روى له الستة ووثقه جمع غفير كابي حاتم والنسائي وابن معين وابن خلفون والدار قطني وغيرهم . انظر ((تهذيب الكمال)) 15/130 – 131)) فالسند صحيح))(2) ورواه ابن نصر فى (( تعظيم قدر الصلاة )) رقم 570 عن شيخين له عن عبد الرازق به ورواه الطبرى فى (( جامع البيان )) ((6/256)) عن طريق عبد الرازق به وقد زادوا كلهم جميعاً : ((قال ابن طاوس : وليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله ))(1) . قلت وقد وردت هذه الجملة من كلام ابن عباس نفسه فى السند الأتي : قال الامام الطبرى فى جامع البيان ((6/256)) ((وحدثنا ابن وكيع قال : ((وحدثنا ابى عن سفيان عن معمر بن راشد عن ابن طاوس عن ابيه عن ابن عباس : (( ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون)) (( هى به كفر وليس كفراً بالله وملائكته وكتبه ورسله)) قلت وابن وكيع اسمه سفيان : ((كان صدوقاً إلا أنه أُبتلى بوراق فأدخل عليه ما ليس من حديثه فنصح ، فلم يقبل فسقط حديثه)) كذا قال ابن حجر فى (( التقريب )) ((2456)) فيه . وهناد هو ابن السرى ووكيع هو ابن الجراح - ثقتان جليلان - فالسند صحيح غاية ،ولا يضره سفيان فهو مقرون بهناد الثقة الامام . وهو متابع ايضاً : فأخرجه ابن نصر فى (( الصلاة )) رقم ((571)) قال : ((حدثنا إسحاق أخبرنا وكيع ....)) ثم ذكره . وإسحاق هذا هو ابن راهويه ، جبل الحفظ ورواه بن نصر فى ((الصلاة )) رقم (572) بالسند نفسه الا انه زاد في أوله من قول طاوس : قلت لابن عباس : من لم يحكم بما انزل الله فهو كافر ؟ قال : ((هو به كفر وليس ... الخ)) فذكره كسابقه . ورواه الطبرى ((6/256)) فقال : ((حدثنى الحسن قال : حدثنا أبو اسامة عن سفيان عن معمر عن ابن طاوس عن ابيه : قال : قال رجل لابن عباس فى هذه الايات (( ومن لم يحكم بما انزل الله فولئك هم الكافرون )) الاية فمن فعل هذا ، فقد كفر ؟ قال ابن عباس ((اذا فعل ذلك فهو به كفر وليس كمن كفر بالله واليوم الاخر وبكذا وكذا ((قلت ((أى العلامة على حسن)) والحسن هو ابن يحي الصبرى قال ابو حاتم ((صدوق)) ووثقه ابن حبان واختار ابن حجر انه ((صدوق)) وابو أسامة هو حماد بن اسامة ثقة لكنه رمي بالتدليس ولا يثبت ذلك عند النقد: أوّل ذلك ان جمهور الامة على توثيقه ولم يذكروه بتدليس الا ابن سعد فقال بعد ان وثقه : (( يدلس ويبين تدليسه )) ونقل ابن حجر فى ((طبقات المدلسين)) رقم 44 عن المقيطى انه قال(كان كثير التدليس ، ثم بعد ذلك تركه)) وكذا نقلها الذهبى فى ((الميزان)) ((1/588)) ثم عقب فى نهاية ترجمته بقوله ((- وقد صدرها بوصفه له ((احد الاثبات))(ابو اسامة لم اورده لشي فيه ولكن ليعرف ان هذا القول باطل )).يريد الرد على من رماه بسرقة الحديث)) فاذا اتضح ذلك ، فلا يضره قول من رماه بالتدليس كما شرحته ))(1) واختار هذا القول الدكتور بشار عواد معروف فى تعليقه على ((تهذيب الكمال ((7/24)).
والحمد لله على توفيقه فالسند حسن ولا يضره ابهام من سأل ابن عباس فالخبر ليس من روايته ولكنه رواية عنه ضمن حكاية وفرق بين الصورتين كما يلاحظ المتأمل ))(2) .
وقال الحافظ ابن نصر فى ((تعظيم قدر الصلاة )) رقم ((رقم 573)) : ((حدثنا محمد بن يحي حدثنا عبد الرازق عن سفيان عن رجل عن طاوس عن ابن عباس قال : ((كفر لا ينقل عن الملة)) قلت ((ى العلامة على حسن)) محمد بن يحي هو القطعي صدوق وبقية رجاله ثقات لولا ابهام الرجل ! فالسند ضعيف ! لكنه حسن فى الشواهد . ورواه ابن نصر ((رقم 574)) والطبرى ((6/256)) من طريق وكيع عن سفيان عن سعيد المكى عن طاوس قال ((ليس بكفر ينقل عن الملة )) فجعله سعيد المكى من قول طاوس. وسعيد هو ابن حسان المخزومي وثقه ابن معين وابو داوود والفسوى وابن سعد وابن حبان . فاسناده هكذا صحيح فمن الممكن انه تلقاه عمن سمعه منه ثم افتى به وهذا كثير فى الروايات))(3) .
قال الامام ابن ابى حاتم فى ((تفسيره)) ((حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ حديثنا سفيان بن عيينة عن هشام بن حجير عن طاوس عن ابن عباس فى قول تعالى ((ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون)) قال : ((ليس بالكفر الذى يذهبون اليه)) ورواه ابن نصر فى الصلاة رقم 569 وابن عبد البر فى التمهيد 4/237 عن طريق سفيان به : قلت ((اى العلامة على حسن)) وهذا اسناد حسن فى الشواهد . محمد بن عبد الله قال ابن ابى حاتم: ((صدوق ثقة)) وقال ابو حاتم : لا صدوق)) وقال الخليلي ((ثقة متفق عليه)) وكذا وثقه النسائي وابن حبان ومسلمة بن القاسم . وسفيان بن عيينة لا يسأل عن مثله . وهشام بن حجير اختلف المنقول عن اهل العلم فيه وان كان الاغلب فيما قيل فيه الجرح على تأن . لذا اختار الحافظ بن حجر فى ((التقريب)) 7288 . واورد فى الفصل التاسع من ((هدي السارى)) ص 448 )) في سياق اسماء من طعن فيه من رجال ((صحيح البخارى)) قائلاً ((وثقه العجلي وابن سعد وضعفه يحي الغطان ويحي ابن معين قلت ((أى العلامة على حسن )) ووثقه ايضاً ابن حبان وقال الساجي ((صدوق)) ووثقه بن شاهين)) ولما ترجمه ابن ابى حاتم فى ((الجرح والتعديل)) 9/53/54)) ناقلاً أقوال مضعفيه ختمه بقول ابيه فيه ((مكي يكتب حديثه)) قلت وقد ذكر بن ابى حاتم فى الجرح 2/37. ان من ذكروا معدلين فى المرتبة الثانية والثالثة من درجات رواة الآثار ، فالقول فيهم ان الواحد منهم ((يكتب حديثه)) ثم يتنوعون على اعتبار ما قيل فيهم فمنهم من يكتب حديثه وينظر فيه)) وهي المنزلة الثانية. ومنهم من ((يكتب حديثه للاعتبار)) وهكذا ... فكيف هشام من المرتبة الثالثة فعلى هذا فإن هذه الأخبار الأخرى الواردة عن ابن عباس بالاسانيد الثابتة فى معنى الخبر نفسه تقوى خبره هذا ولا ترده كما سيأتي . فهو حسن لغيره على اقل الاحوال))(1).
وروى الاثر السابق : الحاكم فى (( المستدرك )) 2/313 وعن البيهقي فى السنن الكبرى 8/20 من طريق على بن حرب عن سفيان به بلفظ ((انه ليس بالكفر الذى يذهبون اليه انه ليس كفراً ينقل عن الملة (( ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون)) ((كفر دون كفر)) ورؤواه سعيد بن منصور والغريابي وابن المنذر وابن ابى حاتم وذاد بعضهم : ((... وظلم دون ظلم وفسق دون فسق)) كذا فى الدرر المنثور )) "3/87" للسيوطي. وقد قال الحاكم بعد اخراجه : ((هذا حديث صحسيح الاسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي . وكذا ابن كثير فى تفسيره ((2/97)) والقول فيما ذكرته آنفاً))(1) .
وقال الامام ابن جرير فى تفسيره "6/257" حدثنى المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثنى معاوية بن صالح عن على بن ابى طلحة عن ابن عباس قوله : ((ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون)) قال : ((من حجد ما انزل الله فقد كفر ومن اقر به ولم يحكم فهو ظالم فاسق))(2) .
واخرجه ابن المنذر وابن ابى حاتم كذا فى (( الدرر المنثور )) 3/87 قلت : عبد الله ابن صالح هو كاتب الليث ووثقه بعض الائمة وجرحه بعض آخر جرحاً مفسراً ، وجامع القول فيه ما قاله ابن حجر فى (( التقريب )) (( 3388 )) ((صدوق كثير الغلط ثبت فى كتابه وكانت فيه غفلة)) ورواية على ابن ابى طلحة عن ابن عباس منقطعة قاله جماعة من اهل العلم أنظر (( جامع التحصيل ))(( ص 240 – 241 ))(3) . نقول للمفترى سليمان بن ناصر بن عبد الله العلوان القطبى الخارجي هذه هي الأدلة والبراهين فى تصحيح أثر ابن عباس فى تفسير قوله تعالى ((ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون )) ونقول هذا الاثر اورده جميع ائمة الجرح والتعديل قديماً وحديثاً وكذلك اورده المفسرون قاطبة عند تفسير الآية ، فنقول لسليمان العلوان ماذا تقول فى هذه الادلة والبراهين التى اوردناها فيما سبق من اقوال علماء الحديث وعلله والفقهاء والمفسرين والاصوليين فى تصحيح اثر ابن عباس ((كفر دون كفر)) فى مسألة الحكم بغير ما أنزل الله . وثم نقول لمجلة البيان وكتابها وعلى رأسهم عبد الجليل ابن ناصر الجليل والمفترى عبد المجيد الريمي اليمني القطبى ومن على شاكلتهما من كُتاب مجلة البيان القطبية الخارجية بأن علماء الامة فى العصر الحاضر قاطبة قرروا ما قرره ابن عباس فى تفسير قوله تعالى ((ومن لم يحكم بما انزل الله فولئك هم الكافرون )) وقرروا بان الحاكم لا يكفر بمجرد الفعل حتى يستحل الحكم بغير ما انزل الله بقلبه . هذا ما قرره شيخ السلفيين عبد العزيز بن عبد الله بن باز مفتى عام المملكة العربية السعودية وعلامة الديار الشامية المحدث ناصر الدين رحمهما الله كما سياتي ، نقول للمدعو سليمان بن ناصر العلوان ومن على شاكلته من التكفيريين من سروريين وقطبيين ومن نحا نحوهم من اهل الفتن والشغب ان هذه الاخبار والروايات التى ذكرناها فيما سبق ((الواردة عن ابن عباس بالاسانيد الثابتة فى معنى الخبر نفسه : ((كفر دون كفر)) تقوي خبره هذا ولا ترده كما سياتي فهو حسن لغيره على اقل الاحوال))(1) قال : الحافظ بن الصلاح رحمه الله : ((اذا كان راوى الحديث متأخراً عن درجة الحفظ والإتقان غير انه من المشهورين بالصدق والستر وروى مع ذلك حديثه من غير وجه فقد اجتمعت له القوة من الجهتين وذلك يرقى حديثه من درجة الحسن الى الصحيح))(2) وقال : الامام النوى رحمه الله : ((اذا كان راوى الحديث متأخراً عن درجة الحافظ الضابط مشهوراً بالصدق والستر .
اذا روى من وجه آخر ترقى الحسن الى الصحيح لقوته من الجهتين فينجبر احدما بالآخر))(1) .
وقال الطيبي رحمه الله تعالى : ((وحديث المتأخر عن درجة الاتقان والحفظ المشهور بالصدق والستر اذا روى من وجه آخر ترقى من الحسن الى الصحيح لقوته من الجهتين فينجبر احدهما بالآخر))(2) .
وقال : الزركشى رحمه الله : ((ان الراوي الصدوق الذى لم يبلغ درجة اهل الحفظ والاتقان اذا روى حديثه من وجه اخر يرتقى من درجة الحسن الى الصحة))(3) ويرى ((البقاعي – رحمه الله ان الحسن بنوعيه يرتقيان لمرتبة الصحيح لغيره عند تعدد الطرق قال : ((فإذا انضم بعضها الى بعض صارت حسنة للغير فترتقي بها تلك الطريق لذاتها الى الصحة ولا يضر كون احدهما لذاته والآخر لغيره وتكون هذه اقل مراتب الصحة))(4) .
وقال الحافظ بن كثير – رحمه الله : ((ومنه ضعف يزول بالمتابعة كما اذا كان روايه سئ الحفظ او روى الحديث مرسلاً فإن المتابعة تنفع حينئذ ويرفع الحديث عن حضيض الضعف الى أوج الحسن والصحة))(5) .
وقال : العلائى : رحمه الله : ((وثانيهما ان المسند قد يكون فى درجة الحسن وبإنضمام المرسل اليه يقوى كل واحد منهما بالآخر ويرقى الحديث بهما الى درجة الصحة))(6).
و ((الذى يظهر لى والله أعلم – أنه لا مانع من ترقية الحسن لغيره لمرتبة الصحيح لغيره عند تعدد الطرق وتكون مرتبة الصحيح لغيره على مراتب اقلها مرتبة : تقوية الحسن لذاته بالحسن لغيره كماقال : البقاعى رحمه الله))(1) أ.هـ ونقول لفرق التكفير القطبية وعلى رأسهم محمد قطب وسليمان ابن ناصر العلوان وسلمان العودة وسفر الحوالى ومن على شاكلتهما أنا لو سلمنا جدلاً بضعف إسناد اثر إبن عباس ((كفر دون كفر)) على حد زعمكم لكان هذا الاثر صحيحاً بتعدد طرقه ، ونقول كما قال البقاعي : ((فاذا انضم بعضها الى بعض صارت حسنة للغير فترتقي بها تلك الطريق الحسنة لذاتها الى الصحة ولا يضر كون أحدهما لذاته والآخر لغيره وتكون هذه أقل مراتب الصحة ))(2) قلت ولكن المصيبة الكبرى والبلية العظمى ان دعاة التكفير يتخبطون خبط عشواء فى هذا الميدان العتيق الذى لا يقبل الجهل والحمق والتخبط . والله المستعان.
واما قول المفترى التكفيري الجاهل المدعو عبد الجليل ابن ناصر الجليل الاتى نصه : ((ومن احسن ما رأيت من الردود على هذا التلبيس ما كتبه الشيخ احمد شاكر رحمه الله – ومما قاله : ((وهذه الأثار عن ابن عباس وغيره مما يلعب به المضللون فى عصرنا من المنتسبين للعلم ومن غيرهم من الجراء على الدين – يجعلونها عذراً او إباحة للقوانين الوضعية التى ضربت بلاد المسلمين)) ((عمدة التفسير 4/4 - 156))(3) .
نقول هذا الذى زعمه المفترى انه من كلام العلامة أحمد شاكر رحمه الله ((عبارة بشعة لا ارى ((العلامة احمد شاكر)) يتفوه بها وانما هى من تفسير المختصر ((المفترى)) الذى ليس عنده من العلم ما يعرف به مقام))(1) (( العلامة أحمد شاكر)) كما فعل صاحبه المفترى عبد العزيز العبد اللطيف لما زعم بأن الإمام المحدث محمد إبراهيم رحمه الله يكفر الدول الإسلامية .
والمقصود هنا ان المحدث العلامه احمد شاكر لا يكفر الدول الاسلامية حكاماً وعلماء وشعوباً كما سيأتي من اقواله ولو سلمنا جدلاً انه قال شيئاً مما زعمه المفترى نقول ليس فى كلامه المنسوب اليه تكفير للامة بل فيه دلالة واضحة على انه لا يكفر الأمة وأنظر اذا شئت الى قوله (( التى ضربت بلاد المسلمين ))(2) ولو سلمنا جدلاً بان هذا الكلام المزعوم الذى ساقه المفترى فيما تقدم قاله العلامة احمد شاكر رحمه الله فانه رحمه الله لا يقصد بكلامه اهل العلم والفضل من الصحابة والتابعين وتابيعيهم بإحسان الى يوم الدين . وانما يقصد بكلامه الذين يعتقدون ويستحلون الحكم بغير ما انزل الله من جهال الأمة كما سيأتي ، ولتأكيد ما ذكرناه اليكم بعض الشواهد من كتاباته – يقول رحمه الله : ((وليعلم من يريد ان يعلم ... من رجل استولى المبشرون على عقله وقلبه فلا يرى الا بأعينهم ولا يسمع الا بآذانهم ولا يهتدي الا بهديهم ولا ينظر الا على ضوء نارهم يحسبها نوراً ثم هو قد سماه ابواه بإسم اسلامي وقد عُد من المسلمين)) – أو عليهم فى دفاتر المواليد وفى سجلات الاحصاء فيأبى إلا أن يدافع عن هذا الاسلام الذى أُلِبسه جنسية ولم يعتقده ديناً فتراه يتأول القرآن ليخضعه لما تعلم من استاذيه ولا يرضى من الاحاديث حديثاً يخالف آرائهم وقواعدهم ، يخشى ان تكون حجتهم على الاسلام قائمة !! اذ هو لا يفقه منه شيئاً او رجل مثل سابقه الا انه اراح نفسه فاعتنق ما نفثوه فى روحه من دين وعقيدة ثم هو يابي ان يعرف الاسلام ديناً او يعترف به الا فى بعض شانه فى التسمي باسماء المسلمين وفى شئ من الانكحة والمواريث ودفن الموتي ... فزعم لنفسه انه اعرف بهذا الدين وأعلم من علمائه وحفظته وخلصائه فذهب يضرب فى الدين يميناً وشمالاً يرجوا ان ينقذه من جمود رجال الدين !! وأن يصفيه من أوهام رجال الدين !! او من رجل كشف عن دخيلة نفسه وأعلن إلحاده فى هذا الدين وعداوته ممن قال فيهم القائل ((كفروا بالله تقليداً )) او من رجل ممن ابتليت بهم الأمة المصرية فى هذا العصر ممن يسميهم أخونا النابغة الاديب الكبير كامل الكيلاني ((المجددينات)) .. او من رجل او من رجل ...))(1) انتهي كلامه رحمه الله .
وقال العلامة احمد شاكر رحمه الله فى معرض شرحه لحديث (( رؤية المخطوبة )) ما نصه : (( وهذا الحديث – وما جاء فى معنى رؤية الرجل لمن اراد خطبتها – مما يلعب به الفجار الملاحدة من اهل عصرنا عبيد اوربة وعبيد النساء وعبيد الشهوات . يحتجون به فى غير موضع الحجة و يخرجون به عن المعنى الاسلامي الصحيح))(2) .
وقال رحمه الله فى معرض رده على دعاة تحرير المرأة . ما نصه: ((وهذا الحديث يرد على الكذابين المفترين – فى عصرنا – الذين يحرصون على ان تشيع الفاحشة بين المؤمنين فيخرجون المراة عن خدرها وعن صونها وسترها الذى امر الله به))(1) أ.هـ ويقول العلامة احمد شاكر : ((وهذا الوصف النبوى الرائع الذى سما بتصويره الى القمة فى البلاغة والإبداع لهؤلاء الفئام من الناس – استغفر الله بل من الحيوان تجده كل يوم فى كثير ممن ترى حولك ممن ينتسبون الى الاسلام - ... بل قد تجده فيمن يلقبون منهم أنفسهم بأنهم علماء )) ينقلون اسم العلم عن معناه الاسلامي الحقيقى المعروف فى الكتاب والسنة الى علوم من علوم الدنيا والصناعات والاموال ثم يملؤهم الغرور ، فيريدون ان يحكموا على الدين بعلمهم الذى هو الجهل الكامل ويزعمون انهم اعرف بالإسلام من أهله وينكرون المعروف منه ويعرفون المنكر ويردون من يرشدهم او يرشد الأمة الى معرفة دينها رداً عنيفاً ، يناسب كل جعظرى جواظ منهم فتأمل هذا الحديث وأعقله ترهم امامك فى كل مكان))(2) أنتهي نقول للمفترى المدعو عبد الجليل وأمثاله من القطبيين بأن العلامة أحمد شاكر يقصد بكلامه المتقدم ، الذين ينقلون اسم العلم عن معناه الاسلامي الحقيقى المعروف فى الكتاب والسنة الى علوم من علوم الدنيا والصناعات)) والسلفيين ولله الحمد قديماً وحديثاً لم يبيحوا القوانين الوضعية انطلاقاً من الآثار الواردة عن ابن عباس بل السلفيين قديماً وحديثاً سلكوا منهج السلف وفسروا قول الله عز وجل ((ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون)) بالآثار الواردة عن حبر الأمة عبد الله بن عباس وغيره من الصحابة رضى الله عنهم كما سيأتي. ولا شك ان الصحابة رضى الله عنهم هم أعلم الناس بمراد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والمقصود هنا أن العلامة احمد شاكر لا يخالف السلفيين بل أحمد شاكر قرر ما قرره أئمة السلف فى مسالة التكفير وأشترط االعتقاد والإستحلال ولتأكيد ما ذكرناه اليكم نص كلامه : ((اهل البدع والأهواء اذا كانت بدعتهم مما يحكم بكفر القائل بها لا تقبل روايتهم بالاتفاق فيما حكاه النووى ورد عليه السيوطي فى التدريب دعوى الاتفاق ونقل قولاً آخر بأنها تقبل ان اعتقد حرمة الكذب ، ثم نقل عن الحافظ ابن حجر أنه قال : ((التحقيق أنه لا يرد كل مكفر ببدعته لان كل طائفة تدعي ان مخالفتها مبتدعة وقد تبالغ فتكفر فلو أخذ ذلك على الإطلاق لاستلزم تكفير جميع الطوائف . والمعتمد : ((ان الذى ترد روايته من أنكر أمراً متوارتراً من الشرع معلوماً من الدين بالضرورة ((وإعتقد عكسه . واما من لم يكن كذلك وانضم الى ذلك ضبطه لما يرويه مع ورعه وتقواه فلا مانع من قبوله ، وهذا الذى قاله الحافظ هو الحق الجدير بالإعتبار ويؤيده النظر الصحيح . وأما من كانت بدعته لا توجب الكفر فإن بعضهم لم يقبل روايته مطلقاً ، وهو غلو من غير دليل وبعضهم قبل روايته ان لم يكن ممن يستحل الكذب فى نصرة مذهب ، وروى هذا القول عن الشافعي فإنه قال : ((أقبل شهادة اهل الأهواء الا الخطابية لانهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم )) وقال ايضاً : (( ما رايت فى أهل الأهواء قوماً اشهد بالزور من الرافضة )) . وهذا القيد – أعني عدم استحلال الكذب – لا ارى داعياً له لانه قيد معروف بالضرورة فى كل راو فإنا لا نقبل رواية الراوى الذى يعرف عنه الكذب مرة واحدة فأولى ان نرد رواية من يستحل الكذب او شهادة الزور))(1) أ.هـ أخى القارئ تأمل فى كلام العلامة احمد شاكر المتقدم فإنه نافع جداً وأنظر الى قوله : ((أنكر أمراً متواتراً من الشرع معلوماً من الدين بالضرورة و اعتقد عكسه)) انظر وتأمل الى قوله ((واعتقد عكسه)) وانظر وتامل اخى القارئ فى قوله : ((وبعضهم قبل روايته ان لم يكن ممن يستحل الكذب)) قلت : هكذا إشترط العلامة المحدث الإستحلال والإعتقاد في مسالة التكفير والله الموفق.
الفصل الثالث
الإمامان الجبلان الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ محمد ناصرالدين الألباني
فى الرد على التكفيريين
وقد بذل شيخ السلفيين عبد العزيز بن باز جهود مباركة في مسالة الحكم بغير ماأنزل الله كما سيأتي وكذلك فصل في هذه المسالة المحدث الالباني والعلامة محمد بن صالح العثيمين رحمهم الله وفيما سبق اوردنا اقوالهم .
ولاسكات العاوى المدعو عبد العزيز الريمي وعبد الجليل بن ناصر وغيرهما نورد الشاهد من اقوالهم الرصينة القوية مرة اخرى هنا : يقول العلامة وشيخ السلفيين وعلامة العصر عبد العزيز بن عبد الله بن باز ما نصه : ((... لا يجوز لاحد من من الناس ان يكفر من حكم بغير ما انزل الله بمجرد الفعل من دون ان يعلم انه استحل ذلك بقلبه واحتج ((أى المحدث الالباني)) بما جاء في ذلك عن ابن عباس رضى الله عنهما وعن غيره من سلف الأمة ولا شك ان ما ذكره في جوابه فى تفسير قوله تعالى ((ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون)) هو الصواب وقد اوضح وفقه الله ان الكفر كفران اكبر واصغر فمن استحل الحكم بغير ما انزل الله او الزنا او الربا او غيرهما من المحرمات المجمع على تحريمها فقد كفر كفراً أكبر وظلم ظلماً أكبر وفسق فسقاً اصغر ومن فعلها بدون استحلال كان كفره كفراً أصغر وظلمه ظلم اصغر وفسقه فسق أصغر لقول النبى صلى الله عليه وسلم فى حديث ابن مسعود رضى الله عنه ((سباب المسلم فسوق وقتاله كفر)) اراد صلى الله عليه وسلم الفسق الاصغر والكفر الاصغر واطلق العبارة تنفيراً من العمل المنكر))(1) .
قال العلامة المحدث ناصر الدين الالباني رحمه الله تعالى مقرراً منهج السلف من الصحابة والتابعين فى مسالة الحكم بغير ما أنزل الله ما نصه : ((.. فإن اصل التكفير الذى ذكرناه فى هذا الزمان الأية التى يدندنون حولها الاهي قوله تعالى : ((ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون)) المائدة ((44)) ونعلم جميعاً ان هذه الاية تكررت وجاءت خاتمتها بالفاظ ثلاثة : ((فاولئك هم الكافرون)) ، ((فأولئك هم الظالمون)) المائدة 45 ((فأولئك هم الفاسقون)) المائدة 47 .فمن جهل الذين يحتجون بهذه الآية في اللفظ الأول منها : ((فأولئك هم الكافرون)) انهم لم يلموا على الاقل ببعض النصوص التى جاء فيها لفظة الكفر ، فأخذوها على انها تعنى الخروج من الدين وانه لا فرق بين هذا الذى وقع فى الكفر وبين اولئك المشركين من اليهود والنصارى واصحاب الملل الاخرى الخارجة عن ملة الاسلام بينما لفظه الكفر فى لغة الكتاب والسنة لا تعني هذا الذى يدندون حوله ، ويسلطون هذا الفهم الخاطئ على كثيرين وهم بريئون منه فشأن اللفظيين الاخرين ((الظالمين)) و ((الفاسقين)) فكما ان من وصف انه ظالم او فاسق لا يعنى بالضرورة انه مرتد من الدين فكذلك من وصف بانه كافر وهذا التنوع فى معنى اللفظ الواحد هو الذى تدل عليه اللغة ثم الشرع الذى جاء بلغة العرب : لغة القرآن الكريم ... الى ان قال رحمه الله : نعود الان الى هذه الاية ((ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون)) فما المراد بالكفر فيها ؟ هل هو الخروج عن الملة او غير ذلك ؟ هنا الدقة فى فهم هذه الاية فانها تعنى الكفر العملى وهو الخروج بأعمالهم عن بعض أحكام الاسلام ويساعدنا فى هذا الفهم حبر الأمة وترجمان القرآن الكريم الا وهو عبد الله بن عباس رضى الله عنهما لانه من الصحابة الذين اعترف المسلمون جميعاً. الامن كان من تلك الفرق الضالة – على انه امام فى التفسير وكانه طرق سمعه يومئذ ما نسمعه اليوم تماماً ان هنالك اناساً يفهمون الاية على ظاهرها دون تفصيل فقال رضى الله عنه : ((ليس بالكفر الذى تذهبون اليه انه ليس كفراً ينقل عن الملة هو كفر دون كفر ولعله يعنى بذلك الخوارج الذين خرجو على امير المؤمنين على رضى الله عنه ثم كان من عواقب ذلك انهم سفكوا دماء المؤمنين وفعلوا فيهم ما لم يفعلوا بالمشركين ، فقال ليس الامر كما قالوا او كما ظنوا وانما هو كفر دون كفر هذا الجواب المختصر الواضح من ترجمان القران الكريم فى تفسير هذه الاية هو الذى لا يفهم سواه من النصوص التى ألمحت اليها آنفاً في مطلع كلمتى هذه ، ان كلمة الكفر ذكرت فى كثير من النصوص ولا يمكن ان تفسر على انها تساوى الخروج عن الملة وذلك مثلاً الحديث المعروف فى الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((سباب المسلم فسوق وقتاله كفر)) فالكفر هنا هو المعصية وهو الخروج عن الطاعة لكن الرسول صلى الله عليه وسلم باعتبار ان افصح من نطق بالضاد تفنن بالتعبير بقصد المبالغة فى الزجر فقال)) (( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر)) بالفسق المذكور فى اللفظ الثالث فى الاية السابقه : ((ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الفاسقون)) الجواب : قد يكون فسقاً ايضاً مرادفاً للكفر الذى هو معني الخروج من الملة وقد يكون الفسق مرادفاً للكفر الذى لا يخرج عن الملة وانما يعنى ما قاله ترجمان القرآن انه كفر دون كفر وهذا الحديث يؤكد ان ال
عدل سابقا من قبل أبو عائشة إسماعيل خيرى في الإثنين ديسمبر 10, 2012 7:05 am عدل 1 مرات (السبب : تعديل العنوان)
مواضيع مماثلة
» الدرر البازية السلفية فى دحض ضلالات فرق التكفير القطبية تأليف أبو ربيع إسماعيل خيرى الجزء الثانى
» المقالات السلفية فى الدفاع عن المملكة العربية السعودية تأليف أبو ربيع إسماعيل خيرى الجزء الأول تقديم الدكتور محمد عبد الغفار الأستاذ بجامعة الخرطوم
» الجزء الثالث تأليف أبو ربيع إسماعيل خيرى: دحض ضلالات أحمد عبد الرحيم الفكى الصوف التجانى السودانى مؤلف كتاب ( رسالة المحققين فى الرد على الجهلاء الضالين )
» المقالات السلفية فى الدفاع عن المملكة العربية السعودية تأليف أبو ربيع إسماعيل خيرى الجزء الثانى تقديم الدكتور محمد عبد الغفار الأستاذ بجامعة الخرطوم
» الجزء الاول الإلحاد فى الحرمين الشريفين من الخمينى إلى القرامطة: تأليف أبو ربيع : إسماعيل خيرى
» المقالات السلفية فى الدفاع عن المملكة العربية السعودية تأليف أبو ربيع إسماعيل خيرى الجزء الأول تقديم الدكتور محمد عبد الغفار الأستاذ بجامعة الخرطوم
» الجزء الثالث تأليف أبو ربيع إسماعيل خيرى: دحض ضلالات أحمد عبد الرحيم الفكى الصوف التجانى السودانى مؤلف كتاب ( رسالة المحققين فى الرد على الجهلاء الضالين )
» المقالات السلفية فى الدفاع عن المملكة العربية السعودية تأليف أبو ربيع إسماعيل خيرى الجزء الثانى تقديم الدكتور محمد عبد الغفار الأستاذ بجامعة الخرطوم
» الجزء الاول الإلحاد فى الحرمين الشريفين من الخمينى إلى القرامطة: تأليف أبو ربيع : إسماعيل خيرى
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى