الجزء الاول الإلحاد فى الحرمين الشريفين من الخمينى إلى القرامطة: تأليف أبو ربيع : إسماعيل خيرى
صفحة 1 من اصل 1
الجزء الاول الإلحاد فى الحرمين الشريفين من الخمينى إلى القرامطة: تأليف أبو ربيع : إسماعيل خيرى
الإلحاد فى الحرمين الشريفين
من القرامطة إلى الخمينى
وبيان أن المملكة العربية السعودية هي صاحبة الولاية الشرعية للحرمين الشريفين
تأليف
أبو ربيع : إسماعيل حسين خيرى
توجناهذا البحث بكلمة مضيئة فى المؤلف وبحوثه العلمية من
شيخنا المحدث الإمام الدكتور
أبو محمد :ربيع بن هادى المدخلى رئيس قسم السنة بالجامعةالإسلامية سابقا
كلمة مضيئة من العلامة شيخنا المحدث ربيع بن هادى المدخلى حامل رآية الجرح والتعديل فى العصر الحاضر فى المؤلف وبحوثه العلمية :-
الحمدلله والصلاة و السلام على رسول الله وآله وصحبه ومن اتبع هداه
أمابعد فأن الأخ اسماعيل بن حسين الخيرى السودانى الجنسية ممن عرفته عن طريق المراسلة وقراءة بعض بحوثه السلفية ومن لقائى به ومن طريق تزكية ثقات من خيار السلفيين الصادقين بالسودان عرفته من خلال كل ذلك بعقيدته الصحيحة ومنهجه الطيب وبكفاحه عن كل ذلك ضد أهل الأهواء والبدع وخاصة الاحزاب الضالة والروافض الهالكين كما عرفته بحبه وولائه لهذا البلد المبارك حكومة وعلماء وشعبا وذبه عنهم وغيرته عليهم وعلى عقيدتهم ومنهجهم
وقد برهن على ذلك بكتابته الواضحة القيمة فنرجو ممن لهم الأمر فى هذا البلد المبارك مساعدته وإكرامه لانه أهل لذلك
وفق الله الجميع لما يرضيه
كتبه ربيع(1) بن هادى عمير المدخلى
عضو هيئة التدريس بالجامعة الاسلامية فى 12/7/1417ه
الفصل الاول
كشف ودحض مؤمرات الشيعة الروافض حول الحرمين الشريفين
إن من أكبر مؤمرات الشيعة الروافض المجرمة المفسدة ما تسمى (تدويل الحرمين الشريفين) هذه ((الفكرة الخبيثة التى تستهدف سلب ولاية من أهلها وإغتصاب حق من أصحابه وطعن دولة فى سيادتها والتدخل فى أمر من أخص شؤنها)).
إن فكرة التدويل فضلاً عن كونها تنطوى على كل ما يهدر المسلمات الفقهية والمبادئ الشرعية التى سبق أن تقررت حيث تمثل خروجاً عليها وإطاحة بها ، فإنها مع ذلك ستقضى على الأمن نفسه في البقاع المقدسة التى جعل الله الأمن من أهم خصائصها ، ومن شأن تلك الفكرة أنها ستؤدى إلى شيوع المسئولية عليه تحتاج إلى إسناد دقيق يتثنى من خلاله تحديد ضوابطها وبيان الآثار المترتبة عليها ، وهذا ما لن يحدث مع شيوع تلك المسئولية بين أكثر من دولة . ثم إن تلك الفكرة ستكون ذريعة إلى مفاسد كبيرة لشرور كثيرة ستؤدى في النهاية إلى ضياع مصالح الدين والدنيا في أرض الحرمين الشريفين ، وستكون تلك الربوع الطاهرة مرتعاً للهوى والعبث ، فيضيع الأمن ويتفشى الفساد ، كما أنها ستكون سبباً لفتنة لا يعلم مداها إلا الله ، حين يحدث ذلك المكروه لا قدر الله – وتشعر دولة الحرمين الشريفين صاحبة الولاية عليهما أن سيادتها قد انتهكت وولايتها على أقدس جزء من أرضها قد اغتصبت فتندلع الفتن وتنشب الحروب إذ ليس من السهل على أى دولة إقتطاع جزء من أقدس ترابها ، والأصعب منه أن تسلم بذلك الإقتطاع الظالم دون حرب يوجب الله عليهم فى تلك الحالة حوضها دفاعاً عن أرضهم وشرفهم ومقدساتهم وفى مثل تلك الظروف سيزداد جرح المسلمين إتساعاً ، وسيضاف إلى عللهم وهي كثيرة علة أخرى أشد وأخطر ، لأن ضحيتها في تلك المرة سيكون أمن المسلمين في رحاب حرم الله الآمن ، وهو يمثل جل مصالحهم الدينية والدنيوية ، وإذا كانت تلك الأمور محرمة فإن ما يؤدى إليها وهو فكرة التدويل تكون محرمة لما هو مقرر من أن للشئ حكم غايته))(1).
أهداف الشيعة الروافض من فكرة التدويل :
من المؤكد أن فكرة تدويل الحرمين الشريفين تحمل في طياتها أغراضاً تفصح عن نوايا هؤلاء (الروافض الأنجاس) الذين يرددونها. ويروجونها لها ، ومن خلال تحليل تلك الفكرة يبدو لنا أنها تستهدف تحقيق غرضين لدى القائلين بها ، والمتحمسين لإنتشارها ، وهذه الأهداف فى الواقع أنما تبرزها الظروف التى أحاطت بوجود تلك الفترة والملابسات التى لازمت القول بها ، ومما يساعد على إدراك تلك الأغراض هوية المتحمسين لها والجهة التى ينتمي إليها أصحاب تلك الهوية كما يساعد مضمون الفكرة على إدراك أغراضها إلى حد كبير وهذه الأغراض يمكن إرجاعها إلى أمرين :
أولهما : سلب ولاية الأمن فى الحرمين الشريفين من أهلهما .
ثانيهما : إنتخاب مجلس دولي ليتولى تلك الولاية .
وكلا الأمرين واضح الفساد ظاهر البطلان ومخالفة لأحكام شريعة الله (كما سيأتى) كما أنه مخالف لمبادئ القانون الدولى ، ولهذا فإن كلا منهما مع بطلانه وفساده ومخالفته لأحكام الله يكون أمراً محرماً ، ويبدو من خلال إستجلاء هذين الأمرين أن الثاني متوقف على الأول أو بدل له ، والبدل لا يوجد إلا عند إنعدام المبدل منه فهل يستقيم ذلك شرعاً وقانوناً؟ ))(1).
إنتخاب مجلس دولي من أكبر مؤمرات الشيعة :
الشيعة الروافض قاتلهم الله أخذوا منذ سنين يرددون ويروجون لفكرة ((تدويل الحرمين الشريفين)) وذلك لإثارة الفتن والشغب والقلائل والإرهاب ومن ثم صرف الناس عن بيت ربهم كما سيأتي ونجد أئمة الشيعة الروافض الإيرانيين هنا وهناك يرددون ويروجون لهذه الفكرة الخبيثة ((تدويل الحرمين الشريفين)) يقول التسخيرى أحد كبار تلاميذ الخمينى قاتله الله ومساعديه لما سئل السؤال التالي: ((ما هو الدليل الذى تستندون إليه في سلب ولاية الحرمين الشريفين من أهلهما؟؟! فأجاب التسخيرى بقوله : ((أنا أرى أن ولاية الحرم الشريف قد تحددت بالقرآن الكريم فالقرآن يقول : ((وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون)) ولذلك فعلى المسلمين أن ينتخبوا مجموعة تكون وظيفتها فقط ضمان أمن الحرم وضمان أمن الحرم وضمان حرية قول الحق))(2) .
ثم يقول فى نفس الحديث : (ونحن لنا حقنا الطبيعي فى أن نجتهد إنطلاقاً من إقتناعنا بأن السعودية لا تملك ولايتها على الحرم الشريف ، فولاية الحرم الشريف هي للمؤمنين جميعاً ومن هنا فليس من حق السعودية أن تحدد عدد الحجاج ، ولا أن تمنعهم من أن يقولوا رأيهم بصراحة ، وبكل حرية ، كما أنها ليس من حقها أن تمنع المظاهرات))(3) .
ولما سأله محرر المجلة قائلاً : ((لكن الحرم الشريف يقع في أرض السعودية والسعوديين يتشرفون بخدمته بل ملكهم هو خادم الحرمين الشريفين ، ولا شك أنه فى السنوات الأخيرة شاهد الحرمان الشريفان – ولا يزالون – من صنوف الرعاية والتوسع ما لم يشهداه من قبل ، ويجب أن تعرف إن لم تكن تعرف أن خدمة الحرم الشريف في قريش منذ ما قبل الإسلام والأمن والأمان يتوافران ، وهذا يشهد عليه ويباركه جميع المسلمين فيما عداكم؟))(1) .
فأجاب التسخيرى بقوله : ((لا يستطيع أحد فى السعودية أن يدعى أن الإسلام سلمه سدانة الكعبة ، ولا يستطيع أى إنسان أو مجموعة أو حكومة أن تدعى الولاية على الحرم لأن ولايته موكولة لكل المسلمين، ومن هنا فليس لأحد حق الولاية))(2) أ.هـ . وقد روجت لفكرة ((تدويل الحرمين الشريفين)) مجلة العالم الشيعية الرافضية الخمينية ورئيس تحرير مجلة العالم تحت عنوان (سلامة الحجاج وأمنهم مسؤولية الدول الإسلامية مجتمعة) ما نصه : ((... وهكذا فقد اصبحت مسألة إعادة النظر في مسؤولية الحج وتبعاته ضرورية وهى ليست مسؤولية سعودية فحسب برغم الخدمات الجلى التى تقدمها المملكة للحجاج وبرغم إنفاق أكثر من عشرة مليارات دولار في مشاريع توسعة الحرم المكي وتطوير الخدمات ، ويجب ألا تشعر السعودية بالقلق من الدعوة لإشراك الدول الإسلامية الأخرى من خلال منظمة المؤتمر الإسلامي...))(3).
وكتب أحد الروافض فى مجلة العالم الرافضية تحت عنوان ((حوادث الحج بين الماضي والحاضر)) ما نصه : ((... أما حادثة الحرم الشريف في عام 1987م فقد نتجت عن سؤ تصرف سلطات الأمن السعودية التى تعرضت لتظاهرة البراءة التى تنظمها بعثة الحج الإيرانية سنوياً وقد أدى الأمر إلى مقتل 402 من الحجاج منهم 275 حاجاً وحاجة من الإيرانيين حسب البيانات الرسمية السعودية )) وحسب إيران قد قتلوا علاوة على إعداد من رجال الأمن السعوديين)) وتقول مصادر شيعية كويتية أن سلطات الأمن السعودية هى التى دبرت إنفجارين فى مكة المكرمة عام 1989م لتوريط بعض الحجاج الكويتيين وقد أسفر الإنفجاران عن مقتل باكستاني وأصابة البعض بجراح وإعتقال 33 كويتياً حكم على 16 منهم بالإعدام وتم تنفيذه علناً دون الإكتراث للإلتماس الذى قدمه أمير الكويت الشيخ جابر الأحمد الصباح . هذه الحوادث هى سلسلة من تاريخ معاناة حجاج بيت الله الحرام منذ أقدم الأزمنة ، ولقد كثرت فى وقتنا الراهن لأسباب عديدة منها كثرة عدد الحجيج وتفاقم المشاكل الجديدة الناجمة عن التطور التكنولوجى ، الأمر الذى جعل السلطات السعودية فى مأزق حرج فهى بين أمرين خطرين:
الأول : المحافظة على إستفرادها بخدمة الحرمين الشريفين دون إشراك المسلمين من البلدان الأخرى فى المسؤولية ولهذا الإستفراد إستحقاقاته خاصة وأن السلطات السعودية تجد نفسها عاجزة عن مواجهة مشاكل الحج المتجددة والمتعلقة بسلامة الحجاج رغم جهودها الحثيثة فى هذا المجال ... أما الأمر الثاني فهو الإستجابة لمطالب من دول إسلامية بأن تكون إدارة الحرمين الشريفين إدارة إسلامية خاصة بعد حادثة الحرم الشريف في آب أغسطس 1987م بعد تصدي الأمن السعودي لمظاهرة إسلامية سلمية تندد (بإسرائيل) والولايات المتحدة بإعتبارها العدوان للأمة الإسلامية وقد طالب الإمام الخمينى وقتها بتسليم إدارة الحرمين الشريفين لهيئة إسلامية مستقلة عن السلطة السعودية ومنع الحجاج الإيرانيين من الذهاب إلى السعودية لأن سلامتهم كانت مهددة بالخطر ... لم تكن المطالبة الإيرانية وغيرها جديدة على السعوديين فقد شعر المسلمون أن إستيلاء الملك عبد العزيز بن سعود على الحرمين الشريفين فى 1925م سيحول المقدسات الإسلامية إلى تراب مثلما فعل الوهابيون عام 1803 حينما غزوا الحجاز ودمروا الكثير من الأماكن المقدسة بحجة أنها مخالفة لإجتهاد محمد بن عبد الوهاب الذى كان أتباعه يعتقدون أنهم يمثلون الإسلام ((النقى الخالى من الشرك)) وهو إدعاء تصدى له علماء المسلمين السنة والشيعة على حد سواء وفندوه منذ ظهور الوهابية فى القرن الثامن عشر الميلادي وحتى الوقت الراهن ))(1) إلى آخر شنشناتهم وطنطناتهم الفاسدة الكاسدة . ونقول فى الرد على هذه الإفتراءات والمؤامرات وبالله التوفيق:
أولاً : (قول التسخيري) : الآتي نصه : (أنا أرى أن ولاية الحرم الشريف قد تحددت بالقرآن الكريم فالقرآن يقول : (وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون) ولذلك فعلى المسلمين أن ينتخبوا مجموعة تكون وظيفتها فقط ضمان أمن الحرم وضمان حرية قول الحق)) ... الخ سفسطاته البليدة والمكشوفة وقول سعيد الشهابي رئيس تحرير مجلة العالم الشيعية الآتي نصه ((يجب أن لا تشعر السعودية بالقلق من الدعوة لإشراك الدول الإسلامية الأخرى... الخ)) وأيضاً قولهم فى مجلة العالم الشيعية الآتي نصه : (... أما الأمر الثاني فهو الإستجابة لمطالب من دول إسلامية بأن تكون إدارة الحرمين الشريفين إدارة إسلامية) إلى آخر مؤامراتهم الظالمة الجائرة .
نقول فى الرد على الشنشنات والطنطنات الفارغة بالجملة أن الدعوة إلى تدويل الحرمين الشريفين من مؤامرات الشيعة الروافض فالشيعة الروافض لما عجزوا من إحتلال الحرمين الشريفين بالقوة والعنف إفتعلوا فكرة تدويل الحرمين الشريفين وذلك حتى يتثني لهم بلبلة الأمن فى الحرمين الشريفين ومن ثم إحتلال الحرمين الشريفين كما سيأتى فى نصوصهم المعتمدة ولكن آنى لهم ذلك وهيهات هيهات وسوف نركز فى ردنا هذا على أقوال التسخيري لأنه هو وشيخه الخمينى الهالك قد روجا لهذه الفكرة الخبيثة (فكرة تدويل الحرمين الشريفين): ونجد هنا التسخيرى يستدل بالقرآن الكريم حتى يتثنى له تحقيق أهدافه وأغراضه الفاسدة وحتى يتثنى له تنفيذ مؤامرات أئمته من الشيعة الروافض نقول للستخيرى والخمينى وحزبهما أنتم لا تؤمنون بهذا القرآن الذى بين أيدينا لأنكم تعتقدون بأن الصحابة وعلى رأسهم أبو بكر وعمر وعثمان حرفوا كتاب الله (القرآن الكريم) ولتأكيد ما ذكرناه إليكم هذه الحقائق والوثائق من كتب أئمة الشيعة الروافض وعلى رأسهم الخمينى الهالك ألف الخمينى ومعه بعض أصحابه الشيعة كتاباً بعنوان (تحفة العوام مقبول جديد) وفى هذا الكتاب قرر الخمينى ومن معه من ائمة الشيعة بأن أبو بكر وعمر رضى الله عنهما حرفا القرآن الكريم . جاء فى أول الكتاب المذكور ما نصه : (بسم الله الرحمن الرحيم اللهم ألعن صنمي قريش وجبتيهما وطاغوتيهما وإفكيهما وإبنتيهما اللذين خالفا أمرك وأنكرا وحيك وعصيا رسولك وحرفا كتابك))(1) .
وقرر الخمينى الهالك فى كتابه كشف الأسرار بأن ((أبا بكر وعمر رضى الله عنهما قد أشهراء إسلامهما فى جلب المنفعة الدنيوية وحصولاً على السلطة وثم قاما بتشكيل حزب قوى لتحقيق أهدافهما الدنيوية بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم مباشرة وأنهما كانا يخالفان الأحكام الإلهية بدون تردد وبكل سهولة حيث قاما بشطب الآيات التى وردت فى حق ولاية على إبن أبي طالب رضى الله عنه وأنهما كانا ينسبان إلى النبى صلى الله عليه وسلم زوراً مثل قولهما بأن انتخاب الإمامة والخلافة يتم عن طريق الشورى ومن ثم قاما بعزل على إبن أبي طالب رضى الله عنه عن منصب الإمامة رغم أن القرآن ينص على إمامته ولولم يتحقق رغبتهما الدنيوية لكان قريباً منهما أن ينضما إلى فريق أبى جهل وأبي لهب للقضاء على صرح الإسلام معهم...))(1) .
إلى آخر إفتراءته الباطلة الكاذبة والخمينى أخذ عقوبته الفاسدة هذه من كتب الشيعة المعتمدة حيث جاء فى كتبهم المعتمدة بأن أبي بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم ((قد اسقطوا كثيراً من الآيات والسور التى نزلت فى فضائل أهل البيت وخاصة ما تشير إلى ولاية على رضى الله عنه مثل ما جاء فى (أصول الكافى) نقلاً عن الإمام جعفر الصادق بأن جبريل أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم هذه الآية هكذا : ((يا أيها الذين أوتوا الكتاب أمنوا بما نزلنا فى على نوراً مبيناً))(2) .
وكذلك الآية ((ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً)) يرى الكافى بخصوص هذه الآية نقلاً عن الإمام جعفر الصادق بأنه قد وقع التحريف حيث إن الآية نزلت هكذا : ((ومن يطع الله ورسوله فى ولاية على والأئمة من بعده قد تم سقوطهما ، وجاء فى الكافى الذى عندهم بمنزلة البخارى عند السنة نقلاً عن جعفر الصادق قال : (نزل جبريل بهذه الآية على محمد صلى الله عليه وسلم ((بئسما أشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله فى على بغياً))(3) . وفى رواية اخرى رواها أبو البصير عن جعفر الصادق بحذف كلمة (بولاية على) من سورة المعارج إذ يرى أن الآية نزلت هكذا (يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فى ولاية على فآمنوا خيراً لكم وإن تكفروا بولاية على فإن لله ما فى السموات وما فى الأرض))(4) عن أبى جعفر عليه السلام قال نزل جبريل بهذه الآية هكذا ((فأبي أكثر الناس بولاية على إلا كفوراً))(1) . : وقال : ونزل جبريل بهذه هكذا ((وقل الحق من ربكم فى ولاية على فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ))(2) . وعن أبي حمزة عن أبي عبد الله عليه السلام ((هذان خصمان إختصموا فى ربهم فالذين كفروا بولاية على قطعت لهم ثياب من نار)). إن هذه الروايات المذكورة كلها وردت فى (أصول الكافى) تحت باب بعنوان ((باب فيه نكت ونتف من التنزيل فى الولاية))(3) .
وروى الكلينى أيضاً عن أبي عبد الله عليه السلام فى قوله عز وجل : ((إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم إزدادوا كفراً لم يكن الله ليغفر لهم)) قال : نزلت فى فلان وفلان أمنوا بالنبى صلى الله عليه وسلم فى أول الأمر وكفروا حيث عرضت عليهم الولاية حيث قال النبى صلى الله عليه وسلم ومن كنت مولاه فعلى مولاه ثم آمنوا بالبيعة لأمير المؤمنين عليه السلام ثم كفروا حيث مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقروا بالبيعة ثم إزدادوا كفراً بأخذهم من بايعه بالبيعة لهم فهؤلاء لم يبق فيهم من الإيمان شئ))(4) .
يقول شارح الكافى بأن المراد من فلان وفلان : أبو بكر وعمر وعثمان))(5) وعقد الكلينى فى كتابه ((أصول الكافى فصلاً خاصاً تحت عنوان : ((باب معرفة الإمام والرد عليه إليه)) أورد فيه بعض الروايات التى تشير إلى أن معرفة الائمة جزء من الإيمان – جاء فى كافيهم ما نصه : (لا يكون العبد مؤمناً حتى يعرف الله ورسوله والأئمة كلهم وإمام زمانه))(6) وجاءت رواية عنه فقال : ((كان أمير المؤمنين عليه السلام إماما ثم كان الحسن إماماً ثم كان الحسين إماماً ، ثم كان على بن الحسين إماماً ثم كان محمد بن على إماماً ، من أنكر ذلك كان كمن أنكر معرفة الله تبارك وتعالى ومعرفة رسول الله))(1) .
أئمة الشيعة يعتمدون على مصادر خاصة بهم غير الكتاب والسنة:
تؤكد المصادر المعتمدة عند الشيعة أن لهم مصادر خاصة يستقون منها عقيدتهم ومناهجهم الباطلة الفاسدة وهذه المصادر هى (الصحيفة والجامعة ومصحف فاطمة عليها السلام كماء جاء فى أصول الكافى على لسان جعفر الصادق رداً على سؤال حول مصادر معرفة الأئمة فقال : ((وإن عندنا الجفر ما يدريهم ما الجفر قال : قلت وما الجفر قال وعاء من آدم فيه علم النبيين والوحيين وعلم العلماء والذين مضوا من بنى إسرائيل)) ثم قال : ((وإن عندنا مصحف فاطمة عليها السلام وما يدريهم ما مصحف فاطمة؟.
قال : ((فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد))(2) أ.هـ وإن كتب الشيعة تذكر كثيراً مصحف فاطمة حيث له أهمية كبيرة لدى المذهب الشيعي ولكن عندما ندرس حقيقة هذا المصحف نجد أنه لا يتجاوز أكثر من الخرافة كما يتضح من الرواية التى ذكرها الكلينى عن طريق ((إمامهم)) جعفر الصادق إذ يقول ((إن الله لما قبض نبيه عليه السلام دخل فاطمة من الحزن ما لا يعلمه إلا الله إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال لها : إذا أحسست بذلك وسمعت الصوت قولى لى ، فأعلمته بذلك فجعل أمير المؤنين عليه السلام يكتب كلما سمع حتى أثبت من ذلك مصحفاً))(3) .
من أكبر أهداف الشيعة من فكرة ((تدويل الحرمين الشريفين)) إحتلال الحرمين الشريفين والعالم الإسلامي
الشيعة الروافض لكى يتثنى لهم السيطرة على الحرمين الشريفين والعالم الإسلامي إفتعلوا بأن الإمامة (ركن من أركان الإسلام كالصلاة والصيام ومن لم يؤمن بذلك لا يكون مؤمناً وما دام قيام الإمام ركناً سادساً من أركان الدين فكان لابد من النص عليه ، وقد نص الرسول فى رأيهم وعين من يكون الإمام : هو على وبنوه من بعده ... يحكمون العالم الإسلامي حتى تقوم الساعة ... إن هذا الركن السادس الذى افتعلوه وتزيدوا به على رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجة فى نفس يعقوب كان سبباً عندهم فى إخراج الغالبية العظمى من الصحابة والمسلمين المخلصين لإسلامهم ولرسولهم من الإسلام فدمغوا هذه الأغلبية بالكفر والخروج من الإسلام بدءاً من أبى بكر وعمر وجميع الصحابة إلا ثلاثة أو أربعة – إلى الآن وإلى أن تقوم الساعة ما لم يتداركوا مستقبلهم ويسايروا الشيعة – كما جاء فى كتابه ((الكافى)) وهو أصح كتاب عندهم – رواية عن أبى جعفر وهو من الباقر قوله : (كان الناس فى ردة بعد النبى صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثة . فقيل : ومن الثلاثة ؟ قال : المقداد إبن الأسود وأبو ذر الغفارى ، وسلمان الفارسي رحمة الله عليهم أجمعين))(1) وفى رواية يضاف للثلاثة عمار بن ياسر رضى الله عنه . وهذا يعنى أن جميع الصحابة إرتدوا بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم إلا هؤلاء الأربعة الذين وقفوا بجانب على وحفه فى الحكم على زعمهم !! وهكذا أدى الركن السادس الذى إخترعوه وأضافوه إلى تكفير جميع الصحابة وإعتبارهم منافقين كذابين مخاتلين لرسول الله صلى الله عليه وسلم طوال صحبتهم له ولم يكن همهم كما يقول الخمينى فى كتابه ((كشف الأسرار)) : ((إلا الدنيا والحصول على الحكم دون الإسلام والقرآن وإتخذوا القرآن مجرد ذريعة لتحقيق نواياهم الفاسدة ، حتى أسقطوا منه تلك الآيات التى تدل على خلافة على رضى الله عنه وعلى إمامة الأئمة وكذلك تحريفهم الكتاب السماوى ، وإقصاء القرآن عن أنظار أهل الدنيا على وجه دائم بحيث بقى هذا العار فى حق القرآن والمسلمين إلى يوم الدين . وإن تهمة التحريف التى يوجهونها إلى اليهود والنصارى ، إنما هي ثابتة عليهم))(1) أهـ كلامه ((هكذا قرر الخمينى فى كتابه مستمداً ذلك من كتبهم الأصلية المعتمدة عندهم ، وأنظر وتأمل إلى أى مدى يفعل الهوى بالنفوس وتؤدى العصبية العمياء؟ يخترعون ركناً سادساً ويحكمون بسببه على جميع الصحابة بالكفر والكذب وتحريف القرآن والنفاق والخداع وكذلك على كل من يترضى عنهم من جميع المسلمين إلى يوم القيامة ولا يهمهم أن ذلك يضع الرسول صلى الله عليه وسلم فى وضع الداعية الفاشل الذى قضى أكثر من عشرين سنة فى تربية ثلاثة أو أربعة فأى رسول هذا عندهم هكذا يفعل الغرض والمنطق المعوج والغرض يعمى ويصم ...أو الغرض مرض وهكذا تفعل الأهواء السياسية والعصبية العرقية فى الإسلام وتاريخه ))(2) بل نقول أن الخمينى فعلاً إتهم النبى صلى الله عليه وسلم والأنبياء جميعاً بالفشل وعدم إرساء قواعد العدالة . وقد تقدم قوله هذا فيما سبق وقد ((وضع الشيعة لأئمتهم سلسلة تبدأ بالإمام على رضى الله عنه ثم تسير هكذا : الحسن ((توفى سنة 50هـ)) فالحسين ((قتل سنة 61هـ)) فعلى زين العابدين ((94هـ)) وبعد جعفر الصادق إنقسمت الشيعة الى فرقتين : فرقة إسماعيلية وفرقة موسوية كاظمية الأولى نسبة إلى إسماعيل بن جعفر الصادق والثانية : نسبة إلى إبنه الآخر موسى الكاظم . وأصبح للإسماعيلية أئمة متسلسلون ومذهب وأفكار وتعاليم خاصة بها غير الأفكار المشتركة بينهم جميعاً... كما أصبح للموسوية مذهب وأئمة مختصون بهم منافسون للإسماعيلية ... فبعد إسماعيل الذى توفي فى حياة أبيه رأى جماعة أن الإمامة إنتقلت إلى إبنه محمد ثم إسماعيل ثم محمد – ثم أحمد ثم عبد الله ثم أحمد ثم الحسين ثم عبد الله ((المهدي)) مؤسس الدولة الفاطمية الإسماعيلية فى تونس وبعض هؤلاء الأئمة كانوا أئمة مستوردين مختفين خوفاً من مطاردة الحكام لهم ، وبعضهم كان يظهر أمام أتباعه وغيرهم حيث يأمن على نفسه قوة يقف بها إمام الحكام المعارضين لهم. إذ كان الإسماعيليون ينزعون الى العنف وتأسيس دول لهم ... ولهذا قامت بإسم الشيعة أو الدعوة الإسماعيلية الواسعة فى شرق الجزيرة العربية والشام وفى اليمن وغيرهما مما سنقدمه لك . كما إنقسمت إلى فرق كثيرة فى داخلها...))(1).
أما الشيعة الموسوية الكاظمية فقد تسلسل فيها الأئمة كالتالى : بعد موسي الكاظم ((ت : 183هـ)) كان على الرضاء ((ت 202هـ)) ثم محمد الجواد ((ت : 202هـ)) ثم على الهادي (74) ثم الحسن العسكرى ((ت: 260هـ)) ثم إبنه الطفل محمد ((ت : 260)) الذى أطلق عليه إسم المهدى ، قالوا أنه أختفى فى السرداب ولم يمت ، وسيظهر آخر الزمان ، ليملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت جوراً كما يعتقدون. وبهذا وقف الأئمة ضد الموسوية الكاظمية عند إثني عشر إماماً ولذلك سميت هذه الفرقة بالأثنى عشرية . ولم يخرج أحد من أئمة هؤلاء على الحكام ليطالبوا بالحكم بل عاشوا فى هدؤ ورعاية وتكريم من حكام الدولة ، ولكن فى حذر من الجانبين بإسرار ولم يكونوا كالشيعة الإسماعيلية نزوعاً إلى العنف والحروب ، وأتباع هذه الفرقة – الاثني عشرية – متركزون الآن فى إيران ومذهبهما هو المذهب الرسمي للدولة بينما تعيش جماعات منهم فى لبنان والخليج والعراق وباكستنا والهند وغيرها ... وهذه لم يقم لأئمتها ونوابهم دولة إلا بعد أن جاء الخمينى إلى الحكم فدولته أول دولة فى التاريخ للأثنى عشرية ولذلك يستشير الخمينى أتباعه للحفاظ على هذه الدولة والتضحية فى سبيلها ، ويعمل بقوة الدولة وما لها على نشر تعاليمها الدينية وجذب الأبتاع لها والمؤيدين من جميع أنحاء العالم ويطمع فى تحويل العراق ودول الخليج والدول السنية بعامة إلى دول شيعية على مذهبه يحكمها واحد من ذرية على رضى الله عنه أو نائبه بالوسائل المختلفة وأعلن ذلك منذ أن جاء إلى الحكم بالخطة التى سماها ((تصدير الثورة)) إلى البلاد العربية لقلب نظم الحكم فيها لأقامة حكم كحكم الخمينى . كما بدأ فى التحرش بالعراق .. كما أخذ يتحرش بالكويت بواسطة أتباعه فيها ثم بالسعودية فى موسم الحج... تمهيداً لصاحب ((الزمان وظهور المهدي – أرواحنا فداه كما يقول((الخمينى)) فى خطبته فى حجاج موسم 1987م ))(1)
الشيعة الزيدية :
ومع فرقتى الشيعة الأثني عشرية والإسماعيلية كانت هناك فرقة ثالثة هي فرقة الزيدية التى ظهرت من قبل وهى تنسب إلى زيد بن على بن زين العابدين بن الحسين رضى الله عنه ... ولم يقر إمامة أخيه محمد الباقر وخرج على رأس أتباعه من الكوفة يطلب الحكم فى عهد هشام بن عبد الملك فتكررت له الصورة نفسها التى وقعت لجده الحسين رضى الله عنه الذى أغراه أهل الكوفة بالخروج على يزيد بن أبى سفيان وأرسلوه فى مكة ووعدوه المناصرة فانخدع بهم. ولما التقى الجيشان جيشه وجيش يزيد تخاذل عنه أهل الكوفة وانفضوا من حوله فكانت النتيجة ما نعرفه من قتل الحسين وكثيرين من ثبتوا معه ، وجذّ القائد الأموي رأسه وحمله إلى يزيد فى دمشق مع أهله ... هذه الصورة نفسها تكررت مع زيد حيث تخاذل عنه أهل الكوفة فتغلب الجيش الأموي عليه ، وجذ القائد رأسه وأرسله إلى هشام فى دمشق سنة 122هـ وكانت نتيجة هذه المأساة أن انتصر له الكثيرون فى أنحاء العالم الإسلامي وأعشقوا آراه وصاروا فرقة سميت بالفرقة الزيدية ظل أتباعها حتى اليوم فى اليمن ... فقد عاش زيد بجناحين : جناح السياسة : طلب الحكم والخروج على الحاكم لتحقيق هدفه وكان كما علمت سابقاً يشترط فى الإمام أن يعلن عن رأيه ويخرج للجهاد فى تحقيقه . وقد فعل وخرج وقتل وجُذّ رأسه وأرسل لهشام فى دمشق سنة 122هـ وقام أبناؤه وتلامذته على أثره كل من يقدر منهم على الوقوف فى وجه الحاكم سواء فى العراق أم فى غيره من البلاد الإسلامية وقف وقاتل الحاكم ، فإما أن ينهزم وينتهي أمره لمن بعده وإما أن ينتصر فيؤسس دولة له وللزدية ... كما حصل فى اليمن ... وفى بلاد الديلم ... وفى المغرب ... وفى بغداد نفسها على يد بنى بويه الذين إعتنقوا مذهبه وكانوا يسيطرون على الخلافة وينفذون ما استطاعوا من رأيهم ... ولم تعمر دولهم هذه كما عمرت دولتهم فى اليمن حيث إستمرت قروناً ولم تنته إلا فى أوائل الستينات من هذا القرن وقد نازلت الشيعة الإسماعيلية القرامطة فيها وهزمتهم...))(1) .
الفصل الثاني
الشيعة الإسماعيلية
وهم المؤمنون بإمامة إسماعيل بن جعفر الصادق (ت 148 هـ) وهم مقابل الشيعة الأثني عشرية الذين يقولون إن إسماعيل مات قبل أبيه بعد أن عهد له أبوه بالإمامة وقيل سحبها منه لفسقه وفجوره وخضعوه لأصحاب الآراء الفاسدة التى لم يرضى عنها أبوه !! ثم عهد إلى إبنه الصغير موسى الكاظم بالإمامة وتتابع الأئمة بعده من ذريته حتى الإمام الثاني عشر الذى أختفى وهو المهدى المنتظر ... أما الآخرون الذين كانوا حول إسماعيل فلم يقروا القول بأن جعفر الصادق نقل الإمامة من إسماعيل لأخيه سواء بعد موته أو بعد تجريده منها ... وذلك لأن الإمامة حسب عقائد الإمامية تنتقل من الأصلاب من الأب إلى إبنه وقد إنتقلت لإسماعيل وذريته ... فتكونت حول هذه فرقة تسمى بالإسماعيلية ... على أن بعض الإسماعيليين لا يوافق على أن إسماعيل قد مات فعلاً فى حياة أبيه جعفر ولكن إضطر الأب إلى أن يعلن وفاة إبنه إسماعيل الإمام من بعده خوفاً عليه من مطاردة العباسيين له وقتله حتى دون ذلك فى كتاب وأشهد عليه بعض خلصائه وأرسله إلى الخليفة العباسي ، حينما أوعز لإبنه أن يختفى وينتقل إلى مكان بعيد عن أعين الخليفة ثم شوهد بعد ذلك فى البصرة وفى بعض البلاد الفارسية ))(1) .
عقائد الشيعة الإسماعيلية :
هم إمامية كبقية الشيعة أى ممن يؤمنون بالركن السادس للإسلام وهو ((الإمامة)) وبأن على رضى الله عنه كان من الواجب أن يكون الحاكم بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم....
وعبادة الإسماعيلية وتدينهم بوجه عام تقوم على أساسين :
• عبادة عملية : وهي تعنى القيام بالأركان من صلاة وصيام وحج وزكاة على نحو ما يفعل المسلمين السنيون...
• وعبادة علمية : تقوم على أن للقرآن ظاهراً وباطناً...
أما الظاهر : فهو دلالات الفاظه اللغوية وهذا للعوام أى أهل السنة وكل من وقف عند دلالات ألفاظه ومعانيها ...
وأما الباطن : فعلم يستمده الناس من الأئمة ، وهو علم لدنى لا يتقيد بدلالة اللفظ اللغوية ، وهو من خصوصيات الأئمة يعلمونه للناس من أتباعهم ولذلك لا يمكن الإحتكام فيه إلى اللغة . وما دام هذا التأويل الباطنى من حق الأئمة وحدهم يفضون به إلى أتباعهم ولا تحكمه دلالات الألفاظ اللغوية ، فهم أحرار في تأويلاتهم ومعصومون يؤولون كما يشاء لهم أهواهم ، ويستخدمون القرآن فى تحقيق أغراضهم دون أن يستطيع أحد الرد عليهم أو تخطئتهم ... إذ ليس هناك من الناس من يصل إلى درجة الإمام ولا إلى الفيوضات الإلهية عليه فى تأويل القرآن والإفصاح عن معانيه ومراميه الباطنية التى لا يتقيد بالألفاظ اللغوية و ((تفسير السلف من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وغيرهم)) فهم يقولون مثلاً فى قوله تعالى من سورة نوح آية ((فقلت إستغفروا ربكم إنه كان غفاراً أى أسالوه أن يطلعكم على أسرار المذهب الباطنى ... وقوله تعالى ((يرسل السماء عليكم مدراراً)) بأن السماء هى الإمام والماء المدرار هو العلم من الإمام ينصب عليكم . ومعنى ((يجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً)) الجنات هي الدعوة السرية الباطنية والأنهار هي العلم الباطني ينصب عليكم . ويقولون فى قوله تعالى ((كمثل الشيطان إذ قال للإنسان أكفر)) من سورة الحشر الآية 16 ، أن الشيطان هو عمر بن الخطاب ، والإنسان هو أبو بكر ومعنى ((أكفر)) لا تؤمن بإمامة على ... ويقولون فى ((الشمس والقمر بحسبان)) من سورة الرحمن المراد بهما الحسن والحسين ... وهكذا يؤولون القرآن على هواهم وحسب ظروفهم وأغراضهم لا رابط ولا ضابط ، ولا مبدأ.
يمكن الإحتكام إليه بينهم وبين غيرهم .... ومن أجل ذلك سماهم أهل السنة بالباطنية ... وألفوا الكتب الكثيرة فى الرد عليهم وبيان تهافتهم وضلالاتهم وخروجهم بذلك عن جادة الإسلام وتفسيرهم أوتأويلهم الباطني هذا هو عدتهم وحجتهم وطريقتهم لبث دعوتهم وإغراء الناس بالإنضمام إليهم ... لقد أدخل الإسماعيلية على الدين من تأويلات الباطنية ومن أقوال الفلاسفة وعقائد الأمم الوثنية ما غيرت به معالم الإسلام تماماً فى عقيدتهم الباطنية وحولت ماءه الصافى إلى طين آسن))(1) .
وللإسماعيلية ((شطحات وأوقال لا يصدقها إلا من سلب منه عقله وإستسلم لتنويم دينى وسياسي أو عصف به هواه ... وإن الإنسان السوى العقل والإدارك ليعجب كيف ساغ لعقلاء ومسلمين مخلصين أن يقولوا هذا للناس ويقدموا الإسلام والقرآن لهم بهذه الصورة ؟! وكيف وجد الناس هذا الكم الهائل منهم قد سلبهم التنويم الدينى عقولهم وحاد بهم عن طبيعة الاسوياء ، فساروا وراء هذه الأفكار كما يسير المنوم مغناطيسياً ... والعجب الأكبر أن يقوم كاتب دكتور من يعتنق هذا المذهب ، فيعبر عن مثل هذا بأنه ((إنطلاقة الفكر الحر الوثاب)) ويقدم لنا الإسماعيلية فيقول : عنها : ((وأنها العقيدة الفلسفية التى تتطور مع الزمن وتتكيف معه وأنها إنطلاقة الفكر الوثاب فى هذا العالم اللا متناهي أو ثوب الروح نحو مثلها الأعلى ...الخ))!!
نعم إنها عقيدة فلسفية لا عقيدة دينية جمعت عكارة الفلسفات السابقة المصرية والبوذية والهندوسية واليونانية والفارسية ...الخ... فطردت الكفر الدينى أو العقيدة الدينية نهائياً... وهكذا يصور الدكتور المعاصر مذهب الإسماعيلية مذهبه الذى يتحمس له !!))(1) ويقول الدكتور عبد منعم النمر فى معرض رده عن الإسماعيلية ما نصه : ((وقد سبق فى كتاب له عن الشيعة ((بعنوان)) ((الشيعة ... المهده الدروز)) تاريخ ووثائق)) أن ذكرت عقيدة الإسماعيلية فى الله سبحانه وتعالى فهو يجردونه من صفاته وأسمائه الحسنى : الخالق الرازق ، الغفور ، الرحيم ...الخ ... ولا يقولون بأن الله سبحانه وتعالى خلق العالم ، لأن العالم ناقص والله كامل ، ولا يتصل الكامل بالناقص ، ولذلك خلق الله العقل الأول وهو كامل إلا فى إحتياجه لله فى خلقه ، وكذلك العقل التالى . وهما اللذان توليا خلق العالم وإدارته ولذلك يوصفان بصفات الله وأسمائه الحسنى . ثم إن لكل مثل ممثولاً : فالعقل الأول مثل ، و ممثولة الأئمة أى أنهم مثله وممثولة فى الأرض ، ولذلك يوصفونه بصفاته أى صفات الألوهية ومن ذلك قول بن هانئ يمدح الخليفة الفاطمي:
ما شئت لا ما شائت الاقدار ***** فاحكم فأنت الواحد القهار
وسهل بذلك إدعاء الألوهية للأئمة فادعاها بعضهم كالحاكم وغيره ووصفه المؤمنون به بأنه ((جلا وعلا)) وأنه ((سبحانه)) ...الخ ... مما ذكرته فى كلامى عن ((الدروز))(2) . .. يقول الدكتور محمد كامل التى عرفت وإنتشرت فى الأقطار الإسلامية منذ زمن بعيد ، وإستطاع الفاطميون أن يخضعوا هذه المذاهب والآراء القديمة للآراء الإسلامية ويصبغوها بالصبغة الإسلامية )) وقد ((... أتاح لهم التأويل أن يأخذوا من الفلسفات القديمة الوثنية كثيراً من الآراء والتصورات ، ويدخلوها فى مفهوم الدين والعقيدة بدون حرج ... وأن يتلاعبوا بالحقائق وعقول الناس في سبيل أن يجذبوهم إلى مذهبهم دون تقيد بخلق أو مبدأ ... حتى ليقول عبيد الله - مؤسس الدولة الفاطمية وإمام الإسماعيلية في رسالة له إلى سليمان بن سعيد الجنابي)) مؤسس دولة القرامطة فى البحرين : ((أدع الناس بأن تتقرب إليهم بما يميلون إليه وأوهم كل واحد منهم بأنك منهم ))(1) ثم يقول له : ((فمن أنست منهم رشداً فأكشف له الغطاء وإذا ظفرت بالفلسفي فإحتفظ به فعلى الفلاسفة معولنا وإنا وإياهم مجموعون على رد نواميس الأنبياء ، وعلى القول بقدم العالم لولا ما يخالفنا فيه بعضهم من أن للعالم مدبراً لا نعرفه))(2) ويقول أيضاً مبطلاً المعاد والعقاب: ((إن الجنة نعيم الدنيا ، وإن العذاب إما هو إشتعال الشرائع بالصلاة والصيام والحج والجهاد وإن أهل الشرائع يعبدون إلهاً لا يعرفونه ، ولا يحصلون منه إلا على إسم بلا جسم))(3) . والإمام عندهم هو الذى يتولى التأويل حسب مصلحته وحسب ما يرشده إليه عقله ... فلا عجب أن وجدنا يتخبطون في تأويلاتهم ويبتعدون بسفينتهم عن شاطئ الإسلام مدلولات القرآن وتمسكهم بعقيدة التأويل جعلتهم يتصرفون في عقيدة الوحى والنبوة والرسالة على غير ما نفعهم من صريح القرآن والسنة بل حسب فهم رأى الفلاسفة ... كما يقولون عن الزنى بأنه إلقاء نطفة العلم الباطن فى نفس من لم يستحق ... والمراد بالصلاة والزكاة ولاة محمد وعلى وبذلك يسقطونها عن المسلم ويقولون عن الخمر والميسر : المراد بهما : أبو بكر وعمر فموالاتهما محرمة ... أما الخمر فمن طيبات الحياة وزينتها ويفسرون الجنابة بأنها مولاة الأضداد للنبى والائمة . والصيام بأنه الإمساك عن كشف السر وهكذا فى أمور كثيرة ))(1) فهم يوهمون الحقيقية إلى معاني أخرى بتأويلاتهم !! وتمسكهم بالتأويل جعلهم يتفقون على إنكار القيامة كما عبر عنها القرآن والسنة وأولوهما بأنها رمز إلى خروج الإمام وقيام قائم الزمان . وأما المعاد فأنكروا ما ورد عن الانبياء ولم يثبتوا الحشر والنشر للأجساد ولا الجنة والنار ولكن قالوا إن العود أو المعاد هو رجوع كل شئ إلى أصله يعنى رجوع الجسم إلى التراب وعودة الروح إلى العالم الروحانى الذى منه إنفصالها ))(2) .
و((إذا كانت هذه هى آراء الإسماعيليين الدينية فإنهم قد أدخلوا فى أساليب نجاح دعوتهم والحصول على الحكم بعض الأفكار الفلسفية والإجتماعية من آراء ضرورة الإشتراكية ومن قبله آراء إفلاطون فى (جمهوريته) التى يستغلون بها عواطف الجمهور ولا سيما الطبقات العامة لتكوين المجتمعات الإشتراكية التى نسميها الآن ((شيوعية)) من مصادرة الأملاك الخاصة والضغط على الطبقات الفنية ومن الإباحية التى ستعرف من أخبارها الكثير فى المجتمعات الإسماعيلية القرمطية ... وكانت هذه الأفكار غربية جداً على دعوة قامت بإسم حب آل البيت لكنهم أحتضنوها وأدخلوها على المذهب فى سبيل وصولهم إلى الحكم وإلتفات الطبقات العامة حولهم وكان من برامجهم الأساسية إسترضاء ميول الناس وعواطفهم لجذبهم إليهم فإستباحوا لأنفسهم كل وسيلة غير معتقدين بدين أو مبادئ وقيم خلفية ... لأن المهم عندهم أن ينجحوا فى إقامة دولة لهم ... وكان من نتيجة ذلك فعلاً أنه أمكن لهؤلاء الإسماعيليين أن يكونوا قوة من حولهم ، بإسم الدعوة إلى آل البيت وإلى إمام منهم مستور وإلى آمال معسولة فى الحياة ترضى حاجات العوام على الأخص ورغباتهم التى حرموا منها ... وفى ظل الحكم العباسي مما تنادى به الإفلاطونية اليونانية والمزدكية الفارسية وكما تنادى به الماركسية.
كان دعاتهم المنبثون فى كل ناحية يستغلون هذا ويثيرون الناس على الحكم العباسي على أنه الذى يظلمهم كما ظلم العلويين من قبل ، وسلب لنفسه حقهم فى الحكم ونكل بهم ليستقر له الحكم! ... فكانوا إذا آنسوا فيمن حولهم قوة يتمكنون بها من مواجهة الوالى ، وجيش الخليفة لم يتوانوا فى إظهار دعوتهم ، والخروج على الحكم ، ليكونوا دولة أو حكماً بإسم الإسماعيليين ... وكان الدعاة لا يتورعون عن إستعمال أية وسيلة تجذب إليهم الأنصار وتساعدهم على الحكم فما دام باب التأويل الباطني للقرآن وللحديث مفتوحاً أمامهم فليقولوا للناس ما يشاؤون ، وليشرعوا ويضعوا لهم أنظمة كما يريدون حسب تأويلاتهم وفلسفتهم))(1) .
دولة الإسماعيلية القرامطة :
و((قد إشتهر عن الدولة الإسماعيلية التى قامت فى البحرين وشرق الجزيرة العربية بأنها دولة ((القرامطة وإشتهر عن الدعاة الإسماعيليين الذين مهدوا بها بنشاطهم فى الكوفة والبصرة وجنوبها من الساحل الشرقي للجزيرة وحتى البحرين إشتهروا فى التاريخ بإسم ((القرامطة)) لكن وجدنا بعض المؤرخين يطلقون هذا الإسم ((القرامطة)) على كثيرين من إخوانهم دعاة الإسماعيلية فى الشام وفى اليمن وحتى فى مصر وشمال إفريقيا لتشابهم فى الدعوة والخطة وإن كان دعاة الإسماعيلية فى شمال أفريقيا قد إتخذوا إسماً آخر مغرياً وإشتهروا به وهو إسم ((الفاطميين)) نسبة إلى السيدة فاطمة الزهراء رضى الله عنها بنت الرسول صلى الله عليه وسلم قراراً – كما قال بعض المؤرخين من إسم (القرامطة)) وإذا كان المؤرخون ولا سيما من أهل السنة قد أطلقوا إسم ((القرامطة)) على إسماعيلية الشرق وحكوا أخبارهم تحت هذا الإسم ((القرامطة)) وإتفقوا وإستقروا على هذا ، فإن سبب تسميتهم لهم بهذا الإسم قد إختلف فيه المؤرخون منهم ومن غيرهم . بعضهم يقول : نسبة إلى ((حمدان قرمط)) أحد دعاتها أو نسبة إلى ((محمد الوراق المقرمط)) وكان كوفياً ... أو نسبة إلى رجل إحتضن أحد دعاتها يطلق عليه إسم ((كرميته)) فحرفت وخففت إلى قرمط ... مما يمكن أن تجد له تفصيلاً أكثر فى المراجع التاريخية الأولى مما ذكره بن الجوزى أو بن جرير الطبرى أو الكامل لأبن الاثير وغيرهم ممن عنوا بتاريخنا . كما تجد ذلك أيضاً فى متابات المعاصرين من الإسماعيليين أنفسهم .... يقول المؤرخ محمد الخضرى ((فى كتابه ((تاريخ الأمم الإسلامية)) ج2 وهو يتحدث عن الإسماعيلية ودعوتها ((والحث أن النحلة سياسية يقصد منها الوصول إلى هدم دولة بنى العباس إلا أنها شببت بشئ من التعاليم ((أى الدينية)) لتكون مقدمة للدعوة وأساسا لها حتى لا يفاجأ المدعوا بالغرض السياسي لأول وهلة والتعاليم متى كانت سرية حامت حولها الظنون وجعلتها الشكوك فى ظلمات حتى تتميز حقيقتها ))(1) ونشأ عن هذا المذهب قوتان كبيرتان كلتاهما ضد الدولة العباسية . إحداهما منظمة معتدلة ومركزها قرية ((سلمية))(2) بقرب حمص فى سوريا وهى موئل الدولة الفاطمية ومجمع أسرارها . وثانيتها : قوة ذات فوضى وجور ونكوب عن حسن السياسة ومركزها كان لأول ظهورهها بالعراق ((جنوباً)) وهى ((القرامطة)) وهذه أولاهما فى الظهور فإنه ظهرت بوادر شرها فى عهد المعتمد على الله وهو الخليفة العباسي وخلافته كانت من رجب سنة 256هـ ((يونيو سنة 870م)) وظل حتى توفى سنة 279 – 879م وهو بن المتوكل بن المعتصم ... وجاء بعده الخليفة المعتضد سنة 279هـ وتوفى سنة 289هـ - سنة 902هـ ... ويذكر المؤرخ الخضرى ص 318 عن القرامطة ما كان من كثرة اتباعهم فى سواد الكوفة ثم يقول : ((فى الكوفة وما حولها)) ظهر بالبحرين رجل يقال له ((ابو سعيد الحسن الجنابي)) وجنابة : قرية من سواحل فارس ثم نفى منها فخرج إلى البحرين فأقام بها تاجراً وجعل يستميل العرب إلى نحلته حتى إستجاب له أهل البحرين وما والاهما وقوى أمره)) ثم يذكر عنه أنه قاتل ما حوله من أهل القرى فى البحرين والقطيف وقتل الكثير منهم وأعلن أنه يريد البصرة ... وكان ذلك سنة 287هـ حيث تقابل مع جيش المعتضد وهزمه وأسر قائده ونهب ما في العسكر وقتل الأسرى ... ثم عاد إلى ((هجر)) التى كانت عندهم دار الهجرة والدعوة والعاصمة ... أما أتباع المذهب فى الكوفة فقد أرسل لهم المعتضد جيشاً فهزمهم ونكل بهم وظل الأمر كذلك حتى ظهر داعية آخر لهم وهو ((زكرون بن مهروية)) فجمع أتباعه حول دعوته وقاتل جيش الخليفة فهزمه وعاش فى الأرض فساداً وسار بأتباعه حتى الشام وإنتزاعها من يد الدولة الطولونية وبعد أن يسرد الشيخ الخضرى هذا فى تفصيل يقول : ((هذا ما كان منهم فى حياة المعتضد ((279 – 289هـ )) ظهروا بثلاثة مواضع : بالبحرين والعراق والشام ، وبدءوا بخروجهم إشعال النار المحروقة التى أذت المسلمين ودوختهم وسلبتهم أمن الطريق إلى بيت الله المقدس))(1).
وفى تلك الأزمنة كان يشتغل دعاة الفاطميين بإفريقيا واليمن ، فكانت الدعوة الإسماعيلية رتبت أن تكون فى آن واحد فى جميع الجهات الإسلامية حتى لا يكون لبنى العباس قبل بملاقاة شرها وكذلك كان ))(2) .
فلقد كانت الدعوة الإسماعيلية فى يد إمامها الذى إتخذ من ((سلمية)) غالباً مقراً له ... وكان هو الذى يلقن الدعاة وجذب الناس إليهم حتى إذا آنسوا من أنفسهم قوة قاموا فى وجه الخلافة العباسية أو الحكم المحلى وكونوا دولة ، وكان هؤلاء الأئمة مستترين مختفين فى أول الأمر حين كانت الدولة العباسية قوية نظراً لما رسموه من خطة لمقاومة الدولة الوثوب على الحكم ... حيث قامت لهم أول دولة فى اليمن سنة 266هـ على يد الداعية الإسماعيلي ((أبو القاسم رستم بن الحسن المعروف بإبن هوشب)) وزميله ((على إبن الفضل الجيشاني)) وكان ولاء هذه الدولة منذ قيامها للإمام الإسماعيلي حتى بعد ذهابه لإفريقيا ... ثم مصر بعد أن مهد لقيام الدولة الفاطمية فى المغرب سنة 297هـ بما بذله من مساعدات الإمامة هناك . وفى الإحساء والبحرين قامت أيضاً دولة للإسماعيليين عرفت بدولة القرامطة على يد أبو سعيد الجنابي)) نسبة إلى قرية جناب غرب فارس وقد ظهرت دولته فى الثمانينات من القرن الثالث الهجرى برعاية من إمامهم)) الذى كان لا يزال فى سلمية بالشام . حتى شغب عليه بعض أتباعه وهاجموه فى الوقت الذى جاءته الأخبار من دعاته فى شمال إفريقيا بإقبال الناس على دعوته فترك الشام وهاجر إلى شمال إفريقيا متخفياً ماراً بمصر. وهناك إستطاع أتباعه أن يقيم دولة له فى تونس أنقاض دولة الأغالبة سنة 297هـ . وهكذا قامت فى فترة وجيزة فى النصف الثاني من القرن الثالث الهجرى ثلاث دول شيعية إسماعيلية فى البلاد العربية شرقاً وغرباً ، فى اليمن وفى البحرين والإحساء وفى تونس ... يربطها جميعاً الإمام الإسماعيلي ((عبيد الله المهدى)) فى ((سلمية)) ثم بعد أن صار رأس الدولة الفاطمية فى شمال إفريقيا ... بينما كان هنالك دعاة إسماعيليون فى الكوفة وسواد العراق يقضون مضاجع الدولة العباسية ويرهبون الولاة والمسلمين فى العراق وحتى الشام إلى الأردن ... وإن لم تقم لهم دولة مستقرة ... وكانوا يقاتلون بشراسة ويبيدون كل من تمكنوا منهم على أنهم كفار يستحقون الإبادة إذ ليسوا على مذهبهم وفى المقدمة الدولة العباسية . وقد بلغ أمرهم أن جيش لهم مكوناً من 2700 رجل))(1) وهكذا شهد النصف الثاني من القرن الثالث الهجرى ميلاد ثلاث دول شيعية إسماعيلية فى المشرق والمغرب العربى ، على أنقاض الدولة العباسية فى بغداد ودولتها الممتدة شرقاً وغرباً . فقد إستطاع داعيها الأكبر بعد أن فر إلى الشمال الأفريقي وهو ((عبيد الله)) الملقب ب (المهدي) أن يقيم دولة شيعية على إنقضاض دولة الأغالبة في تونس سنة 297هـ سميت بالدولة الفاطمية ، كما إستطاع دعاتها فى المشرق العربى قبل ذلك أن يقيموا دولتين : دولة فى اليمن سنة 266هـ ودولة اخرى فى شرق الجزيرة حيث إستطاع ((أبو سعيد الحسن بن بهرام الجنابي)) أن يقيم دولة في البحرين إمتدت إلى القطيف والإحساء إلى عمان فى الجنوب من الخليج العربى وذلك فى أيام الخليفة العباسي المعتضد بالله ((279 – 892م)) إلى 289هـ - 902م – كما سبق – بعد أن عاش فى هذه المنطقة التى إمتدت إلى البصرة والكوفة فساداً . وقد إزدادت شراسته بعد تأسيس دولة له ، وأخذ من موقعه يواصل الإغارة على البصرة ، وينكل بأهلها وبمن حولها من القرى والمدن قتلاً ونهباً ويزحف نحو الشمال إلى الكوفة ، فيشد به أزر إخوانه من الشيعة الإسماعيلية هناك فى القضاء على كل من يخالفهم و الوقوف فى وجه جيش الدولة العباسية وإلحاق الهزائم به أحياناً ... وقد إنتهي أمر هذا الحاكم إلى أن قت
من القرامطة إلى الخمينى
وبيان أن المملكة العربية السعودية هي صاحبة الولاية الشرعية للحرمين الشريفين
تأليف
أبو ربيع : إسماعيل حسين خيرى
توجناهذا البحث بكلمة مضيئة فى المؤلف وبحوثه العلمية من
شيخنا المحدث الإمام الدكتور
أبو محمد :ربيع بن هادى المدخلى رئيس قسم السنة بالجامعةالإسلامية سابقا
كلمة مضيئة من العلامة شيخنا المحدث ربيع بن هادى المدخلى حامل رآية الجرح والتعديل فى العصر الحاضر فى المؤلف وبحوثه العلمية :-
الحمدلله والصلاة و السلام على رسول الله وآله وصحبه ومن اتبع هداه
أمابعد فأن الأخ اسماعيل بن حسين الخيرى السودانى الجنسية ممن عرفته عن طريق المراسلة وقراءة بعض بحوثه السلفية ومن لقائى به ومن طريق تزكية ثقات من خيار السلفيين الصادقين بالسودان عرفته من خلال كل ذلك بعقيدته الصحيحة ومنهجه الطيب وبكفاحه عن كل ذلك ضد أهل الأهواء والبدع وخاصة الاحزاب الضالة والروافض الهالكين كما عرفته بحبه وولائه لهذا البلد المبارك حكومة وعلماء وشعبا وذبه عنهم وغيرته عليهم وعلى عقيدتهم ومنهجهم
وقد برهن على ذلك بكتابته الواضحة القيمة فنرجو ممن لهم الأمر فى هذا البلد المبارك مساعدته وإكرامه لانه أهل لذلك
وفق الله الجميع لما يرضيه
كتبه ربيع(1) بن هادى عمير المدخلى
عضو هيئة التدريس بالجامعة الاسلامية فى 12/7/1417ه
الفصل الاول
كشف ودحض مؤمرات الشيعة الروافض حول الحرمين الشريفين
إن من أكبر مؤمرات الشيعة الروافض المجرمة المفسدة ما تسمى (تدويل الحرمين الشريفين) هذه ((الفكرة الخبيثة التى تستهدف سلب ولاية من أهلها وإغتصاب حق من أصحابه وطعن دولة فى سيادتها والتدخل فى أمر من أخص شؤنها)).
إن فكرة التدويل فضلاً عن كونها تنطوى على كل ما يهدر المسلمات الفقهية والمبادئ الشرعية التى سبق أن تقررت حيث تمثل خروجاً عليها وإطاحة بها ، فإنها مع ذلك ستقضى على الأمن نفسه في البقاع المقدسة التى جعل الله الأمن من أهم خصائصها ، ومن شأن تلك الفكرة أنها ستؤدى إلى شيوع المسئولية عليه تحتاج إلى إسناد دقيق يتثنى من خلاله تحديد ضوابطها وبيان الآثار المترتبة عليها ، وهذا ما لن يحدث مع شيوع تلك المسئولية بين أكثر من دولة . ثم إن تلك الفكرة ستكون ذريعة إلى مفاسد كبيرة لشرور كثيرة ستؤدى في النهاية إلى ضياع مصالح الدين والدنيا في أرض الحرمين الشريفين ، وستكون تلك الربوع الطاهرة مرتعاً للهوى والعبث ، فيضيع الأمن ويتفشى الفساد ، كما أنها ستكون سبباً لفتنة لا يعلم مداها إلا الله ، حين يحدث ذلك المكروه لا قدر الله – وتشعر دولة الحرمين الشريفين صاحبة الولاية عليهما أن سيادتها قد انتهكت وولايتها على أقدس جزء من أرضها قد اغتصبت فتندلع الفتن وتنشب الحروب إذ ليس من السهل على أى دولة إقتطاع جزء من أقدس ترابها ، والأصعب منه أن تسلم بذلك الإقتطاع الظالم دون حرب يوجب الله عليهم فى تلك الحالة حوضها دفاعاً عن أرضهم وشرفهم ومقدساتهم وفى مثل تلك الظروف سيزداد جرح المسلمين إتساعاً ، وسيضاف إلى عللهم وهي كثيرة علة أخرى أشد وأخطر ، لأن ضحيتها في تلك المرة سيكون أمن المسلمين في رحاب حرم الله الآمن ، وهو يمثل جل مصالحهم الدينية والدنيوية ، وإذا كانت تلك الأمور محرمة فإن ما يؤدى إليها وهو فكرة التدويل تكون محرمة لما هو مقرر من أن للشئ حكم غايته))(1).
أهداف الشيعة الروافض من فكرة التدويل :
من المؤكد أن فكرة تدويل الحرمين الشريفين تحمل في طياتها أغراضاً تفصح عن نوايا هؤلاء (الروافض الأنجاس) الذين يرددونها. ويروجونها لها ، ومن خلال تحليل تلك الفكرة يبدو لنا أنها تستهدف تحقيق غرضين لدى القائلين بها ، والمتحمسين لإنتشارها ، وهذه الأهداف فى الواقع أنما تبرزها الظروف التى أحاطت بوجود تلك الفترة والملابسات التى لازمت القول بها ، ومما يساعد على إدراك تلك الأغراض هوية المتحمسين لها والجهة التى ينتمي إليها أصحاب تلك الهوية كما يساعد مضمون الفكرة على إدراك أغراضها إلى حد كبير وهذه الأغراض يمكن إرجاعها إلى أمرين :
أولهما : سلب ولاية الأمن فى الحرمين الشريفين من أهلهما .
ثانيهما : إنتخاب مجلس دولي ليتولى تلك الولاية .
وكلا الأمرين واضح الفساد ظاهر البطلان ومخالفة لأحكام شريعة الله (كما سيأتى) كما أنه مخالف لمبادئ القانون الدولى ، ولهذا فإن كلا منهما مع بطلانه وفساده ومخالفته لأحكام الله يكون أمراً محرماً ، ويبدو من خلال إستجلاء هذين الأمرين أن الثاني متوقف على الأول أو بدل له ، والبدل لا يوجد إلا عند إنعدام المبدل منه فهل يستقيم ذلك شرعاً وقانوناً؟ ))(1).
إنتخاب مجلس دولي من أكبر مؤمرات الشيعة :
الشيعة الروافض قاتلهم الله أخذوا منذ سنين يرددون ويروجون لفكرة ((تدويل الحرمين الشريفين)) وذلك لإثارة الفتن والشغب والقلائل والإرهاب ومن ثم صرف الناس عن بيت ربهم كما سيأتي ونجد أئمة الشيعة الروافض الإيرانيين هنا وهناك يرددون ويروجون لهذه الفكرة الخبيثة ((تدويل الحرمين الشريفين)) يقول التسخيرى أحد كبار تلاميذ الخمينى قاتله الله ومساعديه لما سئل السؤال التالي: ((ما هو الدليل الذى تستندون إليه في سلب ولاية الحرمين الشريفين من أهلهما؟؟! فأجاب التسخيرى بقوله : ((أنا أرى أن ولاية الحرم الشريف قد تحددت بالقرآن الكريم فالقرآن يقول : ((وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون)) ولذلك فعلى المسلمين أن ينتخبوا مجموعة تكون وظيفتها فقط ضمان أمن الحرم وضمان أمن الحرم وضمان حرية قول الحق))(2) .
ثم يقول فى نفس الحديث : (ونحن لنا حقنا الطبيعي فى أن نجتهد إنطلاقاً من إقتناعنا بأن السعودية لا تملك ولايتها على الحرم الشريف ، فولاية الحرم الشريف هي للمؤمنين جميعاً ومن هنا فليس من حق السعودية أن تحدد عدد الحجاج ، ولا أن تمنعهم من أن يقولوا رأيهم بصراحة ، وبكل حرية ، كما أنها ليس من حقها أن تمنع المظاهرات))(3) .
ولما سأله محرر المجلة قائلاً : ((لكن الحرم الشريف يقع في أرض السعودية والسعوديين يتشرفون بخدمته بل ملكهم هو خادم الحرمين الشريفين ، ولا شك أنه فى السنوات الأخيرة شاهد الحرمان الشريفان – ولا يزالون – من صنوف الرعاية والتوسع ما لم يشهداه من قبل ، ويجب أن تعرف إن لم تكن تعرف أن خدمة الحرم الشريف في قريش منذ ما قبل الإسلام والأمن والأمان يتوافران ، وهذا يشهد عليه ويباركه جميع المسلمين فيما عداكم؟))(1) .
فأجاب التسخيرى بقوله : ((لا يستطيع أحد فى السعودية أن يدعى أن الإسلام سلمه سدانة الكعبة ، ولا يستطيع أى إنسان أو مجموعة أو حكومة أن تدعى الولاية على الحرم لأن ولايته موكولة لكل المسلمين، ومن هنا فليس لأحد حق الولاية))(2) أ.هـ . وقد روجت لفكرة ((تدويل الحرمين الشريفين)) مجلة العالم الشيعية الرافضية الخمينية ورئيس تحرير مجلة العالم تحت عنوان (سلامة الحجاج وأمنهم مسؤولية الدول الإسلامية مجتمعة) ما نصه : ((... وهكذا فقد اصبحت مسألة إعادة النظر في مسؤولية الحج وتبعاته ضرورية وهى ليست مسؤولية سعودية فحسب برغم الخدمات الجلى التى تقدمها المملكة للحجاج وبرغم إنفاق أكثر من عشرة مليارات دولار في مشاريع توسعة الحرم المكي وتطوير الخدمات ، ويجب ألا تشعر السعودية بالقلق من الدعوة لإشراك الدول الإسلامية الأخرى من خلال منظمة المؤتمر الإسلامي...))(3).
وكتب أحد الروافض فى مجلة العالم الرافضية تحت عنوان ((حوادث الحج بين الماضي والحاضر)) ما نصه : ((... أما حادثة الحرم الشريف في عام 1987م فقد نتجت عن سؤ تصرف سلطات الأمن السعودية التى تعرضت لتظاهرة البراءة التى تنظمها بعثة الحج الإيرانية سنوياً وقد أدى الأمر إلى مقتل 402 من الحجاج منهم 275 حاجاً وحاجة من الإيرانيين حسب البيانات الرسمية السعودية )) وحسب إيران قد قتلوا علاوة على إعداد من رجال الأمن السعوديين)) وتقول مصادر شيعية كويتية أن سلطات الأمن السعودية هى التى دبرت إنفجارين فى مكة المكرمة عام 1989م لتوريط بعض الحجاج الكويتيين وقد أسفر الإنفجاران عن مقتل باكستاني وأصابة البعض بجراح وإعتقال 33 كويتياً حكم على 16 منهم بالإعدام وتم تنفيذه علناً دون الإكتراث للإلتماس الذى قدمه أمير الكويت الشيخ جابر الأحمد الصباح . هذه الحوادث هى سلسلة من تاريخ معاناة حجاج بيت الله الحرام منذ أقدم الأزمنة ، ولقد كثرت فى وقتنا الراهن لأسباب عديدة منها كثرة عدد الحجيج وتفاقم المشاكل الجديدة الناجمة عن التطور التكنولوجى ، الأمر الذى جعل السلطات السعودية فى مأزق حرج فهى بين أمرين خطرين:
الأول : المحافظة على إستفرادها بخدمة الحرمين الشريفين دون إشراك المسلمين من البلدان الأخرى فى المسؤولية ولهذا الإستفراد إستحقاقاته خاصة وأن السلطات السعودية تجد نفسها عاجزة عن مواجهة مشاكل الحج المتجددة والمتعلقة بسلامة الحجاج رغم جهودها الحثيثة فى هذا المجال ... أما الأمر الثاني فهو الإستجابة لمطالب من دول إسلامية بأن تكون إدارة الحرمين الشريفين إدارة إسلامية خاصة بعد حادثة الحرم الشريف في آب أغسطس 1987م بعد تصدي الأمن السعودي لمظاهرة إسلامية سلمية تندد (بإسرائيل) والولايات المتحدة بإعتبارها العدوان للأمة الإسلامية وقد طالب الإمام الخمينى وقتها بتسليم إدارة الحرمين الشريفين لهيئة إسلامية مستقلة عن السلطة السعودية ومنع الحجاج الإيرانيين من الذهاب إلى السعودية لأن سلامتهم كانت مهددة بالخطر ... لم تكن المطالبة الإيرانية وغيرها جديدة على السعوديين فقد شعر المسلمون أن إستيلاء الملك عبد العزيز بن سعود على الحرمين الشريفين فى 1925م سيحول المقدسات الإسلامية إلى تراب مثلما فعل الوهابيون عام 1803 حينما غزوا الحجاز ودمروا الكثير من الأماكن المقدسة بحجة أنها مخالفة لإجتهاد محمد بن عبد الوهاب الذى كان أتباعه يعتقدون أنهم يمثلون الإسلام ((النقى الخالى من الشرك)) وهو إدعاء تصدى له علماء المسلمين السنة والشيعة على حد سواء وفندوه منذ ظهور الوهابية فى القرن الثامن عشر الميلادي وحتى الوقت الراهن ))(1) إلى آخر شنشناتهم وطنطناتهم الفاسدة الكاسدة . ونقول فى الرد على هذه الإفتراءات والمؤامرات وبالله التوفيق:
أولاً : (قول التسخيري) : الآتي نصه : (أنا أرى أن ولاية الحرم الشريف قد تحددت بالقرآن الكريم فالقرآن يقول : (وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون) ولذلك فعلى المسلمين أن ينتخبوا مجموعة تكون وظيفتها فقط ضمان أمن الحرم وضمان حرية قول الحق)) ... الخ سفسطاته البليدة والمكشوفة وقول سعيد الشهابي رئيس تحرير مجلة العالم الشيعية الآتي نصه ((يجب أن لا تشعر السعودية بالقلق من الدعوة لإشراك الدول الإسلامية الأخرى... الخ)) وأيضاً قولهم فى مجلة العالم الشيعية الآتي نصه : (... أما الأمر الثاني فهو الإستجابة لمطالب من دول إسلامية بأن تكون إدارة الحرمين الشريفين إدارة إسلامية) إلى آخر مؤامراتهم الظالمة الجائرة .
نقول فى الرد على الشنشنات والطنطنات الفارغة بالجملة أن الدعوة إلى تدويل الحرمين الشريفين من مؤامرات الشيعة الروافض فالشيعة الروافض لما عجزوا من إحتلال الحرمين الشريفين بالقوة والعنف إفتعلوا فكرة تدويل الحرمين الشريفين وذلك حتى يتثني لهم بلبلة الأمن فى الحرمين الشريفين ومن ثم إحتلال الحرمين الشريفين كما سيأتى فى نصوصهم المعتمدة ولكن آنى لهم ذلك وهيهات هيهات وسوف نركز فى ردنا هذا على أقوال التسخيري لأنه هو وشيخه الخمينى الهالك قد روجا لهذه الفكرة الخبيثة (فكرة تدويل الحرمين الشريفين): ونجد هنا التسخيرى يستدل بالقرآن الكريم حتى يتثنى له تحقيق أهدافه وأغراضه الفاسدة وحتى يتثنى له تنفيذ مؤامرات أئمته من الشيعة الروافض نقول للستخيرى والخمينى وحزبهما أنتم لا تؤمنون بهذا القرآن الذى بين أيدينا لأنكم تعتقدون بأن الصحابة وعلى رأسهم أبو بكر وعمر وعثمان حرفوا كتاب الله (القرآن الكريم) ولتأكيد ما ذكرناه إليكم هذه الحقائق والوثائق من كتب أئمة الشيعة الروافض وعلى رأسهم الخمينى الهالك ألف الخمينى ومعه بعض أصحابه الشيعة كتاباً بعنوان (تحفة العوام مقبول جديد) وفى هذا الكتاب قرر الخمينى ومن معه من ائمة الشيعة بأن أبو بكر وعمر رضى الله عنهما حرفا القرآن الكريم . جاء فى أول الكتاب المذكور ما نصه : (بسم الله الرحمن الرحيم اللهم ألعن صنمي قريش وجبتيهما وطاغوتيهما وإفكيهما وإبنتيهما اللذين خالفا أمرك وأنكرا وحيك وعصيا رسولك وحرفا كتابك))(1) .
وقرر الخمينى الهالك فى كتابه كشف الأسرار بأن ((أبا بكر وعمر رضى الله عنهما قد أشهراء إسلامهما فى جلب المنفعة الدنيوية وحصولاً على السلطة وثم قاما بتشكيل حزب قوى لتحقيق أهدافهما الدنيوية بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم مباشرة وأنهما كانا يخالفان الأحكام الإلهية بدون تردد وبكل سهولة حيث قاما بشطب الآيات التى وردت فى حق ولاية على إبن أبي طالب رضى الله عنه وأنهما كانا ينسبان إلى النبى صلى الله عليه وسلم زوراً مثل قولهما بأن انتخاب الإمامة والخلافة يتم عن طريق الشورى ومن ثم قاما بعزل على إبن أبي طالب رضى الله عنه عن منصب الإمامة رغم أن القرآن ينص على إمامته ولولم يتحقق رغبتهما الدنيوية لكان قريباً منهما أن ينضما إلى فريق أبى جهل وأبي لهب للقضاء على صرح الإسلام معهم...))(1) .
إلى آخر إفتراءته الباطلة الكاذبة والخمينى أخذ عقوبته الفاسدة هذه من كتب الشيعة المعتمدة حيث جاء فى كتبهم المعتمدة بأن أبي بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم ((قد اسقطوا كثيراً من الآيات والسور التى نزلت فى فضائل أهل البيت وخاصة ما تشير إلى ولاية على رضى الله عنه مثل ما جاء فى (أصول الكافى) نقلاً عن الإمام جعفر الصادق بأن جبريل أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم هذه الآية هكذا : ((يا أيها الذين أوتوا الكتاب أمنوا بما نزلنا فى على نوراً مبيناً))(2) .
وكذلك الآية ((ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً)) يرى الكافى بخصوص هذه الآية نقلاً عن الإمام جعفر الصادق بأنه قد وقع التحريف حيث إن الآية نزلت هكذا : ((ومن يطع الله ورسوله فى ولاية على والأئمة من بعده قد تم سقوطهما ، وجاء فى الكافى الذى عندهم بمنزلة البخارى عند السنة نقلاً عن جعفر الصادق قال : (نزل جبريل بهذه الآية على محمد صلى الله عليه وسلم ((بئسما أشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله فى على بغياً))(3) . وفى رواية اخرى رواها أبو البصير عن جعفر الصادق بحذف كلمة (بولاية على) من سورة المعارج إذ يرى أن الآية نزلت هكذا (يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فى ولاية على فآمنوا خيراً لكم وإن تكفروا بولاية على فإن لله ما فى السموات وما فى الأرض))(4) عن أبى جعفر عليه السلام قال نزل جبريل بهذه الآية هكذا ((فأبي أكثر الناس بولاية على إلا كفوراً))(1) . : وقال : ونزل جبريل بهذه هكذا ((وقل الحق من ربكم فى ولاية على فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ))(2) . وعن أبي حمزة عن أبي عبد الله عليه السلام ((هذان خصمان إختصموا فى ربهم فالذين كفروا بولاية على قطعت لهم ثياب من نار)). إن هذه الروايات المذكورة كلها وردت فى (أصول الكافى) تحت باب بعنوان ((باب فيه نكت ونتف من التنزيل فى الولاية))(3) .
وروى الكلينى أيضاً عن أبي عبد الله عليه السلام فى قوله عز وجل : ((إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم إزدادوا كفراً لم يكن الله ليغفر لهم)) قال : نزلت فى فلان وفلان أمنوا بالنبى صلى الله عليه وسلم فى أول الأمر وكفروا حيث عرضت عليهم الولاية حيث قال النبى صلى الله عليه وسلم ومن كنت مولاه فعلى مولاه ثم آمنوا بالبيعة لأمير المؤمنين عليه السلام ثم كفروا حيث مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقروا بالبيعة ثم إزدادوا كفراً بأخذهم من بايعه بالبيعة لهم فهؤلاء لم يبق فيهم من الإيمان شئ))(4) .
يقول شارح الكافى بأن المراد من فلان وفلان : أبو بكر وعمر وعثمان))(5) وعقد الكلينى فى كتابه ((أصول الكافى فصلاً خاصاً تحت عنوان : ((باب معرفة الإمام والرد عليه إليه)) أورد فيه بعض الروايات التى تشير إلى أن معرفة الائمة جزء من الإيمان – جاء فى كافيهم ما نصه : (لا يكون العبد مؤمناً حتى يعرف الله ورسوله والأئمة كلهم وإمام زمانه))(6) وجاءت رواية عنه فقال : ((كان أمير المؤمنين عليه السلام إماما ثم كان الحسن إماماً ثم كان الحسين إماماً ، ثم كان على بن الحسين إماماً ثم كان محمد بن على إماماً ، من أنكر ذلك كان كمن أنكر معرفة الله تبارك وتعالى ومعرفة رسول الله))(1) .
أئمة الشيعة يعتمدون على مصادر خاصة بهم غير الكتاب والسنة:
تؤكد المصادر المعتمدة عند الشيعة أن لهم مصادر خاصة يستقون منها عقيدتهم ومناهجهم الباطلة الفاسدة وهذه المصادر هى (الصحيفة والجامعة ومصحف فاطمة عليها السلام كماء جاء فى أصول الكافى على لسان جعفر الصادق رداً على سؤال حول مصادر معرفة الأئمة فقال : ((وإن عندنا الجفر ما يدريهم ما الجفر قال : قلت وما الجفر قال وعاء من آدم فيه علم النبيين والوحيين وعلم العلماء والذين مضوا من بنى إسرائيل)) ثم قال : ((وإن عندنا مصحف فاطمة عليها السلام وما يدريهم ما مصحف فاطمة؟.
قال : ((فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد))(2) أ.هـ وإن كتب الشيعة تذكر كثيراً مصحف فاطمة حيث له أهمية كبيرة لدى المذهب الشيعي ولكن عندما ندرس حقيقة هذا المصحف نجد أنه لا يتجاوز أكثر من الخرافة كما يتضح من الرواية التى ذكرها الكلينى عن طريق ((إمامهم)) جعفر الصادق إذ يقول ((إن الله لما قبض نبيه عليه السلام دخل فاطمة من الحزن ما لا يعلمه إلا الله إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال لها : إذا أحسست بذلك وسمعت الصوت قولى لى ، فأعلمته بذلك فجعل أمير المؤنين عليه السلام يكتب كلما سمع حتى أثبت من ذلك مصحفاً))(3) .
من أكبر أهداف الشيعة من فكرة ((تدويل الحرمين الشريفين)) إحتلال الحرمين الشريفين والعالم الإسلامي
الشيعة الروافض لكى يتثنى لهم السيطرة على الحرمين الشريفين والعالم الإسلامي إفتعلوا بأن الإمامة (ركن من أركان الإسلام كالصلاة والصيام ومن لم يؤمن بذلك لا يكون مؤمناً وما دام قيام الإمام ركناً سادساً من أركان الدين فكان لابد من النص عليه ، وقد نص الرسول فى رأيهم وعين من يكون الإمام : هو على وبنوه من بعده ... يحكمون العالم الإسلامي حتى تقوم الساعة ... إن هذا الركن السادس الذى افتعلوه وتزيدوا به على رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجة فى نفس يعقوب كان سبباً عندهم فى إخراج الغالبية العظمى من الصحابة والمسلمين المخلصين لإسلامهم ولرسولهم من الإسلام فدمغوا هذه الأغلبية بالكفر والخروج من الإسلام بدءاً من أبى بكر وعمر وجميع الصحابة إلا ثلاثة أو أربعة – إلى الآن وإلى أن تقوم الساعة ما لم يتداركوا مستقبلهم ويسايروا الشيعة – كما جاء فى كتابه ((الكافى)) وهو أصح كتاب عندهم – رواية عن أبى جعفر وهو من الباقر قوله : (كان الناس فى ردة بعد النبى صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثة . فقيل : ومن الثلاثة ؟ قال : المقداد إبن الأسود وأبو ذر الغفارى ، وسلمان الفارسي رحمة الله عليهم أجمعين))(1) وفى رواية يضاف للثلاثة عمار بن ياسر رضى الله عنه . وهذا يعنى أن جميع الصحابة إرتدوا بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم إلا هؤلاء الأربعة الذين وقفوا بجانب على وحفه فى الحكم على زعمهم !! وهكذا أدى الركن السادس الذى إخترعوه وأضافوه إلى تكفير جميع الصحابة وإعتبارهم منافقين كذابين مخاتلين لرسول الله صلى الله عليه وسلم طوال صحبتهم له ولم يكن همهم كما يقول الخمينى فى كتابه ((كشف الأسرار)) : ((إلا الدنيا والحصول على الحكم دون الإسلام والقرآن وإتخذوا القرآن مجرد ذريعة لتحقيق نواياهم الفاسدة ، حتى أسقطوا منه تلك الآيات التى تدل على خلافة على رضى الله عنه وعلى إمامة الأئمة وكذلك تحريفهم الكتاب السماوى ، وإقصاء القرآن عن أنظار أهل الدنيا على وجه دائم بحيث بقى هذا العار فى حق القرآن والمسلمين إلى يوم الدين . وإن تهمة التحريف التى يوجهونها إلى اليهود والنصارى ، إنما هي ثابتة عليهم))(1) أهـ كلامه ((هكذا قرر الخمينى فى كتابه مستمداً ذلك من كتبهم الأصلية المعتمدة عندهم ، وأنظر وتأمل إلى أى مدى يفعل الهوى بالنفوس وتؤدى العصبية العمياء؟ يخترعون ركناً سادساً ويحكمون بسببه على جميع الصحابة بالكفر والكذب وتحريف القرآن والنفاق والخداع وكذلك على كل من يترضى عنهم من جميع المسلمين إلى يوم القيامة ولا يهمهم أن ذلك يضع الرسول صلى الله عليه وسلم فى وضع الداعية الفاشل الذى قضى أكثر من عشرين سنة فى تربية ثلاثة أو أربعة فأى رسول هذا عندهم هكذا يفعل الغرض والمنطق المعوج والغرض يعمى ويصم ...أو الغرض مرض وهكذا تفعل الأهواء السياسية والعصبية العرقية فى الإسلام وتاريخه ))(2) بل نقول أن الخمينى فعلاً إتهم النبى صلى الله عليه وسلم والأنبياء جميعاً بالفشل وعدم إرساء قواعد العدالة . وقد تقدم قوله هذا فيما سبق وقد ((وضع الشيعة لأئمتهم سلسلة تبدأ بالإمام على رضى الله عنه ثم تسير هكذا : الحسن ((توفى سنة 50هـ)) فالحسين ((قتل سنة 61هـ)) فعلى زين العابدين ((94هـ)) وبعد جعفر الصادق إنقسمت الشيعة الى فرقتين : فرقة إسماعيلية وفرقة موسوية كاظمية الأولى نسبة إلى إسماعيل بن جعفر الصادق والثانية : نسبة إلى إبنه الآخر موسى الكاظم . وأصبح للإسماعيلية أئمة متسلسلون ومذهب وأفكار وتعاليم خاصة بها غير الأفكار المشتركة بينهم جميعاً... كما أصبح للموسوية مذهب وأئمة مختصون بهم منافسون للإسماعيلية ... فبعد إسماعيل الذى توفي فى حياة أبيه رأى جماعة أن الإمامة إنتقلت إلى إبنه محمد ثم إسماعيل ثم محمد – ثم أحمد ثم عبد الله ثم أحمد ثم الحسين ثم عبد الله ((المهدي)) مؤسس الدولة الفاطمية الإسماعيلية فى تونس وبعض هؤلاء الأئمة كانوا أئمة مستوردين مختفين خوفاً من مطاردة الحكام لهم ، وبعضهم كان يظهر أمام أتباعه وغيرهم حيث يأمن على نفسه قوة يقف بها إمام الحكام المعارضين لهم. إذ كان الإسماعيليون ينزعون الى العنف وتأسيس دول لهم ... ولهذا قامت بإسم الشيعة أو الدعوة الإسماعيلية الواسعة فى شرق الجزيرة العربية والشام وفى اليمن وغيرهما مما سنقدمه لك . كما إنقسمت إلى فرق كثيرة فى داخلها...))(1).
أما الشيعة الموسوية الكاظمية فقد تسلسل فيها الأئمة كالتالى : بعد موسي الكاظم ((ت : 183هـ)) كان على الرضاء ((ت 202هـ)) ثم محمد الجواد ((ت : 202هـ)) ثم على الهادي (74) ثم الحسن العسكرى ((ت: 260هـ)) ثم إبنه الطفل محمد ((ت : 260)) الذى أطلق عليه إسم المهدى ، قالوا أنه أختفى فى السرداب ولم يمت ، وسيظهر آخر الزمان ، ليملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت جوراً كما يعتقدون. وبهذا وقف الأئمة ضد الموسوية الكاظمية عند إثني عشر إماماً ولذلك سميت هذه الفرقة بالأثنى عشرية . ولم يخرج أحد من أئمة هؤلاء على الحكام ليطالبوا بالحكم بل عاشوا فى هدؤ ورعاية وتكريم من حكام الدولة ، ولكن فى حذر من الجانبين بإسرار ولم يكونوا كالشيعة الإسماعيلية نزوعاً إلى العنف والحروب ، وأتباع هذه الفرقة – الاثني عشرية – متركزون الآن فى إيران ومذهبهما هو المذهب الرسمي للدولة بينما تعيش جماعات منهم فى لبنان والخليج والعراق وباكستنا والهند وغيرها ... وهذه لم يقم لأئمتها ونوابهم دولة إلا بعد أن جاء الخمينى إلى الحكم فدولته أول دولة فى التاريخ للأثنى عشرية ولذلك يستشير الخمينى أتباعه للحفاظ على هذه الدولة والتضحية فى سبيلها ، ويعمل بقوة الدولة وما لها على نشر تعاليمها الدينية وجذب الأبتاع لها والمؤيدين من جميع أنحاء العالم ويطمع فى تحويل العراق ودول الخليج والدول السنية بعامة إلى دول شيعية على مذهبه يحكمها واحد من ذرية على رضى الله عنه أو نائبه بالوسائل المختلفة وأعلن ذلك منذ أن جاء إلى الحكم بالخطة التى سماها ((تصدير الثورة)) إلى البلاد العربية لقلب نظم الحكم فيها لأقامة حكم كحكم الخمينى . كما بدأ فى التحرش بالعراق .. كما أخذ يتحرش بالكويت بواسطة أتباعه فيها ثم بالسعودية فى موسم الحج... تمهيداً لصاحب ((الزمان وظهور المهدي – أرواحنا فداه كما يقول((الخمينى)) فى خطبته فى حجاج موسم 1987م ))(1)
الشيعة الزيدية :
ومع فرقتى الشيعة الأثني عشرية والإسماعيلية كانت هناك فرقة ثالثة هي فرقة الزيدية التى ظهرت من قبل وهى تنسب إلى زيد بن على بن زين العابدين بن الحسين رضى الله عنه ... ولم يقر إمامة أخيه محمد الباقر وخرج على رأس أتباعه من الكوفة يطلب الحكم فى عهد هشام بن عبد الملك فتكررت له الصورة نفسها التى وقعت لجده الحسين رضى الله عنه الذى أغراه أهل الكوفة بالخروج على يزيد بن أبى سفيان وأرسلوه فى مكة ووعدوه المناصرة فانخدع بهم. ولما التقى الجيشان جيشه وجيش يزيد تخاذل عنه أهل الكوفة وانفضوا من حوله فكانت النتيجة ما نعرفه من قتل الحسين وكثيرين من ثبتوا معه ، وجذّ القائد الأموي رأسه وحمله إلى يزيد فى دمشق مع أهله ... هذه الصورة نفسها تكررت مع زيد حيث تخاذل عنه أهل الكوفة فتغلب الجيش الأموي عليه ، وجذ القائد رأسه وأرسله إلى هشام فى دمشق سنة 122هـ وكانت نتيجة هذه المأساة أن انتصر له الكثيرون فى أنحاء العالم الإسلامي وأعشقوا آراه وصاروا فرقة سميت بالفرقة الزيدية ظل أتباعها حتى اليوم فى اليمن ... فقد عاش زيد بجناحين : جناح السياسة : طلب الحكم والخروج على الحاكم لتحقيق هدفه وكان كما علمت سابقاً يشترط فى الإمام أن يعلن عن رأيه ويخرج للجهاد فى تحقيقه . وقد فعل وخرج وقتل وجُذّ رأسه وأرسل لهشام فى دمشق سنة 122هـ وقام أبناؤه وتلامذته على أثره كل من يقدر منهم على الوقوف فى وجه الحاكم سواء فى العراق أم فى غيره من البلاد الإسلامية وقف وقاتل الحاكم ، فإما أن ينهزم وينتهي أمره لمن بعده وإما أن ينتصر فيؤسس دولة له وللزدية ... كما حصل فى اليمن ... وفى بلاد الديلم ... وفى المغرب ... وفى بغداد نفسها على يد بنى بويه الذين إعتنقوا مذهبه وكانوا يسيطرون على الخلافة وينفذون ما استطاعوا من رأيهم ... ولم تعمر دولهم هذه كما عمرت دولتهم فى اليمن حيث إستمرت قروناً ولم تنته إلا فى أوائل الستينات من هذا القرن وقد نازلت الشيعة الإسماعيلية القرامطة فيها وهزمتهم...))(1) .
الفصل الثاني
الشيعة الإسماعيلية
وهم المؤمنون بإمامة إسماعيل بن جعفر الصادق (ت 148 هـ) وهم مقابل الشيعة الأثني عشرية الذين يقولون إن إسماعيل مات قبل أبيه بعد أن عهد له أبوه بالإمامة وقيل سحبها منه لفسقه وفجوره وخضعوه لأصحاب الآراء الفاسدة التى لم يرضى عنها أبوه !! ثم عهد إلى إبنه الصغير موسى الكاظم بالإمامة وتتابع الأئمة بعده من ذريته حتى الإمام الثاني عشر الذى أختفى وهو المهدى المنتظر ... أما الآخرون الذين كانوا حول إسماعيل فلم يقروا القول بأن جعفر الصادق نقل الإمامة من إسماعيل لأخيه سواء بعد موته أو بعد تجريده منها ... وذلك لأن الإمامة حسب عقائد الإمامية تنتقل من الأصلاب من الأب إلى إبنه وقد إنتقلت لإسماعيل وذريته ... فتكونت حول هذه فرقة تسمى بالإسماعيلية ... على أن بعض الإسماعيليين لا يوافق على أن إسماعيل قد مات فعلاً فى حياة أبيه جعفر ولكن إضطر الأب إلى أن يعلن وفاة إبنه إسماعيل الإمام من بعده خوفاً عليه من مطاردة العباسيين له وقتله حتى دون ذلك فى كتاب وأشهد عليه بعض خلصائه وأرسله إلى الخليفة العباسي ، حينما أوعز لإبنه أن يختفى وينتقل إلى مكان بعيد عن أعين الخليفة ثم شوهد بعد ذلك فى البصرة وفى بعض البلاد الفارسية ))(1) .
عقائد الشيعة الإسماعيلية :
هم إمامية كبقية الشيعة أى ممن يؤمنون بالركن السادس للإسلام وهو ((الإمامة)) وبأن على رضى الله عنه كان من الواجب أن يكون الحاكم بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم....
وعبادة الإسماعيلية وتدينهم بوجه عام تقوم على أساسين :
• عبادة عملية : وهي تعنى القيام بالأركان من صلاة وصيام وحج وزكاة على نحو ما يفعل المسلمين السنيون...
• وعبادة علمية : تقوم على أن للقرآن ظاهراً وباطناً...
أما الظاهر : فهو دلالات الفاظه اللغوية وهذا للعوام أى أهل السنة وكل من وقف عند دلالات ألفاظه ومعانيها ...
وأما الباطن : فعلم يستمده الناس من الأئمة ، وهو علم لدنى لا يتقيد بدلالة اللفظ اللغوية ، وهو من خصوصيات الأئمة يعلمونه للناس من أتباعهم ولذلك لا يمكن الإحتكام فيه إلى اللغة . وما دام هذا التأويل الباطنى من حق الأئمة وحدهم يفضون به إلى أتباعهم ولا تحكمه دلالات الألفاظ اللغوية ، فهم أحرار في تأويلاتهم ومعصومون يؤولون كما يشاء لهم أهواهم ، ويستخدمون القرآن فى تحقيق أغراضهم دون أن يستطيع أحد الرد عليهم أو تخطئتهم ... إذ ليس هناك من الناس من يصل إلى درجة الإمام ولا إلى الفيوضات الإلهية عليه فى تأويل القرآن والإفصاح عن معانيه ومراميه الباطنية التى لا يتقيد بالألفاظ اللغوية و ((تفسير السلف من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وغيرهم)) فهم يقولون مثلاً فى قوله تعالى من سورة نوح آية ((فقلت إستغفروا ربكم إنه كان غفاراً أى أسالوه أن يطلعكم على أسرار المذهب الباطنى ... وقوله تعالى ((يرسل السماء عليكم مدراراً)) بأن السماء هى الإمام والماء المدرار هو العلم من الإمام ينصب عليكم . ومعنى ((يجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً)) الجنات هي الدعوة السرية الباطنية والأنهار هي العلم الباطني ينصب عليكم . ويقولون فى قوله تعالى ((كمثل الشيطان إذ قال للإنسان أكفر)) من سورة الحشر الآية 16 ، أن الشيطان هو عمر بن الخطاب ، والإنسان هو أبو بكر ومعنى ((أكفر)) لا تؤمن بإمامة على ... ويقولون فى ((الشمس والقمر بحسبان)) من سورة الرحمن المراد بهما الحسن والحسين ... وهكذا يؤولون القرآن على هواهم وحسب ظروفهم وأغراضهم لا رابط ولا ضابط ، ولا مبدأ.
يمكن الإحتكام إليه بينهم وبين غيرهم .... ومن أجل ذلك سماهم أهل السنة بالباطنية ... وألفوا الكتب الكثيرة فى الرد عليهم وبيان تهافتهم وضلالاتهم وخروجهم بذلك عن جادة الإسلام وتفسيرهم أوتأويلهم الباطني هذا هو عدتهم وحجتهم وطريقتهم لبث دعوتهم وإغراء الناس بالإنضمام إليهم ... لقد أدخل الإسماعيلية على الدين من تأويلات الباطنية ومن أقوال الفلاسفة وعقائد الأمم الوثنية ما غيرت به معالم الإسلام تماماً فى عقيدتهم الباطنية وحولت ماءه الصافى إلى طين آسن))(1) .
وللإسماعيلية ((شطحات وأوقال لا يصدقها إلا من سلب منه عقله وإستسلم لتنويم دينى وسياسي أو عصف به هواه ... وإن الإنسان السوى العقل والإدارك ليعجب كيف ساغ لعقلاء ومسلمين مخلصين أن يقولوا هذا للناس ويقدموا الإسلام والقرآن لهم بهذه الصورة ؟! وكيف وجد الناس هذا الكم الهائل منهم قد سلبهم التنويم الدينى عقولهم وحاد بهم عن طبيعة الاسوياء ، فساروا وراء هذه الأفكار كما يسير المنوم مغناطيسياً ... والعجب الأكبر أن يقوم كاتب دكتور من يعتنق هذا المذهب ، فيعبر عن مثل هذا بأنه ((إنطلاقة الفكر الحر الوثاب)) ويقدم لنا الإسماعيلية فيقول : عنها : ((وأنها العقيدة الفلسفية التى تتطور مع الزمن وتتكيف معه وأنها إنطلاقة الفكر الوثاب فى هذا العالم اللا متناهي أو ثوب الروح نحو مثلها الأعلى ...الخ))!!
نعم إنها عقيدة فلسفية لا عقيدة دينية جمعت عكارة الفلسفات السابقة المصرية والبوذية والهندوسية واليونانية والفارسية ...الخ... فطردت الكفر الدينى أو العقيدة الدينية نهائياً... وهكذا يصور الدكتور المعاصر مذهب الإسماعيلية مذهبه الذى يتحمس له !!))(1) ويقول الدكتور عبد منعم النمر فى معرض رده عن الإسماعيلية ما نصه : ((وقد سبق فى كتاب له عن الشيعة ((بعنوان)) ((الشيعة ... المهده الدروز)) تاريخ ووثائق)) أن ذكرت عقيدة الإسماعيلية فى الله سبحانه وتعالى فهو يجردونه من صفاته وأسمائه الحسنى : الخالق الرازق ، الغفور ، الرحيم ...الخ ... ولا يقولون بأن الله سبحانه وتعالى خلق العالم ، لأن العالم ناقص والله كامل ، ولا يتصل الكامل بالناقص ، ولذلك خلق الله العقل الأول وهو كامل إلا فى إحتياجه لله فى خلقه ، وكذلك العقل التالى . وهما اللذان توليا خلق العالم وإدارته ولذلك يوصفان بصفات الله وأسمائه الحسنى . ثم إن لكل مثل ممثولاً : فالعقل الأول مثل ، و ممثولة الأئمة أى أنهم مثله وممثولة فى الأرض ، ولذلك يوصفونه بصفاته أى صفات الألوهية ومن ذلك قول بن هانئ يمدح الخليفة الفاطمي:
ما شئت لا ما شائت الاقدار ***** فاحكم فأنت الواحد القهار
وسهل بذلك إدعاء الألوهية للأئمة فادعاها بعضهم كالحاكم وغيره ووصفه المؤمنون به بأنه ((جلا وعلا)) وأنه ((سبحانه)) ...الخ ... مما ذكرته فى كلامى عن ((الدروز))(2) . .. يقول الدكتور محمد كامل التى عرفت وإنتشرت فى الأقطار الإسلامية منذ زمن بعيد ، وإستطاع الفاطميون أن يخضعوا هذه المذاهب والآراء القديمة للآراء الإسلامية ويصبغوها بالصبغة الإسلامية )) وقد ((... أتاح لهم التأويل أن يأخذوا من الفلسفات القديمة الوثنية كثيراً من الآراء والتصورات ، ويدخلوها فى مفهوم الدين والعقيدة بدون حرج ... وأن يتلاعبوا بالحقائق وعقول الناس في سبيل أن يجذبوهم إلى مذهبهم دون تقيد بخلق أو مبدأ ... حتى ليقول عبيد الله - مؤسس الدولة الفاطمية وإمام الإسماعيلية في رسالة له إلى سليمان بن سعيد الجنابي)) مؤسس دولة القرامطة فى البحرين : ((أدع الناس بأن تتقرب إليهم بما يميلون إليه وأوهم كل واحد منهم بأنك منهم ))(1) ثم يقول له : ((فمن أنست منهم رشداً فأكشف له الغطاء وإذا ظفرت بالفلسفي فإحتفظ به فعلى الفلاسفة معولنا وإنا وإياهم مجموعون على رد نواميس الأنبياء ، وعلى القول بقدم العالم لولا ما يخالفنا فيه بعضهم من أن للعالم مدبراً لا نعرفه))(2) ويقول أيضاً مبطلاً المعاد والعقاب: ((إن الجنة نعيم الدنيا ، وإن العذاب إما هو إشتعال الشرائع بالصلاة والصيام والحج والجهاد وإن أهل الشرائع يعبدون إلهاً لا يعرفونه ، ولا يحصلون منه إلا على إسم بلا جسم))(3) . والإمام عندهم هو الذى يتولى التأويل حسب مصلحته وحسب ما يرشده إليه عقله ... فلا عجب أن وجدنا يتخبطون في تأويلاتهم ويبتعدون بسفينتهم عن شاطئ الإسلام مدلولات القرآن وتمسكهم بعقيدة التأويل جعلتهم يتصرفون في عقيدة الوحى والنبوة والرسالة على غير ما نفعهم من صريح القرآن والسنة بل حسب فهم رأى الفلاسفة ... كما يقولون عن الزنى بأنه إلقاء نطفة العلم الباطن فى نفس من لم يستحق ... والمراد بالصلاة والزكاة ولاة محمد وعلى وبذلك يسقطونها عن المسلم ويقولون عن الخمر والميسر : المراد بهما : أبو بكر وعمر فموالاتهما محرمة ... أما الخمر فمن طيبات الحياة وزينتها ويفسرون الجنابة بأنها مولاة الأضداد للنبى والائمة . والصيام بأنه الإمساك عن كشف السر وهكذا فى أمور كثيرة ))(1) فهم يوهمون الحقيقية إلى معاني أخرى بتأويلاتهم !! وتمسكهم بالتأويل جعلهم يتفقون على إنكار القيامة كما عبر عنها القرآن والسنة وأولوهما بأنها رمز إلى خروج الإمام وقيام قائم الزمان . وأما المعاد فأنكروا ما ورد عن الانبياء ولم يثبتوا الحشر والنشر للأجساد ولا الجنة والنار ولكن قالوا إن العود أو المعاد هو رجوع كل شئ إلى أصله يعنى رجوع الجسم إلى التراب وعودة الروح إلى العالم الروحانى الذى منه إنفصالها ))(2) .
و((إذا كانت هذه هى آراء الإسماعيليين الدينية فإنهم قد أدخلوا فى أساليب نجاح دعوتهم والحصول على الحكم بعض الأفكار الفلسفية والإجتماعية من آراء ضرورة الإشتراكية ومن قبله آراء إفلاطون فى (جمهوريته) التى يستغلون بها عواطف الجمهور ولا سيما الطبقات العامة لتكوين المجتمعات الإشتراكية التى نسميها الآن ((شيوعية)) من مصادرة الأملاك الخاصة والضغط على الطبقات الفنية ومن الإباحية التى ستعرف من أخبارها الكثير فى المجتمعات الإسماعيلية القرمطية ... وكانت هذه الأفكار غربية جداً على دعوة قامت بإسم حب آل البيت لكنهم أحتضنوها وأدخلوها على المذهب فى سبيل وصولهم إلى الحكم وإلتفات الطبقات العامة حولهم وكان من برامجهم الأساسية إسترضاء ميول الناس وعواطفهم لجذبهم إليهم فإستباحوا لأنفسهم كل وسيلة غير معتقدين بدين أو مبادئ وقيم خلفية ... لأن المهم عندهم أن ينجحوا فى إقامة دولة لهم ... وكان من نتيجة ذلك فعلاً أنه أمكن لهؤلاء الإسماعيليين أن يكونوا قوة من حولهم ، بإسم الدعوة إلى آل البيت وإلى إمام منهم مستور وإلى آمال معسولة فى الحياة ترضى حاجات العوام على الأخص ورغباتهم التى حرموا منها ... وفى ظل الحكم العباسي مما تنادى به الإفلاطونية اليونانية والمزدكية الفارسية وكما تنادى به الماركسية.
كان دعاتهم المنبثون فى كل ناحية يستغلون هذا ويثيرون الناس على الحكم العباسي على أنه الذى يظلمهم كما ظلم العلويين من قبل ، وسلب لنفسه حقهم فى الحكم ونكل بهم ليستقر له الحكم! ... فكانوا إذا آنسوا فيمن حولهم قوة يتمكنون بها من مواجهة الوالى ، وجيش الخليفة لم يتوانوا فى إظهار دعوتهم ، والخروج على الحكم ، ليكونوا دولة أو حكماً بإسم الإسماعيليين ... وكان الدعاة لا يتورعون عن إستعمال أية وسيلة تجذب إليهم الأنصار وتساعدهم على الحكم فما دام باب التأويل الباطني للقرآن وللحديث مفتوحاً أمامهم فليقولوا للناس ما يشاؤون ، وليشرعوا ويضعوا لهم أنظمة كما يريدون حسب تأويلاتهم وفلسفتهم))(1) .
دولة الإسماعيلية القرامطة :
و((قد إشتهر عن الدولة الإسماعيلية التى قامت فى البحرين وشرق الجزيرة العربية بأنها دولة ((القرامطة وإشتهر عن الدعاة الإسماعيليين الذين مهدوا بها بنشاطهم فى الكوفة والبصرة وجنوبها من الساحل الشرقي للجزيرة وحتى البحرين إشتهروا فى التاريخ بإسم ((القرامطة)) لكن وجدنا بعض المؤرخين يطلقون هذا الإسم ((القرامطة)) على كثيرين من إخوانهم دعاة الإسماعيلية فى الشام وفى اليمن وحتى فى مصر وشمال إفريقيا لتشابهم فى الدعوة والخطة وإن كان دعاة الإسماعيلية فى شمال أفريقيا قد إتخذوا إسماً آخر مغرياً وإشتهروا به وهو إسم ((الفاطميين)) نسبة إلى السيدة فاطمة الزهراء رضى الله عنها بنت الرسول صلى الله عليه وسلم قراراً – كما قال بعض المؤرخين من إسم (القرامطة)) وإذا كان المؤرخون ولا سيما من أهل السنة قد أطلقوا إسم ((القرامطة)) على إسماعيلية الشرق وحكوا أخبارهم تحت هذا الإسم ((القرامطة)) وإتفقوا وإستقروا على هذا ، فإن سبب تسميتهم لهم بهذا الإسم قد إختلف فيه المؤرخون منهم ومن غيرهم . بعضهم يقول : نسبة إلى ((حمدان قرمط)) أحد دعاتها أو نسبة إلى ((محمد الوراق المقرمط)) وكان كوفياً ... أو نسبة إلى رجل إحتضن أحد دعاتها يطلق عليه إسم ((كرميته)) فحرفت وخففت إلى قرمط ... مما يمكن أن تجد له تفصيلاً أكثر فى المراجع التاريخية الأولى مما ذكره بن الجوزى أو بن جرير الطبرى أو الكامل لأبن الاثير وغيرهم ممن عنوا بتاريخنا . كما تجد ذلك أيضاً فى متابات المعاصرين من الإسماعيليين أنفسهم .... يقول المؤرخ محمد الخضرى ((فى كتابه ((تاريخ الأمم الإسلامية)) ج2 وهو يتحدث عن الإسماعيلية ودعوتها ((والحث أن النحلة سياسية يقصد منها الوصول إلى هدم دولة بنى العباس إلا أنها شببت بشئ من التعاليم ((أى الدينية)) لتكون مقدمة للدعوة وأساسا لها حتى لا يفاجأ المدعوا بالغرض السياسي لأول وهلة والتعاليم متى كانت سرية حامت حولها الظنون وجعلتها الشكوك فى ظلمات حتى تتميز حقيقتها ))(1) ونشأ عن هذا المذهب قوتان كبيرتان كلتاهما ضد الدولة العباسية . إحداهما منظمة معتدلة ومركزها قرية ((سلمية))(2) بقرب حمص فى سوريا وهى موئل الدولة الفاطمية ومجمع أسرارها . وثانيتها : قوة ذات فوضى وجور ونكوب عن حسن السياسة ومركزها كان لأول ظهورهها بالعراق ((جنوباً)) وهى ((القرامطة)) وهذه أولاهما فى الظهور فإنه ظهرت بوادر شرها فى عهد المعتمد على الله وهو الخليفة العباسي وخلافته كانت من رجب سنة 256هـ ((يونيو سنة 870م)) وظل حتى توفى سنة 279 – 879م وهو بن المتوكل بن المعتصم ... وجاء بعده الخليفة المعتضد سنة 279هـ وتوفى سنة 289هـ - سنة 902هـ ... ويذكر المؤرخ الخضرى ص 318 عن القرامطة ما كان من كثرة اتباعهم فى سواد الكوفة ثم يقول : ((فى الكوفة وما حولها)) ظهر بالبحرين رجل يقال له ((ابو سعيد الحسن الجنابي)) وجنابة : قرية من سواحل فارس ثم نفى منها فخرج إلى البحرين فأقام بها تاجراً وجعل يستميل العرب إلى نحلته حتى إستجاب له أهل البحرين وما والاهما وقوى أمره)) ثم يذكر عنه أنه قاتل ما حوله من أهل القرى فى البحرين والقطيف وقتل الكثير منهم وأعلن أنه يريد البصرة ... وكان ذلك سنة 287هـ حيث تقابل مع جيش المعتضد وهزمه وأسر قائده ونهب ما في العسكر وقتل الأسرى ... ثم عاد إلى ((هجر)) التى كانت عندهم دار الهجرة والدعوة والعاصمة ... أما أتباع المذهب فى الكوفة فقد أرسل لهم المعتضد جيشاً فهزمهم ونكل بهم وظل الأمر كذلك حتى ظهر داعية آخر لهم وهو ((زكرون بن مهروية)) فجمع أتباعه حول دعوته وقاتل جيش الخليفة فهزمه وعاش فى الأرض فساداً وسار بأتباعه حتى الشام وإنتزاعها من يد الدولة الطولونية وبعد أن يسرد الشيخ الخضرى هذا فى تفصيل يقول : ((هذا ما كان منهم فى حياة المعتضد ((279 – 289هـ )) ظهروا بثلاثة مواضع : بالبحرين والعراق والشام ، وبدءوا بخروجهم إشعال النار المحروقة التى أذت المسلمين ودوختهم وسلبتهم أمن الطريق إلى بيت الله المقدس))(1).
وفى تلك الأزمنة كان يشتغل دعاة الفاطميين بإفريقيا واليمن ، فكانت الدعوة الإسماعيلية رتبت أن تكون فى آن واحد فى جميع الجهات الإسلامية حتى لا يكون لبنى العباس قبل بملاقاة شرها وكذلك كان ))(2) .
فلقد كانت الدعوة الإسماعيلية فى يد إمامها الذى إتخذ من ((سلمية)) غالباً مقراً له ... وكان هو الذى يلقن الدعاة وجذب الناس إليهم حتى إذا آنسوا من أنفسهم قوة قاموا فى وجه الخلافة العباسية أو الحكم المحلى وكونوا دولة ، وكان هؤلاء الأئمة مستترين مختفين فى أول الأمر حين كانت الدولة العباسية قوية نظراً لما رسموه من خطة لمقاومة الدولة الوثوب على الحكم ... حيث قامت لهم أول دولة فى اليمن سنة 266هـ على يد الداعية الإسماعيلي ((أبو القاسم رستم بن الحسن المعروف بإبن هوشب)) وزميله ((على إبن الفضل الجيشاني)) وكان ولاء هذه الدولة منذ قيامها للإمام الإسماعيلي حتى بعد ذهابه لإفريقيا ... ثم مصر بعد أن مهد لقيام الدولة الفاطمية فى المغرب سنة 297هـ بما بذله من مساعدات الإمامة هناك . وفى الإحساء والبحرين قامت أيضاً دولة للإسماعيليين عرفت بدولة القرامطة على يد أبو سعيد الجنابي)) نسبة إلى قرية جناب غرب فارس وقد ظهرت دولته فى الثمانينات من القرن الثالث الهجرى برعاية من إمامهم)) الذى كان لا يزال فى سلمية بالشام . حتى شغب عليه بعض أتباعه وهاجموه فى الوقت الذى جاءته الأخبار من دعاته فى شمال إفريقيا بإقبال الناس على دعوته فترك الشام وهاجر إلى شمال إفريقيا متخفياً ماراً بمصر. وهناك إستطاع أتباعه أن يقيم دولة له فى تونس أنقاض دولة الأغالبة سنة 297هـ . وهكذا قامت فى فترة وجيزة فى النصف الثاني من القرن الثالث الهجرى ثلاث دول شيعية إسماعيلية فى البلاد العربية شرقاً وغرباً ، فى اليمن وفى البحرين والإحساء وفى تونس ... يربطها جميعاً الإمام الإسماعيلي ((عبيد الله المهدى)) فى ((سلمية)) ثم بعد أن صار رأس الدولة الفاطمية فى شمال إفريقيا ... بينما كان هنالك دعاة إسماعيليون فى الكوفة وسواد العراق يقضون مضاجع الدولة العباسية ويرهبون الولاة والمسلمين فى العراق وحتى الشام إلى الأردن ... وإن لم تقم لهم دولة مستقرة ... وكانوا يقاتلون بشراسة ويبيدون كل من تمكنوا منهم على أنهم كفار يستحقون الإبادة إذ ليسوا على مذهبهم وفى المقدمة الدولة العباسية . وقد بلغ أمرهم أن جيش لهم مكوناً من 2700 رجل))(1) وهكذا شهد النصف الثاني من القرن الثالث الهجرى ميلاد ثلاث دول شيعية إسماعيلية فى المشرق والمغرب العربى ، على أنقاض الدولة العباسية فى بغداد ودولتها الممتدة شرقاً وغرباً . فقد إستطاع داعيها الأكبر بعد أن فر إلى الشمال الأفريقي وهو ((عبيد الله)) الملقب ب (المهدي) أن يقيم دولة شيعية على إنقضاض دولة الأغالبة في تونس سنة 297هـ سميت بالدولة الفاطمية ، كما إستطاع دعاتها فى المشرق العربى قبل ذلك أن يقيموا دولتين : دولة فى اليمن سنة 266هـ ودولة اخرى فى شرق الجزيرة حيث إستطاع ((أبو سعيد الحسن بن بهرام الجنابي)) أن يقيم دولة في البحرين إمتدت إلى القطيف والإحساء إلى عمان فى الجنوب من الخليج العربى وذلك فى أيام الخليفة العباسي المعتضد بالله ((279 – 892م)) إلى 289هـ - 902م – كما سبق – بعد أن عاش فى هذه المنطقة التى إمتدت إلى البصرة والكوفة فساداً . وقد إزدادت شراسته بعد تأسيس دولة له ، وأخذ من موقعه يواصل الإغارة على البصرة ، وينكل بأهلها وبمن حولها من القرى والمدن قتلاً ونهباً ويزحف نحو الشمال إلى الكوفة ، فيشد به أزر إخوانه من الشيعة الإسماعيلية هناك فى القضاء على كل من يخالفهم و الوقوف فى وجه جيش الدولة العباسية وإلحاق الهزائم به أحياناً ... وقد إنتهي أمر هذا الحاكم إلى أن قت
مواضيع مماثلة
» الجزء الثانى الإلحاد فى الحرمين الشريفين من الخمينى إلى القرامطة: تأليف أبو ربيع إسماعيل خير
» الدرر البازية السلفية فى دحض ضلالات فرق التكفير القطبية تأليف أبو ربيع إسماعيل خيرى الجزء الأول خيرى الجزء الأول خيرى
» الدرر البازية السلفية فى دحض ضلالات فرق التكفير القطبية تأليف أبو ربيع إسماعيل خيرى الجزء الثانى
» المقالات السلفية فى الدفاع عن المملكة العربية السعودية تأليف أبو ربيع إسماعيل خيرى الجزء الأول تقديم الدكتور محمد عبد الغفار الأستاذ بجامعة الخرطوم
» المقالات السلفية فى الدفاع عن المملكة العربية السعودية تأليف أبو ربيع إسماعيل خيرى الجزء الثانى تقديم الدكتور محمد عبد الغفار الأستاذ بجامعة الخرطوم
» الدرر البازية السلفية فى دحض ضلالات فرق التكفير القطبية تأليف أبو ربيع إسماعيل خيرى الجزء الأول خيرى الجزء الأول خيرى
» الدرر البازية السلفية فى دحض ضلالات فرق التكفير القطبية تأليف أبو ربيع إسماعيل خيرى الجزء الثانى
» المقالات السلفية فى الدفاع عن المملكة العربية السعودية تأليف أبو ربيع إسماعيل خيرى الجزء الأول تقديم الدكتور محمد عبد الغفار الأستاذ بجامعة الخرطوم
» المقالات السلفية فى الدفاع عن المملكة العربية السعودية تأليف أبو ربيع إسماعيل خيرى الجزء الثانى تقديم الدكتور محمد عبد الغفار الأستاذ بجامعة الخرطوم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى