منتديات أتباع الإمام محمد بن عبد الوهاب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

حكم المظاهرات فى الاسلام نقلا من موقع شيخنا المحدث ربيع بن هادى

اذهب الى الأسفل

حكم المظاهرات فى الاسلام  نقلا من موقع شيخنا المحدث ربيع بن هادى Empty حكم المظاهرات فى الاسلام نقلا من موقع شيخنا المحدث ربيع بن هادى

مُساهمة  أبو عائشة إسماعيل خيرى الخميس ديسمبر 20, 2012 6:28 pm



المؤلفات > مقالات الشيخ > حكم المظاهرات في الاسلام / الحلقة الاولى
حكم المظاهرات في الاسلام / الحلقة الاولى

حكم المظاهرات في الإسلام
الحلقه الأولى
حوار مع الدكتور سعود بن عبد الله الفنيسان





تأليف
الشيخ ربيع بن هادي عمير المدخلي

حكم المظاهرات في الإسلام
حوار مع الدكتور سعود بن عبد الله الفنيسان
"الحلقة الأولى"
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين وأشرف المرسلين الذي بعثه الله بأكمل رسالة وأشرفها، فما من خير إلا دلت عليه، وما من شر إلا حذرت منه.
وعلى آله وصحابته الأكرمين وخلفائه الراشدين المهديين.
أما بعد:
فقد اطلعت على مقال للدكتور سعود بن عبد الله الفنيسان بعنوان " نظرات شرعية في وسائل التعبير العصرية".
فوجدته قد حاد -في هذا المقال في عرضه للمظاهرات والاستدلال عليها- عن الصراط المستقيم، الذي أمرنا الله باتباعه، فقال: (وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، [سورة الأنعام : 153].
وشهد لرسوله بأنه يهدي إلى صراط مستقيم، فقال تعالى: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)، [سورة الشورى : 52].
وكلفنا في كل صلواتنا؛ فرائضها ونوافلها بأن ندعوه ليهدينا إلى الصراط المستقيم، فنقول كما أمرنا: (اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ)، [سورة الفاتحة: 6-7].
والله حذَّرنا من الفتن، فقال: (وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)، [سورة الأنفال : 25]، وقال تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)، [سورة النور : 63].
وحذَّرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أحاديث كثيرة من الفتن:
منها- قوله -صلى الله عليه وسلم-: "سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فيها خَيْرٌ من الْقَائِمِ وَالْقَائِمُ فيها خَيْرٌ من الْمَاشِي وَالْمَاشِي فيها خَيْرٌ من السَّاعِي وَمَنْ يُشْرِفْ لها تَسْتَشْرِفْهُ وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أو مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ"، أخرجه البخاري حديث (3601)، ومسلم حديث (2886).
وعلَّمنا -صلى الله عليه وسلم- أن نستعيذ بالله في كل صلواتنا من أربع، فقال: "إذا تَشَهَّدَ أحدكم فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ من أَرْبَعٍ يقول: اللهم إني أَعُوذُ بِكَ من عَذَابِ جَهَنَّمَ وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ"، أخرجه مسلم في "المساجد" حديث (588)، وأحمد (2/477)، والنسائي في "المجتبى" حديث (1310).

وفي حديث رواه الصحابي الجليل عوف بن مالك –رضي الله عنه- ومنه قوله –صلى الله عليه وسلم-: (ثُمَّ فِتْنَةٌ لَا يَبْقَى بَيْتٌ من الْعَرَبِ إلا دَخَلَتْهُ)، أخرجه البخاري في "صحيحه" حديث (3176)، وأحمد في "مسنده" (6/25)، وابن ماجه في "سننه" حديث(4042)، وابن حبان في "الإحسان" حديث (6675).
وعند أحمد بلفظ: "فِتْنَةٌ تَكُونُ في أمتي وَعَظَّمَهَا".
وعند ابن ماجه بلفظ: " وَفِتْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ لَا يَبْقَى بَيْتُ مُسْلِمٍ إلا دَخَلَتْهُ".
والفتن التي نزلت بالأمة كثيرة، ومن أسوءها وأخطرها فتنة المظاهرات والمسيرات، وهي من فتن اليهود والنصارى.
قال تعالى في اليهود: (كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)، [سورة المائدة : 64].
ومع الأسف الشديد فإن الدكتور سعود الفنيسان قد أضفى عليها وعلى حرية التعبير وما يتبعها شرعية إسلامية، واستدل لها بأحاديث نبوية لا علاقة لها بهذه المظاهرات وما يتبعها من قريب ولا من بعيد، ونزه الله الإسلام منها ومن كل الفتن.
بل قال: " جميع آيات وأحاديث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كلها أدلة للمظاهرات السلمية كقوله تعالى:" كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله.... "آل عمران:110

وقوله -صلى الله عليه وسلم- في الصحيحين :" من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان".

وتعالى الله وتنـزه أن يعتبر المظاهرات الشيطانية من المعروف، ونزَّه الله رسوله أن يعتبر هذه المظاهرات - التي هي من صنع اليهود الصهاينة- من المعروف.

بل هي من أنكر المنكرات في ميزان الإسلام وعلماء الإسلام.

قال الدكتور سعود:

" الحمد لله رب العالمين القائل :" ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون"".

الرجل هنا يُعَرِّض بمن يُحرِّم المظاهرات من علماء الإسلام وطلاب العلم.

وبعد أن صلّى على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وترضّى عن أصحابه ووصفهم –رضي الله عنهم- بأنهم بلّغوا دين الله بكل وسيلة سنحت لهم، وأنهم بلغوها للخاص والعام، وللحاكم والمحكوم، فرادى وجماعات.

وهذا كلام حق، لكن قوله: " الذين بلغوا دين الله - بكل وسيلة سنحت لهم" ، بهذا التعميم غلط؛ لأنه يريد أن يدخل فيه التصوير بكل أشكاله، وحاشاهم أن يعتبروا التصوير من وسائل تبليغ دين الله.

ويريد أن يدخل في هذا الكلام المظاهرات، التي هي من جذور الديمقراطية، التي لا تعترف بحاكمية الله ولا بحقوقه على عباده حكاماً ومحكومين.

وقال الدكتور: " فمن المعلوم في الشرع أن الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة لله ولكتابه ولرسوله وأئمة المسلمين وعامتهم – واجبة على كل مسلم مكلف- كل بحسبه- رجلا كان أو امرأة فيجب على العالم وطالب العلم ما لا يجب على العامي، و من لا يعلم.

ويجب على الحاكم والمسؤول في دائرته ما لا يجب على غيره".

أقول: هذا كلام حق، لكنك في مقالك لم توفق للدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة على طريقة الرسل الكرام من الدعوة إلى التوحيد ومحاربة الشرك والبدع والمنكرات، ومن شرها فتنة المظاهرات، فكلامك في واد وأنت سرت في واد آخر.

سارت مشرقة وسرت مغربا شتان بين مشرق ومغرب

قال الدكتور في (ص1):
"ومن المتقرر عند أهل العلم والرأي أن وسائل التعبير اجتهادية غير توقيفيه.

وقد جد في عصرنا اليوم وسائل للتعبير لم تكن معروفة من قبل كـ( الرسم والتمثيل والتصوير الكاركترية أو بالصوت وبالصورة (يوتيوب) أو بأحدهما. أو القيام بالمظاهرات السلمية وعقد المؤتمرات والندوات والمهرجانات الخطابية في الميادين العامة أو عن طريق الهواتف الثابتة والنقالة ،والقنوات الفضائية والانترنت، والفيس بوك ، والتويتر. وغير ذلك من وسائل الاتصال المتعددة..الخ).

هذه الوسائل تضاف إلى ما كان معلوما شائعا في العصور الماضية وكتأليف الكتب،ورواية الحِكَم والأمثال، والقصائد الشعرية .ونحو ذلك. كل هذه الوسائل القديمة والحديثة يمكن أن تستخدم لنشر العدل وتحقيق الأمن وتقرير الحق والدعوة للفضيلة. ويمكن أن تستخدم بعكس ذلك كترسيخ الظلم والاستبداد، وإيقاع الغش، والتحريش بين الراعي والرعية.

فإذا كانت الغاية شريفة والمقصد حسنا أصبحت الوسيلة واجبة أو مندوبة فحكم الوسيلة حكم غايتها.

وإذا كانت الغاية سيئة محرمة أو مكروهة، فوسيلتها مثلها . ولذلك تقرر عند العلماء قاعدة( الوسيلة لها حكم الغاية) لا كما يقرر في القوانين المدنية الوضعية أن (الغاية تبرر الوسيلة) وفرق بين الوسيلة في القاعدتين فالوسيلة في الأولى شرعية قرآنية أما في الثانية وضعية كفرية".

التعليق:

أقول: 1- هات أهل العلم والرأي الذين قالوا: إن وسائل التعبير التي ذكرتها كلها اجتهادية؟

2- وهات أهل العلم الراسخين الذين قالوا عن غاية المظاهرات والمسيرات إنها شريفة، والوسيلة إلى هذه الغاية واجبة أو مندوبة.

فلا نعرف عن العلماء إلا أنهم ذموها وحذّروا منها، ولا يجيزها ويزخرفها إلا أهل الأهواء المغرمون بكل ضلالة يأتي بها اليهود والنصارى، ومنها الاشتراكية والديمقراطية، وما انشق منها كالمظاهرات والمسيرات والاعتصامات والتعددية الحزبية والانتخابات، وكلها أباطيل وجهالات وضلالات، يجب أن ينـزه عنها الإسلام.

3- هل أهل العلم والرأي أدخلوا التمثيل والتصوير الكاريكاتوري أو الصوت والصورة (يوتيوب) وكذا القيام بالمظاهرات السلمية في وسائل نشر العدل وتحقيق الأمن وتقرير الحق والدعوة للفضيلة؟

أما تعلم أن التمثيل عبادة يونانية اخترعه الوثنيون من اليونان لعبادة أوثانهم؟

أما تعلم أن التمثيل لا يقوم إلا على الكذب، وأن علماء الإسلام حقاً قد حرَّموه حتى بعض الصوفية حرَّموه، ولم يبحه من العلماء إلا من خدعهم ولبّس عليهم الإخوان المسلمون.

4- أما تعلم أن الإسلام حرّم التصوير، وتوعّد أهله بأشد أنواع الوعيد وأن علماء الإسلام وخاصة علماء هذه البلاد وعلى رأسهم الإمامان محمد بن إبراهيم وابن باز كانوا يحرمون التصوير بكل أشكاله، ومنه التصوير الفوتوغرافي؟

انطلاقاً من توجيهات رسول الله –صلى الله عليه وسلم- الحاسمة.

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله  : قال الله تعالى : "ومن أَظلم ممن ذهب يخلقُ كخلقي ، فليخلقوا ذَرّةً أو ليخلقوا حبة ، أو ليخلقوا شعيرة"، أخرجه البخاري حديث (5953)، ومسلم حديث (2111) .
وعن عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله  قال : " أَشَدُّ الناسِ عذاباً يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله "، أخرجه البخاري حديث (5954)، ومسلم حديث (2107) .
وعن ابن عباس -رضي الله عنه-: سمعتُ رسول الله  يقول: "كل مُصوِّرٍ في النار ، يُجعل له بكل صورةٍ صوّرها نفسٌ يعذب بها في جهنم"، أخرجه مسلم حديث (2110/99)، وأحمد في "مسنده" (1/308).
وعنه - رضي الله عنه-: سمعت رَسُولَ اللَّهِ  يقول: "من صور صورة في الدنيا كُلِّف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ" أخرجه البخاري حديث (5963)، ومسلم حديث (2110/100) .
ولمسلم عن أبي الهيّاجِ قال : قال لي عليٌّ : ألا أَبْعثُك على ما بعثَني عليه رسول الله  ؟ ألاَّ تَدَعَ صورَةً إلا طَمَسْتها ، ولا قَبْراً مُشْرفاً إلا سَوَّيْته"، أخرجه مسلم حديث (969).

فالتصوير الذي ذكرته بكل أشكاله محرم أشد التحريم في الإسلام، وأصحابه قد وعدوا بأشد أنواع العذاب يوم القيامة، فكيف تجعله من وسائل التعبير الاجتهادية؟

والمظاهرات السلمية وغير السلمية لا تدخل في أبواب الاجتهاد لما فيها من الفساد والإفساد، فلا يجوز ذلك، ولا يقول بأنها من المسائل الاجتهادية إلا مكابر مخالف للنصوص الشرعية، ولا يجوز أن تنسب إلى الإسلام بحال من الأحوال؛ لأنها تصادم توجيهات رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، وسيأتي الكلام عليها، وبيان تحريمها وبطلانها.



قال سعود الفنيسان في (ص2):

"ولا يمكن في هذه العجالة الحديث بالتفصيل عن كل الوسائل السابقة ولكن سأقتصر على وسيلة واحدة منها وهي (المظاهرات السلمية) نظرا لكثرة الحديث عنها في هذه الأيام ، بين محلل ومحرم. دون مناقشته لموارد الأدلة فيها وقد كثر الخوض في حكمها بعد الثورة الشعبية السلمية في تونس.. ومصر.. وليبيا.. وغيرها.
وكل هذه الثورات لم يسفك المظاهرون فيها دما ولم يشهروا سلاحا ولم ينهكوا نفسا أو يفسدوا شيئا من الممتلكات".

التعليق:

أقول: من قال إن المظاهرات التي وقعت في تونس ومصر وليبيا وغيرها كانت مظاهرات سلمية؟

لقد ذهب بسببها في ليبيا ألوف الأرواح وجرح بسببها الألوف ، وحصل بها خوف ورعب وتشريد الآلاف إلى خارج ليبيا.

وحصل بسببها في مصر مئات القتلى، ووقع بسببها تخريب وتدمير.

فلا بد للمظاهرات من ثمار مرة.

والله هو العالم بثمارها في المستقبل وما سيعقبها.

قال سعود الفنيسان في (ص3):

" الوقفة الثانية:

حرية التعبير: إن حق المسلم في حرية التعبير عن رأيه أكثر الحقوق التصاقا بحق الحياة. وعليه تعتمد أكثر التكاليف الشرعية في العبادات والمعاملات.

إن التعدي على حرية التعبير ظلم وإهدار لكرامة الإنسان و تقييدها و إلزامه: بتقليد الغير ووجوب التبعية له. إن الإنسان كما ولد حرا يجب أن يعيش حرا، إلا من عبودية([1]) الله وحده . حتى الرقيق الشرعي - تحت ولاية سيده له كرامته- ويتمتع بحرية الاعتقاد –والتعبد- والتفكير- والتعبير...الخ. ورحم الله الخليفة الفاروق يوم أكد هذا المفهوم عند محاسبته لأحد ولاته قائلاSad متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرار!!؟).

إن حرية التعبير في الإسلام هي أساس الدعوة إلى الخير قال تعالى :" ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر و أولئك هم المفلحون" آل عمران: 104. وأصول المعروف والمنكر منصوصة كلها في الكتاب والسنة ولكن أصنافها وأنواعها وأعدادها تتكاثر وتتسارع بتكاثر البشر وتوالدهم قال تعالى :"ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون" الروم :41".

التعليق:

1- التكاليف الشرعية تلزم العقلاء لا المجانين، وكثير من الأحكام تلزم الأحرار، ولا تلزم العبيد المماليك، فأكثر التكاليف تقوم على الحرية الشخصية التي هي ضد الرق المعروف لا على حرية التعبير التي هي من أعمدة الديمقراطية، فالجهاد والحج مثلا يلزمان الحر بشروطهما، ولا يلزمان العبد المملوك، والزكاة تلزم الحر، ولا تلزم المملوك؛ لأنه لا مال له، ولملك سيده رقبته ومنافعه، فالتكاليف الشرعية تعتمد على الحرية من الرق لا على حرية التعبير، وحرية التعبير في الإسلام لها قيود تنفع المتكلم وتنفع المجتمع والحاكم والمحكوم، وإسكات المتكلم بالباطل والكذب وقول الزور والبدع والضلال والشرك والسب والشتم والغيبة والنميمة، كل ذلك من العدل وليس من الظلم، ولا من إهدار كرامة الإنسان، وإقرار هذه الأمور من الظلم وإهدار كرامة الأمة.

2- أنت تتحدث عن حرية المسلم، فكان يجب عليك أن تبرهن عليها من القرآن والسنة، لا من الديمقراطية.

إن الحرية الحقيقية النافعة المحترمة والمنضبطة والبعيدة كل البعد عن الضرر والإفساد لفي الإسلام على أكمل الوجوه.

قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)، [سورة الأحزاب: 70-71].

وقال تعالى: (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً)، [سورة الإسراء : 53].

وقال تعالى: (وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً ...)، [سورة البقرة : 83].

في الآية الأولى بعد النداء بالإيمان أمر المؤمنين بالتقوى، ثم عقبها بالقول السديد، ثم بيّن فوائد التقوى والقول السديد بما يترتب عليهما من إصلاح الله لأعمالهم ومغفرته لذنوبهم.

وفي الآية الثانية أمر الله عباده أن يتخيروا من الأقوال أحسنها وأجملها لما في ذلك من الآثار الطيبة النافعة في الدنيا والآخرة.

وفي الآية الثالثة أمر الله بإحسان القول في المخاطبات والتوجيهات والدعوة إلى الله.

فهل للديمقراطية وحرية التعبير منها والمظاهرات علاقة أو التزام بهذه التوجيهات الربانية العالية فوق قمم القمم، وفي نهاية الصلاح والإصلاح؟

والله إنْ فيها إلا الهبوط والانحراف عن منهج الله ومنهج أنبيائه ورسله.

وحرّم الله أشد التحريم الفحش والتفحش في الأقوال والأعمال وحرّم الإثم والبغي.

قال تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) [سورة الأعراف : 33].

فهل الديمقراطية ومنها المظاهرات وحرية التعبير تلتزم وتلزم الناس بما تضمنته هذه الآيات، ومنها تقوى الله والقول السديد وتحري القول بالتي هي أحسن والتحذير من نزغ الشيطان والبعد عن الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي والقول على الله بغير علم؟

ما أبعد الديمقراطية والمظاهرات عن هذه الفضائل.

3- احتججت على حرية التعبير بقصة نُسِبت إلى عمر بن الخطاب –رضي الله عنه-، وقد رُويت هذه القصة عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – أنه أتى رجل من أهل مصر إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : يا أمير المؤمنين عائذ بك من الظلم قال : عذت بمعاذ ، قال : سابقت ابن عمرو بن العاص فسبقته ، فجعل يضربني بالسوط ويقول : أنا ابن الأكرمين ، فكتب عمر إلى عمرو يأمره بالقدوم عليه ، ويَقْدم بابنه معه ، فقدم ، فقال عمر : أين المصري؟ خذ السوط فاضرب فجعل يضربه بالسوط ، ويقول عمر : اضرب ابن الألْيَمَيْن ، قال أنس : فضرب ، فوالله لقد ضربه ونحن نحب ضربه ، فما أقلع عنه حتى تمنينا أنه يرفع عنه ، ثم قال عمر للمصري : ضع على ضِلعة عمرو ، فقال : يا أمير المؤمنين إنما ابنه الذي ضربني ، وقد اشتفيت منه فقال عمر لعمرو : مُذْ كم تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ؟

فهذه القصة ضعيفة سنداً ومتناً.

قال ابن عبد الحكم في "فتوح مصر" (ص167-168) مصور:

" حُدِّثنا عن أبي عبدة عن ثابت البناني وحميد عن أنس –رضي الله عنه- قال: أتى رجل من أهل مصر إلى عمر بن الخطاب –رضي الله عنه-، وذكر باقي القصة.

فقول ابن عبد الحكم حدثنا، فيه انقطاع بين ابن عبد الحكم وأبي عبدة؛ لأنه لم يقل حدثنا أو سمعت أو أخبرني أو قال لي أبو عبدة، وأبو عبدة في الإسناد ضعيف.

قال الحافظ الذهبي في "الميزان" في ترجمته (4/468):

" يوسف بن عبدة ( ت ) عن ثابت البناني و غيره وكان ختن حماد بن سلمة.

ثم قال: وقال العقيلي له مناكير عن حميد وثابت.

وساق رواية عنه أنكرها حماد بن سلمة.

وقال: إذا أتى هؤلاء الشيوخ عن ثابت بشيء فاتهمهم.

وترجم له الحافظ في "التقريب"، فقال:

" يوسف بن عبدة الأزدي مولاهم أبو عبدة البصري القصاب لين الحديث من السابعة".

وأما الضعف والنكارة في المتن.

فقوله عن أنس عن القبطي فجعل يضربه بالسوط ويقول عمر: اضرب ابن الألْيَمَيْن، قال أنس: فضرب، فوالله لقد ضربه ونحن نحب ضربه فما أقلع عنه حتى تمنينا أنه يرفع عنه".

فكيف يسب عمر أمير المؤمنين عَمراً هذا السب الشنيع، فيطعن في نسبه، حاشا عمر من ذلك.

وكيف يعطى النصراني أكثر من حقه من هذا المسلم.

والنكارة الثالثة في القول المنسوب إلى عمر -وحاشاه- للقبطي: " ضع على ضِلعة عمرو".

فما ذنب عمرو إذ ليس هو الضارب، والله يقول: (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)[سورة الأنعام : 164].

حاشا عمر -رضي الله عنه- العادل الوقّاف عند كتاب الله أن يحكم بهذه الأحكام ومنها الأمر بضرب غير الضارب.

قال الدكتور سعود الفنيسان في (ص3):

" والمظاهرة السلمية أحد مظاهر حرية التعبير لأنها تسعى لإعادة حقوق الشعب المسلوبة و المتعدي عليها، كالمطالبة بمعالجة البطالة، وتأمين المقاعد الدراسية للطلاب في الجامعات، وتأمين السكن والعيش الهنيء للمواطنين، وتأمين سرير لكل مريض في المستشفى. فلحرية التعبير دور كبير في محاربة الفساد المالي والإداري في جميع أجهزة الدولة ومنع الموظفين كبارا وصغارا من الرشاوى وتبذير أموال الأمة واستغلال النفوذ لكشفهم وإحالة المنتهك لهذه الحقوق إلى القضاء. وما هذا إلا عين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بما يناسب الحال والزمان".

التعليق:

إن كنت تتكلم باسم الإسلام فإن الإسلام لا يعرف هذا المنطق، وعلماؤه السابقون واللاحقون لا يعرفون هذا المنطق.

1- فما هي حقوق الشعب المسلوبة والمتعدى عليها في بلاد الحرمين؟

الذي نعرفه ويعرفه الناس أن الحكومة السعودية تعطي ولا تأخذ كما في البلدان الأخرى أوروبا وأمريكا وغيرهما، فهذه الدول تفرض الضرائب الباهظة المرهقة على شعوبها في شتى المجالات؛ على المواد الاستهلاكية، وعلى البيوت وحجراتها ونوافذها، وعلى الأراضي والمتاجر والمصانع والمدارس الأهلية، وعلى الكهرباء والماء والغاز، وتقتطع نسبة من الرواتب من أجل التأمين الصحي، فهذا هو واقعهم...الخ وواقع حقوق الإنسان في أنظمتهم وسياستهم وواقع ديمقراطيتهم التي يبذلون الجهود الجبارة لنشرها في بلدان المسلمين لإثارة الفتن والبلابل بينهم، ولسفك دمائهم وضياع مصالحهم وأموالهم ولشغل بعضهم ببعض عن اليهود المحتلين لفلسطين، ومن أعظم أسلحتهم الديمقراطية: المظاهرات التي تدمر النفوس والعقول والممتلكات، والغربيون يروجون لها لأنهم متأكدون أن هذه نتائجها، فليدرك ذلك المسلمون وليعتزوا بدينهم وليتمسكوا به في كل الميادين العقائدية والتعبدية والاجتماعية والأخلاقية والسياسية والاقتصادية، فإن في ذلك السعادة في الدنيا والآخرة.
وأكبر نسبة في الانتحار هي في أمريكا نتيجة للحياة التعيسة التي يعيشونها ونتيجة للضرائب المرهقة.
وأكبر نسبة للبطالة توجد في أمريكا، وكثير من الدول تعيش شعوبها مثل هذه الأوضاع وبعضها أسوأ.

فهذه ظلمات بعضها فوق بعض، تجعل من تنـزل بهم في بؤس وشقاء ونكد، أضف إلى ذلك الفساد الأخلاقي والانحلال الاجتماعي، والشرك والكفر، وقُل مثل هذا في دول أوروبا وغيرها من الدول التي لم تلتزم شرع الله.
فليقارن العاقل المنصف بين هذه الأوضاع في الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها وبين الأوضاع في المملكة العربية السعودية بلاد التوحيد والسنة، والرحمة بمواطنيها.
فمن احترامها وعطفها على شعبها:

أنها أنشأت صندوق التنمية العقاري لمساعدة هذا الشعب على بناء المساكن، حيث تعطي للمواطن قرضاً قيمته ثلاثمائة ألف ريال سعودي، يدفعه بعد بناء مسكنه على أقساط لمدة خمس وعشرين سنة، لكل سنة قسط.

فإن دفع هذا القسط في وقته المحدد يُخفَّض له عشرون في المائة، وإن تأخر يدفع القسط كاملاً.

وإن دفع المبلغ كاملاً يُخفَّض له ثلاثون في المائة.

واليوم أوصلت هذه القروض إلى خمسمائة ألف ريال لكل مقترض، وزادت اهتماماً بالإسكان فوعدت ببناء خمسمائة ألف وحدة سكنية في كافة مناطق المملكة، وتخصيص مبلغ إجمالي لذلك قدره مائتان وخمسون مليار ريال.

وليستكمل القارئ بقية المعلومات من الأوامر التي أصدرها الملك عبد الله بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية في يوم الجمعة الموافق 13من شهر ربيع الثاني من عام 1432هـ.

وأنشأت البنك الزراعي، تعطي المزارع قرضاً يدفعه على أقساط، فإذا سدد الأقساط في حينها يُخفَّض له كذلك عشرون في المائة.

وكذلك تعطي دعماً للتجار لتخفيض أسعار سلع التغذية للتخفيف عن المواطنين.

فليحمد الله أهل بلاد الحرمين على النعم الدينية والدنيوية التي يعيشونها وعلى الأمن والرخاء الذي يعيشونه، وليس في استطاعة أي دولة على امتداد التأريخ أن تجعل شعبها كله أثرياء.

فلا بد من وجود فقراء وأغنياء، ومرؤوسين ورؤساء، وجهال وعلماء، وأغبياء وأذكياء، سنة الله الكونية في خلقه.

قال الله تعالى: (إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً) [سورة الإسراء : 30].

وقال تعالى: (اللّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقَدِرُ وَفَرِحُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ)، [سورة الرعد : 26].

وقال تعالى: (اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)، [سورة العنكبوت : 62].

وقال تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)، [سورة الروم : 37].
وقال تعالى: (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)، [سورة سبأ : 39].
وقال تعالى: (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ)، [سورة الشورى : 27].
فالله عزّ وجل يوسع الرزق على من يشاء ويضيقه على من يشاء؛ لحكمة بالغة منه واختبار لعباده وابتلاء لهم.
أيصبر الفقير المضيق عليه فيجازيه على صبره.
وهل يشكر الأغنياء نعمة الله عليهم أو يكفرونها ويبطرون بسببها.
فيجزي الشاكرين الجزاء الأوفى على شكرهم.
ويعاقب الكافرين بنعمه العقاب الذي يستحقونه.
وقال تعالى: (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ)، [سورة الزخرف : 32].

قال العلامة محمد بن علي الشوكاني –رحمه الله- في "فتح القدير" (4/663) في تفسيره لهذه الآية:

"(أهم يقسمون رحمة ربك) يعني: النبوة، أو ما هو أعم منها، والاستفهام للإنكار. ثم بيّن أنه سبحانه هو الذي قسم بينهم ما يعيشون به من أمور الدنيا، فقال: (نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا )، ولم نفوض ذلك إليهم، وليس لأحد من العباد أن يتحكم في شيء بل الحكم لله وحده، وإذا كان الله سبحانه هو الذي قسم بينهم أرزاقهم، ورفع درجات بعضهم على بعض، فكيف لا يقنعون بقسمته في أمر النبوة وتفويضها إلى من يشاء من خلقه. قال مقاتل: يقول: أبأيديهم مفاتيح الرسالة، فيضعونها حيث شاءوا؟ قرأ الجمهور (معيشتهم) بالإفراد، وقرأ ابن عباس ومجاهد وابن محيصن (معايشهم) بالجمع. ومعنى (ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات): أنه فاضل بينهم، فجعل بعضهم أفضل من بعض في الدنيا بالرزق والرياسة والقوة والحرية والعقل والعلم، ثم ذكر العلة لرفع درجات بعضهم على بعض، فقال: (ليتخذ بعضهم بعضا سخريا) أي: ليستخدم بعضهم بعضا، فيستخدم الغني الفقير، والرئيس المرؤوس، والقوي الضعيف، والحر العبد، والعاقل من هو دونه في العقل، والعالم الجاهل، وهذا في غالب أحوال أهل الدنيا، وبه تتم مصالحهم، وينتظم معاشهم، ويصل كل واحد منهم إلى مطلوبه، فإن كل صناعة دنيوية يحسنها قوم دون آخرين، فجعل البعض محتاجا إلى البعض، لتحصل المواساة بينهم في متاع الدنيا، ويحتاج هذا إلى هذا، ويصنع هذا لهذا، ويعطي هذا هذا".

أقول: ولهذه الدولة اهتمام عظيم برعاياها ومواطنيها ليعيشوا العيش الهنيء ولينعموا بنعمة الأمن في ظل الإسلام على دمائهم وأموالهم ومصالحهم على قدر الاستطاعة.

ولها اهتمام عظيم بتوفير الرعاية الصحية، فأنشأت مستشفيات وعدداً من المدن الطبية في عدد من المناطق بالمملكة.

والفساد والرشاوى وتبذير الأموال واستغلال النفوذ إنما يأتي من بعض المواطنين والموظفين، وقد يكونون من أهل البدع والأهواء والتحزب، مخالفين في ذلك تعليمات الدولة ومنهجها القائم على الكتاب والسنة.

وأنت تدعو إلى المظاهرات التي تدَّعي بأنها سلمية، والعقلاء يعرفون نتائجها، وما تؤدي إليه من إزهاق الأرواح وتدمير الممتلكات وبث الرعب في نفوس الأبرياء ممن لا ناقة لهم فيها ولا جمل، بل يكتوون بنارها، وينجو من بلائها دعاتها ومثيروها، ونسألك ما هي الأدلة على مشروعية المظاهرة؟

وما هي مظاهر حرية التعبير المشروعة في الإسلام؟

وهل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مشروع لكل أفراد الشعب، أو له شروط معينة؟

وما هي علاقة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المشروعين في الإسلام بالمظاهرات التي هي نتاج أدمغة الكفار الذين يسعون في الأرض فساداً؟

وهل مناصحة ولاة الأمور حق لكل الشعب أو لذلك أهله وشروطه؟

5- عند الديمقراطيين الوسيلة إلى هذه الحقوق المزعومة هي المظاهرات والمسيرات، وهي ليست من الإسلام في شيء، بل هي مضادة للنصوص الإسلامية، والتي منها:

قوله تعالى: (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ)، [سورة المؤمنون : 71].

وقوله تعالى في المنافقين: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ )، [سورة البقرة:11-12].

وقوله تعالى: (وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)، [سورة الأعراف : 85].

وقوله تعالى: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ)، [سورة محمد : 22-23].

وقوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ)، [سورة البقرة :204-205].

فالمظاهرات مضادة للنصوص القرآنية والنبوية؛ لأنها من شر ضروب المنكر والفساد والإفساد مهما روّج لها دعاتها وزخرفوها، وستأتي الأدلة النبوية التي تبيّن زيفها وتهدمها إن شاء الله.



قال الدكتور سعود الفنيسان في (ص3-4):

" الوقفة الثالثة: طاعة الحاكم المسلم:

طاعة ولي الأمر العادل:

جاء في صحيح مسلم :"من أطاع الأمير فقد أطاعني ومن عصى الأمير فقد عصاني" وأخرج أبو داوود عن أبي موسى الأشعري:" إن من إجلال الله....... إكرام ذي السلطان المقسط".

-وفي حديث عبادة بن الصامت المتفق عليه :" بايعنا رسول الله على السمع والطاعة في السر والعلن. وعلى النفقة في العسر واليسر والأثرة، وأن لا ننازع السلطان أهله، إلا أن نرى كفرا بواحا عندنا فيه من الله برهان".

-وفي حديث عبد الله بن عمر عند مسلم قال رسول الله عليه وسلم:" على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع عليه ولا طاعة".

إن طاعة الحاكم والأمير أو الرئيس العادل بهذه النصوص وغيرها واجبة وجوبا قطعيا إذا أمر بمعروف و طاعة أما إذا أمر بمنكر أو معصية فلا سمع له ولا طاعة، كما في الحديث: " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق"".

التعليق:
1- نص حديث عبادة بن الصامت – رضي الله عنه – .
عن جُنَادَةَ بن أبي أُمَيَّةَ قال دَخَلْنَا على عُبَادَةَ بن الصَّامِتِ وهو مَرِيضٌ فَقُلْنَا حَدِّثْنَا أَصْلَحَكَ الله بِحَدِيثٍ يَنْفَعُ الله بِهِ سَمِعْتَهُ من رسول اللَّهِ  فقال دَعَانَا رسول اللَّهِ  فَبَايَعْنَاهُ فَكَانَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ بَايَعَنَا على السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ في مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ قال إلا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ من اللَّهِ فيه بُرْهَانٌ"، متفق عليه، أخرجه البخاري حديث (7055)، ومسلم حديث (1709).
وفي رواية: "وَعَلَى أَنْ نَقُولَ بِالْحَقِّ أَيْنَمَا كنا لَا نَخَافُ في اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ".
في هذا الحديث اهتمام رسول الله – صلى الله عليه وسلم- بأمر الطاعة في المنشط والمكره، والعسر واليسر، وفي حال الاستئثار بالمال والمناصب ونحو ذلك.
ومن مقتضيات هذه الطاعة عدم منازعة الأمير المسلم في كل الأحوال، إلا في حالة واحدة وهي الكفر البواح، الذي يعلنه الأمير جهاراً، أما في غير هذه الحال فلا بد من الطاعة في غير معصية الله.
وقريب من هذا الحديث حديث أبي هريرة - رضي الله عنه – قال: قال رسول اللَّهِ  : "عَلَيْكَ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ في عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ وَمَنْشَطِكَ وَمَكْرَهِكَ وَأَثَرَةٍ عَلَيْكَ"، أخرجه مسلم حديث (1836).
2- وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي  قال: "كانت بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي وَسَيَكُونُ خُلَفَاءُ فَيَكْثُرُونَ قالوا فما تَأْمُرُنَا قال فُوا بِبَيْعَةِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ أَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ فإن اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ".
متفق عليه، أخرجه البخاري حديث (3455)، ومسلم حديث (1842).
3- وحديث عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – قال: قال رسول اللَّهِ  : "إِنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِي أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا قالوا يا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَأْمُرُ من أَدْرَكَ مِنَّا ذلك قال تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الذي عَلَيْكُمْ وَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الذي لَكُمْ"، متفق عليه، أخرجه البخاري حديث (3603)، ومسلم حديث (1843).
4- وحديث أَنَس بن مَالِكٍ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي كَمَا اسْتَعْمَلْتَ فُلَانًا قَالَ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أُثْرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ"، متفق عليه، أخرجه البخاري حديث (3792)، ومسلم حديث (1845).
ترجم له النووي بقوله: "بَاب الْأَمْرِ بِالصَّبْرِ عِنْدَ ظُلْمِ الْوُلَاةِ وَاسْتِئْثَارِهِمْ".

5- وحديث عَلْقَمَة بن وَائِلٍ الْحَضْرَمِيِّ عن أبيه قال: سَأَلَ سَلَمَةُ بن يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ رَسُولَ اللَّهِ  فقال: يا نَبِيَّ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إن قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسْأَلُونَا حَقَّهُمْ وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا فما تَأْمُرُنَا؟ فَأَعْرَضَ عنه، ثُمَّ سَأَلَهُ، فَأَعْرَضَ عنه، ثُمَّ سَأَلَهُ في الثَّانِيَةِ، أو في الثَّالِثَةِ، فَجَذَبَهُ الْأَشْعَثُ بن قَيْسٍ . وقال: "اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، فَإِنَّمَا عليهم ما حُمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ"، أخرجه مسلم حديث (1846).
وساقه الإمام مسلم مرة أخرى بإسناد آخر، وفيه: "فَجَذَبَهُ الْأَشْعَثُ بن قَيْسٍ، فقال رسول اللَّهِ  : "اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا فَإِنَّمَا عليهم ما حُمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ".
وترجم له النووي بقوله: "بَاب في طَاعَةِ الْأُمَرَاءِ وَإِنْ مَنَعُوا الْحُقُوقَ".
تأمل هذه الأحاديث وما في معناها لتدرك أن الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم - أشجع الشجعان وأعدل خلق الله العادلين كيف يغلق أبواب الفتن ويسد نوافذها ومنافذها.
لقد أطلع الله رسوله على ما سيكون في هذه الأمة من فتن ومن جور الحكام واستئثارهم بالأموال والمناصب، فيأمر الأمة بالصبر، وأداء الحقوق التي عليهم وإن منعهم الحكام حقهم، ولم يأمرهم بالمظاهرات والمطالبات بالحقوق كما يفعله ويقوله الديمقراطيون من اليهود والنصارى والعلمانيين، ومن سار على نهجهم من هواة الأموال والمناصب المتجاهلين لهذه التوجيهات النبوية الحكيمة، التي تحمي الأمة من الفتن وسفك الدماء وهدم المصالح وإهدار الأموال، وهذا والله منهج الله ورسوله الفذ، لا منهج دعاة الديمقراطية ودعاة الفوضى باسم الحريات المهضومة .
وقد أخذ علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم – أن نقول الحق أينما كنا، لا نخاف في الله لومة لائم، وليس معنى قول الحق المناداة بالديمقراطية والمظاهرات، والدعوات الهدامة إلى الفتن وسفك الدماء لتحقيق مآربهم.
ومع هذا نُذكِّر حكام المسلمين بالله وبعظمته، والذي سيحاسبهم على أعمالهم دقيقها وجليلها، كما قال تعالى: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ)، [سورة الأنبياء : 47].
وقال تعالى : (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ)، [سورة الزلزلة: 7-8].
وندعوهم إلى التمسك بكتاب الله وسنة رسوله –صلى الله عليه وسلم- في عقائدهم ومناهجهم وعبادتهم وسياستهم وأخلاقهم، ومنها العدل والرأفة بالأمة والرفق بهم، وتربية الناس صغارهم وكبارهم في مدارسهم وثكنات عساكرهم على توحيد الله، وإخلاص الدين له، والتمسك بكتاب ربهم وسنة نبيهم، وعليهم أن يستشعروا أنهم راعون للأمة، وأن الله سيسألهم عما استرعاهم، وأن يجعلوا الآخرة والجنة نصب أعينهم.
فقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - :
"إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ على مَنَابِرَ من نُورٍ عن يَمِينِ الرحمن عز وجل وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ الَّذِينَ يَعْدِلُونَ في حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وما وَلُوا"، أخرجه مسلم حديث (1827)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" حديث (35032)، والنسائي في "المجتبى" حديث (5379).
والإمام العادل أحد السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وعلى الحكام أن ينصحوا لرعاياهم بجد وإخلاص تقرباً إلى الله وخوفاً من غضبه وأليم عقابه.
فعن معقل بن يسار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: " ما من عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ الله رَعِيَّةً يَمُوتُ يوم يَمُوتُ وهو غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إلا حَرَّمَ الله عليه الْجَنَّةَ" ، أخرجه البخاري حديث (7151)، ومسلم حديث (1829).
وعنه حديث آخر: "ما من أَمِيرٍ يَلِي أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ لَا يَجْهَدُ لهم وَيَنْصَحُ إلا لم يَدْخُلْ مَعَهُمْ الْجَنَّةَ"، أخرجه مسلم حديث (142).
ويقول رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: " الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يوم الْقِيَامَةِ "، أخرجه البخاري حديث (2447)، ومسلم حديث (2578).
ومن نصحهم أن يربوا الناس على كتاب الله وسنة رسوله –صلى الله عليه وسلم، وأن يحكموهم بما أنزل الله على رسوله من كتاب وسنة.



مما يؤخذ على الدكتور سعود:
1- أنه لم يستفد من حديثي عبادة بن الصامت وعبد الله بن عمر -رضي الله عنهم- إذ نص حديث عبادة: " دَعَانَا رسول اللَّهِ  فَبَايَعْنَاهُ فَكَانَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ بَايَعَنَا على السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ في مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ قال إلا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ من اللَّهِ فيه بُرْهَانٌ".
فهذه البيعة بما حوته يجب على المسلمين التزامها في كل الأحوال المذكورة في الحديث إلا في حال الكفر البواح.
ولو كان الحاكم غير عادل كما في قوله: "وأثرة علينا"، فالعادل لا يستأثر على المسلمين لا بمال ولا بغيره من أنواع الأثرة، بل لا يكون المستأثر إلا جائراً، ومع ذلك يأمر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بالسمع والطاعة له، ما دام يصلي، وما دام في دائرة الإسلام، فيطاع في الجهاد في سبيل الله بالمال والنفس وفي الصلاة والحج والصيام وفي العقوبات لمن يقصِّر في شيء من هذه الواجبات، وفي إقامة الحدود، وفي بذل الأموال في الجهاد، وعند الأزمات.
قال الله حاثاً عباده المؤمنين: (وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)، [سورة التوبة : 41].
وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)، [سورة الصف: 10-11].
وقال تعالى: (إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ..)،[سورة التوبة : 111]
وكان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يحث أصحابه على بذل الأموال في الجهاد في سبيل الله وفي الأزمات ومساعدة من تصيبهم الجوائح، ولا يجوز أن تُربَّى الأمة على الاتكال على الدولة الإسلامية.
2- خرج الدكتور من حديثي عبادة وعبد الله بن عمر –رضي الله عنهم- بأمر عجيب، ألا وهو قصر الطاعة على الحاكم والأمير والرئيس العادل، والحديثان يتناولان العادل وغير العادل ما دام في دائرة الإسلام، فما هكذا الفقه للنصوص القرآنية والنبوية، وما هكذا يا سعد تورد الإبل.
3- هناك أحاديث تأمر بطاعة الحاكم، منها حديث ابن مسعود – رضي الله عنه- قال: قال رسول اللَّهِ  : "إِنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِي أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا قالوا يا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَأْمُرُ من أَدْرَكَ مِنَّا ذلك قال تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الذي عَلَيْكُمْ وَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الذي لَكُمْ"، متفق عليه، أخرجه البخاري حديث (3603)، ومسلم حديث (1843).
وقد تقدمت الأحاديث في هذا الأمر.
فالإمام المسلم يطاع ويؤدَّى الذي له على المسلمين، وإن كان عنده أثرة وأمور تنكر عليه، ولا يخالف هذا المنهج إلا الخوارج والمتأثرون بالديمقراطية والسياسة الغربية سياسة اليهود والنصارى، الذين حرَّفوا دينهم، ويريدون أن يحرِّف المسلمون دينهم (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى..)، [سورة البقرة : 120].
وقال تعالى لنبيه الكريم والمقصود الأمة (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ)، [سورة البقرة : 120].
وقال تعالى لنبيه الكريم (وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً)،[سورة الإسراء:74-75].
فاتباع أهواء أعداء الله وأعداء رسوله وأعداء الإسلام والمسلمين والركون إليهم ولو في شيء قليل في ذلك والله الوعيد الشديد والخذلان الأكيد من رب السماوات والأرض، فليحذر المسلمون من الركض وراء أعداء الله وأعداء دينهم.

قال الدكتور في (ص4):
"وقد جعل الله طاعة الحاكم المسلم قرينة طاعة الله والرسول بقوله:" يا أيها الذين امنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا) [سورة النساء: 59].
ومن الملاحظ في الآية أن فعل ( أطيعوا) لم يكرر في حق (أولي الأمر) بل اكتفى بمجرد العطف فقط. وفي هذا دلالة على أن طاعة الحاكم أو السلطان والأمير- ليست مطلقة في كل ما يقوله أو يأمر به بل لا بد أن يكون أمره ونهيه موافقا لأمر الله و أمر رسوله".
التعليق:
مما يؤخذ عليه في هذا المقطع:
قوله: "وفي هذا دلالة على أن طاعة الحاكم أو السلطان والأمير ليست مطلقة في كل ما يقوله أو يأمر به بل لا بد أن يكون أمره ونهيه موافقا لأمر الله و أمر رسوله".
أقول:
1- يُفهم من كلامه أن ولي الأمر ليس له أن يجتهد عند عدم النص في ما ينفع المسلمين ويحقق لهم المصالح ويدرأ عنهم المفاسد.
والرسول –صلى الله عليه وسلم- قد أذن للحاكم في الاجتهاد، وبيّن أن له أجرين إن أصاب، وأجراً واحداً إن أخطأ.
ومراعاة المصالح ودرء المفاسد من مسارح الاجتهاد.
وقد أمر رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بطاعة الإمام ما لم يأمر بمعصية، فالحاكم يطاع إلا في المعصية فإنه لا يطاع فيها.
أما إذا اجتهد في تحقيق مصلحة أو مصالح لا يخالف فيها نصاً عن الله وعن رسوله، فهذا مما يشكر عليه، ويثاب عليه كما في الحديث السالف.
وكذلك إذا اجتهد في دفع المفاسد عن الأمة إذا لم يخالف نصاً.
وهذا الاجتهاد على التفصيل السابق يشمل العلماء.
2- هناك شيء وأمر مهم نصت عليه الأحاديث الصحيحة الثابتة، وعليه أهل السنة والجماعة وأئمتهم عبر التأريخ الإسلامي.
ألا وهو إذا كان هذا الحاكم جائراً مستأثراً على المسلمين، ويرون منه أموراً منكرة تصدر منه، فإنه بمقتضى هذا المنهج لا يجوز مناز

أبو عائشة إسماعيل خيرى
Admin

المساهمات : 244
تاريخ التسجيل : 21/08/2012
العمر : 57
الموقع : منتديات أتباع الإمام محمد بن عبد الوهاب

https://asdf.sudanforums.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى