فضيلة الشيخ الدكتور سعود بن عبد العزيز الخلف رئيس قسم العقيدة بالجامعة الإسلامية ورئيس الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة و الأديان و المذاهب يرد على دعاة المظاهرات
صفحة 1 من اصل 1
فضيلة الشيخ الدكتور سعود بن عبد العزيز الخلف رئيس قسم العقيدة بالجامعة الإسلامية ورئيس الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة و الأديان و المذاهب يرد على دعاة المظاهرات
أسئلة وأجوبة حول الفتن (المظاهرات والثورات)
تاريخ الموضوع : 3/10/2011 الموافق الأربعاء 22 ذو القعدة 1432 هـ | عدد الزيارات : 134
أسئلة وأجوبة حول الفتن (المظاهرات والثورات)
فضيلة الأستاذ الدكتور:سعود بن عبد العزيز الخلف
بسم الله الرحمن الرحيم
س/1: يستغل بعض الدعاة ما حصل في كثير من الدول العربية من مظاهرات ودعوات للخروج على الدولة كورقة ضغط على الدولة، فما توجيهكم لمثل هذه الدعوات وما الواجب تجاهها؟
الجواب: الخروج على الدولة محرم بإجماع أهل العلم، فقد حكى الإجماع النووي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم ، وعده الطحاوي رحمه الله من عقيدة أهل السنة والجماعة، وهذا أمر لا يخفى، فإن الخروج على الحاكم المسلم من سمة أهل البدع من الخوارج والمعتزلة والرافضة وأمثالهم من أهل البدع، وإجماع أهل السنة على تحريم الخروج على الحاكم المسلم مستفاد من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر، فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات فميتة جاهلية» أخرجه مسلم.
وحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية»، وحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية» أخرجها كلها مسلم رحمه الله.
والمظاهرات هي دعوة للخروج على الحكام، ولا يخفى أن فيها مخالفات شرعية عديدة؛
أولها: عصيان ولي الأمر، وذلك محرم لقوله تعالى: ﭽ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﭼالنساء: ٥٩، وأولو الأمر هم: الحكام والولاة كما قال ابن جرير والقرطبي غيرهما.
وفيها: فتح لباب الشرور، فإنها شرارة لا يدرى إلى أي مدى ستصل ولا من ستؤذي بتجميع الدهماء والعوام وتهييجهم على الحكام بفتح أبواب الشر والإفساد من انتهاك الأعراض والأموال وتدمير للممتلكات ووسيلة لانفلات زمام الأمور.
ومنها: دخول أعداء الأمة واندساسهم بينهم واستغلالهم لتلك التجمعات ليحققوا في الأمة مآربهم.
ومنها: تهديد الأمن العام بالنسبة للأمة كلها فتكون الأمة كلها في قلق وخوف وترقب للشر على أوسع نطاقه.
ومنها: أن الدهماء وذوي المقاصد السيئة والتصورات الفاسدة ينفتح لهم الباب لاستغلالها في تحقيق مقاصدهم، فيتظاهرون أيضا لتحقيق أهدافهم سواء كانت مفاسد أخلاقية أو انحرفات دينية، وكذلك يستغلها ذووا التوجهات السيئة كالعلمانيين أو الفرق المنحرفة كالرافضة وغيرهم للوصول إلى مآربهم المتمثلة في نشر فكرهم ومذاهبهم الفاسدة، ولا ننس هنا أن المظاهرات قد أفتى بحرمتها أئمة الإسلام هداة الأعلام؛ كإمام الأمة في هذا العصر الشيخ ابن باز رحمه الله وصنوه الشيخ ابن عثيمين والشيخ الألباني إمام الحديث في الأزمان المتأخرة ومفتي هذه البلاد سماحة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله، وكثير من أهل العلم أفتوا بحرمتها وأنها وسيلة محرمة لتحصيل المقاصد أو رفع الظلم، كما أنها وسيلة مستفادة من اليهود والنصارى فهم أصل هذه الطريقة ومن عندهم أخذت، أما الإسلام فهو في غنية عن هذه الطريقة بما أوجب من التناصح والأمر بالمعروف والنهي عن النكر بالطريقة الشرعية المسنونة.
س/2: ما رأيكم في البيانات التي تصدر عن مثل بعض الدعاة ويدعون فيها إلى الإصلاح؟
الجواب: الإصلاح مقصد صالح لكن يجب أن تكون الوسيلة إليه شرعية، فإن الوسائل لها حكم المقاصد.
والبيانات المعلنة ليست من الإسلام في شيء، لأن الإسلام فيه التناصح كما قال صلى الله عليه وسلم : «الدين النصيحة ، قلنا: لمن يا رسول الله، قال؛ لله، ولرسوله، ولكتابه، ولأئمة المسلمين، وعامتهم» أخرجه البخاري ومسلم.
وقال عليه الصلاة والسلام: «إن الله يرضى لكم ثلاثا؛ أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم» أخرجه مالك، وانظر رعاك الله قوله صلى الله عليه وسلم «وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم» أي أنه لم يتول بنفسه، بل الذي ولاه الله عز وجل فأوجب علينا مناصحته، وذلك لإظهار الخير والدعوة إليه ونبذ الشر والبعد عنه.
والنصيحة معروف أنها لا تكون إلا بالسر ، فإن تعدت ذلك ونشرت وأعلنت فليست نصيحة وإنما تشهير وفضيحة، وقد أخرج الإمام أحمد عن عياض بن غنم رضي الله عنه قال؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من أراد أن ينصح لذي سلطان بأمر فلا يبد له علانية، ولكن ليأخذ بيده فيخلوا به، فإن قبل منه فذاك، وإلا كان قد أدى الذي عليه» صححه الألباني في التعليق على السنة لابن أبي عاصم.
فهذه البيانات التي ترفع لولاة الأمر ليست من باب النصيحة بل هي من باب التشهير والتجريح وليست هي منهجا شرعيا ولا منهج أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قيل لأسامة بن زيد رضي الله عنهما ألا تكلم عثمان، قال: «ألا ترى أني لا أكلمه إلا أسمعكم، لقد كلمته فيما بيني وبينه دون أن أكون أفتح أمرا لا أحب أكون أول من يفتحه» رواه البخاري ومسلم، فانظر كيف أن أسامة رضي الله عنه أدرك أن الكلام معه علانية يفتح أبوابا من الشرور على الناس وعلى الحاكم.
س/3: وجدت دعوات عبر «Facebook» وبعض المواقع بالخروج في يوم تم تحديده، والمطالبة بإصلاحات شاملة، ما رأيكم في مثل هذه الدعوات؟ وما موقف المسلم من هذه الدعوات؟
الجواب: هذه الدعوات والتنادي بها هي من باب التعاون على الإثم والعدوان والله عز وجل يقول: ﭽ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﭼ المائدة: 2، ثم إن البلاد والله الحمد بخير في الدين والدنيا ولا ندعي الكمال لأحد، لكن طريق الإصلاح ليس بهذه الوسيلة، فهي وسيلة خطيرة قابلة لأن تشعل البلاد بالفتنة التي قد لا تخرج منها، والذي حدث في الصومال والذي يحدث في ليبيا الآن كل ذلك مثال على هذا، ويكفي من الشر أنها تفتح الباب لتسلط أعداء الله عز وجل على المسلمين من الجانبين سواء على الحكام أو على الناس، فهذه دعوات منحرفة كما سبق أن ذكرت أن حقيقتها دعوة إلى الخروج على الحكام والبغي عليهم وهذا محرم تحريما شديدا والنصوص فيه ظاهرة معلومة، والمقتول في مثل هذه الأحداث من الخارجين كما قال صلى الله عليه وسلم : «من قتل تحت راية عمية فقتلة جاهلية».
والمقتول يلقى الله عز وجل يوم القيامة لا حجة له كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وذلك يعني أنه لا حجة عنده يبرر له فعله، أما إذا كان داعيا إلى ذلك، فهذا -نسأل الله العافية- دعوة إلى الضلالة فعليه وزر ما يقع، فمن دعا إلى هدى فله مثل أجر من دعاهم: «ومن دعا إلى ضلالة فعليه وزرها وورز من عمل بها إلى يوم القيامة» الحديث.
ولا يخفى أن الإسلام نهى عن الخروج وحرمه وأوجب السمع والطاعة لما في ذلك من المصالح ولما في ضده من المفاسد، وإن بدا للإنسان وجها من أوجه الصلاح في أمر فإنه يجب عليه أن يحكم الشرع فهو من لدن خبير عليم، وهذا من أهم واجبات المسلمين أن يلتزموا شرع الله ليتحقق لهم النجاة والفلاح في الدنيا والآخرة.
والرسول صلى الله عليه وسلم قد أباح دم الخارج ضد الدولة المجتمع أمرها فقال الرسول صلى الله عليه وسلم كما في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: «من بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر» وفي حديث آخر: «ستكون هنات وهنات، من جاءكم وأمركم جميع يريد أن يفرق كلمتكم فاقتلوه كائنا من كان».
فليتق الله عز وجل رجل في نفسه وليعلم أن الدنيا دار امتحان وبلاء وليست دار استقرار، وليستعد للقاء الله عز وجل وليس ذلك إلا بطاعته وتجنب معصيته.
س/4: هل من تعليق على ما يسمونه بثورة حنين والتي يزعمون فيها بالخروج للإصلاح ويسمونها الثورة للإصلاح، فما حكم هذه التسمية، وحكم الثورات في الإسلام؟
الجواب: أما التسمية فهي غريبة، هي مثل تسمية خوارج العصر لتفجيرات الرياض بغزوة بدر الكبرى، وغزوة بدر الرياض ، أخشى أن يكون وراء هذه أعضاء القاعدة وخلاياها ومعلوم أنهم الذين يكفرون الناس، أو من دعوة الروافض لأنهم أيضا ممن يكفر المسلمين الذين يخالفونهم في خرافاتهم، وحنين كانت بين الرسول صلى الله عليه وسلم وكفار ثقيف والطائف وتلك لإعلاء كلمة الله وهذه الدعوات لإعلاء مطالبهم ومقاصدهم التي لا تخرج عن أمور الدنيا ، وإلا فمن المعلوم أن هذه البلاد هي بلاد الحرمين وتطبق شرع الله وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر والعيش فيها يتنادى له الناس من كل مكان ليتحقق لهم المجيئ والعمل فيها وكل ذلك دليل على ما فيها من الخيرات الدينية والدنيوية، فلأي شيء يدعو هؤلاء الناس؟ إن كانت دعوة للصلاح فليس هذا أسلوبه ، وقد سبق أن الله عز وجل شرع النصيحة وليست هذه نصيحة، بل فضيحة، أم نظن أن الله نسي أسلوب المظاهرات لتحقيق الإصلاح والصلاح ولم يعرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يرشد إليه أحد من سلف الأمة، فكونه لم يرد في شيء مما سبق فهذا دليل على بدعيتها وأن وراءها على الحقيقة أناس امتلأت قلوبهم حقدا فلا يهمهم سوى الفساد والإضرار بالأمة، أو هم من أعدائها الداخليين الذين يتربصون بها الدوائر كالرافضة والخوارج ومن كان على شاكلتهم، أم من الأعداء الخارجيين كاليهود والنصارى الذين يعلمون أن هذه البلاد هي الباقية لأهل الإسلام، وهي منارة الإسلام وهي مهوى أفئدة المسلمين وهي التي تمثل الإسلام في هذه العصور، فأرادوا إزاحتها من طريقهم ليخلوا لهم الجو للإفساد في الأرض.
فلذا أقول؛ إن الواجب على كل مسلم في أصقاع الأرض فضلا عن أهل هذه البلاد أن يعوا خطورة مثل هذه الأعمال على مستقبل الإسلام ولا ينظروا إليها وعيونهم ملآنة طمعا أوحقدا أو ضغينة، فإن البيت بيتهم والنار ستحرقهم أول من تحرق، ولن يستفيد من ذلك إلا أهل الباطل والأعداء، وليتعاونوا على البر والتقوى كما أمر الله عز وجل وليتقوا أن يخربوا بيوتهم بأيديهم وأن يكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا.
أما الثورات فهي محرمة قولا واحدا لأنها خروج على الحكام ، وقد حكى الإجماع على حرمة ذلك النووي وابن بطال والطحاوي وشيخ الإسلام وغيرهم، ويكفي في التحذير منها قوله صلى الله عليه وسلم : «من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية».
س/5: تقوم هذه البلاد المباركة بجهود جبارة في مواجهة تنظيم القاعدة ويعدها سعد الفقيه والمسعري من باب محاربة المجاهدين في سبيل الله، واعتبار العلماء الذين أصدروا فتوى التحذير من ابن لادن ذلك من باب المداهنة؟
الجواب: على كل حال ليس من أصحاب باطل إلا و يستخدمون التلاعب بالأسماء وإخفاء المقاصد السيئة وراء التلاعب بالمسميات وإظهار دعوى المقاصد الحسنة حتى يروج كلامهم على الناس، فالمنافقون بنوا وكرا لمحاربة الله ورسوله وسموه مسجدا، والخوارج قتلوا عثمان رضي الله عنه وسموا ذلك أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر وقاتلوا الصحابة وسموا ذلك جهادا في سبيل الله وأن الجنة تنتظرهم وتفتح أبوابها لهم ، وأهل الباطل من الباطنية يسمون أنفسهم أهل التوحيد، فهذا دأب أهل الباطل عموما فلا يغتر المسلم بالمسميات والدعوات ولينظر إلى الحقائق من خلال النصوص الشرعية وسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، والفقيه والمسعري كلاهما حاقدان شانئان يكفي أنهما آويا إلى الكفار واستعانوا بهم على أهل الإسلام وورثة التوحيد، وكل عملهم هو في محاولة نشر الفتن والإفساد في الأرض.
أما فتاوى العلماء المعاصرين ضد بن لادن وأشباهه من تنظيم القاعدة فإنما بنيت على النصوص الشرعية، والأحداث التي وقعت منه وبسببه تدل على الشؤم الذي جره ابن لادن ومن معه على الأمة كلها فما هو الخير الذي جاء عن طريقه؟ ودعوى المداهنة هي دعوى دخول في المقاصد والنيات ولا يعلم المقاصد والنيات إلا الله عز وجل، لكن المسعري والفقيه ومن على شاكلتهم يعتبرون من تكلم بخير مع الدولة أو دافع عنها بحق مداهنا لهذا الأمر فقط، وأهل العلم إنما يتكلمون بما قال الله وقال الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهم في ذلك مثل من دافع عن عثمان رضي الله عنه، ومثل الصحابة ومن كان مع علي رضي الله عنه ضد الخوارج، فهل أولئك مداهنون؟ أم الأمر دين وحق واجب في أعناقهم يفعلونه دينا لله عز وجل ؟، ومن قال إن ذلك مداهنة فمعنى ذلك أنه دخل في قلوبهم وعلم سرائرهم فادعى تلك الدعوى وليس ذلك إلا لله عز وجل وحده.
س/6: تقوم بعض الجماعات الصفوية الشيعية بانتحال أسماء سعودية سيئة لدعوى الشباب للخروج في الثورات والمظاهرات بحجة الإصلاح، فما الموقف الصحيح من ذلك؟
الجواب: سبحان الله ما أشبه الليلة بالبارحة وما أشد غفلة بعض أهل السنة حتى ينساقوا وراء كل ناعق ولا يعلمون حقيقته وحقيقة دعوته ولا ما تؤول إليه، لهذا حذر الله المسلمين أن ينساقوا وراء الدعاوى المشبوهة وأرشدهم إلى طريق السلامة من الدعوات المشبوهة والإرجاف والكذب وذلك في قوله تعالى: ﭽﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﭼ النساء: ٨٣. فالواجب على الناس أن يلجؤوا إلى أهل العلم والراسخين في العلم في كل وقت، وفي وقت المحنة والأزمات يجب أن يكون الرجوع إلى أهل العلم مؤكدا لأنه وقت تطيش فيه الأحلام وتختلط فيه الرؤى ويغيب وجه الحق حتى على بعض ذوي الرأي والنظر من الناس.
ولا بد أن نعلم أن ما وقع على الأمة في أول عهدها وفتح عليها من الشر - ما لا يعلمه إلا الله عز وجل- كان بهذه الطريقة ومن هذه الفئة الشيعية، فلا يخفى أن ابن سبأ هو الذي وراء تأليب الناس على عثمان رضي الله عنه وكان هو وأصحابه يتكاتبون فيما يفعل الولاة وينشرون أخطاءهم في الناس ويعزون كبر ذلك إلى عثمان رضي الله عنه حتى ملأوا قلوب الناس على عثمان وجاؤوا من الأقطار متنادين على عثمان حتى حصروه ثم قتلوه، وحسب الروايات التأريخية فإن من قتله رجل أسود يظن أنه ابن سبأ نفسه أخزاه الله.
فما أشبه الليلة بالبارحة، فقد كانت هذه طريقة ابن سبأ وأتباعه التي قتل فيها عثمان رضي الله عنه، ولأن من المعلوم أن من أسهل الأشياء في هذا العصر من خلال الإنترنت أن يخفي الإنسان شخصيته الحقيقية وينتحل ما يشاء من الشخصيات، بل وينشئ من أراد أي موقع بالاسم الذي يريد حتى ولو كان على شاكلة المواقع الرسمية ويتحدث من شاء فيها بما شاء، فليتق الله المسلمون في أنفسهم وأهل هذه البلاد أن يسوقهم أعداؤهم إلى أن يهدموا بيوتهم بأيديهم أو يسلموه لأعدائهم بالدعاوى الفارغة والرسائل المشبوهة والأفراد المندسين بينهم أو الحاقدين والعابثين، ولينظر الإنسان إلى نفسه وأهل بيته وما حوله فكم من الخير هو فيه، فلا ينقض غزله و يهدم بيتهالالأمورك.
سؤال/7: هل من يقتل في المظاهرات يعتبر شهيدا كما حصل ذلك في بعض المظاهرات؟
الجواب: لقد سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الشهيد بأنه من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله.
أما من يخرج في المظاهرات ويضارب ويشاتم ويقتل في تلك الأحوال فلننظر في الحديث هل ينطبق عليه أو لا؟ يقول عليه الصلاة والسلام: «من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية»، وقوله عليه الصلاة والسلام: «من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية، ومن قتل تحت راية عمية يغضب لعصبة أو يدعو لعصبة أو ينصر لعصبة فقتل فقتلة جاهلية».
فالذي خرج تحت هذه الرايات هل هو مبايع أو خالع للطاعة؟ خارج على الإمام معرض عن السمع والطاعة؟ وهل هذا خارج في سبيل الله لإعلاء كلمة الله ؟أم لمقاصد دنيوية وحاجات نفسية واستجابة لدعوات مجهولة ورايات عمية نسأل الله لنا وللمسلمين المعافاة.
س/8: ما هو الموقف من دعوات سعد الفقيه وغيره تجاه هذه الدولة مغيبين إيجابيات هذه الدولة في خدمة الإسلام والمسلمين؟
الجواب: أقول ما من دولة إسلامية في الماضي والحاضر إلا ولها أخطاء وعليها ملاحظات إلا الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون، فمن عداهم جميعا من بني أمية وبني عباس ومن جاء بعدهم فالملاحظات والأخطاء حقيقة واقعة، والشارع عالج ذلك - أعني الموقف الواجب على المسلم تجاه الحاكم الذي يقع منه الخطأ - فهو دعوة إلى الخير والتعاون على البر والتقوى والتناصح والمحبة والدعاء، كل ذلك هو ما يجب فعله تجاه الحاكم المسلم، فإذا لم تحصل حقك أو لم يتحقق لك كل ما تريد فإن هذه المسألة لم تغب عن الشارع الحكيم، وإني والله لأعجب كيف تغيب هذه الأمور عن بال من يزعمون أنهم ذوو دين أو يريدون دينا وإصلاحا، يمكن أن تغيب عن بال العلمانيين والروافض والشيعة وأصحاب الأهواء لكن ذوي الدين والعلم فلا تغيب عنهم إلا أن يغيبها الحقد والحسد والهوى ومحاولة الاصطياد في الماء العكر.
وهذه النصوص كثيرة وليست قليلة وواضحة المعاني عالية المباني، ومنها حديث أسيد بن حضير رضي الله عنه أن رجلا من الأنصار خلا برسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا تستعملني كما استعملت فلانا، فقال: «إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض» أخرجه مسلم.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر، فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات فميتة جاهلية»، وفي حديث أبي ذر رضي الله عنه قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : «كيف أنت وأئمة بعدي يستأثرون بهذا الفيء» قال: قلت؛ إذا والذي بعثك بالحق أضع سيفي على عاتقي، ثم أضرب به حتى ألقاك أو ألحقك، قال: «أولا أدلك على خير من ذلك تصبر حتى تلقاني» أخرجه أحمد وأبو داود.
والصبر على الحاكم هو ما وجه به الإمام أحمد رحمه الله من جاءه من علماء بغداد يدعونه إلى نزع الطاعة وأنهم لا يرضون بخلافة الواثق، فناظرهم الإمام أحمد ورد عليهم قولهم ومما قال لهم: «لا تخلعوا يدا من طاعة ولا تشقوا عصا المسلمين، ولا تسفكوا دماءكم ولا دماء المسلمين معكم، وانظروا في عاقبة أمركم ولا تعجلوا واصبروا حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر».
ثم خرج أولئك القوم من عنده فسئل عن ذلك فقال لهم الإمام أحمد: هذا خلاف لآثار التي أمرنا فيها بالصبر، ثم قال أبو عبدالله: قال النبي صلى الله عليه وسلم : «إن ضربك فاصبر، وإن حرمك فاصبر، وإن وليت أمره فاصبر».
فقال حنبل بن إسحاق راوي القصة: «فمضى القوم يعني الذين أرادوا الخروج فكان من أمرهم أنهم لم يحمدوا، ولم ينالوا ما أرادوا، واختفوا من السلطان وهربوا، وأخذ بعضهم وحبس ومات بعضهم في الحبس».
فلذا أقول؛ الواجب على المسلمين التعاون على البر والتقوى والصبر على الأخطاء وعدم نزع اليد من الطاعة، فإن مغبة ذلك على الأمة كلها ولا يسمعوا لكلام رجل حانق حاقد يقيم بين الكفار آمنا على نفسه منفسا عن أحقاده يثور المسلمين على حكامهم، فلا هو للدين استجاب ولا هو للعقل احتكم نسأل الله المعافاة، والذي يلام هو من يستجيب له، فما هو دوره وما هو عمله وهو قابع بين الكفار يظهر المساوئ ويخفي المحاسن ويثور الناس بعضهم على بعض، فهو داعية فتنة نسأل الله المعافاة.
وقد حذر أهل العلم منه، فقد حذر منه الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين وهيئة كبار العلماء، فلا يستمع لكلامه إلا جاهل أو حاقد أو ذوي أغراض نفسية ومقاصد مشبوهة، نسأل الله المعافاة.
س/9: ظهور بعض المشايخ ومنهم سلمان العودة وطارق السويدان والشيخ القرضاوي وعائض القرني يباركون هذه الثورات؟
الجواب: أقول؛ الحمد لله أن الله تبارك وتعالى جعل صراطا مستقيما وحكما عدلا يرجع إليه الناس حال الاختلاف كما قال تعالى:ﭽ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒﭼ النساء: ٥٩.
فهؤلاء المشايخ كلهم ومن عداهم وجميع الناس أمام الشرع سواء، فكل يؤخذ من قوله ويرد وكل يمكن أن يقع في الخطأ والسهو، وليس الأمر منوطا بأن فلانا قال هذا الكلام، لأن فلانا محكوم بالشرع إن كان من أهله وإن لم يكن من أهله فلا التفات إليه، فعلى هؤلاء المشايخ أن يذكروا دليلهم الشرعي الذي يجيز لهم أن يتبعوا سنة اليهود والنصارى، فإن المظاهرات من سنة اليهود والنصارى وقد نهينا أن نتشبه بهم في قوله r: «خالفوا اليهود والنصارى» وقوله: «من تشبه بقوم فهو منهم»، وهذه المظاهرات لاتعرف في تأريخ المسلمين وإنما أخذها من أخذها من المسلمين عن اليهود والنصارى.
كما أن حقيقة الثورات هي خروج على ولاة الأمر وتحريم الخروج مجمع عليه من قبل أهل السنة للنصوص الظاهرة في هذا، وقد سبق ذكر بعضها كقوله عليه الصلاة والسلام: «من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له ، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية»، فمباركة الثورات مخالفة صريحة لهذا النص الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم ولا يخفى أن هذا النص عنه صلى الله عليه وسلم ذكره ابن عمر رضي الله لعبد الله بن مطيع العدوي لما رفض أهل المدينة بيعة يزيد بن معاوية فذهب إليه ابن عمر رضي الله عنه وذكر له هذا الحديث، فإذا كان هذا في أولئك وهم أبناء الصحابة وفي خير القرون ذكر لهم هذا الحديث وهو حجة عليهم فكيف بأهل هذا الزمان، والأولى بالمسلمين عموما أن يجتمعوا على كتاب الله عز وجل ويعتصموا به كما قال تعالى:ﭽ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭼ آل عمران: ١٠٣، حتى تستقيم لهم أحوالهم ويسلم لهم دينهم وأمنهم وأن يعرضوا كل أمر على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأن لا يعرف الحق بالرجال وإنما يعرف الرجال بالحق، فمن قال الحق قبل منه كائنا من كان ومن خالف الحق رد عليه قوله كائنا من كان.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
أجاب عليها:
فضيلة الأستاذ الدكتور:سعود بن عبد العزيز الخلف
رئيس قسم العقيدة بالجامعة الإسلامية
رئيس الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والمذاهب
تاريخ الموضوع : 3/10/2011 الموافق الأربعاء 22 ذو القعدة 1432 هـ | عدد الزيارات : 134
أسئلة وأجوبة حول الفتن (المظاهرات والثورات)
فضيلة الأستاذ الدكتور:سعود بن عبد العزيز الخلف
بسم الله الرحمن الرحيم
س/1: يستغل بعض الدعاة ما حصل في كثير من الدول العربية من مظاهرات ودعوات للخروج على الدولة كورقة ضغط على الدولة، فما توجيهكم لمثل هذه الدعوات وما الواجب تجاهها؟
الجواب: الخروج على الدولة محرم بإجماع أهل العلم، فقد حكى الإجماع النووي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم ، وعده الطحاوي رحمه الله من عقيدة أهل السنة والجماعة، وهذا أمر لا يخفى، فإن الخروج على الحاكم المسلم من سمة أهل البدع من الخوارج والمعتزلة والرافضة وأمثالهم من أهل البدع، وإجماع أهل السنة على تحريم الخروج على الحاكم المسلم مستفاد من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر، فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات فميتة جاهلية» أخرجه مسلم.
وحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية»، وحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية» أخرجها كلها مسلم رحمه الله.
والمظاهرات هي دعوة للخروج على الحكام، ولا يخفى أن فيها مخالفات شرعية عديدة؛
أولها: عصيان ولي الأمر، وذلك محرم لقوله تعالى: ﭽ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﭼالنساء: ٥٩، وأولو الأمر هم: الحكام والولاة كما قال ابن جرير والقرطبي غيرهما.
وفيها: فتح لباب الشرور، فإنها شرارة لا يدرى إلى أي مدى ستصل ولا من ستؤذي بتجميع الدهماء والعوام وتهييجهم على الحكام بفتح أبواب الشر والإفساد من انتهاك الأعراض والأموال وتدمير للممتلكات ووسيلة لانفلات زمام الأمور.
ومنها: دخول أعداء الأمة واندساسهم بينهم واستغلالهم لتلك التجمعات ليحققوا في الأمة مآربهم.
ومنها: تهديد الأمن العام بالنسبة للأمة كلها فتكون الأمة كلها في قلق وخوف وترقب للشر على أوسع نطاقه.
ومنها: أن الدهماء وذوي المقاصد السيئة والتصورات الفاسدة ينفتح لهم الباب لاستغلالها في تحقيق مقاصدهم، فيتظاهرون أيضا لتحقيق أهدافهم سواء كانت مفاسد أخلاقية أو انحرفات دينية، وكذلك يستغلها ذووا التوجهات السيئة كالعلمانيين أو الفرق المنحرفة كالرافضة وغيرهم للوصول إلى مآربهم المتمثلة في نشر فكرهم ومذاهبهم الفاسدة، ولا ننس هنا أن المظاهرات قد أفتى بحرمتها أئمة الإسلام هداة الأعلام؛ كإمام الأمة في هذا العصر الشيخ ابن باز رحمه الله وصنوه الشيخ ابن عثيمين والشيخ الألباني إمام الحديث في الأزمان المتأخرة ومفتي هذه البلاد سماحة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله، وكثير من أهل العلم أفتوا بحرمتها وأنها وسيلة محرمة لتحصيل المقاصد أو رفع الظلم، كما أنها وسيلة مستفادة من اليهود والنصارى فهم أصل هذه الطريقة ومن عندهم أخذت، أما الإسلام فهو في غنية عن هذه الطريقة بما أوجب من التناصح والأمر بالمعروف والنهي عن النكر بالطريقة الشرعية المسنونة.
س/2: ما رأيكم في البيانات التي تصدر عن مثل بعض الدعاة ويدعون فيها إلى الإصلاح؟
الجواب: الإصلاح مقصد صالح لكن يجب أن تكون الوسيلة إليه شرعية، فإن الوسائل لها حكم المقاصد.
والبيانات المعلنة ليست من الإسلام في شيء، لأن الإسلام فيه التناصح كما قال صلى الله عليه وسلم : «الدين النصيحة ، قلنا: لمن يا رسول الله، قال؛ لله، ولرسوله، ولكتابه، ولأئمة المسلمين، وعامتهم» أخرجه البخاري ومسلم.
وقال عليه الصلاة والسلام: «إن الله يرضى لكم ثلاثا؛ أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم» أخرجه مالك، وانظر رعاك الله قوله صلى الله عليه وسلم «وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم» أي أنه لم يتول بنفسه، بل الذي ولاه الله عز وجل فأوجب علينا مناصحته، وذلك لإظهار الخير والدعوة إليه ونبذ الشر والبعد عنه.
والنصيحة معروف أنها لا تكون إلا بالسر ، فإن تعدت ذلك ونشرت وأعلنت فليست نصيحة وإنما تشهير وفضيحة، وقد أخرج الإمام أحمد عن عياض بن غنم رضي الله عنه قال؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من أراد أن ينصح لذي سلطان بأمر فلا يبد له علانية، ولكن ليأخذ بيده فيخلوا به، فإن قبل منه فذاك، وإلا كان قد أدى الذي عليه» صححه الألباني في التعليق على السنة لابن أبي عاصم.
فهذه البيانات التي ترفع لولاة الأمر ليست من باب النصيحة بل هي من باب التشهير والتجريح وليست هي منهجا شرعيا ولا منهج أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قيل لأسامة بن زيد رضي الله عنهما ألا تكلم عثمان، قال: «ألا ترى أني لا أكلمه إلا أسمعكم، لقد كلمته فيما بيني وبينه دون أن أكون أفتح أمرا لا أحب أكون أول من يفتحه» رواه البخاري ومسلم، فانظر كيف أن أسامة رضي الله عنه أدرك أن الكلام معه علانية يفتح أبوابا من الشرور على الناس وعلى الحاكم.
س/3: وجدت دعوات عبر «Facebook» وبعض المواقع بالخروج في يوم تم تحديده، والمطالبة بإصلاحات شاملة، ما رأيكم في مثل هذه الدعوات؟ وما موقف المسلم من هذه الدعوات؟
الجواب: هذه الدعوات والتنادي بها هي من باب التعاون على الإثم والعدوان والله عز وجل يقول: ﭽ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﭼ المائدة: 2، ثم إن البلاد والله الحمد بخير في الدين والدنيا ولا ندعي الكمال لأحد، لكن طريق الإصلاح ليس بهذه الوسيلة، فهي وسيلة خطيرة قابلة لأن تشعل البلاد بالفتنة التي قد لا تخرج منها، والذي حدث في الصومال والذي يحدث في ليبيا الآن كل ذلك مثال على هذا، ويكفي من الشر أنها تفتح الباب لتسلط أعداء الله عز وجل على المسلمين من الجانبين سواء على الحكام أو على الناس، فهذه دعوات منحرفة كما سبق أن ذكرت أن حقيقتها دعوة إلى الخروج على الحكام والبغي عليهم وهذا محرم تحريما شديدا والنصوص فيه ظاهرة معلومة، والمقتول في مثل هذه الأحداث من الخارجين كما قال صلى الله عليه وسلم : «من قتل تحت راية عمية فقتلة جاهلية».
والمقتول يلقى الله عز وجل يوم القيامة لا حجة له كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وذلك يعني أنه لا حجة عنده يبرر له فعله، أما إذا كان داعيا إلى ذلك، فهذا -نسأل الله العافية- دعوة إلى الضلالة فعليه وزر ما يقع، فمن دعا إلى هدى فله مثل أجر من دعاهم: «ومن دعا إلى ضلالة فعليه وزرها وورز من عمل بها إلى يوم القيامة» الحديث.
ولا يخفى أن الإسلام نهى عن الخروج وحرمه وأوجب السمع والطاعة لما في ذلك من المصالح ولما في ضده من المفاسد، وإن بدا للإنسان وجها من أوجه الصلاح في أمر فإنه يجب عليه أن يحكم الشرع فهو من لدن خبير عليم، وهذا من أهم واجبات المسلمين أن يلتزموا شرع الله ليتحقق لهم النجاة والفلاح في الدنيا والآخرة.
والرسول صلى الله عليه وسلم قد أباح دم الخارج ضد الدولة المجتمع أمرها فقال الرسول صلى الله عليه وسلم كما في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: «من بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر» وفي حديث آخر: «ستكون هنات وهنات، من جاءكم وأمركم جميع يريد أن يفرق كلمتكم فاقتلوه كائنا من كان».
فليتق الله عز وجل رجل في نفسه وليعلم أن الدنيا دار امتحان وبلاء وليست دار استقرار، وليستعد للقاء الله عز وجل وليس ذلك إلا بطاعته وتجنب معصيته.
س/4: هل من تعليق على ما يسمونه بثورة حنين والتي يزعمون فيها بالخروج للإصلاح ويسمونها الثورة للإصلاح، فما حكم هذه التسمية، وحكم الثورات في الإسلام؟
الجواب: أما التسمية فهي غريبة، هي مثل تسمية خوارج العصر لتفجيرات الرياض بغزوة بدر الكبرى، وغزوة بدر الرياض ، أخشى أن يكون وراء هذه أعضاء القاعدة وخلاياها ومعلوم أنهم الذين يكفرون الناس، أو من دعوة الروافض لأنهم أيضا ممن يكفر المسلمين الذين يخالفونهم في خرافاتهم، وحنين كانت بين الرسول صلى الله عليه وسلم وكفار ثقيف والطائف وتلك لإعلاء كلمة الله وهذه الدعوات لإعلاء مطالبهم ومقاصدهم التي لا تخرج عن أمور الدنيا ، وإلا فمن المعلوم أن هذه البلاد هي بلاد الحرمين وتطبق شرع الله وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر والعيش فيها يتنادى له الناس من كل مكان ليتحقق لهم المجيئ والعمل فيها وكل ذلك دليل على ما فيها من الخيرات الدينية والدنيوية، فلأي شيء يدعو هؤلاء الناس؟ إن كانت دعوة للصلاح فليس هذا أسلوبه ، وقد سبق أن الله عز وجل شرع النصيحة وليست هذه نصيحة، بل فضيحة، أم نظن أن الله نسي أسلوب المظاهرات لتحقيق الإصلاح والصلاح ولم يعرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يرشد إليه أحد من سلف الأمة، فكونه لم يرد في شيء مما سبق فهذا دليل على بدعيتها وأن وراءها على الحقيقة أناس امتلأت قلوبهم حقدا فلا يهمهم سوى الفساد والإضرار بالأمة، أو هم من أعدائها الداخليين الذين يتربصون بها الدوائر كالرافضة والخوارج ومن كان على شاكلتهم، أم من الأعداء الخارجيين كاليهود والنصارى الذين يعلمون أن هذه البلاد هي الباقية لأهل الإسلام، وهي منارة الإسلام وهي مهوى أفئدة المسلمين وهي التي تمثل الإسلام في هذه العصور، فأرادوا إزاحتها من طريقهم ليخلوا لهم الجو للإفساد في الأرض.
فلذا أقول؛ إن الواجب على كل مسلم في أصقاع الأرض فضلا عن أهل هذه البلاد أن يعوا خطورة مثل هذه الأعمال على مستقبل الإسلام ولا ينظروا إليها وعيونهم ملآنة طمعا أوحقدا أو ضغينة، فإن البيت بيتهم والنار ستحرقهم أول من تحرق، ولن يستفيد من ذلك إلا أهل الباطل والأعداء، وليتعاونوا على البر والتقوى كما أمر الله عز وجل وليتقوا أن يخربوا بيوتهم بأيديهم وأن يكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا.
أما الثورات فهي محرمة قولا واحدا لأنها خروج على الحكام ، وقد حكى الإجماع على حرمة ذلك النووي وابن بطال والطحاوي وشيخ الإسلام وغيرهم، ويكفي في التحذير منها قوله صلى الله عليه وسلم : «من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية».
س/5: تقوم هذه البلاد المباركة بجهود جبارة في مواجهة تنظيم القاعدة ويعدها سعد الفقيه والمسعري من باب محاربة المجاهدين في سبيل الله، واعتبار العلماء الذين أصدروا فتوى التحذير من ابن لادن ذلك من باب المداهنة؟
الجواب: على كل حال ليس من أصحاب باطل إلا و يستخدمون التلاعب بالأسماء وإخفاء المقاصد السيئة وراء التلاعب بالمسميات وإظهار دعوى المقاصد الحسنة حتى يروج كلامهم على الناس، فالمنافقون بنوا وكرا لمحاربة الله ورسوله وسموه مسجدا، والخوارج قتلوا عثمان رضي الله عنه وسموا ذلك أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر وقاتلوا الصحابة وسموا ذلك جهادا في سبيل الله وأن الجنة تنتظرهم وتفتح أبوابها لهم ، وأهل الباطل من الباطنية يسمون أنفسهم أهل التوحيد، فهذا دأب أهل الباطل عموما فلا يغتر المسلم بالمسميات والدعوات ولينظر إلى الحقائق من خلال النصوص الشرعية وسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، والفقيه والمسعري كلاهما حاقدان شانئان يكفي أنهما آويا إلى الكفار واستعانوا بهم على أهل الإسلام وورثة التوحيد، وكل عملهم هو في محاولة نشر الفتن والإفساد في الأرض.
أما فتاوى العلماء المعاصرين ضد بن لادن وأشباهه من تنظيم القاعدة فإنما بنيت على النصوص الشرعية، والأحداث التي وقعت منه وبسببه تدل على الشؤم الذي جره ابن لادن ومن معه على الأمة كلها فما هو الخير الذي جاء عن طريقه؟ ودعوى المداهنة هي دعوى دخول في المقاصد والنيات ولا يعلم المقاصد والنيات إلا الله عز وجل، لكن المسعري والفقيه ومن على شاكلتهم يعتبرون من تكلم بخير مع الدولة أو دافع عنها بحق مداهنا لهذا الأمر فقط، وأهل العلم إنما يتكلمون بما قال الله وقال الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهم في ذلك مثل من دافع عن عثمان رضي الله عنه، ومثل الصحابة ومن كان مع علي رضي الله عنه ضد الخوارج، فهل أولئك مداهنون؟ أم الأمر دين وحق واجب في أعناقهم يفعلونه دينا لله عز وجل ؟، ومن قال إن ذلك مداهنة فمعنى ذلك أنه دخل في قلوبهم وعلم سرائرهم فادعى تلك الدعوى وليس ذلك إلا لله عز وجل وحده.
س/6: تقوم بعض الجماعات الصفوية الشيعية بانتحال أسماء سعودية سيئة لدعوى الشباب للخروج في الثورات والمظاهرات بحجة الإصلاح، فما الموقف الصحيح من ذلك؟
الجواب: سبحان الله ما أشبه الليلة بالبارحة وما أشد غفلة بعض أهل السنة حتى ينساقوا وراء كل ناعق ولا يعلمون حقيقته وحقيقة دعوته ولا ما تؤول إليه، لهذا حذر الله المسلمين أن ينساقوا وراء الدعاوى المشبوهة وأرشدهم إلى طريق السلامة من الدعوات المشبوهة والإرجاف والكذب وذلك في قوله تعالى: ﭽﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﭼ النساء: ٨٣. فالواجب على الناس أن يلجؤوا إلى أهل العلم والراسخين في العلم في كل وقت، وفي وقت المحنة والأزمات يجب أن يكون الرجوع إلى أهل العلم مؤكدا لأنه وقت تطيش فيه الأحلام وتختلط فيه الرؤى ويغيب وجه الحق حتى على بعض ذوي الرأي والنظر من الناس.
ولا بد أن نعلم أن ما وقع على الأمة في أول عهدها وفتح عليها من الشر - ما لا يعلمه إلا الله عز وجل- كان بهذه الطريقة ومن هذه الفئة الشيعية، فلا يخفى أن ابن سبأ هو الذي وراء تأليب الناس على عثمان رضي الله عنه وكان هو وأصحابه يتكاتبون فيما يفعل الولاة وينشرون أخطاءهم في الناس ويعزون كبر ذلك إلى عثمان رضي الله عنه حتى ملأوا قلوب الناس على عثمان وجاؤوا من الأقطار متنادين على عثمان حتى حصروه ثم قتلوه، وحسب الروايات التأريخية فإن من قتله رجل أسود يظن أنه ابن سبأ نفسه أخزاه الله.
فما أشبه الليلة بالبارحة، فقد كانت هذه طريقة ابن سبأ وأتباعه التي قتل فيها عثمان رضي الله عنه، ولأن من المعلوم أن من أسهل الأشياء في هذا العصر من خلال الإنترنت أن يخفي الإنسان شخصيته الحقيقية وينتحل ما يشاء من الشخصيات، بل وينشئ من أراد أي موقع بالاسم الذي يريد حتى ولو كان على شاكلة المواقع الرسمية ويتحدث من شاء فيها بما شاء، فليتق الله المسلمون في أنفسهم وأهل هذه البلاد أن يسوقهم أعداؤهم إلى أن يهدموا بيوتهم بأيديهم أو يسلموه لأعدائهم بالدعاوى الفارغة والرسائل المشبوهة والأفراد المندسين بينهم أو الحاقدين والعابثين، ولينظر الإنسان إلى نفسه وأهل بيته وما حوله فكم من الخير هو فيه، فلا ينقض غزله و يهدم بيتهالالأمورك.
سؤال/7: هل من يقتل في المظاهرات يعتبر شهيدا كما حصل ذلك في بعض المظاهرات؟
الجواب: لقد سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الشهيد بأنه من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله.
أما من يخرج في المظاهرات ويضارب ويشاتم ويقتل في تلك الأحوال فلننظر في الحديث هل ينطبق عليه أو لا؟ يقول عليه الصلاة والسلام: «من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية»، وقوله عليه الصلاة والسلام: «من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية، ومن قتل تحت راية عمية يغضب لعصبة أو يدعو لعصبة أو ينصر لعصبة فقتل فقتلة جاهلية».
فالذي خرج تحت هذه الرايات هل هو مبايع أو خالع للطاعة؟ خارج على الإمام معرض عن السمع والطاعة؟ وهل هذا خارج في سبيل الله لإعلاء كلمة الله ؟أم لمقاصد دنيوية وحاجات نفسية واستجابة لدعوات مجهولة ورايات عمية نسأل الله لنا وللمسلمين المعافاة.
س/8: ما هو الموقف من دعوات سعد الفقيه وغيره تجاه هذه الدولة مغيبين إيجابيات هذه الدولة في خدمة الإسلام والمسلمين؟
الجواب: أقول ما من دولة إسلامية في الماضي والحاضر إلا ولها أخطاء وعليها ملاحظات إلا الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون، فمن عداهم جميعا من بني أمية وبني عباس ومن جاء بعدهم فالملاحظات والأخطاء حقيقة واقعة، والشارع عالج ذلك - أعني الموقف الواجب على المسلم تجاه الحاكم الذي يقع منه الخطأ - فهو دعوة إلى الخير والتعاون على البر والتقوى والتناصح والمحبة والدعاء، كل ذلك هو ما يجب فعله تجاه الحاكم المسلم، فإذا لم تحصل حقك أو لم يتحقق لك كل ما تريد فإن هذه المسألة لم تغب عن الشارع الحكيم، وإني والله لأعجب كيف تغيب هذه الأمور عن بال من يزعمون أنهم ذوو دين أو يريدون دينا وإصلاحا، يمكن أن تغيب عن بال العلمانيين والروافض والشيعة وأصحاب الأهواء لكن ذوي الدين والعلم فلا تغيب عنهم إلا أن يغيبها الحقد والحسد والهوى ومحاولة الاصطياد في الماء العكر.
وهذه النصوص كثيرة وليست قليلة وواضحة المعاني عالية المباني، ومنها حديث أسيد بن حضير رضي الله عنه أن رجلا من الأنصار خلا برسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا تستعملني كما استعملت فلانا، فقال: «إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض» أخرجه مسلم.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر، فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات فميتة جاهلية»، وفي حديث أبي ذر رضي الله عنه قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : «كيف أنت وأئمة بعدي يستأثرون بهذا الفيء» قال: قلت؛ إذا والذي بعثك بالحق أضع سيفي على عاتقي، ثم أضرب به حتى ألقاك أو ألحقك، قال: «أولا أدلك على خير من ذلك تصبر حتى تلقاني» أخرجه أحمد وأبو داود.
والصبر على الحاكم هو ما وجه به الإمام أحمد رحمه الله من جاءه من علماء بغداد يدعونه إلى نزع الطاعة وأنهم لا يرضون بخلافة الواثق، فناظرهم الإمام أحمد ورد عليهم قولهم ومما قال لهم: «لا تخلعوا يدا من طاعة ولا تشقوا عصا المسلمين، ولا تسفكوا دماءكم ولا دماء المسلمين معكم، وانظروا في عاقبة أمركم ولا تعجلوا واصبروا حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر».
ثم خرج أولئك القوم من عنده فسئل عن ذلك فقال لهم الإمام أحمد: هذا خلاف لآثار التي أمرنا فيها بالصبر، ثم قال أبو عبدالله: قال النبي صلى الله عليه وسلم : «إن ضربك فاصبر، وإن حرمك فاصبر، وإن وليت أمره فاصبر».
فقال حنبل بن إسحاق راوي القصة: «فمضى القوم يعني الذين أرادوا الخروج فكان من أمرهم أنهم لم يحمدوا، ولم ينالوا ما أرادوا، واختفوا من السلطان وهربوا، وأخذ بعضهم وحبس ومات بعضهم في الحبس».
فلذا أقول؛ الواجب على المسلمين التعاون على البر والتقوى والصبر على الأخطاء وعدم نزع اليد من الطاعة، فإن مغبة ذلك على الأمة كلها ولا يسمعوا لكلام رجل حانق حاقد يقيم بين الكفار آمنا على نفسه منفسا عن أحقاده يثور المسلمين على حكامهم، فلا هو للدين استجاب ولا هو للعقل احتكم نسأل الله المعافاة، والذي يلام هو من يستجيب له، فما هو دوره وما هو عمله وهو قابع بين الكفار يظهر المساوئ ويخفي المحاسن ويثور الناس بعضهم على بعض، فهو داعية فتنة نسأل الله المعافاة.
وقد حذر أهل العلم منه، فقد حذر منه الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين وهيئة كبار العلماء، فلا يستمع لكلامه إلا جاهل أو حاقد أو ذوي أغراض نفسية ومقاصد مشبوهة، نسأل الله المعافاة.
س/9: ظهور بعض المشايخ ومنهم سلمان العودة وطارق السويدان والشيخ القرضاوي وعائض القرني يباركون هذه الثورات؟
الجواب: أقول؛ الحمد لله أن الله تبارك وتعالى جعل صراطا مستقيما وحكما عدلا يرجع إليه الناس حال الاختلاف كما قال تعالى:ﭽ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒﭼ النساء: ٥٩.
فهؤلاء المشايخ كلهم ومن عداهم وجميع الناس أمام الشرع سواء، فكل يؤخذ من قوله ويرد وكل يمكن أن يقع في الخطأ والسهو، وليس الأمر منوطا بأن فلانا قال هذا الكلام، لأن فلانا محكوم بالشرع إن كان من أهله وإن لم يكن من أهله فلا التفات إليه، فعلى هؤلاء المشايخ أن يذكروا دليلهم الشرعي الذي يجيز لهم أن يتبعوا سنة اليهود والنصارى، فإن المظاهرات من سنة اليهود والنصارى وقد نهينا أن نتشبه بهم في قوله r: «خالفوا اليهود والنصارى» وقوله: «من تشبه بقوم فهو منهم»، وهذه المظاهرات لاتعرف في تأريخ المسلمين وإنما أخذها من أخذها من المسلمين عن اليهود والنصارى.
كما أن حقيقة الثورات هي خروج على ولاة الأمر وتحريم الخروج مجمع عليه من قبل أهل السنة للنصوص الظاهرة في هذا، وقد سبق ذكر بعضها كقوله عليه الصلاة والسلام: «من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له ، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية»، فمباركة الثورات مخالفة صريحة لهذا النص الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم ولا يخفى أن هذا النص عنه صلى الله عليه وسلم ذكره ابن عمر رضي الله لعبد الله بن مطيع العدوي لما رفض أهل المدينة بيعة يزيد بن معاوية فذهب إليه ابن عمر رضي الله عنه وذكر له هذا الحديث، فإذا كان هذا في أولئك وهم أبناء الصحابة وفي خير القرون ذكر لهم هذا الحديث وهو حجة عليهم فكيف بأهل هذا الزمان، والأولى بالمسلمين عموما أن يجتمعوا على كتاب الله عز وجل ويعتصموا به كما قال تعالى:ﭽ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭼ آل عمران: ١٠٣، حتى تستقيم لهم أحوالهم ويسلم لهم دينهم وأمنهم وأن يعرضوا كل أمر على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأن لا يعرف الحق بالرجال وإنما يعرف الرجال بالحق، فمن قال الحق قبل منه كائنا من كان ومن خالف الحق رد عليه قوله كائنا من كان.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
أجاب عليها:
فضيلة الأستاذ الدكتور:سعود بن عبد العزيز الخلف
رئيس قسم العقيدة بالجامعة الإسلامية
رئيس الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والمذاهب
مواضيع مماثلة
» الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة و الأديان و الفرق و المذاهب ترد على ضلالات دعاة المظاهرات
» بيان هام من الجمعية السعودية العلمية لعلوم العقيدة و الأديان و الفرق و المذاهب
» أنظمة الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة و الفرق و والأديان و المذاهب
» الجزء الاول : نشاطات الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة و الفرق و الأديان
» الجزء الثانى: نشاطات الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة و الفرق و الأديان
» بيان هام من الجمعية السعودية العلمية لعلوم العقيدة و الأديان و الفرق و المذاهب
» أنظمة الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة و الفرق و والأديان و المذاهب
» الجزء الاول : نشاطات الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة و الفرق و الأديان
» الجزء الثانى: نشاطات الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة و الفرق و الأديان
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى