الجزء السابع :( دحر إفتراءات أهل الزيغ و الإرتياب عن دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب : تأليف المحدث ربيع المدخلى
صفحة 1 من اصل 1
الجزء السابع :( دحر إفتراءات أهل الزيغ و الإرتياب عن دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب : تأليف المحدث ربيع المدخلى
ومنها – تعبدهم بترك الطيبات من الرزق.
ومنها – دعاؤهم الناس إلى الضلال بغير علم.
ومنها – دعواهم محبة الله مع تركهم شرعه.
ومنها – المكر الكبار.
ومنها – أن أئمتهم إما عالم فاجر أو عابد جاهل.
ومنها – تمنيهم الأماني الكاذبة.
ومنها – رميهم أتباع الرسل بعدم الإخلاص وطلب الدنيا.
ومنها – لبس الحق بالباطل.
ومنها – كتمان الحق مع العلم به.
ومنها – القول على الله بلا علم.
ومنها – التناقض الواضح.
ومنها – الإيمان ببعض المنـزل دون بعض.
ومنها – مخالفتهم فيما ليس لهم به علم.
ومنها – دعواهم اتباع السلف مع التصريح بمخالفتهم.
أقول: وهذه مبالغة في البهت والعداوة والتكفير من هذا الجهول الظلوم.
دفاعه عن أهل الضلال من الروافض والغلاة من الصوفية
قال المالكي في (ص34): "حتى غلاة الصوفية الذين يجوزون أن الولي يحي الموتى - مع بطلان هذا القول(1)- لا يقولون بأن الولي يفعل هذا استقلالا عن الله.
وكذا غلاة الشيعة الذين يقولون بالولاية التكوينية للأئمة وأن ذرات الكون تخضع لهم، لا يقولون بأن هذا يحدث استقلالا عن إرادة الله.
وإنما يزعم الغلاة من الصوفية والشيعة بأن الله منح الأولياء والأئمة القدرة على هذا بإذن الله مثل ما منح بعض الأنبياء كعيسى عليه السلام القدرة على الخلق من الطين كهيئة الطير وإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص لكن بإذن الله مثلما منح بعض الأولياء كصاحب سليمان القدرة أن يأتي بعرش بلقيس في لحظة كل هذا بإذن الله.
فهذه الأقوال مع بطلانها لا يعيدونها إلا لقدرة الله وإذنه وتقديره ومنحه بعض الخصائص لعباده من أنبياء وأولياء ولهم في ذلك أقوال ومؤلفات واستدلالات عجيبة تركوا فيها قطعي الأدلة لمظنونها مع تعسف في الاستدلال مثل عملنا في التكفير مع فارق في نسبة الخطأ(2) ".
التعليـــق:
انظر إلى هذا التمرير لهذه الضلالات والكفريات، وانظر إلى هذا الأسلوب المميع الماكر،وانظر إلى هذا الأسلوب المتهافت المتناقض.
فأولاً:- غلاة الصوفية لهم عظائم غير ما ذكرت فهم يقولون بالحلول ووحدة الوجود وأن الأولياء يعلمون الغيب ويتصرفون في الكون ويدبرون أمره.
فإذا قالوا بالحلول ووحدة الوجود وقالوا هذا إنما هو بإذن الله، وإذا قالوا إن الأولياء يعلمون الغيب، ويتصرفون في الكون بإذن الله، وإذا سجدوا للأولياء أو الأنبياء أو الأصنام قالوا إنما هذا بمشيئة الله، وإذا اعتقدوا أن فلاناً يحي ويميت ثم قالوا هذا إنما يحصل بإذن الله.
أليس هذه عقائد كفرية وأعمال كفرية لا تقبل التأويل لأنها تكذيب للقطعيات من القرآن الكريم ومن دين الإسلام.
وإذا قال الرافضي أن للإمام من أهل البيت سلطة تكوينية على كل ذرة من ذرات الكون.
أليس هذا كفراً لم يخطر ببال اليهود والنصارى ولا ببال عتاة عباد الأصنام.
ماذا يبقى لله إذا كان للإمام من أهل البيت تسلط على كل ذرة من ذرات الكون.
أليس هذه الفرية مضادة لقول الله تعالى: قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون فذلكم الله ربكم فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون (يونس 31-32).
أليس هؤلاء المخاطبون من المشركين الواضحين أقوى إيماناً بربوبية الله للكون وبانفراده بالتدبير من هؤلاء الذين بلغ بهم الضلال إلى مثل هذه الأقوال.
إن من أسباب تعلق الروافض والصوفية بالأموات أنهم يعتقدون فيهم أنهم يستجيبون الدعوات ويكشفون عنهم الكربات، وهذا أمر لا يجحده إلا أهل الكذب والمغالطات والمكابرات، وقد أدانهم بذلك علماء الإسلام الكبار الثقات.
وانظر إلى هذا الرجل الذي عاش ودرس في بلاد التوحيد كيف أوصله هواه إلى هذه الدركات، فيقول مدافعاً عن غلاة الرافضة بأن الله منح الأولياء والأئمة القدرة على هذا أي على التسلط على كل ذرة من ذرات الكون.
فعلى قوله هذا يكون قد منحهم ربوبيته وتنازل لهم عن ملكه وتدبيره وأعطاهم القدرة على إحياء الأموات.
هذه أيها الخرافي من خصائص الربوبية لا يعطيها الله العلي الكبير لأحد لا لملك مقرب ولا لنبي مرسل.
قال تعالى والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير.
وقال تعالى:يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له وأن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب. ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز .
هؤلاء ما قالوا في معبوداتهم أنها تفعل شيئاً من هذا أو ذاك ولا تملك هذا أو ذاك ولا قالوا إنها تخلق بإذن الله ولا قالوا لها سلطة تكوينية على كل ذرة من ذرات الكون.
ومع هذا يقول الله لهم: " ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز ".
إن الله يا هذا لم يعط عيسى ولا غيره القدرة على الخلق فالله هو الخالق وحده فعيسى يصور من الطين كهيئة الطير وينفخ فيها، والله بقدرته هو الذي يخلق هذا الطير.
إنما عيسى متسبب بدعائه لله والله يخلق الروح والحياة في هذه الصورة من الطين فعيسى ليس بخالق وهو مخلوق لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً.
وكذلك كل الأنبياء والرسل فضلاً عن غيرهم قال الله لأفضل رسله قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون.
فيعلِّم الله نبيه والأمة بهذا ليرسخ عقيدة التوحيد في نفوسهم فكان الأمر كذلك حتى جاء أهل الضلال بهذه الترهات المضادة لعقيدة التوحيد.
إن قدرة الله وعلمه وحكمته هي التي يحصل بها إبراء الأكمه والأبرص فعل الله ذلك بقدرته وعلمه إكراماً لعيسى كما يكرم غيره من الأنبياء بإبراز هذه الآيات على أيديهم لتكون أدلة على صدق رسالاتهم ومن ذلك جعل عصا موسى ثعباناً مبيناً وخلق ناقة صالح من الصخرة كل ذلك بعلمه وتقديره ومشيئته وقدرته لا بقدرة أحد من عباده وخلقه.
دفاعه عن رؤوس الضلال وطعنه في السلفيين
قال المالكي في (ص 16): "الملحوظة الخامسة عشرة ويقول: (ص 23) (فإن أعداء الله (هكذا! لهم اعترافات كثيرة يصدون بها الناس منها:
قولهم نحن لا نشرك بالله بل نشهد أنه لا يخلق ولا يرزق ولا ينفع ولا يضر إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً - عليه السلام - لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً فضلاً عن عبد القادر أو غيره، ولكن أنا مذنب والصالحون لهم جاه عند الله وأطلب من الله بهم فجاوبه بما تقدم وهو أن الذين قاتلهم رسول الله –صلى الله عليه وسلّم- مقرون بما ذكرت ومقرون أن أوثانهم لا تدبر شيئاً وإنما أرادوا الجاه والشفاعة..... ".
ثم قال:" أقول: هذا يدل على أن الشيخ يرى تكفير هؤلاء الذين يقولون القول السابق، وأنه يعتبرهم مشركين شركاً أكبر كشرك كفار قريش وهذا عين التكفير وأكبر أحوالهم أن يكونوا مبتدعين فقط والمبتدع لا يجوز تكفيره فضلاً عن قتله،
وكل المبتدعين المقتولين عبر التاريخ إنما كانوا مقتولين لظروف سياسية بحته؛ يدركها من درس التأريخ (24) ".
التعليــــق:
1- أن الشيخ لا يكفر من وقع في الشرك الأكبر إلا بعد البيان وإقامة الحجة كما وضحنا ذلك عنه وعن أتباعه.
2- أن الإمام محمداً - رحمه الله - كان قد أجاب على شبه أهل الضلال بجواب مجمل ثم قال هنا (ص 19 – 24) وأما الجواب المفصل فإن أعداء الله لهم اعتراضات كثيرة على دين الرسل يصدون بها الناس عنه:
منها قولهم: نحن لا نشرك بالله بل نشهد أنه لا يخلق ولا يرزق ولا ينفع ولا يضر إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً فضلاً عن عبد القادر وغيره، ولكن أنا مذنب والصالحون لهم جاه عند الله وأطلب من الله بهم. فجاوبه بما تقدم وهو أن الذين قاتلهم رسول الله –صلى الله عليه وسلّم-مقرون بما ذكرت ومقرون بأن أوثانهم لا تدبر شيئاً وإنما أرادوا الجاه و الشفاعة واقرأ عليه ما ذكر الله في كتابه ووضحه.
فإن قال: هؤلاء الآيات نزلت في من يعبد الأصنام كيف تجعلون الصالحين مثل الأصنام أم كيف تجعلون الأنبياء أصناماً؟! فجاوبه بما تقدم فإنه إذا أقر أن الكفار يشهدون بالربوبية كلها لله وأنهم ما أرادوا ممن قصدوا إلا الشفاعة.
ولكن إذا أراد أن يفرق بين فعلهم وفعله بما ذكره فاذكر له أن الكفار منهم من يدعو الصالحين والأصنام ومنهم من يدعو الأولياء الذين قال الله فيهم: (أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب)، ويدعون عيسى ابن مريم وأمه وقد قال الله تعالى: (ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون. قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضراً ولا نفعاً والله هو السميع العليم).
واذكر له قوله تعالى: (ويوم نحشرهم جميعاً ثم نقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون. قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون).
وقوله تعالى: (وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب).
فقل له: أعرفت أن الله كفر من قصد الأصنام وكفر أيضاً من قصد الصالحين، وقاتلهم رسول الله –صلى الله عليه وسلّم-؟
فإن قال: الكفار يريدون منهم، وأنا أشهد أن الله هو النافع الضار المدبر لا أريد إلا منه، والصالحون ليس لهم من الأمر شيءٌ، ولكن أقصدهم أرجو من الله شفاعتهم.
فالجواب: أن هذا قول الكفار سواء بسواء، فاقرأ عليه قول الله تعالى: (والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدوهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى).
وقوله تعالى: (ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله).
واعلم أن هذه الشبه الثلاث هي أكبر ما عندهم فإذا عرفت أن الله وضحها في كتابه وفهمتها فهماً جيداً فما بعدها أيسر منها".
فماذا صنع هذا المالكي ؟
لقد بتر كلام الإمام محمد - رحمه الله - المشتمل على الحجج القاطعة من كتاب الله التي بين الله في كتابه كفر من يتعلقون بالأنبياء أو الملائكة ليبين أن الله قد حكم على من يدعو الأنبياء أو الملائكة أو الأوثان أو الأولياء بالكفر والضلال فمن فَعَلَ فعل هؤلاء الكفار من نصارى ووثنيين ومن عرب وغيرهم، ففعله كفر وشرك أكبر ومع هذا فقد بين الإمام محمد - رحمه الله - أنه لا يكفر من فعل هذا الشرك حتى يبين له البيان الشافي ويقيم عليه الحجة.
والإمام منذ بدأ بالدعوة إلى الله وإلى إخلاص الدين لله قد بين لأهل نجد أولاً ولغيرهم ثانياً غاية البيان في مؤلفاته ومراسلاته ودروسه، فاستجاب من استجاب وعاند من عاند وحارب، وألب على الشيخ، ومن هنا يسمى هذا الصنف بأعداء الله لأن هؤلاء الضالين لا يرون أن القرآن ينطبق عليهم كما يرى ذلك هذا المالكي، وهذا ضلال عريض يرفضه الشرع والعقل.
على أن الإمام محمداً تنـزل مع هؤلاء كالمسلِّم لقولهم:نحن لا نشرك بل نشهد أنه لا يضر ولا ينفع إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً..الخ.
تنـزل معهم في هذه الدعوى الكاذبة أما غيره كالشوكاني والصنعاني وآل الآلوسي، فلا يسلمون لهم هذه الدعوى، إذ واقعهم يكذبهم ويسوقون الأدلة على كذبهم من واقعهم وأحوالهم.
3- يظهر من قول المالكي "… وأكبر أحوال هؤلاء أن يكونوا مبتدعين فقط "
أنه لا يكفر من وقع في الكفر والشرك حتى بعد قيام الحجة.
وأقول: هذا كلام يدل على هوى وعناد وجهل عريض لا يدري المسكين أنه بهذا الهراء قد خالف الكتاب والسنة وأئمة الإسلام وفقهاء المذاهب الإسلامية.
ومعنى دعواه هذه أن نلغي أحكام الردة من كتب العقائد والفقه ونحكم على الصحابة والتابعين وعلماء الإسلام بالظلم متابعة للخرافيين والروافض من أمثال هذا المالكي.
4- انظر إلى محاماته عمن قتلهم حكام المسلمين بل قتلهم علي بن أبي طالب وأحرقهم من الزنادقة، بل قتل الصحابة وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون أهلَ الردة.
فهو يتهم العلماء وحكام المسلمين الذين كانوا يقتلون الزنادقة كالراوندية والخرمية والباطنيين، ويحامي عن الحلاج وأمثاله من الزنادقة.
يتهم المسلمين بأنهم لا يغارون على الإسلام ولا يعملون بأحكامه وإنما ينطلقون في قتل المسلمين عند المالكي من منطلقات سياسية وهذا أسلوب الروافض والعلمانيين في الطعن في العلماء وفي حكام بني أمية وبني العباس حقداً على الإسلام وتشويهاً لأهله.
قاتلهم الله أنى يؤفكون.
دفاعه المغلف عن الباطنية العبيديين
قال المالكي: "الملحوظة السادسة والعشرون: أيضاً قوله (ص50) (عن الفاطميين بنو عبيد القداح الذين ملكوا المغرب ومصر في زمان بني العباس. فلما أظهروا مخالفة الشريعة في أشياء دون ما نحن فيه أجمع العلماء على كفرهم وقتالهم وأن بلادهم بلاد حرب وغزاهم المسلمون حتى استنقذوا ما بأيديهم من بلدان المسلمين).أهـ ثم قال معلقاً:
"أقول: وهذا أيضاً غير صحيح فالحرب بين الأيوبيين والفاطميين حرب سياسية بحته لا دخل للدين بها.
وكانت البدع يومها في كل مكان في دولة بني العباس في العراق وتحت حكم صلاح الدين في مصر والشام وعند الفاطميين في مصر..الخ كان الوضع في العالم الإسلامي يومها كالوضع في عهد الشيخ محمد تماماً !
وجاء صلاح الدين مدداً للفاطميين من آل زنكي، ثم استولى، ولابد أن يستخدم الفاطميون والأيوبيون الدين سلاحاً في المعركة كما يفعل حكام العرب اليوم فالأمر ليس فيه غرابة، لابد أن تظهر كل دولة أن حربها للآخرين دينية وليست سياسية حتى تستجيش معها الغوغاء. وقد بدأ استخدام الدين لخدمة السياسة من أيام الدولة الأموية، من عهد معاوية تحديداً(1).
أما الفاطميون أو العبيديون لاتهمني التسمية فلن يعدموا مدافعين عنهم وناشرين لفضائلهم، بل أسوأ الفاطميين وهو الحاكم بأمر الله الذي اتُهم بالزندقة والكفر ومع ذلك فقد دافع عنه بعض العلماء والمؤرخين ".
ما يؤخذ عليه في هذا الكلام
ستظهر المآخذ عليه بعد نقل كلام الإمام محمد -رحمه الله-:
قال الإمام محمد: في كشف الشبهات (ص40)" ويقال أيضاً: بنو عبيدٍ القداح الذين ملكوا المغرب ومصر في زمان بني العباس، كلهم يشهدون أن لا اله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويدّعون الإسلام،ويصلون الجمعة والجماعة، فلما أظهروا مخالفة الشريعة في أشياء دون ما نحن فيه، أجمع العلماء على كفرهم وقتالهم، وأن بلادهم بلاد حرب، وغزاهم المسلمون حتى استنقذوا ما بأيديهم من بلدان المسلمين".
التعليـــق:
1-لم يسلم المالكي بما ذكره الشيخ فقال: " وهذا لم يصح "ولم يعبأ بما حكاه الإمام من إجماع العلماء على كفر العبيديين وقتالهم.
2-أن الإمام محمداً -رحمه الله- قد نسبهم إلى جدهم عبيد القداح اليهودي، فلم يعجب المالكي هذا فوصفهم بالفاطميين رمزاً منه إلى إيمانه بصحة نسبهم إلى فاطمة فهم عنده هاشميون من ذرية سيد المرسلين مراغمة للإمام محمد وأهل السنة ويرمز إلى أنهم أحق بالخلافة من غيرهم كما هو معتقد غلاة الشيعة وكما هي مسالكهم في دس عقائدهم.
3- حذف من كلام الإمام محمد" قوله: كلهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويدعون الإسلام ويصلون الجمعة والجماعة.
فلماذا حذف هذا الكلام ؟
لأن الإمام محمداً وصفهم بما وصف به المرتدين والمنافقين من إعلان الشهادتين والصلاة وغيرها من شعائر الإسلام، ثم هم مع ذلك مرتدون ومنافقون، فشغب عليه بأنه يمدح المنافقين والمرتدين بل وكفار قريش ويفضلهم على المسلمين، فلماذا حذف هذا الكلام وهو على منهجه مدح للكفار والمرتدين والمنافقين ؟.
الظاهر أنه يخالف إجماع المسلمين على كفرهم وأنه يراهم من أهل البيت وأحق بالخلافة وأن وصفهم بأنهم يشهدون ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول وأنهم يصلون الجمعة والجماعة قليل في حقهم، وأن العلماء ومنهم الإمام محمد قد ظلموهم في تكفيرهم ونسبتهم إياهم إلى عبيد القداح اليهودي.
لقد عجز عن الدفاع عنهم وعن التصريح بما يعتقده فيهم لأنه خشي إن ذكر هذا الكلام في وصفهم، ولم يشغب على الإمام كما شغب عليه في الكفار والمنافقين والمرتدين أن ينتبه الناس لعدم شغبه فحذف هذا الكلام لتنصرف الأنظار عن سوء الظن به وبمعتقده في بني عبيد القداح اليهودي.
4- انظر كيف سوى بين الأيوبيين وعلى رأسهم صلاح الدين الأيوبي البطل المجاهد الذي شهد له التاريخ والمسلمون بأنه مسلم صادق مجاهد وبين من شهد عليهم المسلمون والتاريخ بالكفر والزندقة والحقد على الإسلام والمسلمين والمجازر الرهيبة التي ارتكبوها في حق المسلمين.
لقد شهد المسلمون والتاريخ لصلاح الدين بأنه مخلص وقائد إسلامي فذ، وقف نفسه على الجهاد في سبيل الله فواجه الصليبيين في القدس والشام، فهزمهم وطهر أرض الإسلام من أرجاسهم كما واجه العبيديين الباطنيين فطهر مصر من أرجاسهم وظلمهم وعسفهم وتألههم، ورفع راية السنة وأظهر شعائر الإسلام وقضى على مظاهر الإلحاد والزندقة.
انظر كيف أخفى كل هذا وسواه بالباطنيين في الغاية وأنها سياسة بحته وإنما صلاح الدين شأنه شأن الحكام العرب المعاصرين الذين يتظاهرون بأن حربهم دينية وهم بعيدون عن ذلك، ولم يذكر حكام العجم كالخميني مثلاً ومصطفى أتاتورك وأمثالهما لأغراض لا يصعب إدراكها وعلى كل حال فهو يدافع عن العبيديين بطريقة ماكرة ثم قد لا يعجزه وجود من يدافع عن العبيديين من الزنادقة والروافض ومن ينخدع بهم من ضعفاء المؤرخين الذين قد يأخذ بأقوالهم ويترك في الوقت نفسه إجماع علماء المسلمين المعتبرين الذين عاصروهم وعرفوا كفرهم وزندقتهم، والمبطل لا يعوزه أن يجد مثل خيوط العنكبوت من الأباطيل فيتعلق بها.
5- قوله: (بل أسوأ الفاطميين وهو الحاكم بأمر الله الذي اتُهم بالزندقة والكفر ومع ذلك فقد دافع عنه بعض العلماء والمؤرخين).
أقول: هذا الكلام فيه تلبيس وإيهام أن الحاكم وحده من بين العبيديين رمي بالزندقة والأمر بخلاف ذلك، فإن الحكام العبيديين كلهم من أولهم إلى آخرهم يجزم العلماء بفساد مذهبهم وزندقتهم بدءاً بأصلهم عبيد الله الذي تسمى زوراً بالمهدي.
(1)قال الذهبي في سير أعلام النبلاء(15/141): (المهدي وذريته: هو عبيد الله أبو محمد أول من قام من الخلفاء الخوارج العبيدية الباطنية الذين قلبوا الإسلام وأعلنوا بالرفض وأبطنوا مذهب الإسماعيلية وبثوا الدعاة يستغوون الجبلية والجهلة.
وادعى هذا المدبر أنه فاطمي من ذرية جعفر الصادق فقال: "أنا عبيد الله بن محمد بن عبد الله بن ميمون بن محمد بن إسماعيل بن جعفر بن محمد. وقيل: بل قال: أنا عبيد الله بن أحمد بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق. وقيل: لم يكن اسمه عبيد الله، بل إنما هو: سعيد بن أحمد. وقيل: سعيد بن الحسين. وقيل: كان أبوه يهودياً. وقيل: من أولاد ديصان الذي ألف في الزندقة).
(2) وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء(15/152)ذكر القاضي عبد الجبار المتكلم أن القائم أظهر سب الأنبياء وكان مناديه يصيح: العنوا الغار وما حوى، وأباد عدة من العلماء، وكان يراسل قرامطة البحرين ويأمرهم بإحراق المساجد والمصاحف).
انظر بلاغاتهم السبعة في السير (15/144،141)، واقرأ لمحة عن معتقدهم وأصولهم في سير أعلام النبلاء(15/178).
(3) وقال الذهبي في السير(15/154): "وقد أجمع علماء المغرب على محاربة آل عبيد لما شهروه من الكفر الصراح الذي لا حيلة فيه، وقد رأيت في ذلك تواريخ عدة يصدق بعضها بعضاً".
واقرأ ما بعد هذه الصفحة في بيان كفر العبيديين، وانظر تاريخ ابن خلدون(4/3061) وفيه ذكر وفاة الحاكم وقد دافع خطأً عن نسبهم بناء على رأيه لا على الأدلة والبراهين، ومع ذلك لم يدافع عن عقيدتهم.
واقرأ أخبارهم في المصادر التالية: تثبيت دلائل النبوة للقاضي عبد الجبار الهمذاني (ص601)، وأخبار القرامطة(للدكتور سهيل زكار،ص182)، والإسماعيلية تاريخ وعقائد للشيخ إحسان إلهي ظهير(ص122)، والبيان المعرب في أخبار الأندلس والمغرب(ص158-161).
دفاعه عن أهل البدع والأهواء مع طعنه الشديد في
الإمام محمد وفي أهل السنة والتوحيد
قال المالكي(ص16): "الملحوظة الثالثة عشرة: ويقول ص 19: (وأنا أذكر لك أشياء مما ذكر الله في كتابه جواباً لكلام احتج به المشركون في زماننا علينا...)!!.أهـ.
ثم قال: أقول يا ترى من هم هؤلاء المشركون الذين يغوصون في أدلة الكتاب والسنة مع فصاحة وعلم وحجج...؟! أليسوا علماء مختلفين معه في دعوى كفر مخالفيه من علماء وعوام؟ لا ريب أن هذا فيه تكفير صريح للمخالفين له ممن نسميهم (خصوم الدعوة) أو (أعداء التوحيد) أو (أعداء الإسلام) !! وهذا ظلم، لأن الشيخ كان يرد على مسلمين ولم يكن يرد على كفار ولا مشركين،وهذه رسائله وكتبه ليس فيها تسمية لمشرك ولا كافر وإنما فيها تسمية لعلماء المسلمين في عصره كابن فيروز، ومربد التميمي، وابني سحيم سليمان، وعبد الله ابن عبد اللطيف، ومحمد بن سليمان المدني، وعبد الله بن داود الزبيري، والحداد الحضرمي، وسليمان بن عبد الوهاب، وابن عفالق، والقاضي طالب الحميضي، وأحمد بن يحي، وصالح بن عبد الله، وابن مطلق،وغيرهم من العلماء الذين يطلق عليهم (المشركون في زماننا)!!"
التعليــــق:
1- إن هؤلاء المذكورين لو حصل من الشيخ تكفير أحد منهم فلن يكون ذلك منه إن شاء الله إلا بعد التأكد من قيام الحجة عليه كما أسلفنا أنه لا يستحل التكفير إلا بعد قيام الحجة على خصومه وبعد عنادهم.
2- نقول للمالكي سمّ لنا الآن من يصف هؤلاء بأنهم مشركون بعد أن عفت آثارهم وأخمد الله ذكرهم في هذه الدنيا فلا يعرفهم أو بعضهم إلا المتخصصون المنقبون.
3- هل تكفير الإمام محمد وأتباعه على أساس الجهل والهوى وعلى أسس الخوارج أو على العلم والبصيرة وفي ضوء الكتاب والسنة وعلى أسس أهل السنة والجماعة.
4- هل مثل هؤلاء الذين سميتهم يصح شرعاً أن يوصفوا بأنهم علماء ؟ وهل هم ممن قال الله فيهم إنما يخشى الله من عباده العلماء ؟ وهل هم من علماء التوحيد الذي جاء به الرسل ونزلت به الكتب وشرع من أجله الجهاد أو هم علماء سوء وأهل أهواء وفجور في خصومتهم يدافعون في هذه الخصومة عن الشرك والضلال والبدع ؟
5- أن الإمام محمداً لم يسم من ذكرت في هذا الكتاب الذي اخترته للهجوم عليه، فلماذا تثير هذه الأسماء وقد اندثر ذكرهم وعفا عليهم وعلى أسمائهم الزمن.
6- هل الإمام محمد كفّر هؤلاء جميعاً وأين كفرهم ؟
7- نحن واثقون أنه لو كفر أحداً منهم فلا يكفر إلا بحجة ومن خاصمه في حياته فقد أقام عليه الحجة.
8- هؤلاء الذين سميتهم كما قلنا لا يعرفهم إلا النادر من المتخصصين الذين يعلمون ما عندهم من العداوة والحرب على التوحيد وأهله والصد عن سبيل الله ودينه العمل الذي يشبه أعمال اليهود الذين يعرفون الحق ثم يعادون أهله ويحاربونه وأهله بكل وسيلة خبيثة تمكنهم.
9- أضرب بعض الأمثلة لبيان نوعيات هؤلاء وأمثالهم التي ينافحون عنها ويدعون إليها ويحاربون الإمام محمداً من أجلها.
قال الحداد: وينبغي اليوم في هذا الوقت من الحوادث التي حدثت في الثلم في الدين باعتقاد العامة قول البدعي:" إن الاستغاثة شرك فالعالم والمقتدى به ينبغي له أن يظهر الاستغاثة ليقتدي به " مصباح الأنام (ص60) نقلاً عن دعاوى المناوئين (ص165) إعداد عبد العزيز بن محمد بن عبد اللطيف.
ويقول عبد الرحيم البرعي في مدح البجلي والحكمي:
لكما يحمل عرش ربك همة ويد من الأيدي التي بنت السمـا
ويحيط سركما الوجــود فلـيس شيء يخفى عنكـمــا
وديوان البرعي مقدس عند كثير من أهل اليمن وهو مليء بالشرك والضلال.
ويقول المرغني:
وكنت عين وجود القدس في أزل يسبح الكون تسبيحاً لإجلالـي
فالعرش والفرش والأكوان أجمعها الكل في سعتي مستهلك بالـي
وكل فضل سما لكون مرتــفعا فإنما هو من مني وأفضالـــي
فانظر كيف يدعي أنه هو الله وأن الكون يسبح لإجلاله وتعظيمه وأن كل النعم في هذا الكون إنما هي من منِّه وأفضاله وكم له من الأتباع يؤمنون بهذا الإلحاد إلى يومنا هذا في السودان.
وهذا أحد رؤوس الضلال والشرك وهو الشيخ أحمد الخامي ينعق بأبيات شركية مغرقة في الضلال في مدح نفيسة بنت الحسن المدفونة في مصر فيقول فض الله فاه:
ياصاح إن رمت الحياة الفاخرة فاقصد حمى بنت الكرام الطاهـرة
ذات الكرامات المعظمة الـتي أسرارها بين الخـلائق ظاهــرة
وبها تـوصل واحتـم بجوارها أذكر مصابك تلقها لك ناصــرة
فهي المنجية الشباب من العذاب مغيـثة الملهوف شمس الدائــرة
كم جاءها ذو فاقة يرجـو الغنى جبرت بتيسير المعايش خاطــرة
فاغنـم وسل بمقامها تعط المـنى فعـلى الدوام لزائريها حاضــرة
وادخل وطف واسعى وســل بتأدب ما تشـتهيه ونادها ياطاهرة
أني قصدتـك مستغيثاً لائـذاً مستعطفاً أهل القلوب العامــرة
حاشا وكلا أن يضام نزيـلكم أو أن يعود بصفقة هي خاســرة
يا كعبة الأسرار جئتك لائـذاً أبغى النـدى من وكف كف عاطرة
يا أم قاسـم الغـياث فإنـني عبد ضعيف الحال يدي قاصــرة
دنف ومسـكين مهين عابـر ما لي معـين قط عيني ساهــرة
يا بنت طه أنقذي من لم يـجد جاهاً سوى ذي المعجزات الظاهرة
المصطفى الهادي البشير محـمد من يرتجـي كل الأنام مآثـــرة
صلى عليـه الله ما بـدر زها والآل والصحب النجوم الزاهــرة
أو ما استغاث الخامي أحمد قائلاً يا صاح إن رمت الحياة الفاخــرة
(نور الأبصار في مناقب آل بيت النبي المختار –صلى الله عليه وسلّم-) للشيخ مؤمن بن حسن الشبلنجي (ص213).
انظر إلى هذا الشرك العظيم:
1- الذي يقصد الحياة الفاخرة فليقصد حمى نفيسة التي لا تملك لنفسها نفعاً ولا ضراً فهذا رسول الله يقول له ربه " قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً ".
2- يؤكد الاحتماء بجوارها ويعتقد أنها تملك النصر لمن يحتمي بجوارها.
3- وهي تملك صفة الإنقاذ والنجاة للشباب من العذاب ولعله يقصد أنها تملك ذلك في الدنيا والآخرة وهذه من صفات الله وخصائصه.
4- وهي مغيثة الملهوف وهذه من صفات الله وخصائصه.
5- وهي شمس الدائرة ولا يبعد أن الرجل من مقدسي الشمس والكواكب.
6- ويدعي أنه قد جاءها الكثير من أهل الفاقة فجبرت خواطرهم بتيسير العيش لهم وهذه من صفات الله وخصائصه.
7- ويحث أهل الضلال أمثاله على الاغتنام والسؤال بمقامها يريد أنها تحقق لهم مطالبهم مهما كانت.
8- ويعد الخرافيين من أمثال من يدافع عنهم المالكي بنيل ما يتمنونه لأنها على الدوام حاضرة مثل رب العالمين.
9- ويدعو إلى عبادتها والطواف والسعي حول قبرها وسؤالها كل ما يشتهيه السائلون من أمور الدنيا والدين.
10- ويأمر بندائها والتذلل أمامها كما يتذلل ويخضع لرب العالمين فيقول في ندائه إني قصدتك مستغيثاً لائذاً مستعطفاً فهي الملاذ المستغاث به دون رب العالمين.
11- وينـزهها أن يضام نزيلها أو يعود بصفقة خاسرة لأنها تملك الخزائن وتعطي من تشاء.
12- ويتذلل لها فيقول بأنني عبد ضعيف الحال يدي قاصرة ودنف ومسكين ومهين وعابر ماله معين قط حتى رب العالمين فقد نسيه وأنزل ذله ومسكنته ودنفه وعونه بنفيسة المسكينة التي لا تملك لنفسها مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ونسى رب العالمين، فهل وصل الكفار في الشدائد إلى مثل هذه الحال. هذه النوعيات هي التي حاربت ابن تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب وهي التي دافع عنها خصوم هؤلاء الأئمة ولا سيما الإمام محمد - رحمه الله- ويدافع عنهم المالكي وهذه النوعيات موجودة في العالم الإسلامي ومنهم البريلوية في الهند وباكستان وبنجلادش يمثلون أكثرية المسلمين فيها.
وموجودة في البلاد العربية في مصر والسودان ودول أفريقيا تيجانية ومرغنية وبرهانية وقادرية وشاذلية ويحتاجون إلى من يدعوهم إلى دين الله الحق ويرشدهم إلى صراطه المستقيم ويبذل الجهود لإخراجهم من ظلمات الضلال إلى نور التوحيد لا إلى من يدافع عنهم ويتباكى لهم.
ونحن رغم هذا لا نكفرهم ونشترط قيام الحجة عليهم لأنهم لا يجدون من ينبههم بل لا يجدون في الغالب إلا من يصدهم عن سبيل الله ويدافع عن ضلالهم من أمثال المالكي وكم لهؤلاء المضللين من الكتب التي تحمل هذا الضلال الذي عرضنا منه قطرة من بحر.
ويقول الديبعي في مولده الذي يمدح رسول الله –صلى الله عليه وسلّم-:
من رأى وجهك يسعد يا كريم الوالـدين
حوضك الصافي المبرد وردنا يوم النشـور
أنت غفار الخطايـا والذنوب الموبقات
أنت ستار المسـاوى ومقيل العثــرات
يا ولي الحسنــات يا رفيع الدرجـات
كفر عني الذنــوب واغفر عني السيئات
عالم السر وأخفــى مستجيب الدعوات
كتاب(الشيخ محمد بن عبد الوهاب مجدد القرن الثاني عشر) (ص182-183)
انظر إلى هذا الكفر لقد أعطى النبي –صلى الله عليه وسلّم- سبعاً من خصائص الله في ربوبيته وعظمته وجلاله.
فهل الديبعي يجهل هذا أو هو يريد أن ينشر الإلحاد في المسلمين تحت ستار حب الرسول –صلى الله عليه وسلّم-.
أرأيت لو سمع رسول الله وأصحابه مثل هذا الإطراء العديم النظير فماذا سيقولون لمثل هذا الضال الغالي إنه سيستتاب فإن تاب وإلا قتل قتل المرتدين.
ثم قال المالكي:"وقد استمر علماء الدعوة بعده في تكفير أو تبديع يصل للتكفير لعدد آخر من علماء المسلمين – أخطأوا ولم يكفروا – في عهد الدولة السعودية الثانية كابن سلوم و عثمان بن سند وابن منصور وابن حميد وأحمد بن دحلان المكي... وداود بن جرجيس وغيرهم.
وفي القرن الرابع عشر الهجري استمر تكفيرنا وتبديعنا لعلماء معاصرين – أخطأوا ولم يكفروا – كالكوثري والدجوي، وشلتوت، وأبي زهرة، والغزالي، والقرضاوي، والطنطاوي، والبوطي، والغماري، والكبيسي، وغيرهم، ولو نستطيع لقلنا عنهم (المشركون في زماننا) وقد قيل !!
ومن المؤسف أنه لا يوقف تكفيرنا وتبديعنا للآخرين إلا السلطة أو العجز(1)، ولولاهما لما أبقينا أحداً إلا وصمناه بكفر أو بدعة مكفرة ! مع أن الواجب أن يكون هذا التورع عن التكفير والتبديع من العلماء لا من الحكام، ولا وقت العجز، لأن العلماء يعرفون عظمة حق المسلم وتحريم دمه وماله وعرضه، فهي آخر ما أوصى به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في حجة الوداع، فهذه الخطبة التي بثها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في مائة ألف من المسلمين يحفظها بألفاظها العلماء لا الحكام، فكان الأولى والأجدر بهم حفظ ورعاية هذه الوصية النبوية الكبرى".
حكمه على الإمام محمد وعلى أهل السنة بأنهم أشد من الخوارج تكفيراً ومدحه الماكر لثورة الخميني ودفاعه الماكر عن سيد قطب وصرف قضية التكفير عنه
قال في (ص19-20):" بل إن بقايا الخوارج أنفسهم في الأزمنة المتأخرة لا أظن أنهم كفروا العوام أو استحلوا دماءهم، كما فعل الشيخ - رحمه الله- وأتباعه بفتاوى منه في العلماء والعوام.
فسامحه الله وغفر له فقد زرع خيراً كثيراً لكن شابه شيء من الشر بدافع الحماس،فأما الخير فقضاؤه على كثير من البدع والخرافات لكنه بالغ حتى وصل للغلو المذموم.
وبعض الأخوة يقول: كيف ننقد منهج الشيخ وبفضله – بعد فضل الله – كان هذا الوطن الإسلامي الكبير ؟!
نقول: هذا لا شك من المحاسن الكبرى للشيخ، وقد ذكرناها في المقدمة، ولن ينساها له المخلصون من الناس، فربما لولا دعوته وقتاله لسكان الجزيرة [27] لما توحدوا من الخليج إلى البحر الأحمر، ومن جنوب الشام إلى اليمن، لكن (جمال النتيجة لا يعني صحة المقدمات)، فالنتائج قد تكون جميلة مع بنائها على مقدمات ناقصة وهذا يعرفه أهل المنطق وغيرهم.
فثورة الخميني مثلاً كانت نتيجتها جميلة من إزالة العلمانية التغريبية من دولة إيران، لكن هذه النتيجة لا يعني عدم نقد الخميني ومغالاته، وكذلك لو قام أحد الخوارج وكوَّن دولة فإنّ حسن النتيجة لا يعني صحة المنطلقات.
وهذا أيضاً مثلما لو قام أحد الحكام بقتل السارق بدلاً من قطع يده، فلا بد أن تقل السرقة وعندئذ يأتي المثني على هذا الحاكم ليصف النتيجة الجميلة من قلة السرقة أو انعدامها.... !! ولكن فعل الحاكم هنا كان خلاف النصوص الشرعية، ولا بد يوماً ما أن يكون لفعله هذا آثار سلبية، لأن شريعة الله كاملة وليس فيها حكم شرعي إلا وهو وسط بين تطرفين.
وكذلك لو قام أحد الحكام بقطع يد كل من قطع إشارة المرور أو تجاوز السرعة القانونية !! فلا بد أن ينضبط المرور وتنعدم الوفيات ! في درجة تعجب منها الدول المتحضرة ! ويأتي من يثني على نتائج هذا القرار !! وأنه كان قراراً حكيماً وأن الوفيات انخفضت من ستة آلاف في السنة إلى (15) وفاة فقط !! وقل عدد الجرحى والمعاقين من مائة ألف في السنة إلى 86 حالة فقط !!
لكن ما رأيكم في شرعية هذا القرار شرعاً وقانوناً ؟! وماذا سيسببه على المدى الطويل؟! الإجابة معروفه للعقلاء من علماء الشريعة وعلماء التاريخ والقانونين.
وكذلك قتال المسلمين لا يجوز لمجرد وجود بدع وخرافات، لأن القتال لا يجوز إلا بنص شرعي، أما بلا نص فارتكابه أسوأ من تلك البدع والخرافات.
والشيخ محمد - رحمه الله - ربما لو لم يقاتل المسلمين واكتفى بمراسلة العلماء يحثهم على الدعوة إلى الله، ربما لو فعل هذا لتجنبنا مآسي التكفير من ذلك الزمن إلى عصرنا هذا الذي يعتمد فيه المكفرون على فتاوى الشيخ وعلماء الدعوة في تكفير المسلمين.
وإن كان سيد قطب رحمه الله قد بالغنا في نقده لأننا وجدنا في (متشابه) كلامه ما يوحي بالتكفير، فإن الشيخ محمد (كذا) قد وجدنا التكفير في (صريح) كلامه لا متشابهه! فجعلنا سيد قطب كبش فداء لأنه ليس له أنصار عندنا وللشيخ أنصار !
وهذا ليس من أخلاق طالب العلم الذي يقول الحق ولو على نفسه، ولا يحمل المسؤولية الأبرياء.
وهذا يدعونا لنقد عبارات الشيخ مع الاعتراف بفضله علينا، لكن الضرر في كتبه وإن رآه البعض يسيراً فإنه في الوقت نفسه خطير والمشكلة الكبرى عندنا أن فتاوانا اليوم في التكفير تخالف الشيخ تماماً، لكننا نجبر الناس على الإيمان بفتاوى الشيخ التي تحمل توسعاً في التكفير، والإيمان بفتاوانا التي كان يراها الشيخ (إرجائية) والتي تتفق مع فتاوى خصوم الشيخ في الرد على التكفير ! وهذا جمع بين المتناقضات [28] ولو أننا قلنا: إن الشيخ اجتهد في التكفير فأخطأ لزال كل هذا التناقض، ولم ينقص دين ولا دنيا ولا مكانة، فالدين لا يهتز لتخطئة أمثال عمر وعلى - رضي الله عنهما -، فكيف يهتز لتخطئة ابن تيمية أو ابن القيم أو الشيخ محمد ابن عبد الوهاب.
وبيان أخطاء الشيخ محمد في هذا الجانب (جانب التكفير) مفيد وضروري، لأن المجتمع السعودي علماؤه وطلاب العلم فيه تربوا على فتاوى الشيخ وعلماء الدعوة الذين كانوا يميلون لتكفير المسلمين، ولابد أن يتأثر بعضهم بهذا الجانب".
التعليــــق:
1- أن الإمام لا يكفر إلا من قامت عليه الحجة ولقد جد وبالغ في إقامة الحجة بمؤلفاته ورسائله ويدعم هذه الدعوة بالحجج والبراهين كما هو معلوم وشائع ومتواتر.
2- تكفير من قامت عليه الحجة وقتاله بعد إقامة الحجة وعناده ومحاربته من دعا إلى تحكيم الله ورسوله أمر جاء به الشرع؛ فالذي ينكر القيام بأحكام الله على الوجه الذي شرعه الله عدو لله ولرسوله وللإسلام والمسلمين معارض لشريعة الله معارض لأحكامه التي لا يقوم الإسلام إلا بها.
3- كان فيمن كفرهم وقاتلهم الإمام محمد، بشر كثير ممن ينكر البعث وكان خصومه الألداء يعرفون هذا ولا يكابرون فيه وكان فيهم من عنده أكثر من مائة ناقض من نواقض الإسلام ومع هذا لم يقاتلهم إلا بعد إقامة الحجة ووضوح المحجة ولو واجه النبي –صلى الله عليه وسلّم- هذا الواقع لما تردد في قتال أهله.
4- قولك بحسن النتائج وفساد المقدمات باطل شديد البطلان في الحكم على فساد المقدمات فالمقدمات صحيحة في غاية الصحة قائمة على كتاب الله وسنة رسوله وعلى سيرة الصحابة الكرام وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون وأما حسن النتائج الذي تعترف به فما نشأ إلا عن حسن المقدمات وجمالها وصحتها.
5- ثورة الخميني ليست حسنة لا في مقدماتها ولا في نتائجها فقد كان شاه إيران قد كبح جماح الرفض الغالي الذي هو شر من العلمانية فمنع سب أصحاب محمد –صلى الله عليه وسلّم- وتكفيرهم على المنابر وفي سائر وسائل الإعلام ومن نتائج ثورة الخميني إعلان هذا السب على المنابر وغيرها من ميادين الشيطان ولم يقض على العلمانية كما تدعي.
6- من نتائج ثورة الخميني انتشار الرفض في العالم الإسلامي بسبب النشاط الرافضي المتدفق الذي سنه الخميني وشجعه سياسياً واقتصادياً وبكل ما أوتي هو وأعوانه من قوة.
7- الحرب المدمرة التي شنها إشباعاً لطموحاته الرافضية في الاستيلاء على دول الخليج والحرمين وربما سائر بلدان العالم الإسلامي.
فلقد تضاءلت العلمانية أمام نتائج هذه الثورة الرافضية لأن مقدماتها فاسدة ولا ينشأ عن الفساد إلا الفساد فاعترافك بحسن نتائج هذه الثورة إنما هو اعتراف بالرفض وتزيـين له.
8- الأمثلة التي ضربتها بعيدة كل البعد عن مقدمات ونتائج دعوة الله التي نهض بها الإمام محمد وأنصاره من آل سعود وغيرهم فجزاهم الله خير الجزاء على ما بذلوا من نصرة الإسلام وتجديده عقيدةً ومنهجاً وتطبيقاً.
9- دعواك أن كلام سيد قطب في التكفير متشابه من المكابرة والسفسطة فتكفيره للمجتمعات الإسلامية قائم على الهوى وعلى منهج غلاة الخوارج واضح وضوح الشمس وكتابه الظلال مليء بهذا التكفير الواضح حتى إنه ليكفر بصغير الجزئيات وتكفيره في العالم واضح لا على طريقة الكتاب والسنة وطريقة السلف الصالح.
وإنما على طريقة غلاة الخوارج وأسوأ فهو لا يرى العقائد الشركية والإلحادية منافية للاإله إلا الله ولا يفكر في إنكار هذه العقائد من قريب ولا بعيد.
أما تكفير الإمام محمد فقائم على الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح وقائم على التزام الشروط التي اشترطها علماء الإسلام واستمدوها من كتاب الله وسنة رسوله ولا علاقة له بالتكفير المنتشر في الساحة، فإنما هو منطلق من كتابات سيد قطب وكتابات المودودي ومدرستهما فافهم ولا تغالط.
10- قولك " لكن هذه النتائج لا يعني عدم نقد الخميني" لست بصادق في تحسين النتيجة ولا في تظاهرك بجواز نقده فإن كنت صادقاً فوجه نشاطك لنقده ونقد عقائد الرفض بدل أن تحارب الإمام محمداً ودعوته وأنصاره.
11- قولك "ما رأيكم في شرعية هذا القرار شرعاً وقانوناً" قول باطل وسخيف ودليل على الفوضى الفكرية التي تعيشها كيف تسوي بين القوانين الجاهلية وبين شريعة الإسلام.
والقانونيون إذا استنكروا هذا القرار فإنما ينطلقون من جهل لمواجهته جهل عندهم أضعافه فلماذا تقرنهم بعلماء شريعة الإسلام.
12- قولك "وفتاوانا اليوم في التكفير تخالف الشيخ تماماً ".... الخ
قائم على الجهل بمنهج السلف الذي قامت عليه دعوة الشيخ وأحكامه وقامت عليه فتاوى أتباعه وأحكامهم وقائم على المغالطة وعلى عدم إدراك المنهج القطبي الذي تخالفه إن كنت منصفاً وستدرك جهلك وظلمك في دعوى التناقض والمخالفة للشيخ ومنهجه وأحكامه.
13- وقولك "لكننا نجبر الناس على الإيمان بفتاوى الشيخ التي تحمل توسعاً في التكفير والإيمان بفتاوانا التي كان يراها الشيخ (إرجائية) ".
قول باطل فعلماء الدعوة يعلمون الناس العقائد الصحيحة والأحكام الشرعية الربانية ويحذرونهم من التكفير بالجهل والهوى الذي قام عليه منهج سيد قطب وأتباعه، ووصف هذا المنهج العلمي القائم على الكتاب والسنة بالإرجاء إنما نشأ عن الإيمان بمنهج سيد قطب الخارجي لا عن منهج الإمام محمد رحمه الله.
فلا تناقض إلا في أدمغة أهل الباطل والضلال.
14- إذا عرف الناس أن الشيخ لا يكفر أحداً إلا بعد قيام الحجة وعرف المخلصون دينه وورعه وتثبته في الحكم على الناس، أدركوا - والحمد لله- أن الشيخ كان مصيباً في أحكامه فلا يضره أن يحاربه الروافض والخرافيون وأن يصفوه بالتكفير فالميزان الصحيح كتاب الله وسنة رسوله وسيرة أصحابه وتطبيقهم لا ميزان شياطين الإنس والجن.
15- السلفيون والحمد لله لا يرون أن الدين يهتز لتخطئة أحد ولكنهم يرفضون إلصاق التهم الفاجرة سواء ضد الصحابة أو ضد علماء الإسلام كائنين من كانوا بل يحاربون الظلم ولو كان لكافر. ومن هنا يدافعون عن أئمة الإسلام ومنهم ابن تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب فافهم واعقل ذلك.
موافقات أئمة الإسلام السابقين واللاحقين من مختلف البلدان والمذاهب للإمام محمد في مواجهة الشرك والخرافات
وموافقة غيرهم له في هذه المواجهات
أولاً- قال أبو بكر محمد بن وليد الطرطوشي المتوفى سنة (520هـ) في كتابه القيم (الحوادث والبدع) التي من ضمنها البدع الشركية (ص104ـ 105) معلقاً على حديث أبي واقد الليثي الذي قال فيه:خرجنا مع النبي –صلى الله عليه وسلّم- قبل حنين ونحن حديثو عهد بكفر وللمشركين سدرة يعكفون حولها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط. فمررنا بالسدرة فقلنا: يا رسول الله ! اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الله أكبر! هذا كما قالت بنو إسرائيل: " اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون "، لتركبن سنن من قبلكم ".
فانظروا رحمكم الله أينما وجدتم سدرة أو شجرة يقصدها الناس ويعظمون من شأنها ويرجون البرء والشفاء من قبلها(1)وينوطون بها المسامير والخرق فهي ذات أنواط فاقطعوها ! "
ثانيا- العلامة شهاب الدين عبد الرحمن بن إسماعيل المعروف بأبي شامة الشافعي المتوفى سنة 665 هـ صاحب كتاب الباعث على إنكار البدع والحوادث التي من ضمنها البدع الشركية قال في الكتاب المذكور (ص 100-101):
"فصل (البدع المستقبحة)
ثم هذه البدع والمحدثات المستقبحة، تنقسم إلى قسمين:
قسم تعرفه العامة والخاصة أنه بدعة، إما: محرمة وإما مكروهة. وقسم يظنه معظمهم ـ إلا من عصم ـ عبادات وقرباً وطاعات وسنناً.
فأما القسم الأول: فلا نطول بذكره، إذ كفينا مؤنة الكلام فيه، لاعتراف فاعله أنه ليس من الدين لكن نبين من هذا القسم ما قد وقع فيه جماعة من جهال العوام، النابذين لشريعة الإسلام، التاركين للاقتداء بأئمة الدين من الفقهاء، وهو ما يفعله طوائف من المنتمين إلى الفقر الذي حقيقته الافتقار من الإيمان، من مؤاخاة النساء الأجانب والخلوة بهن، واعتقادهم في مشايخ لهم ضالّين مضلّين، يأكلون في نهار رمضان من غير عذر،ويتركون الصلاة، ويخامرون النجاسات، غير مكترثين لذلك، فهم داخلون تحت قوله تعالى: أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين مالم يأذن به الله.
وبهذه الطرق وأمثالها، كان مبادىء ظهور الكفر من عبادة الأصنام وغيرها.
ومن هذا القسم أيضاً:
ما قد عم الابتلاء به من تزيين الشيطان للعامة تخليق الحيطان والعمد، وسرج مواضع مخصوصة في كل بلد، يحكي لهم حاك أنه رأى في منامه بها أحداً ممن شهر بالصلاح والولاية، فيفعلون ذلك، ويحافظون عليه مع تضييعهم فرائض الله تعالى وسننه، ويظنون أنهم متقربون بذلك، ثم يتجاوزون هذا إلى أن يعظم وقع تلك الأماكن في قلوبهم، فيعظمونها،ويرجون الشفاء لمرضاهم، وقضاء حوائجهم بالنذر لها، وهي من بين عيون وشجر وحائط وحجر(1).
وفي مدينة دمشق - صانها الله تعالى من ذلك- مواضع متعددة: كعوينة الحمى خارج باب توما، والعمود المخلّق داخل باب الصغير، والشجرة الملعونة اليابسة خارج باب النصر في نفس قارعة الطريق سهّل الله قطعها واجتثاثها من أصلها، فما أشبهها بذات أنواط الواردة في الحديث الذي رواه محمد بن إسحاق وسفيان ابن عيينة عن الزهري عن سنان بن أبي سنان عن أبي واقد الليثي -رضي الله عنه- قال:"خرجنا مع رسول الله –صلى الله عليه وسلّم- إلى حنين" وذكر بقية الحديث.
ثالثاً- شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - المتوفى سنة 728 هـ وكتبه مليئة ببيان التوحيد وأنواعه وبيان الشرك وأنواعه ومن مؤلفاته "الجواب الباهر "، " والتوسل والوسيلة "، "والاستغاثة في الرد على البكري "، "والواسطة بين الحق والخلق"، "واقتضاء الصراط المستقيم".
قال -رحمه الله- في كتابه لا واسطة بين الله وبين عباده في جلب المنافع ودفع المضار (ص 130-133) من مجموعة التوحيد:" وإن أراد بالواسطة أنه لا بد من واسطة في جلب المنافع، ودفع المضار، مثل أن يكون واسطة في رزق العباد، ونصرهم وهداهم، يسألونه ذلك، ويرجون إليه فيه(1)، فهذا من أعظم الشرك الذي كفّر الله به المشركين، حيث اتخذوا من دون الله أولياء وشفعاء،يجتلبون بهم المنافع، ويدفعون بهم المضار. لكن الشفاعة لمن يأذن الله له فيها حق.
قال الله تعالى: الله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش مالكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون.
وقال تعالى: وأنذر به الذ
ومنها – دعاؤهم الناس إلى الضلال بغير علم.
ومنها – دعواهم محبة الله مع تركهم شرعه.
ومنها – المكر الكبار.
ومنها – أن أئمتهم إما عالم فاجر أو عابد جاهل.
ومنها – تمنيهم الأماني الكاذبة.
ومنها – رميهم أتباع الرسل بعدم الإخلاص وطلب الدنيا.
ومنها – لبس الحق بالباطل.
ومنها – كتمان الحق مع العلم به.
ومنها – القول على الله بلا علم.
ومنها – التناقض الواضح.
ومنها – الإيمان ببعض المنـزل دون بعض.
ومنها – مخالفتهم فيما ليس لهم به علم.
ومنها – دعواهم اتباع السلف مع التصريح بمخالفتهم.
أقول: وهذه مبالغة في البهت والعداوة والتكفير من هذا الجهول الظلوم.
دفاعه عن أهل الضلال من الروافض والغلاة من الصوفية
قال المالكي في (ص34): "حتى غلاة الصوفية الذين يجوزون أن الولي يحي الموتى - مع بطلان هذا القول(1)- لا يقولون بأن الولي يفعل هذا استقلالا عن الله.
وكذا غلاة الشيعة الذين يقولون بالولاية التكوينية للأئمة وأن ذرات الكون تخضع لهم، لا يقولون بأن هذا يحدث استقلالا عن إرادة الله.
وإنما يزعم الغلاة من الصوفية والشيعة بأن الله منح الأولياء والأئمة القدرة على هذا بإذن الله مثل ما منح بعض الأنبياء كعيسى عليه السلام القدرة على الخلق من الطين كهيئة الطير وإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص لكن بإذن الله مثلما منح بعض الأولياء كصاحب سليمان القدرة أن يأتي بعرش بلقيس في لحظة كل هذا بإذن الله.
فهذه الأقوال مع بطلانها لا يعيدونها إلا لقدرة الله وإذنه وتقديره ومنحه بعض الخصائص لعباده من أنبياء وأولياء ولهم في ذلك أقوال ومؤلفات واستدلالات عجيبة تركوا فيها قطعي الأدلة لمظنونها مع تعسف في الاستدلال مثل عملنا في التكفير مع فارق في نسبة الخطأ(2) ".
التعليـــق:
انظر إلى هذا التمرير لهذه الضلالات والكفريات، وانظر إلى هذا الأسلوب المميع الماكر،وانظر إلى هذا الأسلوب المتهافت المتناقض.
فأولاً:- غلاة الصوفية لهم عظائم غير ما ذكرت فهم يقولون بالحلول ووحدة الوجود وأن الأولياء يعلمون الغيب ويتصرفون في الكون ويدبرون أمره.
فإذا قالوا بالحلول ووحدة الوجود وقالوا هذا إنما هو بإذن الله، وإذا قالوا إن الأولياء يعلمون الغيب، ويتصرفون في الكون بإذن الله، وإذا سجدوا للأولياء أو الأنبياء أو الأصنام قالوا إنما هذا بمشيئة الله، وإذا اعتقدوا أن فلاناً يحي ويميت ثم قالوا هذا إنما يحصل بإذن الله.
أليس هذه عقائد كفرية وأعمال كفرية لا تقبل التأويل لأنها تكذيب للقطعيات من القرآن الكريم ومن دين الإسلام.
وإذا قال الرافضي أن للإمام من أهل البيت سلطة تكوينية على كل ذرة من ذرات الكون.
أليس هذا كفراً لم يخطر ببال اليهود والنصارى ولا ببال عتاة عباد الأصنام.
ماذا يبقى لله إذا كان للإمام من أهل البيت تسلط على كل ذرة من ذرات الكون.
أليس هذه الفرية مضادة لقول الله تعالى: قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون فذلكم الله ربكم فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون (يونس 31-32).
أليس هؤلاء المخاطبون من المشركين الواضحين أقوى إيماناً بربوبية الله للكون وبانفراده بالتدبير من هؤلاء الذين بلغ بهم الضلال إلى مثل هذه الأقوال.
إن من أسباب تعلق الروافض والصوفية بالأموات أنهم يعتقدون فيهم أنهم يستجيبون الدعوات ويكشفون عنهم الكربات، وهذا أمر لا يجحده إلا أهل الكذب والمغالطات والمكابرات، وقد أدانهم بذلك علماء الإسلام الكبار الثقات.
وانظر إلى هذا الرجل الذي عاش ودرس في بلاد التوحيد كيف أوصله هواه إلى هذه الدركات، فيقول مدافعاً عن غلاة الرافضة بأن الله منح الأولياء والأئمة القدرة على هذا أي على التسلط على كل ذرة من ذرات الكون.
فعلى قوله هذا يكون قد منحهم ربوبيته وتنازل لهم عن ملكه وتدبيره وأعطاهم القدرة على إحياء الأموات.
هذه أيها الخرافي من خصائص الربوبية لا يعطيها الله العلي الكبير لأحد لا لملك مقرب ولا لنبي مرسل.
قال تعالى والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير.
وقال تعالى:يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له وأن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب. ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز .
هؤلاء ما قالوا في معبوداتهم أنها تفعل شيئاً من هذا أو ذاك ولا تملك هذا أو ذاك ولا قالوا إنها تخلق بإذن الله ولا قالوا لها سلطة تكوينية على كل ذرة من ذرات الكون.
ومع هذا يقول الله لهم: " ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز ".
إن الله يا هذا لم يعط عيسى ولا غيره القدرة على الخلق فالله هو الخالق وحده فعيسى يصور من الطين كهيئة الطير وينفخ فيها، والله بقدرته هو الذي يخلق هذا الطير.
إنما عيسى متسبب بدعائه لله والله يخلق الروح والحياة في هذه الصورة من الطين فعيسى ليس بخالق وهو مخلوق لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً.
وكذلك كل الأنبياء والرسل فضلاً عن غيرهم قال الله لأفضل رسله قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون.
فيعلِّم الله نبيه والأمة بهذا ليرسخ عقيدة التوحيد في نفوسهم فكان الأمر كذلك حتى جاء أهل الضلال بهذه الترهات المضادة لعقيدة التوحيد.
إن قدرة الله وعلمه وحكمته هي التي يحصل بها إبراء الأكمه والأبرص فعل الله ذلك بقدرته وعلمه إكراماً لعيسى كما يكرم غيره من الأنبياء بإبراز هذه الآيات على أيديهم لتكون أدلة على صدق رسالاتهم ومن ذلك جعل عصا موسى ثعباناً مبيناً وخلق ناقة صالح من الصخرة كل ذلك بعلمه وتقديره ومشيئته وقدرته لا بقدرة أحد من عباده وخلقه.
دفاعه عن رؤوس الضلال وطعنه في السلفيين
قال المالكي في (ص 16): "الملحوظة الخامسة عشرة ويقول: (ص 23) (فإن أعداء الله (هكذا! لهم اعترافات كثيرة يصدون بها الناس منها:
قولهم نحن لا نشرك بالله بل نشهد أنه لا يخلق ولا يرزق ولا ينفع ولا يضر إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً - عليه السلام - لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً فضلاً عن عبد القادر أو غيره، ولكن أنا مذنب والصالحون لهم جاه عند الله وأطلب من الله بهم فجاوبه بما تقدم وهو أن الذين قاتلهم رسول الله –صلى الله عليه وسلّم- مقرون بما ذكرت ومقرون أن أوثانهم لا تدبر شيئاً وإنما أرادوا الجاه والشفاعة..... ".
ثم قال:" أقول: هذا يدل على أن الشيخ يرى تكفير هؤلاء الذين يقولون القول السابق، وأنه يعتبرهم مشركين شركاً أكبر كشرك كفار قريش وهذا عين التكفير وأكبر أحوالهم أن يكونوا مبتدعين فقط والمبتدع لا يجوز تكفيره فضلاً عن قتله،
وكل المبتدعين المقتولين عبر التاريخ إنما كانوا مقتولين لظروف سياسية بحته؛ يدركها من درس التأريخ (24) ".
التعليــــق:
1- أن الشيخ لا يكفر من وقع في الشرك الأكبر إلا بعد البيان وإقامة الحجة كما وضحنا ذلك عنه وعن أتباعه.
2- أن الإمام محمداً - رحمه الله - كان قد أجاب على شبه أهل الضلال بجواب مجمل ثم قال هنا (ص 19 – 24) وأما الجواب المفصل فإن أعداء الله لهم اعتراضات كثيرة على دين الرسل يصدون بها الناس عنه:
منها قولهم: نحن لا نشرك بالله بل نشهد أنه لا يخلق ولا يرزق ولا ينفع ولا يضر إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً فضلاً عن عبد القادر وغيره، ولكن أنا مذنب والصالحون لهم جاه عند الله وأطلب من الله بهم. فجاوبه بما تقدم وهو أن الذين قاتلهم رسول الله –صلى الله عليه وسلّم-مقرون بما ذكرت ومقرون بأن أوثانهم لا تدبر شيئاً وإنما أرادوا الجاه و الشفاعة واقرأ عليه ما ذكر الله في كتابه ووضحه.
فإن قال: هؤلاء الآيات نزلت في من يعبد الأصنام كيف تجعلون الصالحين مثل الأصنام أم كيف تجعلون الأنبياء أصناماً؟! فجاوبه بما تقدم فإنه إذا أقر أن الكفار يشهدون بالربوبية كلها لله وأنهم ما أرادوا ممن قصدوا إلا الشفاعة.
ولكن إذا أراد أن يفرق بين فعلهم وفعله بما ذكره فاذكر له أن الكفار منهم من يدعو الصالحين والأصنام ومنهم من يدعو الأولياء الذين قال الله فيهم: (أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب)، ويدعون عيسى ابن مريم وأمه وقد قال الله تعالى: (ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون. قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضراً ولا نفعاً والله هو السميع العليم).
واذكر له قوله تعالى: (ويوم نحشرهم جميعاً ثم نقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون. قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون).
وقوله تعالى: (وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب).
فقل له: أعرفت أن الله كفر من قصد الأصنام وكفر أيضاً من قصد الصالحين، وقاتلهم رسول الله –صلى الله عليه وسلّم-؟
فإن قال: الكفار يريدون منهم، وأنا أشهد أن الله هو النافع الضار المدبر لا أريد إلا منه، والصالحون ليس لهم من الأمر شيءٌ، ولكن أقصدهم أرجو من الله شفاعتهم.
فالجواب: أن هذا قول الكفار سواء بسواء، فاقرأ عليه قول الله تعالى: (والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدوهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى).
وقوله تعالى: (ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله).
واعلم أن هذه الشبه الثلاث هي أكبر ما عندهم فإذا عرفت أن الله وضحها في كتابه وفهمتها فهماً جيداً فما بعدها أيسر منها".
فماذا صنع هذا المالكي ؟
لقد بتر كلام الإمام محمد - رحمه الله - المشتمل على الحجج القاطعة من كتاب الله التي بين الله في كتابه كفر من يتعلقون بالأنبياء أو الملائكة ليبين أن الله قد حكم على من يدعو الأنبياء أو الملائكة أو الأوثان أو الأولياء بالكفر والضلال فمن فَعَلَ فعل هؤلاء الكفار من نصارى ووثنيين ومن عرب وغيرهم، ففعله كفر وشرك أكبر ومع هذا فقد بين الإمام محمد - رحمه الله - أنه لا يكفر من فعل هذا الشرك حتى يبين له البيان الشافي ويقيم عليه الحجة.
والإمام منذ بدأ بالدعوة إلى الله وإلى إخلاص الدين لله قد بين لأهل نجد أولاً ولغيرهم ثانياً غاية البيان في مؤلفاته ومراسلاته ودروسه، فاستجاب من استجاب وعاند من عاند وحارب، وألب على الشيخ، ومن هنا يسمى هذا الصنف بأعداء الله لأن هؤلاء الضالين لا يرون أن القرآن ينطبق عليهم كما يرى ذلك هذا المالكي، وهذا ضلال عريض يرفضه الشرع والعقل.
على أن الإمام محمداً تنـزل مع هؤلاء كالمسلِّم لقولهم:نحن لا نشرك بل نشهد أنه لا يضر ولا ينفع إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً..الخ.
تنـزل معهم في هذه الدعوى الكاذبة أما غيره كالشوكاني والصنعاني وآل الآلوسي، فلا يسلمون لهم هذه الدعوى، إذ واقعهم يكذبهم ويسوقون الأدلة على كذبهم من واقعهم وأحوالهم.
3- يظهر من قول المالكي "… وأكبر أحوال هؤلاء أن يكونوا مبتدعين فقط "
أنه لا يكفر من وقع في الكفر والشرك حتى بعد قيام الحجة.
وأقول: هذا كلام يدل على هوى وعناد وجهل عريض لا يدري المسكين أنه بهذا الهراء قد خالف الكتاب والسنة وأئمة الإسلام وفقهاء المذاهب الإسلامية.
ومعنى دعواه هذه أن نلغي أحكام الردة من كتب العقائد والفقه ونحكم على الصحابة والتابعين وعلماء الإسلام بالظلم متابعة للخرافيين والروافض من أمثال هذا المالكي.
4- انظر إلى محاماته عمن قتلهم حكام المسلمين بل قتلهم علي بن أبي طالب وأحرقهم من الزنادقة، بل قتل الصحابة وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون أهلَ الردة.
فهو يتهم العلماء وحكام المسلمين الذين كانوا يقتلون الزنادقة كالراوندية والخرمية والباطنيين، ويحامي عن الحلاج وأمثاله من الزنادقة.
يتهم المسلمين بأنهم لا يغارون على الإسلام ولا يعملون بأحكامه وإنما ينطلقون في قتل المسلمين عند المالكي من منطلقات سياسية وهذا أسلوب الروافض والعلمانيين في الطعن في العلماء وفي حكام بني أمية وبني العباس حقداً على الإسلام وتشويهاً لأهله.
قاتلهم الله أنى يؤفكون.
دفاعه المغلف عن الباطنية العبيديين
قال المالكي: "الملحوظة السادسة والعشرون: أيضاً قوله (ص50) (عن الفاطميين بنو عبيد القداح الذين ملكوا المغرب ومصر في زمان بني العباس. فلما أظهروا مخالفة الشريعة في أشياء دون ما نحن فيه أجمع العلماء على كفرهم وقتالهم وأن بلادهم بلاد حرب وغزاهم المسلمون حتى استنقذوا ما بأيديهم من بلدان المسلمين).أهـ ثم قال معلقاً:
"أقول: وهذا أيضاً غير صحيح فالحرب بين الأيوبيين والفاطميين حرب سياسية بحته لا دخل للدين بها.
وكانت البدع يومها في كل مكان في دولة بني العباس في العراق وتحت حكم صلاح الدين في مصر والشام وعند الفاطميين في مصر..الخ كان الوضع في العالم الإسلامي يومها كالوضع في عهد الشيخ محمد تماماً !
وجاء صلاح الدين مدداً للفاطميين من آل زنكي، ثم استولى، ولابد أن يستخدم الفاطميون والأيوبيون الدين سلاحاً في المعركة كما يفعل حكام العرب اليوم فالأمر ليس فيه غرابة، لابد أن تظهر كل دولة أن حربها للآخرين دينية وليست سياسية حتى تستجيش معها الغوغاء. وقد بدأ استخدام الدين لخدمة السياسة من أيام الدولة الأموية، من عهد معاوية تحديداً(1).
أما الفاطميون أو العبيديون لاتهمني التسمية فلن يعدموا مدافعين عنهم وناشرين لفضائلهم، بل أسوأ الفاطميين وهو الحاكم بأمر الله الذي اتُهم بالزندقة والكفر ومع ذلك فقد دافع عنه بعض العلماء والمؤرخين ".
ما يؤخذ عليه في هذا الكلام
ستظهر المآخذ عليه بعد نقل كلام الإمام محمد -رحمه الله-:
قال الإمام محمد: في كشف الشبهات (ص40)" ويقال أيضاً: بنو عبيدٍ القداح الذين ملكوا المغرب ومصر في زمان بني العباس، كلهم يشهدون أن لا اله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويدّعون الإسلام،ويصلون الجمعة والجماعة، فلما أظهروا مخالفة الشريعة في أشياء دون ما نحن فيه، أجمع العلماء على كفرهم وقتالهم، وأن بلادهم بلاد حرب، وغزاهم المسلمون حتى استنقذوا ما بأيديهم من بلدان المسلمين".
التعليـــق:
1-لم يسلم المالكي بما ذكره الشيخ فقال: " وهذا لم يصح "ولم يعبأ بما حكاه الإمام من إجماع العلماء على كفر العبيديين وقتالهم.
2-أن الإمام محمداً -رحمه الله- قد نسبهم إلى جدهم عبيد القداح اليهودي، فلم يعجب المالكي هذا فوصفهم بالفاطميين رمزاً منه إلى إيمانه بصحة نسبهم إلى فاطمة فهم عنده هاشميون من ذرية سيد المرسلين مراغمة للإمام محمد وأهل السنة ويرمز إلى أنهم أحق بالخلافة من غيرهم كما هو معتقد غلاة الشيعة وكما هي مسالكهم في دس عقائدهم.
3- حذف من كلام الإمام محمد" قوله: كلهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويدعون الإسلام ويصلون الجمعة والجماعة.
فلماذا حذف هذا الكلام ؟
لأن الإمام محمداً وصفهم بما وصف به المرتدين والمنافقين من إعلان الشهادتين والصلاة وغيرها من شعائر الإسلام، ثم هم مع ذلك مرتدون ومنافقون، فشغب عليه بأنه يمدح المنافقين والمرتدين بل وكفار قريش ويفضلهم على المسلمين، فلماذا حذف هذا الكلام وهو على منهجه مدح للكفار والمرتدين والمنافقين ؟.
الظاهر أنه يخالف إجماع المسلمين على كفرهم وأنه يراهم من أهل البيت وأحق بالخلافة وأن وصفهم بأنهم يشهدون ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول وأنهم يصلون الجمعة والجماعة قليل في حقهم، وأن العلماء ومنهم الإمام محمد قد ظلموهم في تكفيرهم ونسبتهم إياهم إلى عبيد القداح اليهودي.
لقد عجز عن الدفاع عنهم وعن التصريح بما يعتقده فيهم لأنه خشي إن ذكر هذا الكلام في وصفهم، ولم يشغب على الإمام كما شغب عليه في الكفار والمنافقين والمرتدين أن ينتبه الناس لعدم شغبه فحذف هذا الكلام لتنصرف الأنظار عن سوء الظن به وبمعتقده في بني عبيد القداح اليهودي.
4- انظر كيف سوى بين الأيوبيين وعلى رأسهم صلاح الدين الأيوبي البطل المجاهد الذي شهد له التاريخ والمسلمون بأنه مسلم صادق مجاهد وبين من شهد عليهم المسلمون والتاريخ بالكفر والزندقة والحقد على الإسلام والمسلمين والمجازر الرهيبة التي ارتكبوها في حق المسلمين.
لقد شهد المسلمون والتاريخ لصلاح الدين بأنه مخلص وقائد إسلامي فذ، وقف نفسه على الجهاد في سبيل الله فواجه الصليبيين في القدس والشام، فهزمهم وطهر أرض الإسلام من أرجاسهم كما واجه العبيديين الباطنيين فطهر مصر من أرجاسهم وظلمهم وعسفهم وتألههم، ورفع راية السنة وأظهر شعائر الإسلام وقضى على مظاهر الإلحاد والزندقة.
انظر كيف أخفى كل هذا وسواه بالباطنيين في الغاية وأنها سياسة بحته وإنما صلاح الدين شأنه شأن الحكام العرب المعاصرين الذين يتظاهرون بأن حربهم دينية وهم بعيدون عن ذلك، ولم يذكر حكام العجم كالخميني مثلاً ومصطفى أتاتورك وأمثالهما لأغراض لا يصعب إدراكها وعلى كل حال فهو يدافع عن العبيديين بطريقة ماكرة ثم قد لا يعجزه وجود من يدافع عن العبيديين من الزنادقة والروافض ومن ينخدع بهم من ضعفاء المؤرخين الذين قد يأخذ بأقوالهم ويترك في الوقت نفسه إجماع علماء المسلمين المعتبرين الذين عاصروهم وعرفوا كفرهم وزندقتهم، والمبطل لا يعوزه أن يجد مثل خيوط العنكبوت من الأباطيل فيتعلق بها.
5- قوله: (بل أسوأ الفاطميين وهو الحاكم بأمر الله الذي اتُهم بالزندقة والكفر ومع ذلك فقد دافع عنه بعض العلماء والمؤرخين).
أقول: هذا الكلام فيه تلبيس وإيهام أن الحاكم وحده من بين العبيديين رمي بالزندقة والأمر بخلاف ذلك، فإن الحكام العبيديين كلهم من أولهم إلى آخرهم يجزم العلماء بفساد مذهبهم وزندقتهم بدءاً بأصلهم عبيد الله الذي تسمى زوراً بالمهدي.
(1)قال الذهبي في سير أعلام النبلاء(15/141): (المهدي وذريته: هو عبيد الله أبو محمد أول من قام من الخلفاء الخوارج العبيدية الباطنية الذين قلبوا الإسلام وأعلنوا بالرفض وأبطنوا مذهب الإسماعيلية وبثوا الدعاة يستغوون الجبلية والجهلة.
وادعى هذا المدبر أنه فاطمي من ذرية جعفر الصادق فقال: "أنا عبيد الله بن محمد بن عبد الله بن ميمون بن محمد بن إسماعيل بن جعفر بن محمد. وقيل: بل قال: أنا عبيد الله بن أحمد بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق. وقيل: لم يكن اسمه عبيد الله، بل إنما هو: سعيد بن أحمد. وقيل: سعيد بن الحسين. وقيل: كان أبوه يهودياً. وقيل: من أولاد ديصان الذي ألف في الزندقة).
(2) وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء(15/152)ذكر القاضي عبد الجبار المتكلم أن القائم أظهر سب الأنبياء وكان مناديه يصيح: العنوا الغار وما حوى، وأباد عدة من العلماء، وكان يراسل قرامطة البحرين ويأمرهم بإحراق المساجد والمصاحف).
انظر بلاغاتهم السبعة في السير (15/144،141)، واقرأ لمحة عن معتقدهم وأصولهم في سير أعلام النبلاء(15/178).
(3) وقال الذهبي في السير(15/154): "وقد أجمع علماء المغرب على محاربة آل عبيد لما شهروه من الكفر الصراح الذي لا حيلة فيه، وقد رأيت في ذلك تواريخ عدة يصدق بعضها بعضاً".
واقرأ ما بعد هذه الصفحة في بيان كفر العبيديين، وانظر تاريخ ابن خلدون(4/3061) وفيه ذكر وفاة الحاكم وقد دافع خطأً عن نسبهم بناء على رأيه لا على الأدلة والبراهين، ومع ذلك لم يدافع عن عقيدتهم.
واقرأ أخبارهم في المصادر التالية: تثبيت دلائل النبوة للقاضي عبد الجبار الهمذاني (ص601)، وأخبار القرامطة(للدكتور سهيل زكار،ص182)، والإسماعيلية تاريخ وعقائد للشيخ إحسان إلهي ظهير(ص122)، والبيان المعرب في أخبار الأندلس والمغرب(ص158-161).
دفاعه عن أهل البدع والأهواء مع طعنه الشديد في
الإمام محمد وفي أهل السنة والتوحيد
قال المالكي(ص16): "الملحوظة الثالثة عشرة: ويقول ص 19: (وأنا أذكر لك أشياء مما ذكر الله في كتابه جواباً لكلام احتج به المشركون في زماننا علينا...)!!.أهـ.
ثم قال: أقول يا ترى من هم هؤلاء المشركون الذين يغوصون في أدلة الكتاب والسنة مع فصاحة وعلم وحجج...؟! أليسوا علماء مختلفين معه في دعوى كفر مخالفيه من علماء وعوام؟ لا ريب أن هذا فيه تكفير صريح للمخالفين له ممن نسميهم (خصوم الدعوة) أو (أعداء التوحيد) أو (أعداء الإسلام) !! وهذا ظلم، لأن الشيخ كان يرد على مسلمين ولم يكن يرد على كفار ولا مشركين،وهذه رسائله وكتبه ليس فيها تسمية لمشرك ولا كافر وإنما فيها تسمية لعلماء المسلمين في عصره كابن فيروز، ومربد التميمي، وابني سحيم سليمان، وعبد الله ابن عبد اللطيف، ومحمد بن سليمان المدني، وعبد الله بن داود الزبيري، والحداد الحضرمي، وسليمان بن عبد الوهاب، وابن عفالق، والقاضي طالب الحميضي، وأحمد بن يحي، وصالح بن عبد الله، وابن مطلق،وغيرهم من العلماء الذين يطلق عليهم (المشركون في زماننا)!!"
التعليــــق:
1- إن هؤلاء المذكورين لو حصل من الشيخ تكفير أحد منهم فلن يكون ذلك منه إن شاء الله إلا بعد التأكد من قيام الحجة عليه كما أسلفنا أنه لا يستحل التكفير إلا بعد قيام الحجة على خصومه وبعد عنادهم.
2- نقول للمالكي سمّ لنا الآن من يصف هؤلاء بأنهم مشركون بعد أن عفت آثارهم وأخمد الله ذكرهم في هذه الدنيا فلا يعرفهم أو بعضهم إلا المتخصصون المنقبون.
3- هل تكفير الإمام محمد وأتباعه على أساس الجهل والهوى وعلى أسس الخوارج أو على العلم والبصيرة وفي ضوء الكتاب والسنة وعلى أسس أهل السنة والجماعة.
4- هل مثل هؤلاء الذين سميتهم يصح شرعاً أن يوصفوا بأنهم علماء ؟ وهل هم ممن قال الله فيهم إنما يخشى الله من عباده العلماء ؟ وهل هم من علماء التوحيد الذي جاء به الرسل ونزلت به الكتب وشرع من أجله الجهاد أو هم علماء سوء وأهل أهواء وفجور في خصومتهم يدافعون في هذه الخصومة عن الشرك والضلال والبدع ؟
5- أن الإمام محمداً لم يسم من ذكرت في هذا الكتاب الذي اخترته للهجوم عليه، فلماذا تثير هذه الأسماء وقد اندثر ذكرهم وعفا عليهم وعلى أسمائهم الزمن.
6- هل الإمام محمد كفّر هؤلاء جميعاً وأين كفرهم ؟
7- نحن واثقون أنه لو كفر أحداً منهم فلا يكفر إلا بحجة ومن خاصمه في حياته فقد أقام عليه الحجة.
8- هؤلاء الذين سميتهم كما قلنا لا يعرفهم إلا النادر من المتخصصين الذين يعلمون ما عندهم من العداوة والحرب على التوحيد وأهله والصد عن سبيل الله ودينه العمل الذي يشبه أعمال اليهود الذين يعرفون الحق ثم يعادون أهله ويحاربونه وأهله بكل وسيلة خبيثة تمكنهم.
9- أضرب بعض الأمثلة لبيان نوعيات هؤلاء وأمثالهم التي ينافحون عنها ويدعون إليها ويحاربون الإمام محمداً من أجلها.
قال الحداد: وينبغي اليوم في هذا الوقت من الحوادث التي حدثت في الثلم في الدين باعتقاد العامة قول البدعي:" إن الاستغاثة شرك فالعالم والمقتدى به ينبغي له أن يظهر الاستغاثة ليقتدي به " مصباح الأنام (ص60) نقلاً عن دعاوى المناوئين (ص165) إعداد عبد العزيز بن محمد بن عبد اللطيف.
ويقول عبد الرحيم البرعي في مدح البجلي والحكمي:
لكما يحمل عرش ربك همة ويد من الأيدي التي بنت السمـا
ويحيط سركما الوجــود فلـيس شيء يخفى عنكـمــا
وديوان البرعي مقدس عند كثير من أهل اليمن وهو مليء بالشرك والضلال.
ويقول المرغني:
وكنت عين وجود القدس في أزل يسبح الكون تسبيحاً لإجلالـي
فالعرش والفرش والأكوان أجمعها الكل في سعتي مستهلك بالـي
وكل فضل سما لكون مرتــفعا فإنما هو من مني وأفضالـــي
فانظر كيف يدعي أنه هو الله وأن الكون يسبح لإجلاله وتعظيمه وأن كل النعم في هذا الكون إنما هي من منِّه وأفضاله وكم له من الأتباع يؤمنون بهذا الإلحاد إلى يومنا هذا في السودان.
وهذا أحد رؤوس الضلال والشرك وهو الشيخ أحمد الخامي ينعق بأبيات شركية مغرقة في الضلال في مدح نفيسة بنت الحسن المدفونة في مصر فيقول فض الله فاه:
ياصاح إن رمت الحياة الفاخرة فاقصد حمى بنت الكرام الطاهـرة
ذات الكرامات المعظمة الـتي أسرارها بين الخـلائق ظاهــرة
وبها تـوصل واحتـم بجوارها أذكر مصابك تلقها لك ناصــرة
فهي المنجية الشباب من العذاب مغيـثة الملهوف شمس الدائــرة
كم جاءها ذو فاقة يرجـو الغنى جبرت بتيسير المعايش خاطــرة
فاغنـم وسل بمقامها تعط المـنى فعـلى الدوام لزائريها حاضــرة
وادخل وطف واسعى وســل بتأدب ما تشـتهيه ونادها ياطاهرة
أني قصدتـك مستغيثاً لائـذاً مستعطفاً أهل القلوب العامــرة
حاشا وكلا أن يضام نزيـلكم أو أن يعود بصفقة هي خاســرة
يا كعبة الأسرار جئتك لائـذاً أبغى النـدى من وكف كف عاطرة
يا أم قاسـم الغـياث فإنـني عبد ضعيف الحال يدي قاصــرة
دنف ومسـكين مهين عابـر ما لي معـين قط عيني ساهــرة
يا بنت طه أنقذي من لم يـجد جاهاً سوى ذي المعجزات الظاهرة
المصطفى الهادي البشير محـمد من يرتجـي كل الأنام مآثـــرة
صلى عليـه الله ما بـدر زها والآل والصحب النجوم الزاهــرة
أو ما استغاث الخامي أحمد قائلاً يا صاح إن رمت الحياة الفاخــرة
(نور الأبصار في مناقب آل بيت النبي المختار –صلى الله عليه وسلّم-) للشيخ مؤمن بن حسن الشبلنجي (ص213).
انظر إلى هذا الشرك العظيم:
1- الذي يقصد الحياة الفاخرة فليقصد حمى نفيسة التي لا تملك لنفسها نفعاً ولا ضراً فهذا رسول الله يقول له ربه " قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً ".
2- يؤكد الاحتماء بجوارها ويعتقد أنها تملك النصر لمن يحتمي بجوارها.
3- وهي تملك صفة الإنقاذ والنجاة للشباب من العذاب ولعله يقصد أنها تملك ذلك في الدنيا والآخرة وهذه من صفات الله وخصائصه.
4- وهي مغيثة الملهوف وهذه من صفات الله وخصائصه.
5- وهي شمس الدائرة ولا يبعد أن الرجل من مقدسي الشمس والكواكب.
6- ويدعي أنه قد جاءها الكثير من أهل الفاقة فجبرت خواطرهم بتيسير العيش لهم وهذه من صفات الله وخصائصه.
7- ويحث أهل الضلال أمثاله على الاغتنام والسؤال بمقامها يريد أنها تحقق لهم مطالبهم مهما كانت.
8- ويعد الخرافيين من أمثال من يدافع عنهم المالكي بنيل ما يتمنونه لأنها على الدوام حاضرة مثل رب العالمين.
9- ويدعو إلى عبادتها والطواف والسعي حول قبرها وسؤالها كل ما يشتهيه السائلون من أمور الدنيا والدين.
10- ويأمر بندائها والتذلل أمامها كما يتذلل ويخضع لرب العالمين فيقول في ندائه إني قصدتك مستغيثاً لائذاً مستعطفاً فهي الملاذ المستغاث به دون رب العالمين.
11- وينـزهها أن يضام نزيلها أو يعود بصفقة خاسرة لأنها تملك الخزائن وتعطي من تشاء.
12- ويتذلل لها فيقول بأنني عبد ضعيف الحال يدي قاصرة ودنف ومسكين ومهين وعابر ماله معين قط حتى رب العالمين فقد نسيه وأنزل ذله ومسكنته ودنفه وعونه بنفيسة المسكينة التي لا تملك لنفسها مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ونسى رب العالمين، فهل وصل الكفار في الشدائد إلى مثل هذه الحال. هذه النوعيات هي التي حاربت ابن تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب وهي التي دافع عنها خصوم هؤلاء الأئمة ولا سيما الإمام محمد - رحمه الله- ويدافع عنهم المالكي وهذه النوعيات موجودة في العالم الإسلامي ومنهم البريلوية في الهند وباكستان وبنجلادش يمثلون أكثرية المسلمين فيها.
وموجودة في البلاد العربية في مصر والسودان ودول أفريقيا تيجانية ومرغنية وبرهانية وقادرية وشاذلية ويحتاجون إلى من يدعوهم إلى دين الله الحق ويرشدهم إلى صراطه المستقيم ويبذل الجهود لإخراجهم من ظلمات الضلال إلى نور التوحيد لا إلى من يدافع عنهم ويتباكى لهم.
ونحن رغم هذا لا نكفرهم ونشترط قيام الحجة عليهم لأنهم لا يجدون من ينبههم بل لا يجدون في الغالب إلا من يصدهم عن سبيل الله ويدافع عن ضلالهم من أمثال المالكي وكم لهؤلاء المضللين من الكتب التي تحمل هذا الضلال الذي عرضنا منه قطرة من بحر.
ويقول الديبعي في مولده الذي يمدح رسول الله –صلى الله عليه وسلّم-:
من رأى وجهك يسعد يا كريم الوالـدين
حوضك الصافي المبرد وردنا يوم النشـور
أنت غفار الخطايـا والذنوب الموبقات
أنت ستار المسـاوى ومقيل العثــرات
يا ولي الحسنــات يا رفيع الدرجـات
كفر عني الذنــوب واغفر عني السيئات
عالم السر وأخفــى مستجيب الدعوات
كتاب(الشيخ محمد بن عبد الوهاب مجدد القرن الثاني عشر) (ص182-183)
انظر إلى هذا الكفر لقد أعطى النبي –صلى الله عليه وسلّم- سبعاً من خصائص الله في ربوبيته وعظمته وجلاله.
فهل الديبعي يجهل هذا أو هو يريد أن ينشر الإلحاد في المسلمين تحت ستار حب الرسول –صلى الله عليه وسلّم-.
أرأيت لو سمع رسول الله وأصحابه مثل هذا الإطراء العديم النظير فماذا سيقولون لمثل هذا الضال الغالي إنه سيستتاب فإن تاب وإلا قتل قتل المرتدين.
ثم قال المالكي:"وقد استمر علماء الدعوة بعده في تكفير أو تبديع يصل للتكفير لعدد آخر من علماء المسلمين – أخطأوا ولم يكفروا – في عهد الدولة السعودية الثانية كابن سلوم و عثمان بن سند وابن منصور وابن حميد وأحمد بن دحلان المكي... وداود بن جرجيس وغيرهم.
وفي القرن الرابع عشر الهجري استمر تكفيرنا وتبديعنا لعلماء معاصرين – أخطأوا ولم يكفروا – كالكوثري والدجوي، وشلتوت، وأبي زهرة، والغزالي، والقرضاوي، والطنطاوي، والبوطي، والغماري، والكبيسي، وغيرهم، ولو نستطيع لقلنا عنهم (المشركون في زماننا) وقد قيل !!
ومن المؤسف أنه لا يوقف تكفيرنا وتبديعنا للآخرين إلا السلطة أو العجز(1)، ولولاهما لما أبقينا أحداً إلا وصمناه بكفر أو بدعة مكفرة ! مع أن الواجب أن يكون هذا التورع عن التكفير والتبديع من العلماء لا من الحكام، ولا وقت العجز، لأن العلماء يعرفون عظمة حق المسلم وتحريم دمه وماله وعرضه، فهي آخر ما أوصى به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في حجة الوداع، فهذه الخطبة التي بثها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في مائة ألف من المسلمين يحفظها بألفاظها العلماء لا الحكام، فكان الأولى والأجدر بهم حفظ ورعاية هذه الوصية النبوية الكبرى".
حكمه على الإمام محمد وعلى أهل السنة بأنهم أشد من الخوارج تكفيراً ومدحه الماكر لثورة الخميني ودفاعه الماكر عن سيد قطب وصرف قضية التكفير عنه
قال في (ص19-20):" بل إن بقايا الخوارج أنفسهم في الأزمنة المتأخرة لا أظن أنهم كفروا العوام أو استحلوا دماءهم، كما فعل الشيخ - رحمه الله- وأتباعه بفتاوى منه في العلماء والعوام.
فسامحه الله وغفر له فقد زرع خيراً كثيراً لكن شابه شيء من الشر بدافع الحماس،فأما الخير فقضاؤه على كثير من البدع والخرافات لكنه بالغ حتى وصل للغلو المذموم.
وبعض الأخوة يقول: كيف ننقد منهج الشيخ وبفضله – بعد فضل الله – كان هذا الوطن الإسلامي الكبير ؟!
نقول: هذا لا شك من المحاسن الكبرى للشيخ، وقد ذكرناها في المقدمة، ولن ينساها له المخلصون من الناس، فربما لولا دعوته وقتاله لسكان الجزيرة [27] لما توحدوا من الخليج إلى البحر الأحمر، ومن جنوب الشام إلى اليمن، لكن (جمال النتيجة لا يعني صحة المقدمات)، فالنتائج قد تكون جميلة مع بنائها على مقدمات ناقصة وهذا يعرفه أهل المنطق وغيرهم.
فثورة الخميني مثلاً كانت نتيجتها جميلة من إزالة العلمانية التغريبية من دولة إيران، لكن هذه النتيجة لا يعني عدم نقد الخميني ومغالاته، وكذلك لو قام أحد الخوارج وكوَّن دولة فإنّ حسن النتيجة لا يعني صحة المنطلقات.
وهذا أيضاً مثلما لو قام أحد الحكام بقتل السارق بدلاً من قطع يده، فلا بد أن تقل السرقة وعندئذ يأتي المثني على هذا الحاكم ليصف النتيجة الجميلة من قلة السرقة أو انعدامها.... !! ولكن فعل الحاكم هنا كان خلاف النصوص الشرعية، ولا بد يوماً ما أن يكون لفعله هذا آثار سلبية، لأن شريعة الله كاملة وليس فيها حكم شرعي إلا وهو وسط بين تطرفين.
وكذلك لو قام أحد الحكام بقطع يد كل من قطع إشارة المرور أو تجاوز السرعة القانونية !! فلا بد أن ينضبط المرور وتنعدم الوفيات ! في درجة تعجب منها الدول المتحضرة ! ويأتي من يثني على نتائج هذا القرار !! وأنه كان قراراً حكيماً وأن الوفيات انخفضت من ستة آلاف في السنة إلى (15) وفاة فقط !! وقل عدد الجرحى والمعاقين من مائة ألف في السنة إلى 86 حالة فقط !!
لكن ما رأيكم في شرعية هذا القرار شرعاً وقانوناً ؟! وماذا سيسببه على المدى الطويل؟! الإجابة معروفه للعقلاء من علماء الشريعة وعلماء التاريخ والقانونين.
وكذلك قتال المسلمين لا يجوز لمجرد وجود بدع وخرافات، لأن القتال لا يجوز إلا بنص شرعي، أما بلا نص فارتكابه أسوأ من تلك البدع والخرافات.
والشيخ محمد - رحمه الله - ربما لو لم يقاتل المسلمين واكتفى بمراسلة العلماء يحثهم على الدعوة إلى الله، ربما لو فعل هذا لتجنبنا مآسي التكفير من ذلك الزمن إلى عصرنا هذا الذي يعتمد فيه المكفرون على فتاوى الشيخ وعلماء الدعوة في تكفير المسلمين.
وإن كان سيد قطب رحمه الله قد بالغنا في نقده لأننا وجدنا في (متشابه) كلامه ما يوحي بالتكفير، فإن الشيخ محمد (كذا) قد وجدنا التكفير في (صريح) كلامه لا متشابهه! فجعلنا سيد قطب كبش فداء لأنه ليس له أنصار عندنا وللشيخ أنصار !
وهذا ليس من أخلاق طالب العلم الذي يقول الحق ولو على نفسه، ولا يحمل المسؤولية الأبرياء.
وهذا يدعونا لنقد عبارات الشيخ مع الاعتراف بفضله علينا، لكن الضرر في كتبه وإن رآه البعض يسيراً فإنه في الوقت نفسه خطير والمشكلة الكبرى عندنا أن فتاوانا اليوم في التكفير تخالف الشيخ تماماً، لكننا نجبر الناس على الإيمان بفتاوى الشيخ التي تحمل توسعاً في التكفير، والإيمان بفتاوانا التي كان يراها الشيخ (إرجائية) والتي تتفق مع فتاوى خصوم الشيخ في الرد على التكفير ! وهذا جمع بين المتناقضات [28] ولو أننا قلنا: إن الشيخ اجتهد في التكفير فأخطأ لزال كل هذا التناقض، ولم ينقص دين ولا دنيا ولا مكانة، فالدين لا يهتز لتخطئة أمثال عمر وعلى - رضي الله عنهما -، فكيف يهتز لتخطئة ابن تيمية أو ابن القيم أو الشيخ محمد ابن عبد الوهاب.
وبيان أخطاء الشيخ محمد في هذا الجانب (جانب التكفير) مفيد وضروري، لأن المجتمع السعودي علماؤه وطلاب العلم فيه تربوا على فتاوى الشيخ وعلماء الدعوة الذين كانوا يميلون لتكفير المسلمين، ولابد أن يتأثر بعضهم بهذا الجانب".
التعليــــق:
1- أن الإمام لا يكفر إلا من قامت عليه الحجة ولقد جد وبالغ في إقامة الحجة بمؤلفاته ورسائله ويدعم هذه الدعوة بالحجج والبراهين كما هو معلوم وشائع ومتواتر.
2- تكفير من قامت عليه الحجة وقتاله بعد إقامة الحجة وعناده ومحاربته من دعا إلى تحكيم الله ورسوله أمر جاء به الشرع؛ فالذي ينكر القيام بأحكام الله على الوجه الذي شرعه الله عدو لله ولرسوله وللإسلام والمسلمين معارض لشريعة الله معارض لأحكامه التي لا يقوم الإسلام إلا بها.
3- كان فيمن كفرهم وقاتلهم الإمام محمد، بشر كثير ممن ينكر البعث وكان خصومه الألداء يعرفون هذا ولا يكابرون فيه وكان فيهم من عنده أكثر من مائة ناقض من نواقض الإسلام ومع هذا لم يقاتلهم إلا بعد إقامة الحجة ووضوح المحجة ولو واجه النبي –صلى الله عليه وسلّم- هذا الواقع لما تردد في قتال أهله.
4- قولك بحسن النتائج وفساد المقدمات باطل شديد البطلان في الحكم على فساد المقدمات فالمقدمات صحيحة في غاية الصحة قائمة على كتاب الله وسنة رسوله وعلى سيرة الصحابة الكرام وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون وأما حسن النتائج الذي تعترف به فما نشأ إلا عن حسن المقدمات وجمالها وصحتها.
5- ثورة الخميني ليست حسنة لا في مقدماتها ولا في نتائجها فقد كان شاه إيران قد كبح جماح الرفض الغالي الذي هو شر من العلمانية فمنع سب أصحاب محمد –صلى الله عليه وسلّم- وتكفيرهم على المنابر وفي سائر وسائل الإعلام ومن نتائج ثورة الخميني إعلان هذا السب على المنابر وغيرها من ميادين الشيطان ولم يقض على العلمانية كما تدعي.
6- من نتائج ثورة الخميني انتشار الرفض في العالم الإسلامي بسبب النشاط الرافضي المتدفق الذي سنه الخميني وشجعه سياسياً واقتصادياً وبكل ما أوتي هو وأعوانه من قوة.
7- الحرب المدمرة التي شنها إشباعاً لطموحاته الرافضية في الاستيلاء على دول الخليج والحرمين وربما سائر بلدان العالم الإسلامي.
فلقد تضاءلت العلمانية أمام نتائج هذه الثورة الرافضية لأن مقدماتها فاسدة ولا ينشأ عن الفساد إلا الفساد فاعترافك بحسن نتائج هذه الثورة إنما هو اعتراف بالرفض وتزيـين له.
8- الأمثلة التي ضربتها بعيدة كل البعد عن مقدمات ونتائج دعوة الله التي نهض بها الإمام محمد وأنصاره من آل سعود وغيرهم فجزاهم الله خير الجزاء على ما بذلوا من نصرة الإسلام وتجديده عقيدةً ومنهجاً وتطبيقاً.
9- دعواك أن كلام سيد قطب في التكفير متشابه من المكابرة والسفسطة فتكفيره للمجتمعات الإسلامية قائم على الهوى وعلى منهج غلاة الخوارج واضح وضوح الشمس وكتابه الظلال مليء بهذا التكفير الواضح حتى إنه ليكفر بصغير الجزئيات وتكفيره في العالم واضح لا على طريقة الكتاب والسنة وطريقة السلف الصالح.
وإنما على طريقة غلاة الخوارج وأسوأ فهو لا يرى العقائد الشركية والإلحادية منافية للاإله إلا الله ولا يفكر في إنكار هذه العقائد من قريب ولا بعيد.
أما تكفير الإمام محمد فقائم على الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح وقائم على التزام الشروط التي اشترطها علماء الإسلام واستمدوها من كتاب الله وسنة رسوله ولا علاقة له بالتكفير المنتشر في الساحة، فإنما هو منطلق من كتابات سيد قطب وكتابات المودودي ومدرستهما فافهم ولا تغالط.
10- قولك " لكن هذه النتائج لا يعني عدم نقد الخميني" لست بصادق في تحسين النتيجة ولا في تظاهرك بجواز نقده فإن كنت صادقاً فوجه نشاطك لنقده ونقد عقائد الرفض بدل أن تحارب الإمام محمداً ودعوته وأنصاره.
11- قولك "ما رأيكم في شرعية هذا القرار شرعاً وقانوناً" قول باطل وسخيف ودليل على الفوضى الفكرية التي تعيشها كيف تسوي بين القوانين الجاهلية وبين شريعة الإسلام.
والقانونيون إذا استنكروا هذا القرار فإنما ينطلقون من جهل لمواجهته جهل عندهم أضعافه فلماذا تقرنهم بعلماء شريعة الإسلام.
12- قولك "وفتاوانا اليوم في التكفير تخالف الشيخ تماماً ".... الخ
قائم على الجهل بمنهج السلف الذي قامت عليه دعوة الشيخ وأحكامه وقامت عليه فتاوى أتباعه وأحكامهم وقائم على المغالطة وعلى عدم إدراك المنهج القطبي الذي تخالفه إن كنت منصفاً وستدرك جهلك وظلمك في دعوى التناقض والمخالفة للشيخ ومنهجه وأحكامه.
13- وقولك "لكننا نجبر الناس على الإيمان بفتاوى الشيخ التي تحمل توسعاً في التكفير والإيمان بفتاوانا التي كان يراها الشيخ (إرجائية) ".
قول باطل فعلماء الدعوة يعلمون الناس العقائد الصحيحة والأحكام الشرعية الربانية ويحذرونهم من التكفير بالجهل والهوى الذي قام عليه منهج سيد قطب وأتباعه، ووصف هذا المنهج العلمي القائم على الكتاب والسنة بالإرجاء إنما نشأ عن الإيمان بمنهج سيد قطب الخارجي لا عن منهج الإمام محمد رحمه الله.
فلا تناقض إلا في أدمغة أهل الباطل والضلال.
14- إذا عرف الناس أن الشيخ لا يكفر أحداً إلا بعد قيام الحجة وعرف المخلصون دينه وورعه وتثبته في الحكم على الناس، أدركوا - والحمد لله- أن الشيخ كان مصيباً في أحكامه فلا يضره أن يحاربه الروافض والخرافيون وأن يصفوه بالتكفير فالميزان الصحيح كتاب الله وسنة رسوله وسيرة أصحابه وتطبيقهم لا ميزان شياطين الإنس والجن.
15- السلفيون والحمد لله لا يرون أن الدين يهتز لتخطئة أحد ولكنهم يرفضون إلصاق التهم الفاجرة سواء ضد الصحابة أو ضد علماء الإسلام كائنين من كانوا بل يحاربون الظلم ولو كان لكافر. ومن هنا يدافعون عن أئمة الإسلام ومنهم ابن تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب فافهم واعقل ذلك.
موافقات أئمة الإسلام السابقين واللاحقين من مختلف البلدان والمذاهب للإمام محمد في مواجهة الشرك والخرافات
وموافقة غيرهم له في هذه المواجهات
أولاً- قال أبو بكر محمد بن وليد الطرطوشي المتوفى سنة (520هـ) في كتابه القيم (الحوادث والبدع) التي من ضمنها البدع الشركية (ص104ـ 105) معلقاً على حديث أبي واقد الليثي الذي قال فيه:خرجنا مع النبي –صلى الله عليه وسلّم- قبل حنين ونحن حديثو عهد بكفر وللمشركين سدرة يعكفون حولها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط. فمررنا بالسدرة فقلنا: يا رسول الله ! اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الله أكبر! هذا كما قالت بنو إسرائيل: " اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون "، لتركبن سنن من قبلكم ".
فانظروا رحمكم الله أينما وجدتم سدرة أو شجرة يقصدها الناس ويعظمون من شأنها ويرجون البرء والشفاء من قبلها(1)وينوطون بها المسامير والخرق فهي ذات أنواط فاقطعوها ! "
ثانيا- العلامة شهاب الدين عبد الرحمن بن إسماعيل المعروف بأبي شامة الشافعي المتوفى سنة 665 هـ صاحب كتاب الباعث على إنكار البدع والحوادث التي من ضمنها البدع الشركية قال في الكتاب المذكور (ص 100-101):
"فصل (البدع المستقبحة)
ثم هذه البدع والمحدثات المستقبحة، تنقسم إلى قسمين:
قسم تعرفه العامة والخاصة أنه بدعة، إما: محرمة وإما مكروهة. وقسم يظنه معظمهم ـ إلا من عصم ـ عبادات وقرباً وطاعات وسنناً.
فأما القسم الأول: فلا نطول بذكره، إذ كفينا مؤنة الكلام فيه، لاعتراف فاعله أنه ليس من الدين لكن نبين من هذا القسم ما قد وقع فيه جماعة من جهال العوام، النابذين لشريعة الإسلام، التاركين للاقتداء بأئمة الدين من الفقهاء، وهو ما يفعله طوائف من المنتمين إلى الفقر الذي حقيقته الافتقار من الإيمان، من مؤاخاة النساء الأجانب والخلوة بهن، واعتقادهم في مشايخ لهم ضالّين مضلّين، يأكلون في نهار رمضان من غير عذر،ويتركون الصلاة، ويخامرون النجاسات، غير مكترثين لذلك، فهم داخلون تحت قوله تعالى: أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين مالم يأذن به الله.
وبهذه الطرق وأمثالها، كان مبادىء ظهور الكفر من عبادة الأصنام وغيرها.
ومن هذا القسم أيضاً:
ما قد عم الابتلاء به من تزيين الشيطان للعامة تخليق الحيطان والعمد، وسرج مواضع مخصوصة في كل بلد، يحكي لهم حاك أنه رأى في منامه بها أحداً ممن شهر بالصلاح والولاية، فيفعلون ذلك، ويحافظون عليه مع تضييعهم فرائض الله تعالى وسننه، ويظنون أنهم متقربون بذلك، ثم يتجاوزون هذا إلى أن يعظم وقع تلك الأماكن في قلوبهم، فيعظمونها،ويرجون الشفاء لمرضاهم، وقضاء حوائجهم بالنذر لها، وهي من بين عيون وشجر وحائط وحجر(1).
وفي مدينة دمشق - صانها الله تعالى من ذلك- مواضع متعددة: كعوينة الحمى خارج باب توما، والعمود المخلّق داخل باب الصغير، والشجرة الملعونة اليابسة خارج باب النصر في نفس قارعة الطريق سهّل الله قطعها واجتثاثها من أصلها، فما أشبهها بذات أنواط الواردة في الحديث الذي رواه محمد بن إسحاق وسفيان ابن عيينة عن الزهري عن سنان بن أبي سنان عن أبي واقد الليثي -رضي الله عنه- قال:"خرجنا مع رسول الله –صلى الله عليه وسلّم- إلى حنين" وذكر بقية الحديث.
ثالثاً- شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - المتوفى سنة 728 هـ وكتبه مليئة ببيان التوحيد وأنواعه وبيان الشرك وأنواعه ومن مؤلفاته "الجواب الباهر "، " والتوسل والوسيلة "، "والاستغاثة في الرد على البكري "، "والواسطة بين الحق والخلق"، "واقتضاء الصراط المستقيم".
قال -رحمه الله- في كتابه لا واسطة بين الله وبين عباده في جلب المنافع ودفع المضار (ص 130-133) من مجموعة التوحيد:" وإن أراد بالواسطة أنه لا بد من واسطة في جلب المنافع، ودفع المضار، مثل أن يكون واسطة في رزق العباد، ونصرهم وهداهم، يسألونه ذلك، ويرجون إليه فيه(1)، فهذا من أعظم الشرك الذي كفّر الله به المشركين، حيث اتخذوا من دون الله أولياء وشفعاء،يجتلبون بهم المنافع، ويدفعون بهم المضار. لكن الشفاعة لمن يأذن الله له فيها حق.
قال الله تعالى: الله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش مالكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون.
وقال تعالى: وأنذر به الذ
مواضيع مماثلة
» الجزء الثامن :( دحر إفتراءات أهل الزيغ و الإرتياب عن دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب تأليف المحدث ربيع المدخلى
» الجزء الثالث :(دحر إفتراءات أهل الزيغ و الإرتياب عن دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب : تأليف المحدث ربيع المدخلى
» الجزء الرابع:( دحر إفتراءات أهل الزيغ و الإرتياب عن دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب تأليف المحدث ربيع المدخلى
» الجزء الخامس (دحر إفتراءات أهل الزيغ و الإرتياب عن دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب : تأليف المحدث ربيع المدخلى
» الجزء السادس ( دحر إفتراءات أهل الزيغ و الإرتياب عن دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب تأليف المحدث ربيع المدخلى
» الجزء الثالث :(دحر إفتراءات أهل الزيغ و الإرتياب عن دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب : تأليف المحدث ربيع المدخلى
» الجزء الرابع:( دحر إفتراءات أهل الزيغ و الإرتياب عن دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب تأليف المحدث ربيع المدخلى
» الجزء الخامس (دحر إفتراءات أهل الزيغ و الإرتياب عن دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب : تأليف المحدث ربيع المدخلى
» الجزء السادس ( دحر إفتراءات أهل الزيغ و الإرتياب عن دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب تأليف المحدث ربيع المدخلى
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى